حميدتي ومحاولة تغيير معادلة الصراع

 


 

 

أن الخطاب الذي القاه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو من مقر قيادة ( الدعم السريع) يحمل في أحشائه العديد من الرسائل و الاستفهامات التي تحتاج إلي إجابات، و رغم أن حميدتي بدأ خطابه بهجوم على عناصر النظام القديم بإنها و راء الخلافات الدائرة في الساحة السياسية، و تريد الوقيعة بين قوات الدعم السريع و القوات المسلحة، لكن أراد حميدتي أن يستخدمها كتورية مرة و مجازا مرة أخرى. و التورية في اللغة هي الكلمة تحمل معنيين الأول هو الظاهر في الحديث و لكنه غير المقصود في الهدف. و المجاز يكون المقصود ليس ظاهر الحديث. لكن الخطاب سوف يفتح يوسع دائرة الصراع و يخلق تحالفات جديدة في الساحة.
قال حميدتي في خطابه " لن نسمح لعناصر النظام البائد بالوقيعة بين القوات المسلحة السودانية و الدعم السريع" السؤال موجه لحميدتي: هل المقصود هم عناصر من السياسيين ينتمون للمؤتمر الوطني، أم هم قيادات يعتقد وجودها داخل القوات المسلحة؟ خاصة أن التراشق الذي استمر بين حميدتي و البرهان و كباشي في عدد من المنابر في مناطق مختلفة في البلاد، كان ينذر أن هناك خلافا عميقا بين حميدتي و قيادات الجيش في السلطة. و الحمولة السياسية الناقدة في خطاب حميدتي ثقيلة رغم أنه استخدم فيها التورية. إلا أن توقيت الخطاب يؤكد المقصود ليست هي العناصر السياسية، أنما يهدف منها عناصر داخل القوات المسلحة.
بعد التراشق بالخطابات عبر المنابر بين حميدتي و البرهان و كباشي، إلا أن إرسال ياسر العطا إلي جوبا و حضور تقييم أتفاق جوبا ثم سفر البرهان في الجلسة الختامية، و معه الكباشي للتوقيع على اتفاق التقييم و المراجعة كممثل لسلطة الأمر الواقع، ثم إشارة البرهان في كلمته أن ورشة جوبا هي الورشة التي يعتمد عليها دون أي ورش أخرى. جعلت حميدتي يشعر بالتهميش، و إبعاده عن الدور السياسي،. القضية الأخرى زيارة البرهان لدولة الإمارات دون الإفصاح عن الأجندة التي تمت مناقشتها مع القيادة في أبوظبي، أيضا مؤرقة لجميدتي، ثم زيارة وزير الخارجية الإسرائيل حيث قال حميدتي و هو الرجل الثاني لا علم له بها، فخطاب حميدتي جاء كردة فعل لذلك.. لكنه يحاول فقط إرسال إشارات دون الدخول في صراع مباشر لا يستطيع أن يتنبأ بنتائجه.
قال حميدتي في خطابه موجها حديثه لعناصر النظام السابق " حكمتم هذه البلاد بغير وجه حق لثلاثين عاما، قسمتم فيها السودان لبلدين، نشرتم فيها الفساد و الاستبداد، أثرتم فيها الفتن القبلية و الاجتماعية حتى ثار ضدكم الشعب و أسقطكم" إذا كان المقصود العناصر السياسية تصبح الأسئلة الموجه لحميدتي: ما هي الأدوات التي تم استخدمتها عناصر النظام السابق لكي تنفذ تلك السياسة؟ و هل الأدوات مبرأة من تلك الافعال أم يجب أن تتحمل معهم المسؤولية الأخلاقية؟ و هل تكوين قوات خارج مؤسسات الدولة ألم يعد خرقا للدستور.. و لماذا قبلت به؟ و إذا كان المقصود (توريتا) المكون العسكري، أيضا تطرح أسئلة يجب على الشعب أن يعرف الإجابة عليها. من الذي كلفه المكون العسكري أثناء خلافه مع الحرية و التغيير قبل توقيع الوثيقة، أن يجد لهم دعما شعبيا وسط رجالات الإدارة الأهلية و الطرق الصوفية؟ من الذي كلفه العسكر أن يشق تحالف قوى السودان؟ و من الذي كلفه المكون العسكري أن يجعل الحركات المسلحة ترفض التحاور مع القوى السياسية في قضية السلام و تقبل بحوار العسكر؟ و ما هي القوى العسكرية التي فضت ساحة الاعتصام و تتحمل مسؤولية قتل المعتصمين في الساحة؟ و من الذي كلف أن يجمع أهل الطرق الصوفية و الخلاوي و رجالات الإدارة الإهلية لاعتصام القصر بداية التفكير في الانقلاب العسكري؟
أن خطاب حميدتي ليس خطابا موجها لعناصر النظام السابق باعتبارها وراء أجهاض العملية السياسية، بل هو خطاب استخدم فيه المحسنات البديعة ( التورية – المجاز) لكي يفتح كل الجرح، و يعيد قراءة المشهد السياسي منذ إبريل 2019 حتى الآن ليس عبر أفتراضات,, و لكن أراد من الخطاب قراءة المشهد بمعلومات حقيقية ,, و حميدتي نفسه هو الذي قال أن هناك أوراق تم الاتفاق عليها بين العسكر و الحرية المركزي ماتزال داخل الأدراج.
معلوم أن قائد الدعم السريع له مستشارين و عقليات تفكر معه، و هؤلاء هم الذين يكتبون خطاب القائد بعد السماع إليه، و معرفة الرسالة التي يجب أن يرسلها عبر الخطاب. هذا الخطاب لم تكتبه عناصر عسكرية، لآن العناصر العسكرية تتحفظ على إثارة قضايا تحمل مضامين عسكرية في الهواء الطلق، و أيضا العناصر العسكرية دائما تفضل أن تحل مشاكلها بعيدا عن أعين السابلة و البصاصين. فالخطاب تقول ملامحه أدخلت فيه أرانب أنوف السياسيين، و هؤلاء يقدرون الموقف حسب مصالح تخدم أجنداتهم الحزبية و الخاصة.
أكد حميدتي "التزامه بالانخراط في عمليات تطور المؤسسة العسكرية و تحديثها و رفع كفاءة العاملين فيها و تخرجها من السياسة و الاقتصاد كليا، و تمكنها من التصدي الفعال لكل ما يهدد أمن البلاد و سلامتها" هذا حديث جيد و داعم لعملية التحول الديمقراطي، لكنه مرسل في الخطاب كأن حميدتي يتنبأ أو يملك معلومة أن القوات المسلحة لن تشارك في الورشة التي سوف تقيمها الحرية المركزي ( الإصلاح الأمني و العسكري) الأمر الذي يجعل الجيش حتى الآن لا يقر الاعتراف بورشتين، اعتماد البرهان في كلمته ورشة جوبا و عدم المشاركة في ورشة الإصلاح الأمني و العسكري. لذلك قال حميدتي في فقرة أخرى " التزامه بالاتفاق الإطاري و وصفه بأنه المخرج للأزمة في السودان و الأساس الوحيد للحل السياسي المنصف و العادل" هل قول حميدتي يعتبر حالة من ( الصحوة) أم ردة فعل أراد أن يستخدم فيها لغة الصراع على الهواء الطلق. نواصل الحديث. خيارات حميدتي في المستقبل: نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء