خترفات ود أمنة

 


 

خالد البلولة
3 February, 2023

 

المشهد الأول :-
في ١٩٩٨م نصب صيوان كبير فى ساحة من ساحات مدينة الدمازين فى جو خريفي مشبع برائحة الدعاش يفتح الروح ضلفتين،وذلك احتفاءا بزيارة الفريق جورج كنقور اروب نائب رئيس الجمهورية يومذاك الى ولاية النيل الازرق،كنت محظوظا أن اكون ضمن وفد تلفزيوني ضم المصور عبد الرحمن عمر والمذيع عادل فارس الفتى الابنوسي(كنت حديث عهد بالتلفزيون القومي) وأخرين نسيتهم وهى المرة الاولى التى ازور فيها تلك المدينة البكر التي أرهقتها الحروب العبثية، هدف اللقاء للاستمتاع الى الصوت الشعبيى الذي يمثله زعماء القبائل والعشائر واعيان الولاية،ومنظمات العمل التطوعى التى تنشط هناك،اذكر جلس على يسارى رجل فنجاوى معتق وشاب مليح يبدو من فرفرته وتساؤلاته ناشط فى الفعل الثقافي والسياسي عندما فتح جورج كنقور باب الاسئلة والنقاش ،حاول الشاب الذي يجلس بجوارى ان يدلىً بدلوه،فى اللقاء السياسيى مع جورج كنقور،فاذا بالرجل يطلب منه أن يجلس يحاول الشاب ان ينتزع فرصته ويصر الرجل على منعه قلت له (يا حاج اكيد عنده رأى داير يقوله !)نظر الي العم نظرة لم اتبين مغزاها ،قائلا (انت بتعرفه ؟)قلت :(لا والله) قال:(ده مراة واحدة ماعنده شن الرأي ليه!)قلت له:(وده علاقته شنو بالكلام الحاصل هنا ده - اقصد لقاء سياسي-؟)
استعدل عمك فى جلسه وقال :(النسوان دايرات زول حكيم وغشيم ويحسم الامور ،والراجل البعرس اكثر من واحدة معناه عرف إحن ومحن النسوان وبعرف يتعامل معاهن كيف، وبكون عنده هيبة فى المجتمع ، هسه الجنا مراة واحدة ماعنده باقى ليك عنده رأي ؟).
المشهد الثاني:-
من ضمن الفعاليات وقتها تخريج طلاب جامعات من دورة للدفاع الشعبي شهدها جورج كنقور، وبعدها بدأ عادل فارس فى كتابة خبر التخريج، حتي يلحق النشرة بامدرمان وطلبنا منه التاكد من سلامة اللغة وقال بظرافته المعهودة ولطفه المعروف وشخصيته المرحة (انا بتاع عربي جوبا ساااااي)وبدا يقرأ الخبر علينا حتى وصل(وقام جورج كنقور بتكريم الطلاب (المتبرزين) فى مناشط البيادة الخ وهو يقصد المُبَرَّزين اى المتفوقين،فقلنا له ساخرين اذا كتبته بهذه الكلمة ستجد المذيع الذى يقرأ الخبر يضع ابهامه وسبابه على أنفه استغرب متسائلا ليه ؟وشرحنا له معنى الكلمة ،فانفجر بالضحك قائلا(ديشااااك)
اخيرا :-
انتهينا من تغطية ما ونريد اللحاق بتغطية اخرى ،تحرك موكب نائب الرئيس،لم اجد سيارة التلفزيون ، فجأة لمحت المصور عبد الرحمن عمر يركب فى سيارة حكومية في المقعد الامامي مع السائق،ناديت بصوت جهور توقفت السيارة ،فتحت الباب الخلفي وجدت على الجهة اليمنى راكبافقلت له:(لوسمحت قرصة؟)فتحرك الرجل الى الجهة اليسرى،وركبت لجواره تاني توقفت السيارة وناداني عبد الرحمن عمر (تعال اركب جنبي عندنا شغل نتناقش فيه)ومال على قائلا بصوت هامس(الراكب وراءنا ده نائب الوالى ،تقول ليه لو سمحت قرصة؟)ويضحك
شكر مستحق :-
في تلك الرحلة ادركت الجهد الذى يبذله العاملون في الاخبار خاصة عندما يرافقون مسؤولا كبيرا،هينا لينا متبسطا مع الناس يجالسهم يوانسهم وهنا يصعب ضبط البرنامج المعد، للزيارة فى هذه الرحلة أصبت بالملاريا وكادت تفتك بي ومع ذلك كنا نسابق الزمن لملاحقة تحركات المسوولين،كنت اطعن بحقنة الكلوركين ونواصل فى العمل،وهنا تظهر شخصية الاخ عبد الرحمن عمر،يوميا يستفسر عن الصحة والاحوال ويذهب للصدلية يشتري الدواء ويهتم بالوجبات الجيدة ويشترى العصائر...هذه الرحلة مضي عليها ربع قرن مازالت عالقة فى ذاكرتي ..

khalidoof2010@yahoo.com

 

آراء