خترفات ود امنة

 


 

 

ذكريات المدرسة الابتدائية
*كانت المدرسة الابتدائية علامة فارقة في حياتى تحولنا من الخلوة (كانت كئيبة جدا) الى المدرسة،تكون الزى المدرسى من القميص باللون الأبيض مع الرداء الأزرق والمدرسين كانوا على قدر كبير من الاناقة ،ولهم مكانة وتقدير عند قطاعات المجتمع كافة وغناء البنات لهذه الشريحة الهامة يؤكد ذلك :-
يا ماشى لباريس ***جيب لى معاك عريس
،شرطا يكون لبيس ***من هيئة التدريس
*كانت وجبة الفطور التي تعد للمدرسين نموذجا مغايرا للذي نراه في بيوت القرية ،الا فى المناسبات الكبيرة كالزراج او زيارة مسؤول كبيرة (كالكبدة،الرغيف،المربى،الطحنية )واصناف من اللحوم طبخت بطرق مختلفة كل هذه الاشياء كونت صورة ذهنية عندي نحو المدرس يومذاك .
*كنت طالبا عاديا من الناحية الاكاديمية لم أكن مميزا، ترتيبي في الفصل بعد العشرة الاوائل وقبل العشرين ومرة واحدة تجاوزت الثلاثين بست ارقام،لا اعتقد في جيلنا من خطط لحياته خاصة منذ المرحلة الابتدائية،وكانت احلامنا محصورة في أشياء محددة واعرقد هذا اغلب تصور التلاميذ حينذاك. *وانا تلميذ بعد،كان غاية امنيتى أن أكون مدرسا وذلك يعود لاسباب متعددة منها ان اخى الكبير كان معلما يعمل في قرية تبعد عنا قليلا ويقضى الاسبوع كله هناك ويأتينا كل الخميس و عندما يأتي كان ينوم ويصحا على كيفه ولا يستطيع أحد في البيت ان يزعجه،كنت الاحظ أن له تقدير مميز وخاص في بيتنا وبين عائلتنا الكبيرة واهل القرية عامة.
*وكان المدرس بشكل عام وقتذاك له إحترامه وتقديره وهيبته بين الناس عامتهم وخاصتهم،وكانت الاسر اذا استعصى عليها توجيه ابنها يجدون بغيتهم فى المعلم (والله اكلم ليك استاذ فلان) واذا قيل ذلك حسم الأمر وكثيرا ما نسمع عبارة (ليك اللحم ولينا العضم)هذه المواقف وغيرها شكّلت عندي صورة ذهنية اسطورية لشخصية المعلم.
*كنا فى المدرسة الابتدائية لا نمر بالشوارع التي يتوقع ان يمر بها المدرس ،وسمعت احد اساتذتنا يقول:(اذا شفتونى من مسافة كيلو تقيفوا)ونحن نقيف اذا لمحناه من اى مكان ونتوقع العقوبة اذا لم نفعل. يومها لم نسمع بامرأة جاءت المدرسة تشتكي معلما او سمعنا بتلميذ يشتكي معلمه لأهله و يعد هذا عيبا كبيرا واذا طٌلب منك احضار ولي أمرك يقول ليك امشى المدرسة انا جاي وقبل ان يُسمعُ اليك تنال علقة ساخنة ثم يُسمعُ بعد ذلك سبب حضور ولي الامر.
*اذكر في المرحلة الابتدائية رأت ادارة المدرسة أن توزع التلاميذ الممتحنين الشهادة الابتدائية لمجموعات دراسية فى عدد من المنازل تحت اشراف المعلمين كل اربع او خمس مجموعات توزع في بيت ويشرف عليها معلم قريب منها جغرافيا وكان معيار التوزيع حسب صلة قرابة المعلم من بيت الاسرة بالاضافة للموقع الجغرافي لسهولة المتابعة والاشراف وهي اشبه بليالى المذاكرة في المدرسة و تتم عقب المذاكرة لمدة ساعة او تزيد ويتوقع مرور المعلمين في اى لحظة على المجموعات.
في ليلة من الليالى مر علينا احد المعلمين ووجدنا مجموعتنا (تتونس) وحصر أسماء التلاميذ وقال :نلتقى في الطابور غدا) لم ننم ليلتها، واقترح أحدنا ان نذهب لفكى دريج يعملنا لينا (بخرة)وهي عبارة عن تعاويذ نعتقد يومذاك انها تمنع عنا اى مكروه وانتخبنا مجموعة لمقابلة الفكي وكتب بخرة (كاربة) وقال:(نوموا ساااى و(الحبة)ماتجيكم)ذهبنا الى المدرسة فى الصباح الباكر وانتظم الطلاب، فى الطابور وبدات النظافة الشخصية وتفتيش الملابس الداخلية والاظافر وحلاقة الشعر، ونسمع ضابط الطابور (صفا انتباه صفا انتباه على الفصول يمين دور)اثناء اتجاهنا نحو الفصول احد التلاميذ المجموعة المتهمين ينادى زميله الاخر (بخرة كاااربة).فاذا بصوت من داخل مكتب المعلمين(طابور مكانك) وجم الجميع توقف سير الطابور ،فاذا بالمعلم يحمل حزمة من اغصان شجر النيم وبدا يذيع فى اسماء التلاميذ واصطف طلاب الصف السادس استعدادا للامساك بالتلاميذ المتهمين للجلد وشرح المعلم سبب العقوبة وقال:(كمان جابت ليها مشى لشيوخ وكتابة بخرات)وبدا المعلم الجلد وبصوت جهير (جابت ليها دجل شيوخ).واحد التلميذ (والله يا أستاذ البخرة طلعت فالصو)
الأستاذ: عرفتها كيف فالصو؟
صوت التلميذ :(قروشنا راحت ساااى.
واخر :- (تبنا لله والرسول)
واخر: (والله كله من هناى ده).

khalidoof2010@yahoo.com
/////////////////////

 

آراء