حكاوي الغرام (5)

 


 

 

كانت مديحة ست بيت بمعنى الكلمة وذلك رغم عملها في وظيفة إدارية بموطنها الثاني (ألمانيا)، وكانت تحب الطهي وتفنن في صنع الاطعمة، وأذكر انها كانت نظيفة وانيقة عندما كنت أزورهم في البيت الكبير. وكانت تتضايق من عدم اهتمام عماد بالاستحمام بعد تمارين الفروسية او العاب الكارنيه التي كان مواظبا عليها، بالذات خلال عطلاته المدرسية.
وقد انتهرتني في يوم على غير العادة والتوقع عندما ارسلت لها صورة نهارية لي وقد نبتت ذقني؛
- انا ما راح اتكلم معاك الا تمشي الآن الا تتخلص اولا من هذه الذقن القبيحة وتحلق شعرك وترجع لشكلك الطبيعي: (محمد ود الناس).
ووعدتها خيرا، فهدا روعها قليلا ولكنها رغم ذلك انهت المحادثة وقالت لي:
- مع السلامة، لي بعدين... بعد الحلاقة!
وذهبت من فوري للحلاق، وحلقت ذقني وشعر راسي كما طلبت، ولما فرغت من الاستحمام في البيت تعطرت ثم ارسلت لها صورتي وانا منتعش؛ شعري محفحف وحليق الذقن.
ولكنها لم ترد على رسالتي بالسرعة المطلوبة وانتظرت إلى أن جاءني تنبيه رسالتها ورفعت السماعة واتصلت بها... وكان ذلك هو الاتفاق بيننا: الا اتصل بها الا بعد رسالة منها.
وواصلنا الحديث.
وأذكر في ذلك اليوم سألتها عن تجربتها مع الولادة: آلامها وفرحتها وقدوم طفل جديد... وهل تتشابه الولدات وما الى ذلك... وكانت ردودها عامة وعادية لا تحمل جديدا، ولا تختلف كثيرا عما سمعناه من الجدات والأمهات عن الولادة او ما شاهدناه وخبرناه من تجارب الأهل والجيران.
وعندما كثرت عليها اسئلتي، قالت لي:
- خليك من صداع الولادة وما الولادة... انا عايزة اسمع منك غنوة.
واستجبت لطلبها على الفور وغنيت لها مقطع من اغنية (مرت الايام) للفنان عبد الدافع عثمان... فانتشينا نحن الاثنان حد الثمالة.
وابدت إعجابها بالمقطع وبأدائي وصوتي... وتنهدت وهي تقول لي:
- حقيقة واقعة في ورطة، من زمن كنت ساكنة مع انصاريات سنة في الداخلية، خوفوني من الاغاني فامتنعت عن سماعها وبقيت الا يترجموا لي كلمة... كلمة، وبعد زمن طويل ضاع، و بعد ان اكتشفت الخداع الديني بقيت بحاول افهم واولادي يساعدوني، طبعا القصة ما وقفت على الاغاني بس فقد كنت برسم وبكتب شعر.
لقد اطاروا كل شيء جميل من راسي والان ندمت.
وبعد يومين او ثلاثة من تلك الأمسية البهيجة ارسلت لي مقطع فيديو قصير، تبين فيه وهي ترقص على أنغام (مرت الايام) في الخلفية وهي ترتدي فستان بيت احمر.
كانت ترقص فوق الكنبة، وعلى البساط، رقصا مجنونا ولكنه أعجبني وصرت أشاهد الفيديو مرات ومرات في الأيام التالية... واعتبرت انه هدية قيمة بحق. رغم انها بخلت علي، ولفترة طويلة، بصورتها الفوتوغرافية، مع انها ارسلت لي صورا لها وهي تتوسط أخواتها وأخري تتوسط فيها بناتها وصورتين او ثلاثة لها على انفراد. ولكنها ضاعت ومسحت من ذاكرة الهاتف، ولما اخبرتها بذلك وطلبت منها بعض صورها الحديثة، ردت علي باقتضاب ولكن بشكل حاسم:
- انسى!
ولم ترسل صورا، ولم الح عليها في الطلب.

amsidahmed@outlook.com

 

آراء