حوار مع الأستاذ كمال الجزولي

 


 

 

مايو وكتاب (الشيوعيون والديمقراطية) كمال الجزولي
تجاوز الحزب الشيوعي سيعود على الساحة السياسية بالويل والثبور وعظائم الامور!!
حاوره: ضياء الدين بلال
diaabelal@hotmail.com

الدخول لمنزل الاستاذ كمال الجزولى مثل الدخول على مقالاته.. من اول وهلة تلحظ تلك المشابهة الجمالية.. كل شئ بديع فى موضعه.. أنت كزائر تحسب لحركاتك أن تخل.. بايقاع البيت.. كما تخشى سكرتارية التحرير فى كل الصحف التى كتب فيها الاستاذ كمال.. أن تقع الشولة فى غير موقعها.. او تسقط النقطة من مكانها.. او لا تقف علامة التعجب فى مكانها المحدد على إعتدال قامة..!! اما الجلوس حول مائدة عشاء مع اسرته الصغيرة زوجته المثقفة فائزة وابنه النابه أُبى.. فإنها مثل الجلوس لقراءة نصوص شعرية فى ديوان للاستاذ كمال.. جمال العرض ودسامة الفكرة ووسامتها..!! رغم ذلك.. ورغم ود نتبادله مع الرجل.. نطمئنك عزيزى القارئ بأن لا المحاور ولا المحاور كانت لهما الرغبة فى التواطؤ عليك.. بل كانت المواجهة تتم من اجلك.. تضع كل ذلك جانباً.. لتناقش وتراجع ما طرحه المحامى والقيادى الشيوعى كمال الجزولى فى كتابه (الشيوعيون والديمقراطية.. للشراكة ام لذود الطير عن مرّ الثمر).. وتأتى المراجعة الحوارية على غير صدفة فى الخامس والعشرين من مايو.. تاريخ يوم دبر او تعاون او تواطأ بالصمت الحزب الشيوعى مع إنقلاب 25 مايو 1969م.. او رفض أن يهش الطير عن ثمرِ لم يذق منه سوى المّر.. أترى كان يقصد الرجل ذلك بعنوان كتابه الذى هو مدافعة مستميتة فى معركة ظل يكرر الجزولى فى الحوار انهم حريصون أن تظل دائرة فى وعى الجميع.. حتى لا تضل النقاط عن حروفها..!!
* استاذ كمال الجزولى بعد هذا العمر المديد للحزب الشيوعى السودانى.. لا يزال موقفه من الديمقراطية موضع تساؤل.. ومرافعات.. ومحاولات توضيح عبر كتابك (الشيوعيون والديمقراطية) وغير ذلك.. الا يعتبر ذلك إشكالاً فى حد ذاته؟!!
- ارد عليك بسؤال (إشكال عند منو.. عند الحزب الشيوعى السودانى ام عند الحركة الفكرية والسياسية السودانية)؟
*بمعنى أن الحزب الشيوعى الى الآن يعتقد أنه لم يستطع أن يقنع الآخرين بأنه حزب ديمقراطى؟!
- شوف يا ضياء.. اذا كانت المسألة مسألة اقناع للجماهير.. وتركت هكذا بين ادائه
والجماهير.. الحزب الشيوعى قدم الكثير جداً منذ نشأته الى الآن لكى تقتنع الجماهير بأطروحاته.. أطروحاته التى يتحمل مسؤوليتها.. كما هى.. كما يراها وكما يعرضها دون تدخلات من قبل قوى تحمل راية العداء للشيوعيه عموماً او للحزب الشيوعى السودانى على وجه التخصيص.. هذه التدخلات بإستمرار كانت تعيق وصول رسالة الحزب للجماهير «الابيض يقلب الى اسود.. والواضح يصبح غامضاً.. والذى يقال بيسر وسهولة يفسر من قبل آخرين للجماهير تفسيرات محاطة بالشكوك وبقدر من الريب..» هذا ليس فى مسألة الديمقراطية فقط.. خذ مثالاً آخر وهو موقف الحزب من الدين.. فى جانب الدين والديمقراطية وجد الحزب نفسه لا بد أن يكون فى اجندته بإستمرار أن تظل المعركة حاضرة فى وعى الجماهير بينه وبين خصومه فى هذه القضايا..!!
* استاذ كمال.. الا تجد الحزب الشيوعى وفر من الحيثيات ما يعين خصومه عليه فى التشكيك فى مصداقية مواقفه تجاه الديمقراطية؟.. أنت ذكرت فى الكتاب أن الحزب كانت له تماسات مع اطروحات الديمقراطية الشعبية والديمقراطية الجديدة.. وأنه لم يحسم موقفه بشكل قاطع من الديمقراطية الليبرالية الا فى اواخر السبعينات؟!!
- اذا كان الإتفاق على أن جوهر الديمقراطية الليبرالية هى الحريات العامة والحقوق الاساسية للجماهير هذا محسوم لدى الحزب الشيوعى منذ نشأته.. واكبر دليل على ذلك ان الحزب الشيوعى تلازمت نشأته مع نشأة حركة واسعة وضخمة جداً لتنظيم الجماهير وهى حركة بطبيعتها اكثر حدباً وحرصاً على الحريات العامة والحقوق الاساسية.. حركة اتحادات المهنيين ونقابات العمال وحركات السلم وإتحادات الشباب هكذا كله لم يكن فى اجندة القوى التقليدية.. الحزب الشيوعى صاحب مصلحة مباشرة فى الديمقراطية الليبرالية.. وهذا يا ضياء انتبهت له المخابرات الاستعمارية فى تقاريرها التى كشف عنها النقاب مؤخراً.. كانت ترى فى إتحاد الشباب منظمة شيوعية من اجندتها العمل من اجل الديمقراطية.. هذه كانت تهمة حتى عند المخابرات البريطانية.
*هل كان القصد على الديمقراطية الليبرالية؟!
- نعم.. لم تقل انه يسعى لإقامة الديمقراطية الشعبية أو الديمقراطية الجديدة.. قالت يسعى لإنشاء دولة ديمقراطية.. وأنا اعتقد واهم من يتصور ان دولة مثل بريطانيا أن اجندتها فى استعمارنا هى نفس أجندتها فى إدارة شعبها.. الحزب الشيوعى منذ البداية قبل ان يعمل وفق قوانين الديمقراطية الليبرالية القائمة على الإنتخاب والمنافسة على تداول السلطة سلمياً وقبل أن يدخل الجمعية نائب او نائبان المهم بالنسبة له المعركة فى الوعى وهذه معركة تطول.. وكان موطناً نفسه على الاستمرار فيها مهما طال الزمن (ما مستعجل)..!!
*المفارقة يا أستاذ انه اول حزب سياسى فى السودان خلق خلايا سياسية داخل
الجيش؟!!
- لا يتبرأ الحزب الشيوعى ولا ينكر أنه اشتغل داخل الجيش لكن حكاية أول وآخر.. ان كان المقصود إقحام الجيش فى السياسة.. فهذا حدث قبل ما يفعلها الحزب الشيوعى نفسه.. هنالك تنظيمات باكرة نشأت داخل الجيش.. صحيح أنها غير منتمية لحزب معين و...
=مقاطعة=
*نحن نتحدث عن التكوينات العسكرية لاحزاب سياسية معلنة إلتزامها بالديمقراطية؟!!
- انت تتحدث فى السياسة.. واى عمل سياسى داخل الجيش يتم تجييره لصالح حزب او حركة معينة.. المهم هنالك عمل سياسي داخل الجيش.. ان كان اصلا الحزب المعين يعمل تنظيمات وسط الحركة النقابية لفرض نفوذه وافكاره، لكن اذا عمل ذلك فى الجيش يكون سعى فى إتجاه إستلام السلطة.. فإن اول حزب حسم قضية السلطة وفق الانقلاب العسكرى هو حزب الامة .. وليس الحزب الشيوعى و...
*يجب الا ترجع لعام 58 و....؟
=مقاطعة=
- (الله.. ومال ارجع لمتين؟!!)
* ارجع لـ1954م؟!!
- 1954م لم يكن لنا تنظيم فى الجيش!!
* فى كتاب (السياسة والجيش) لمحمد محجوب عثمان ذكر أن الحزب الشيوعى السودانى فى 54 كون اول خلاياه العسكرية فى الجيش؟!!
- ولكن ليس بغرض الوصول الى السلطة عن طريق هذه الخلايا.. فى ذلك الوقت كان يعمل من اجل الديمقراطية وترسيخها.. وكل الفترة التى اعقبت الإستقلال وبعده كان الحزب الشيوعى يناضل من اجل ترسيخ الممارسة الديمقراطية الليبرالية.. كون يكون هنالك تلاميذ فى الثانوى من خلاياه تخرجوا وذهبوا للجيش شئ طبيعى حيث ما ذهبت عضويته يسعى لتنظيمها.. ويمكن أن ينظمها لاغراض تتعلق بالحيلولة دون تدخل المخابرات الاجنبية لحسم قضية السلطة فى السودان..!!
* هل لا يزال هذا مبرراً بالنسبة لك استاذ كمال الى الان؟!!
- أنت تقول لى الآن.. واقول لك الآن «ليس مبرراً بالنسبة لى شئ واحد.. هو الوصول للسلطة عبر الإنقلاب العسكرى.. الحزب الشيوعى الآن لا يدخل فى إنقلابات ولا ينظم لها.. وهو يحرض ضد الانقلابات (هس بكرة كان صحيت من النوم ولقيت إنقلاب أنا ضدو).. ودون أن اعرف من الذى قام به.. هذه مسألة الحزب الشيوعى تأذى منها وخاض فيها وتورط فيها.. ومنذ 1977-1978 حسمها منذ ذلك الوقت ولن يعود لها مرة اخرى مهما كانت الاغراءات..!!
* إذن من قبل لم تكن محسومة؟!!
- قطعاً.. لم يكن محسوماً امر الديمقراطية الجديدة والديمقراطية الثورية (الحزب الواحد).. لكن اذا كان المطلوب محاكمة التاريخ فنحن لا نحاكم التاريخ.. اما اذا كان المطلوب فهم التاريخ.. فعلينا أن نفهم بأن الحزب الشيوعى ظل يراوح منذ الخمسينات الى نهاية السبعينات ما بين الديمقراطية الليبرالية وما بين الديمقراطية الجديدة والثورية والشعبية.. من الناحية الثانية يأتى السؤال لماذا كانت هذه المراوغة؟.. وما هو الدور الذى لعبته الاحزاب التقليدية فى دفع الحزب الشيوعى باستمرار الى حافة اليأس من الممارسة الديمقراطية الليبرالية..؟!!
* سؤال مباشر.. هل هنالك اي مسوغات لاى حزب لكى ينقلب على الديمقراطية اذا تضرر من ممارستها؟!!
- هل سؤالك هذا ونحن فى اجواء الستينات والسبعينات ام نحن فى الالفية الثالثة؟..!!
* انت قلت فى كتابك .....؟
=مقاطعة=
انت لا تسأل فى السياسة الآن.. لا يا ضياء.. انت تضع معادلات مثالية.. وتسأل
عنها (هل هناك مسوغ؟!!) سؤال لا يضع إعتباراً لظرف الزمان ومتغيراته.. هل كان هنالك مسوغ لعبد الناصر أن يستلم السلطة من الملكية؟!!.. اذا كان هنالك مسوغ.. هل عبد الناصر.. اذا عاد الآن هل هنالك مسوغ ليستلم السلطة عبر إنقلاب عسكرى.. فى الستينات الحزب الشيوعى دفع دفعاً.. حزب وقف ضد دكتاتورية عبود وقدم تضحيات باكثر مما قدمته الاحزاب كلها.. حضوره فى اكتوبر بنفوذ واسع هذه كانت شهادة مباشرة من الجماهير.. ماذا حدث؟!! خوفاً من هذا النفوذ والتمدد تكالبت عليه القوى التقليدية وتآمرت وعدلت الدستور وحلت الحزب الشيوعى.. وحظرت نشاطه وحرمت الشيوعية وطردت نوابه من البرلمان.. وهو الى آخر لحظة كان يصر على إنتهاج الحلول الديمقراطية الليبرالية.. وذهب الى المحكمة العليا وطعن فى القرارات وكسب الطعن.. كان رد الفعل ان الذين يدعون انهم فى إطار النظام الديمقراطى الليبرالى يحافظون على إستقلال القضاء اهدروا إستقلال القضاء والدليل على ذلك إستقالة رئىس القضاء بابكر عوض الله.. رغم ذلك الحزب الشيوعى لم يدبر إنقلاب مايو و...
=مقاطعة=
* سنعود يا استاذ كمال لعلاقة الشيوعيين بمايو.. ولكن اذا انت ترى فى ما حدث بطرد الحزب الشيوعى وحظره سبباً فى الانقلاب ولو نظرياً على الديمقراطية الليبرالية.. فان الجبهة الاسلامية فى يونيو 1989م كان فى وجهة نظرها مذكرة الجيش نقض لقواعد اللعبة الديمقراطىة... إذن انت تبرر لـ...؟!
-انا.. لا اعطى تبريراً .. أنا افسر لك الاحداث ماذا حدث بالضبط و...
* لكنك تبرر و...؟!!
-أنا.. لا ابرر.. شوف الحزب الشيوعى والقوى الديمقراطية على المستوىين الشخصى والعام (ما فى جهة إضررت من مايو مثلنا).. واحد من اسباب كتاباتى لهذا الكتاب هو إعطاء الدرس المستقبلى.. العبرة والدرس الاساسى أخذ قبل إنقلاب 89 بوقت طويل جداً.. مهما كانت الدعاوى ليس هنالك مبرر للانقلابات العسكرية و...
* ليس من المبدأ أن تستنفد فرصك من الانقلابات ثم تضع خطاً بعد ذلك.. تمنع
الآخرين من تجاوزه اذا حدث لهم ما حدث لك؟!!
- هذه ليست منافسة فى السوق..!!
* طيب اعقد لنا مقارنة بين مذكرة الجيش وطرد الحزب الشيوعى من البرلمان؟!!
- مذكرة الجيش أنا لا احتاج ان افسر لك ماذا كان موقف الحزب منها.. ارجع لاعداد الميدان قبل 30 يونيو 1989م.. سترى أن الحزب الشيوعى نبه الى أن المذكرة تفتح
باباً امام الاعتداء على الديمقراطية والمغامرات العسكرية.
* إذن هنالك مماثلة بينة... طيب فلنكن دقيقين.. إذا لم نقل إن الحزب الشيوعى دبر انقلاب مايو او شارك فى تدبيره او وقف محايداً أو...؟!!
- لا.. لا (سجل انى مقاطعاً يا ضياء قلت لك...)
=صمت فترة=
ثم قال: قطاع لا يستهان به من قيادة الحزب ومن جماهيره ذهبت مع مايو.. جزء من قيادة الحزب ضالع فى التدبير لمايو.. وعلى رأسهم السيد أحمد سليمان.. لا ننكر هذا إطلاقاً.. اخلاقياً وسياسياً الجماهير غير مطالبة بسماع حكاوى واحاجى نقولها عن الخلافات التى دارت بين جماعة عبد الخالق ومعاوية سورج.. ما نقوله باستقامة كاملة إن الحزب الشيوعى مسؤول امام الجماهير عن إنقلاب 25 مايو طالما قطاع مؤثر وقوى.. وجزء واسع من قيادته مشى فى تدبير الانقلاب قبل قيامه او مؤازرته بعد قيامه.. وكذلك دفع قطاعات واسعة جداً من جماهير الحزب الشيوعى وجماهير النقابات المتحالفة معه فى دعم هذا الانقلاب.. إذن الحزب الشيوعى مسؤول اخلاقياً وسياسياً.. وندعو أى زول مسؤول فى الحركة السياسية عن اى إنقلاب عسكرى أن يعترف بذلك دون تبرير!!
= استاذ كمال حملت في كتابك على موقف القوى التقليدية من طرد الحزب الشيوعي من البرلمان وحل الحزب في 65.. وحاولت ان تجعل من ذلك مبرراً للموقف من مايو.. ولكنك في الكتاب استدليت بمقولة لعبد الخالق محجوب تناقض ذلك الموقف حيث قال: (البرلمان مرآة تعكس القبيح والجميل في ظل الديمقراطية.. والعقل يقول اذا لم تقبل نفسك رؤية القبيح في المرآة فابعده عنها ولا تكن كطفل تحطم المرآة).. يبدو يا استاذ ان الحزب الشيوعي بتواطؤ أو بمشاركة أو بحياد قبل او قرر تكسير
المرآة).؟!!
هذه المقولة التي تفضلت بذكرها قالها عبد الخالق في سياق دفاعه المعد للمحكمة العسكرية التي كان سيقدم لها في 59.. قبل عشر سنوات.. وكان هذا في ظل حكومة
عبود التي ناصبها الحزب العداء من اول يوم.. سؤالك يأتي في سياق آخر سياق لم يحطم فيه الحزب الشيوعي المرآة وانما حطمت القوى التقليدية كل أسس الممارسة الديمقراطية بحلها للحزب وبطرد نوابه وبمصادرة ممتلكاته (انا اسألك... انت ضعني في موضع المحاور.. ماذا كان يمكن ان يفعل الحزب الشيوعي)؟!!
* اذا كان الحزب الشيوعي في تركيبته البنيوية ديمقراطياً كان يتجه لوسائل العمل
الديمقراطي.. يمكن يقوم بتغيير اسمه مثل ما فعلت الاحزاب الاسلامية في تركيا..
كان يمكن ان يضغط على البرلمان عبر تصعيد العمل الاحتجاجي وتأكيد تأثيره في الشارع.. الحزب استسهل الانقلاب؟!!
* وانت من قال لك بأن الحزب الشيوعي بمجرد حله.. ذهب مباشرة لخيار الانقلاب العسكري؟ الحزب الشيوعي حله كان في 65- 66 .. الحزب اصدر صحيفة اخرى باسم «الضياء» واصدر صحيفة «اخبار الاسبوع».. وواصل عمله عبر منابر كثيرة.. وعبد الخالق محجوب تقدم للانتخابات في 68 كمستقل.. وصوتت له الجماهير وفوزته وادخلت الحاج عبد الرحمن في عطبرة وهي تعلم انه عضو لجنة مركزية بالحزب.. وبدأ الحزب برغم موقفه من الجمهورية الرئاسية بدأ يعد نفسه لخوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية وكون جبهة اشتراكية تقدمية ببرنامج محدد وحدد ان يكون بابكر عوض الله الذي استقال من رئاسة القضاء ان يكون مرشح تلك الجبهة التقدمية الديمقراطية الاشتراكية، لكن الذي حدث هو ان بابكر عوض الله كان ضالعاً مع مجموعة عسكريين من خلف ظهر الحزب الشيوعي والجبهة التي كانت تحت التكوين.. وبمساعدة ودفع بعض قيادات الحزب الشيوعي في اللجنة المركزية وفي مواقع اخرى نافذة هذه ليست محاولة لاعفاء الحزب فانا اقر معك بالاصابع العشرة ان الحزب مسؤول سياسياً عن اداء هذه القيادات.. لكن فوجئ الحزب الشيوعي في صبيحة 25 مايو ببرنامجه الذي وضعه مع اعضاء الجبهة الاشتراكية يذاع كبيان اول للانقلاب!
= استاذ كمال هل فوجئ الحزب الشيوعي؟
== نعم..
= هل الحزب الشيوعي فوجئ بالانقلاب؟
== الحزب الشيوعي كان يعلم ان هنالك انقلاباً بدليل ان نميري ذهب لعبد الخالق لاثنائه عن موقفه الرافض للانقلاب.. تعبيراً عن موقف متخذ من المكتب السياسي وفي اللجنة المركزية للحزب ضد هذا الانقلاب..
= طالما انهم علموا بالانقلاب لماذا لم يفعلوا شيئاً؟
== الحزب الشيوعي ليس غفير بلدية مطالب بالتبليغ عن الانقلابات.. ارجع لصحيفة
«اخبار الاسبوع» ولـ«الايام» منذ مطالع 69 كي تكتشف ان الحزب الشيوعي ظلينبه من مخاطر الانقلاب العسكري ويحاول ان يزرع الوعي بأن هذا ليس طريقاً صائباً لحل المشاكل السياسية.. وحاول ان ينصح الانقلابيين واوضح لهم كل المخاطر.. وبعد ذلك لم يبق الاّ ان يذهب الحزب الشيوعي الى الشرطة ليبلغ عن الانقلابيين..!
= في كتاب محمد محجوب عثمان عن الجيش والسياسة قال ان الحزب الشيوعي اصدر قراراً لتنظيمه في الجيش بأن يشارك في صبيحة الانقلاب؟
== في صبيحة الانقلاب عندما اصبح الانقلاب امراً واقعاً.. وكان العسكريون الشيوعيون والديمقراطيون مرتبطين بتنظيم واحد.. وتنظيمهم اتخذ هو القرار فلم يكن هنالك سبيل امام الحزب الشيوعي الا ان يقدم نموذجاً في كيف يمكن ان تكون حليفاً سياسياً ثم لا تخلع يدك من الحلف لتتخذ قراراً منفرداً.
* الحزب الشيوعي كان اعتراضه ليس على الفكرة ولكن على ظرفها باعتبار ان اللحظة الثورية لم تتحقق بعد؟
فكرة الانقلابات في ذلك الوقت لم تكن بعيدة عن العمل الوطني الديمقراطي التقدمي الذي تلتف حوله الجماهير في كل المنطقة.. دعنا نتحدث بوضوح الحزب الشيوعي الذي ظل لآخر لحظة متمسكاً بالديمقراطية كانت امامه تجربة عبد الناصر وتجارب المنطقة الافريقية التي تعرف بالانظمة التقدمية.. ولاننا لا نحاكم التاريخ ولكن نتفهمه
فعلينا ان نعلم بأن هذه الانظمة كانت نموذجاً للوطنية والتقدمية.. والحزب ظل مسكوناً بأن هنالك شيئاً خطأ في هذا الطريق.. انا افسر لك التاريخ ولا ابرره..
الضباط الشيوعيون حسب توجيهات الحزب قاوموا فكرة الانقلاب حتى لحظة وقوعه.. وهذا مثبت تاريخياً.. ونميري ذكر ذلك في الكتب التي يدعي انه ألفها.. وهم لحقوا بالانقلاب حتى لا يخرجوا عن اجماع الضباط وان كانوا ضد الفكرة.
= هذا موقف اداني للحزب الشيوعي.. حيث انه قام بتقديم خيار الاجماع التنظيمي على خيار الحفاظ على الديمقراطية؟
== مشكلتك يا ضياء انك تتجه لمحاكمة التاريخ.. وهذا خطأ منهجي.. هذا ما حدث.. انت تريد ان تصل لمسؤولية الحزب الشيوعي عن مايو.. انا اثبت ذلك في الكتاب.
* الكتاب كان مرافعة مستميتة لتأكيد ان الحزب الشيوعي وطيد الصلة بالديمقراطية
الليبرالية .. ورغم ان هنالك التباسات عارضة و...
= معارضة =
== هذه واحدة من الالتباسات
= انت ذكرت في الكتاب ان الحزب الشيوعي شارك في انقلابات وقلت تعاطف وقلت...
== (هي كم انقلاب اصلاً).. منذ الاستقلال الى مايو 69 شارك في كم انقلاب؟
= شارك في انقلاب علي حامد؟
== انت ضد انقلاب علي حامد؟ هل أنت ضد عمل انقلاب على النظم العسكرية
= وماذا عن انقلاب خالد الكد؟
== خالد الكد لم تكن له صلة بالحزب الشيوعي الا في عام 79.. واكتب هذا على لساني.. لاني واحد من الذين عملوا على تجنيده.. ويمكن ان يسأل عن ذلك الدكتور محمد سليمان والدكتور عبد القادر الرفاعي.. عندما عمل انقلابه لم تكن له صلة بالحزب.. والحزب لا يعمل انقلاباً ليضع شخصاً مثل جعفر نميري على رئاسته..في عنوان كتابك (الشيوعيون والديمقراطية) وردت عبارة للشراكة لا لذود الطير عن مر الثمر.. وفي العبارة محاولة لتلخيص فكرة ان الحزب الشيوعي لا يدافع عن التجربة الديمقراطية اذا تضرر منها؟
= انت اخذت العبارة في اطار ضيق جداً.. قصدي ان الحزب الشيوعي ظل يعمل من اجل دعم العملية الديمقراطية والبناء الديمقراطي في البلد منذ تأسيسه الى اليوم
ولكن في كل مرة كان يتم تييئسه.. والمطلوب منه ان يكون ديدباناً ضد الانقلابات العسكرية ويتحمل التضحيات ببسالة.. وهم في هذه الحالة يشاركونه في العمل السياسي ويشركونه ضد الانظمة العسكرية الى ان يطاح بها ولكن عندما تأتي
الديمقراطية تتم محاولة لاقصائه.
= والديدبان في 25 مايو تواطأ مع اللصوص ولم يبلغ السلطات؟
= بغضب =
== قال: هل تؤمن بهذا.. (انت بينك وبين نفسك مقتنع بالكلام البتقول فيهو دا)... حزب طرد من البرلمان و...
= مقاطعة =
= اذن انت تقصد ما ذكرته لك بأن الحزب رفض ذود الطير عن مر الثمر بفهم..!
= هل الحزب مطالب بذود الطير عن مر الثمر؟ لن يحدث ذلك.. وهذا الدرس ليس مقدماً للحزب الشيوعي.. هذا الدرس معنية به هذه الاحزاب.. عليها ان تفهم ان الحزب الشيوعي رغم صغره وقلة حجمه ورغم معاناته التاريخية اية محاولة لتجاوزه ستعود بالويل والثبور وعظائم الامور على الحركة السياسية من اولها لآخرها..
= كيف يعني؟
= بغضب =
== لا اعرف..!
= اذن هذا تهديد؟
== هذا ليس تهديداً.. هذا تفسير للتاريخ
حينما استجابوا لابتزاز حسن الترابي في 65 - 66 باسم الاسلام والاخلاق وباسم
الديمقراطية.
-للعجب- فحلوا الحزب وطردوا نوابه من البرلمان وخربوا دوره وضربوا حتى النساء والاطفال في البيوت واستحلوا قوى الريف المتخلفة سماها عبد الخالق «عنف البادية» لقمع القوى الحديثة.. هل خلصت لهم السلطة باردة .. بغض النظر عن مشاركة الحزب او عدمها .. الحقيقة قام انقلاب اسمه 25 مايو بقيادة شخص اسمه جعفر نميري قلب مائدة البرلمان على حسن الترابي وكل الذين استجابوا لابتزازه.. بعد الانتفاضة 85 كل المؤشرات الموضوعية كانت تدل على وجوب استمرار شكل التحالف في التجمع حتى النهاية. وان هذا التحالف الكبير يعبر عن اشواق الناس لوحدة .. لكن هذه الاحزاب نظرت الى ارنبة انفها كالعادة وخرجت كلها من التجمع والحزب الشيوعي ظل الى آخر لحظة لم يخرج ... عندما دفع بالحزب الشيوعي دفعاً الى خانة المعارضة السياسية .. ونبه لمخاطر ادخال الجبهة الاسلامية في الحكم باعتبار ان ذلك يقطع الطريق امام تنفيذ نداءات الانتفاضة وواجباتها..ماذا حدث بعد ذلك؟!! ..
الحدث انهم دخلوا مع الجبهة الاسلامية في تحالف «حكومة وفاق» واعتبروا ان تلك هي الاغلبية المطلقة .. لكن هل خلصت لهم الامور «هل ارتاحوا» .. سرعان ما جاءوا في ديسمبر 1988 .. ليصرخوا بالصوت العالي هذه المظاهرات والمواكب  والمطالب النقابية سببها الشيوعيون والبعثيون .. هذا ليس تهديداً يجب الانفكر تفكيراً تبسيطياً حينما اواجهك بدروس التاريخ واحاول ان استقرئ معك هذه الدروس للاستفادة منها للغد اذا استمر نهج هذه الاحزاب للمرة الرابعة والخامسة بحيث لا تنظر ابعد من ارنبة انفها فكل مرة سيتكرر نفس الامر.. كون هنالك قوى سياسية صغيرة هذا لا يعني ان اقصاءها امر سهل ويسير.
*هنالك تناقض استاذ كمال في مرة تدعو لاخذ احداث التاريخ في اطارها الظرفي وعدم سحبها للراهن والمستقبل .. وفي مرة اخرى تنشئ جسراً بين وقائع التاريخ وتربط بينها وتحدد نتائجها لتصدر حكماً مستقبلياً؟!!
** انا لم اقل باننا لانخرج من احداث التاريخ بدرس مستقبلي .. الحيثيات تقرأ في حدود ظرفها.. الانقلابات في 2004 ليس هي في الستينات الانقلابات كانت عبد الناصر وما يحمل من رمزية!!
*الديمقراطية كقيمة لم تتغير استاذ كمال؟!!
** يا أخي ضياء لغة اليوم لا تحاكم بها التاريخ «دا بقولو ليك للمرة المليون»..!!
*في كتابك انتقدت الصادق المهدي لانه اقر بعلاقة حزب الامة بانقلاب عبود ثم برر لما حدث.. انت تفعل نفس الشيئ تقدم اعترافات مجملة وتسحبها تفصيلاً عبر التبرير؟!!
** انت يا ضياء تخلط الامور خلطاً فظيعاً.. خلافي مع الصادق المهدي في موضوع محاولته لشرح ظرف حزبه.. انا قلت له.. قل ذلك في اطار الشرح الذاتي لظرف حزبك عندما حدث تسليم السلطة لعبود في 58 لكن هذا لا يمكن ان يكون تبرؤاً لحزب الامة من المسؤولية التاريخية والسياسية من انقلاب 58 بنفس الطريقة الحزب الشيوعي مسؤول سياسياً واخلاقياً عن انقلاب 25مايو ولكن ما نقوله عن دور احمد سليمان ومعاوية لايعدو ان يكون شرحاً لفائدة الدروس التاريخية .
*انت قدمت اعترافاً عاماً ثم اجريت استثناءات و..؟!!
**«استثناءات لمنو؟!!»
*لعبد الخالق ومجموعته؟!!
بانفعال
** عبد الخالق استثنته المشنقة يا ضياء..!!
* هو لم يمت دفاعا عن الديمقراطية هو اعدم في انقلاب عسكري؟!!
**في انقلاب مجيد «لا انت لا غيرك تستطيع ادانته بكلمة واحدة .. والذين
يدينونه..»
مقاطعه
*الحزب تبرأ من الانقلاب؟!!
متسائلاً بتعجب
الحزب الشيوعي تبرأ منه؟!!
*مثل ما فعل مع 25 مايو عندما اتهم مجموعة قيادية فيه بالمشاركة في انقلاب مايو دون موافقة الحزب ..في 19 يوليو حملت القيادة السياسية المجموعة العسكرية مسؤولية الانقلاب وبرأت نفسها من القرار؟!!
19 يوليو ايضا مسؤول منها الحزب الشيوعي سياسيا واخلاقيا اذا اردت لان تمضي معي اكثر من ذلك .. فسأقول لك الحزب الشيوعي لم يتخذ قراراً « انت ماذا تريد مني ؟!!.. هل تريد ان اقدم لك اعترافات مجانية اذا كنت تريد الحقيقة والتاريخ.. فهي ان الحزب الشيوعي لم يتخذ قراراً بـ19 يوليو .
*سكرتير الحزب عبد الخالق كان ضالعاً في الانقلاب لانه مسؤول عن العمل العسكري؟!!
** هذا استنتاج..!!
*هناك معلومة قالها ضابط مؤثر في مجموعة الحزب العسكرية في الجيش هو محمد محجوب شقيق عبدالخالق حيث قال ان الحزب تناقش حول الخيار الانقلابي؟!!
** محمد محجوب غير مؤهل لان يكون شاهداً هو مثلي كان خارج السودان سنين طويلة
*كان عضواً في التنظيم العسكري؟!!
** كان خارج السودان ولا يملك ادني معلومة عن الانقلاب..!!
الضابط عبد العظيم سرور في مذكراته اشار لذلك؟!!
**«موش مذكراته؟!! تقصد مقاله» .. نعم ماذا قال؟!!
-واصل حديثه-
** قائلاً: عبد العظيم كان يتحدث عن واقعة بيت الضيافة ولا يتحدث عن من اتخذ
القرار .. عبد العظيم سرور في روايته لي في سجن كوبر من ديسمبر 74 حتى يوليو 75 حتى انقلاب حسن حسين.. كنا نجلس اياماً بليليها والشهود موجودون بعضهم توفى ولكن ود الحسين موجود وصلاح بشير موجود عثمان عبد القادر موجود.. امامهم كان عبد العظيم سرور يحكي باعتبار انه كان اركان حرب العمليات في 19 يوليو .. كنت اسمع من فمه الرواية التي رواها لي في هذا التاريخ تختلف اختلافاً تاماً عن الرواية التي كتبها في قضايا سودانية .. ولا اعلم الى الان ما هي دوافعه ومشاكله ولماذا فعل ذلك .. وغير روايته .. وهو صديق واتمنى ان تجمعني به الظروف حتى اسأله. ولكن اتمنى من الحزب الشيوعي الا يترك هذه المسألة تمر دون التحقق من الروايات المختلفة لعظيم سرور في فترات مختلفة.. وان ينشر هذه الروايات للناس ولكن الحزب الشيوعي كعادته في اهمال اشياء كثيرة لا ينبغي ان تهمل هو الى الان يهمل ما قاله عبد العظيم سرور..!!
* انت كتبت في مدخل الكتاب.. ان ما تقدمه هو للحقيقة والموضوعية .. ولكن كان واضحاً انك تعاملت مع قضية الشيوعيين والديمقراطية بذهنية المحامي.. اي شيئ تذكره توجد له تبريراً حتى موقف الحزب الشيوعي من اتفاق الحكم الذاتي وجدت له سياقات تبريرية اعترفاتك تختلف عن اعترافات الاستاذ التيجاني الطيب فقد قدم
اعترافات دون تبرير؟!!
**انا في الكتاب استشهدت بكلام التيجاني الطيب..!!
* انت تجاوزت في الكتاب ذكر مشاركة الحزب الشيوعي في المجلس المركزي الذي انشأه عبود؟!!
** هذا سياق اخر .. يجب ان تنظر للتاريخ من خلال شهادة الجماهير عليه.. الحزب الشيوعي يفسر ذلك بانه باب فتح لفضح النظام العسكري من داخله عن طريق برلمانه قد يكون الحزب الشيوعي مخطئاً في ذلك لكن في الاخر هل يصل ذلك لاتهام الحزب الشيوعي بانه خان الثورة ؟!!.. هذه لاتقبل فيها شهادة الاخوان المسلمين او حزب الامة ولكن تشهد عليها الجماهير . الجماهير هل خرجت في اكتوبر والذاكرة قريبة
بادانة للحزب الشيوعي لدخوله المجلس المركزي..!!
*هل كان يمكن للحزب الشيوعي ان يدخل مؤسسات الانقاذ بهدف التعرية من الداخل؟!!
** ليس هنالك ما يضر بالعملية السياسية سوى تبسيطها لابسط الاشياء.. ان تقفز بموديل كان متعاملاً به في الخمسينات والستينات الي الالفية الثالثة .. هذه مناقشة مستحيلة..!!
* التاريخ وحدة موضوعية؟!!
** دا كلام ساكت هذه عبارة مجانية هذه عبارة «لا اشتريها» هل يمكن التاريخ منذ
بدء الخليقة الى الان يعتبر..
مقاطعة
*القيم لا تتغير بحيث..؟!!
**القيم تتطور في التاريخ .. في يوم من الايام العبودية كانت شيئاً عادياً جداً .. الان كلمة رق وعبودية تجعل الابدان تقشعر!!
*لماذا لم تثبت مشاركة الحزب الشيوعي في نظام عبود في الكتاب؟!!
** لا تفيد في شئ. وانا لا يمكن ان اكتب كتاباً لا قول فيه كل شيئ ..الكتاب كان موجها لاخذ دروس مليئة لعلاقات الاحزاب في الديمقراطية والخروقات التي تتم في البناء الديمقراطي وتؤدي لانهياره .. فاردت ان اقول ان هذه العلاقات يجب ان تكون شراكة حقيقية في بناء ديمقراطي ليبرالي يعتمد على الحريات والحقوق دون السماح بخرقها والتلاعب بقوانينها حتى تحمي من الجميع..!!

 

آراء