حكاوي الغرام (3)
عادل سيد احمد
7 July, 2024
7 July, 2024
الخبر المهول الثاني كان هو خبر وفاة والدها والذي نقلته لي عبر الهاتف من ألمانيا، أتاني صوتها متهدج والعبرات تخنقها. عزيتها وعزيت نفسي وطيبت خاطرها قليلا حتى هدأت وطلبت منها ان تنقل التعازي الحارة لأفراد الاسرة: أخواتها واخواتها... ومرة أخرى مر شريط الذكريات...
كان والدها العم (عثمان) رجلا ودودا، لم اره قط والا الابتسامة، تكسو وجهه، وكان يرد علينا السلام ببشاشة وترحاب كلما مررنا به في دخولنا او خروجنا من منزله العامر وهو جالس فوق كرسيه الوثير أمام البقالة ذات التاريخ المديد والمجد التليد التي كانت تحتل جزءا من أركان المنزل. كان سكوتا ولكن في المرات القليلة التي يتحدث فيها كان يتحفنا ويطربنا.
وهكذا كان منزل اسرة مديحة بمثابة دار ثان لي. وحتى البنات كن يشاركننا جلسات الشاي والقهوة ولا يتكلفن ولا يتحرجن من الضحك بصوت عالٍ.
وفي المرات التي كنا نشرب فيها انا وعماد في الصالون إلى اوقات متأخرة من الليل، كنت لا أجد اي حرج في المبيت هناك رغم ان الصالون كان يطل على حوش البنات، وقد كان من المعتاد ان أراهن بملابس النوم عندما ينهضن من اسرتهن في الصباح، وكان لمديحة قوام ممشوق وانوثة طاغية وكانت تبين تحت جلباب النوم حتى ملابسها الداخلية والتي غالبا ما تكون بيضاء، وقد سألتها ذات يوم قبل مرحلة الصراحة التامة وانا اتوجس خيفة من رد فعلها:
- لسة بتلبسي ملابس داخلية بيضاء؟
جاءتني نبرتها مرحبة بالسؤال:
- عرفت من وين؟
فحكيت لها بعض ذكرياتي عن ايام الصالون وزدت قليلا بأن وصفت جسدها وتغزلت فيه حتى بدأ وكأنني أتحسسها... فقالت بأنفاسٍ مبهورة:
- آه يا عفريت!
ولم تزد، ولم أكرر السؤال او الح في طلب الإجابة، ولكن هذا السؤال بالذات فتح الباب للمزيد من الأسئلة التي ساهمت في رفع الكلفة التي ادت بدورها للمزيد من الصراحة والاندياح.
ففي ذات مرة سألتها عن فترة المراهقة واول حب وباغتها بقولي:
- كيف عرفتي انك قد صرتي امرأة ولم تعودي طفلة ... أو بتعبير اخر كيف عرفتي انك الآن شخص بالغ؟
ولم تمتعض، وردت علي بترحاب وسعة صدر، وتحدثت عن المرة الاولى التي داهمتها فيها الدورة الشهرية التي لم تكن متحسبة لها، فقالت:
- لقد كان حدثا مفاجئا ومزعجا... لقد داهمتني دورتي الشهرية وانا في الحصة الرابعة عندما كنت في الصف الثاني ثانوي، فأخبرت المعلمة وانا مضطربة وخجلة، ولكنها هدأت من روعي وأخذت بيدي إلى أم الفصل حيث قامت بدورها بتهدئتي وذهبت بي إلى مكتب المشرفة حيث يوجد هناك صندوق اسعافات أولية فساعدتني علي نظافة الدم وشرحت لي كيف اتعامل معها في الأيام المقبلة وكيف اتحسب لها مستقبلا. ومنذ ذلك اليوم لم تحدث لي مشكلة فقد تعبات بنصائح كافية. ولكني كنت أخجل عندما تظهر الحبة الدهنية الملازمة لها في وجهي كل شهر... والحمد لله لا اعاني معها كثيرا فالقليل من الراحة في أيامها مع البندول تكفيني.. بل أشعر بالفرح والراحة بعيد نزولها.
كانت اجابتها شافية وكافية.
ولكنها شجعتني على القاء المزيد من الأسئلة عليها؛ في محادثاتنا الليلية الطويلة، وذات يوم تجرأت، وانا أخشى ردة فعل غاضبة، فقلت لها كمن يلقي بسنارته في النهر:
- حدثيني عن تجربتك مع ليلة الدخلة الأولى ومشاعرك نحوها.. وهل كنت خائفة؟
وعلى عكس توقعي وتوجسي من غضبها ضحكت وقالت لي:
- اسئلتك غريبة وصعبة وفيها جرأة شديدة... من أين تأتيك هذه الافكار؟
ولكنها لم تنتظر اجابتي بل واصلت عطفا على قولها السابق. وقالت:
- كان الأمر عاديا رغم أنني لا أنكر الرهبة فيه لم أكن خائفة بقدر ما كان يتملكني الفضول فقد كنت على دراية بما سيحدث من حكاوي اخواتي وبعض صديقاتي المتزوجات... وساعد في عادية الأمر عدم استعجال طارق فقد كان كريما معي ومر الأمر كله بسلام. لدرجة أنني بعد فترة قصيرة كنت ابادر في طلبه، زي ما تقول (بقيت ستو).
فقلت لها:
- بختك والله... النساء عادة ما يكن خائفات... ولكن هل بكيتي في تلك الليلة؟
فردت وهي تنهي الحوار:
- نعم بكيت!
وكان هذا الحوار هو الاخير في مرحلة المراوغة وجس النبض... وصرنا نتحدث بعدها بالمكشوف ولا نتحرج من استخدام الألفاظ الدارجة حتى.
وقد ساعد ذلك في انطلاقها في الفضفضة وتفريغ مكنوناتها، وزاد من أريحية وروعة محادثاتنا التي صرنا، نحن الاثنان، ننتظر مواعيدها بفارغ الصبر ونتلهف لحلول مواقيتها.
amsidahmed@outlook.com
كان والدها العم (عثمان) رجلا ودودا، لم اره قط والا الابتسامة، تكسو وجهه، وكان يرد علينا السلام ببشاشة وترحاب كلما مررنا به في دخولنا او خروجنا من منزله العامر وهو جالس فوق كرسيه الوثير أمام البقالة ذات التاريخ المديد والمجد التليد التي كانت تحتل جزءا من أركان المنزل. كان سكوتا ولكن في المرات القليلة التي يتحدث فيها كان يتحفنا ويطربنا.
وهكذا كان منزل اسرة مديحة بمثابة دار ثان لي. وحتى البنات كن يشاركننا جلسات الشاي والقهوة ولا يتكلفن ولا يتحرجن من الضحك بصوت عالٍ.
وفي المرات التي كنا نشرب فيها انا وعماد في الصالون إلى اوقات متأخرة من الليل، كنت لا أجد اي حرج في المبيت هناك رغم ان الصالون كان يطل على حوش البنات، وقد كان من المعتاد ان أراهن بملابس النوم عندما ينهضن من اسرتهن في الصباح، وكان لمديحة قوام ممشوق وانوثة طاغية وكانت تبين تحت جلباب النوم حتى ملابسها الداخلية والتي غالبا ما تكون بيضاء، وقد سألتها ذات يوم قبل مرحلة الصراحة التامة وانا اتوجس خيفة من رد فعلها:
- لسة بتلبسي ملابس داخلية بيضاء؟
جاءتني نبرتها مرحبة بالسؤال:
- عرفت من وين؟
فحكيت لها بعض ذكرياتي عن ايام الصالون وزدت قليلا بأن وصفت جسدها وتغزلت فيه حتى بدأ وكأنني أتحسسها... فقالت بأنفاسٍ مبهورة:
- آه يا عفريت!
ولم تزد، ولم أكرر السؤال او الح في طلب الإجابة، ولكن هذا السؤال بالذات فتح الباب للمزيد من الأسئلة التي ساهمت في رفع الكلفة التي ادت بدورها للمزيد من الصراحة والاندياح.
ففي ذات مرة سألتها عن فترة المراهقة واول حب وباغتها بقولي:
- كيف عرفتي انك قد صرتي امرأة ولم تعودي طفلة ... أو بتعبير اخر كيف عرفتي انك الآن شخص بالغ؟
ولم تمتعض، وردت علي بترحاب وسعة صدر، وتحدثت عن المرة الاولى التي داهمتها فيها الدورة الشهرية التي لم تكن متحسبة لها، فقالت:
- لقد كان حدثا مفاجئا ومزعجا... لقد داهمتني دورتي الشهرية وانا في الحصة الرابعة عندما كنت في الصف الثاني ثانوي، فأخبرت المعلمة وانا مضطربة وخجلة، ولكنها هدأت من روعي وأخذت بيدي إلى أم الفصل حيث قامت بدورها بتهدئتي وذهبت بي إلى مكتب المشرفة حيث يوجد هناك صندوق اسعافات أولية فساعدتني علي نظافة الدم وشرحت لي كيف اتعامل معها في الأيام المقبلة وكيف اتحسب لها مستقبلا. ومنذ ذلك اليوم لم تحدث لي مشكلة فقد تعبات بنصائح كافية. ولكني كنت أخجل عندما تظهر الحبة الدهنية الملازمة لها في وجهي كل شهر... والحمد لله لا اعاني معها كثيرا فالقليل من الراحة في أيامها مع البندول تكفيني.. بل أشعر بالفرح والراحة بعيد نزولها.
كانت اجابتها شافية وكافية.
ولكنها شجعتني على القاء المزيد من الأسئلة عليها؛ في محادثاتنا الليلية الطويلة، وذات يوم تجرأت، وانا أخشى ردة فعل غاضبة، فقلت لها كمن يلقي بسنارته في النهر:
- حدثيني عن تجربتك مع ليلة الدخلة الأولى ومشاعرك نحوها.. وهل كنت خائفة؟
وعلى عكس توقعي وتوجسي من غضبها ضحكت وقالت لي:
- اسئلتك غريبة وصعبة وفيها جرأة شديدة... من أين تأتيك هذه الافكار؟
ولكنها لم تنتظر اجابتي بل واصلت عطفا على قولها السابق. وقالت:
- كان الأمر عاديا رغم أنني لا أنكر الرهبة فيه لم أكن خائفة بقدر ما كان يتملكني الفضول فقد كنت على دراية بما سيحدث من حكاوي اخواتي وبعض صديقاتي المتزوجات... وساعد في عادية الأمر عدم استعجال طارق فقد كان كريما معي ومر الأمر كله بسلام. لدرجة أنني بعد فترة قصيرة كنت ابادر في طلبه، زي ما تقول (بقيت ستو).
فقلت لها:
- بختك والله... النساء عادة ما يكن خائفات... ولكن هل بكيتي في تلك الليلة؟
فردت وهي تنهي الحوار:
- نعم بكيت!
وكان هذا الحوار هو الاخير في مرحلة المراوغة وجس النبض... وصرنا نتحدث بعدها بالمكشوف ولا نتحرج من استخدام الألفاظ الدارجة حتى.
وقد ساعد ذلك في انطلاقها في الفضفضة وتفريغ مكنوناتها، وزاد من أريحية وروعة محادثاتنا التي صرنا، نحن الاثنان، ننتظر مواعيدها بفارغ الصبر ونتلهف لحلول مواقيتها.
amsidahmed@outlook.com