خطاب حمدوك الكارثة والتعهدات الكاذبة

 


 

 

 

هم يكذبون على السودانيين دائما .. نعم إنهم يكذبون عليهم في كل محفل ومظهر سياسي جديد، كل من يعتلي منصة الخطابة، وكل من يعتلي مناصب المسؤولية والوظيفة العامة، فقد كثر كذبهم، لدرجة انه يقال- "كذب سياسيو السودان ومسؤوليه حتى ولو صدقوا". إنهم يبيعون الوهم والآمال الواهية للثوار الذين ضاقت بهم الطرق والسبل، انه زمن قلة الحياء السياسي.

أطلق رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك يوم الإثنين 29 يونيو 2020م، تعهدات بتنفيذ حزمة مطالب دفعت بها لجان المقاومة وتنوي تعزيزها بمواكب حاشدة الثلاثاء بتأييد قوى سياسية عديدة، كما أعلن عن قرارات حاسمة تمس مفاصل الاقتصاد والسياسة.
وقال عبد الله حمدوك، في خطاب إلى الشعب، بُث على القنوات الرسمية، رصدته "سودان تربيون"، مساء الاثنين: "اؤكد أن كل المطالب هي مشروعة واستحقاقات لازمة لا مناص عنها من أجل وضع قاطرة الثورة في مسارها الصحيح. وستعمل حكومة الفترة الانتقالية على تنفيذها بالشكل الأمثل خلال الأسبوعين القادمين، متوخيين في ذلك التوصل الي أعلى درجات التوافق والرضا الشعبي".
ووعد حمدوك أيضا بإصدار قرارات حاسمة خلال الأيام المقبلة، وتابع "قد يكون لبعضها إثر كبير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً" لكنه حذر من أن تقوم جهات – لم يسمها، باستغلالها لتأجيج وصناعة حالة من عدم الاستقرار.
وأردف "انني أدعوكم جميعاً، لتوخي اقصى درجات اليقظة والحذر ... سنعبر وسننتصر بوحدتنا وبتمسكنا بأهداف ثورتنا المجيدة".
وقال رئيس الوزراء: "إن التوازن الذي تقوم عليه المرحلة الانتقالية التي تحاول حكومة الثورة ادارتها، توازن حساس وحرج. وانه يمر بين كل حين وآخر بكثير من المصاعب والهزات التي تهدد استقراره، وتتربص به قوى كثيرة داخل وخارج البلاد تحاول إعادة مسيرتنا الي الوراء".
وأضاف: "ما أؤكده واعد به باننا قد نتعثر ولكننا لن نعود إلى الوراء. إنني أُعيد التأكيد على التزامات الحكومة المبدئية بتحقيق العدالة والقصاص الذي يضمن عدم تكرار الجرائم التي تم ارتكابها خلال الثلاثين عاما الماضية".
وأفاد بأن حكومته ستحارب سياسات الافقار المنظم التي انتهجها نظام الرئيس المعزول عمر البشير لصالح سياسات اقتصادية متوازنة تضمن التنمية وعدالة توزيع الموارد وتوفير الخدمات الاساسية للجميع.
وقال إن حكومته تعمل على "تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في السودان والسعي لإسكات صوت الرصاص وجدل البندقية في الساحة السياسية السودانية الي الابد، وضمان سيادة حكم القانون والعدالة في ربوع البلاد بشكل جذري لا مساومة ولا تهاون فيه".
وناشد رئيس الوزراء المحتجين بتوخي الحرص وإتباع الإرشادات الصحية التي تساهم في الوقابة من زيادة انتشار فايروس كورونا، وأشار إلى يثق في "يقظة الثوار وتمسكهم بسلاح السلمية الذي انتصرت به الثورة في مواجهة القوى الظلامية"، في إشارة إلى نظام البشير.
عزيزي القارئ..
يقال إن الكذب السياسي هو اخطر أنواع الكذب لأنه يعمد إلى تضليل الشعب بأكمله ولا يقتصر على أفراد أو جماعات بعينها، فكيده عظيم وكبير، والأخطر من ذلك أن يستمر الكذاب في كذبه ويجد تبريرا له على نحو ما يفعل السيد حمدوك.
ولأن خطاب السيد عبدالله حمدوك، كان كارثيا واستهباليا. فسنعدد بعجالة الأكاذيب التي وردت في هذا الخطاب.
الكذبة الأولى:
قال عبد الله حمدوك، "اؤكد أن كل المطالب هي مشروعة واستحقاقات لازمة لا مناص عنها من أجل وضع قاطرة الثورة في مسارها الصحيح. وستعمل حكومة الفترة الانتقالية على تنفيذها بالشكل الأمثل خلال الاسبوعين القادمين".
الكلام أعلاه فيه كذب عظيم. فحكومة الفترة الانتقالية عمرها سنة تقريبا، فإذا لم تنجز شيئا -أي أن انجازاتها اصفارا كبيرة على اليسار.. فكيف لها أن تنفذ مطالب الثوار في خلال أسبوعين.. وأليس هذا الكذب تنطبق عليه مقولة جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازي القائلة "إكذب إكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم إكذب أكثر حتى تصدق نفسك."؟
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
الكذبة الثانية:
ووعد حمدوك أيضا بإصدار قرارات حاسمة خلال الأيام المقبلة، وتابع "قد يكون لبعضها إثر كبير سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".
إذا كان في جعبة عبدالله حمدوك قرارات حاسمة وقوية كما يدعي ويزعم.. فلماذا لم يعلن عنها في خطابه المتلفز؟
أليس عدم اعلان حمدوك عن قراراته المزعومة في خطابه الدغدغي، دليل فشل، وربما دليل عدم وجود أية قرارات أصلا لإعلانها، مما يعني أنه يكذب بقصد الخداع والغش؟
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
الكذبة الثالثة:
يقول السيد حمدوك وهو يقدم خطابه من برجه العاجي. إنني أُعيد التأكيد على التزامات الحكومة المبدئية بتحقيق العدالة والقصاص الذي يضمن عدم تكرار الجرائم التي تم ارتكابها خلال الثلاثين عاما الماضية.
بالله عليكم!!
كيف ستتحقق العدالة والقصاص من القتلة والمجرمين من رجال النظام السابق، وقد تم اعتقالهم وايداعهم المعتقلات، بتُهم تافهة وسطحية "كحيازة عملات أجنبية والفساد المالي والمشاركة في انقلاب 1989م وولخ، بينما ترفض الحكومة الانتقالية تسليم هؤلاء المتهمين للجنائية الدولية بجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم حرب ضد الانسانية"؟
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
الكذبة الرابعة:
يقول حمدوك بأن حكومته ستحارب سياسات الافقار المنظم التي انتهجها نظام الرئيس المعزول عمر البشير لصالح سياسات اقتصادية متوازنة تضمن التنمية وعدالة توزيع الموارد وتوفير الخدمات الأساسية للجميع.
الحديث رخيص يا حمدوك .. الحديث رخيص ورخيص جدا ..حكومة فشلت أن تحارب سياسات الافقار وعمرها سنة في السلطة، كيف لها أن تحارب هذه السياسات في الأيام القليلة القادمة كما يزعم حمدوك في خطابه العاجي؟
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
الكذبة الخامسة:
يقول حمدوك إن حكومته تعمل على "تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في السودان والسعي لإسكات صوت الرصاص وجدل البندقية في الساحة السياسية السودانية الي الابد.
السيد حمدوك يعلم تمام العلم، بأن تحقيق السلام الشامل العادل والدائم في السودان، كان ممكنا لو لم تتخلى الحكومة المدنية عن (ملف السلام) وتسليمه للشق العسكري من مجلس السيادة. أما وقد أصبح هذا الملف في يد الجنجويدي محمد حمدان دقلو وبرهانه "الكوز"، فإن تحقيق السلام في السودان بالمفهوم "الدقيق" سيكون أمرا صعب الحدوث.
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
الكذبة السادسة:
تحدث حمدوك عن ضمان سيادة حكم القانون والعدالة في ربوع البلاد بشكل جذري لا مساومة ولا تهاون فيه.
جيد جدا أن يتحدث السيد حمدوك عن سيادة حكم القانون والعدالة، وكان عليه قبل كل شيء أن يعطي الناس تنويرا سريعا عن مجريات التحقيق في قضية محاولة اغتياله في الأشهر الماضية، وعن قضية فض اعتصام القيادة، وقضايا أخرى، كونوا لها العشرات من لجان التحقيق. لكنه كالعادة، اهمل المهم وتحدث في العموميات.
هم يكذبون عليهم.. نعم إنهم يكذبون نهارا جهارا..
يمكننا ذكر الكثير من الأكاذيب الواردة في الخطاب، لكن سأكتفي فقط بالتي ذكرتها، لأنها كفيلة بفضح العملاق الورقي عبدالله حمدوك الذي صنع لنفسه أجنحة الإجبار الفارغة من كل معنى.
على لجان المقاومة وكل القوى الثورية الحية، عدم الالتفات للإزعاج الذي احدثه السيد حمدوك في خطابه الكارثي، والاستمرار في المسيرات السلمية حتى تحقيق كل المطالب التي خرج من أجلها الثوار.


bresh2@msn.com

 

آراء