حول الاعتداء على السيد مبارك الفاضل: هذا موقف معزول ولا يعبر عن سلمية الثوار

 


 

 

 

فوجئت قطاعات واسعة من الجماهير بالاعتداء المؤسف على السيد مبارك الفاضل المهدي في موكب جماهير الشعب السوداني بالقيادة العامة، وهو اعتداء لا يمكن أن يعبر عن تصرف مسؤول أو له علاقة بروح ثورة الشعب السوداني، ولابد من إدانته بأشد عبارات الادانة والشجب والتبرؤء منه كسلوك بربري لا صلة له بالتحضر أو السلمية التي أصبحت العلامة الثورية المعبرة عن ثورة دسمبر المجيدة وثوارها الأصيلون.

لقد حذرنا من قبل عبر مقال باسم (things are moving very fast) أشرنا فيه إلى أن هناك من يبيت النية على أخذ القانون بيده، وأننا وقفنا على نداء غريب من نوعه بنفس العنوان الانجليزي أعلاه، يدعو فيه كاتبه أبناء عمومته للاستعداد وشحذ أسنة (النصال الحادة) للانتقام لذويهم الذين أبادتهم قوات نظام الانقاذ، ونبهنا إلى ضرورة أن ينتبه شعبنا الذي من الواضح أنه سيقدم وللمرة الثالثة ملامح ثورة سلمية حضارية كتجربة فريدة في المنطقة العربية والأفريقية في كيفية منازلة الديكتاتوريات، وأن عليه أن يكون أكثر (حضارة) تجاه التعامل مع من تورطوا من (قيادات) وقواعد النظام وعضوية كل الذين ساندوه منذ لحظة إنقلابه الفاشي وحتى الآن!، خاصة بالنسبة لأسرهم وأبنائهم وأطفالهم، وقد نبهنا لذلك باكراً، حتى نقطع الطريق أمام الغضب (الكظيم المشروع)!، ولكن على ثورتنا الأبية أن تترك أمر الاقتصاص لمن يهمهم الأمر في دوائر العدالة والقانون، وألا نأخذ القانون بأيدينا فنضيع من أمر ثورتنا المستنيرة ،، ونبهنا (شباب) هذه البلاد الطيبة السمحة المتسامحة، بأن هناك قضاء وطني سيكون مستقلاً ووطنياً صميماً وكفيلاً بأمر ترسيخ العدالة والاقتصاص وهو من الثورة وسيقف بجانب استرداد الحقوق بعدالة ودون تشفي، ،، فالنترك له أمور أن يأتونا بحقوقنا المشروعة غير منقوصة، في ما يتعلق بما علق بالنفوس المشروعة من غل وأحقاد ومرارة، وألا نطلق العنان للتشفي والانتقام، وهو ما سيخصم من رصيد ثورتنا المجيدة، تلك التي أذهلت شعوب المنطقة والعالم بسلميتها التي تخصصت في منازلة الديكتاتوريات الفاشية مهما تسلحت وتجبرت وتغطرست، حيث علمتوها يا شباب البلاد وأفهمتوها أنها في نهاية الأمر إلى مزبلة التاريخ زائلة، بعد عام أو ثلاثين أو مائة عام! ،، ونادينا أبناء شعوب السودان سواء هنا في العاصمة أو نواحيها أو في محيط دارفور والانقسنا في جبال النوبا وجنوب دارفور ، بأن يكونوا رحيمين وإنسانيين ومستنيرين تجاه عدوهم وألا يسمحوا ( للغل المشروع) أن ينفلت من عقاله!،، فحتى هند آكلة الأكباد في عصر الرسول الكريم عادت ودخلت الاسلام بعد أن مضغت كبد أحد أشرف رموز الاسلام ،، وقلنا هلم يا شعبنا الذي هزم القلاع ،، المجد لك والفذ لك ،، كن كريماً ورحيماً بثورتك الغالية. فمن يناصرنا؟سوى الصبر على المكاره وكظم الغيظ!.
قلنا ونقول ذلك حماية لأرواح حتى أولئك الذين ارتكبوا حماقات وجرائم إنسانية في حق ضحايا الشعب السوداني وانتهاكات حقوق الانسان، فما بالكم بالذين لا جرم جنائي بالنسبة للذين لم يمسوا أشخاصاً بسوء معلوم سوى أنهم ناصروا الديكتاتورية الفاشية المتأسلمة واستوزروا أو انضموا لمؤسساتها، وساندوا طروحاتها، لا أكثر ولا أقل، ومثل هذا ينطبق على قطاعات واسعة، حيث صحح الكثير منهم مواقفهم وانحازوا للشعب ولثورة الشارع والتزموا جانب الثوار، وهو ما فعله بالضبط السيد مبارك الفاضل، فأي ذنب جناه وهو الذي انضم لموكب الثوار بالقيادة العامة تعبيراً عن موقف اتخذه مواصلاً للمضي قدماً في مساندة الثورة حتى لحظة إنتصارها النهائي؟!. ثم يبقى الحكم علي مثل هؤلاء وعلى مواقفهم السابقة مستقبلاً حسب مجريات الأمور ،، وكل نفس بما كسبت رهينة!.
إن علينا الترحيب بكل فرد أو جماعة تتخذ موقاً نبيلاً تجاه ثورتنا، وأن واجب الثوار أن يتقدموا خطوتين حيال من يتقدم خطوة تجاههم في سبيل الانحياز لهم!، ولا يمكن أن نخذل أمثال هؤلاء في سماحة ومروءة ثورة الشعب المتحضرة، وأن نشكك في أمر وعيها وحسن تصرفها في حدود القانون والعدالة خلافاً لما كان يتم خلال 30 عاماً من عمر نظام متجبر وعدواني تجاه الشعب والوطن وهو الذي فرض قوانين الغابة وحيواناتها المتوحشة المتنمرة!.
لقد عاشت ثورة الشعب المتحضر لأكثر من مائة يوم لم تشهد فيها الشوارع ولو حادث معزول مثل الذي حدث وسط الجموع في موكب القيادة العامة، ولكل ذلك فإننا نستبعد أن يكون ما تعرض له السيد مبارك ناتجاً عن تصرف يتحمل وزره ثوار ديسمبر، حيث أن الشكوك ستظل تحوم حول (مندسين) بحق وحقيقة في أوساط الثوار لتخريب الوجه السلمي للثورة وتخريب وتشويه سمعة سلميتها، وهو تصرف غير مستبعد من أنذال نظام المتأسلمين الذين عايشهم الشعب طيلة هذه السنوات الممتدة وخبر طرق تفكيرهم وخبثهم في الالتفاف والمكر وتخريب المواقف!.
ومن المؤكد أن النظام وبعد أن أعياه التفكير في كيفية الخروج من النفق المظلم، الذي وجد نفسه فيه يحاول بكل ما يملك من وسائل للجوء إلى مثل أن يزرع المخربين في أوساط الثوار!.
نرجو ألا يكون السيد مبارك قد أصابه مكروه، جراء هذا الاعتداء الآثم الذي لا يشبه روح الثوار وأخلاق الشعب، كما ننبه جماهير الثورة لرفع الوية اليقظة والحذر تجاه المندسين في أوساطهم ،، هذا والحلم عند الغضب ،، وتسقط بس!.

helgizuli@gmail.com
/////////////////

 

آراء