خطاب شباب وكوادر حزب الأمة القومي

 


 

 



الخطاب الذي طرحه شباب وكوادر حزب الأمة القومي في حفل الإفطار الذي نُظم السبت 27 رمضان الموافق 27 أغسطس 2011 في أم درمان

بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب شباب وكوادر حزب الأمة القومي

رمضان 1432ه الموافق 27 أغسطس 2011م - أم درمان   27
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ... وبعد
السيد رئيس حزب الأمة القومي، الحبيب الإمام الصادق المهدي
الأحباب والحبيبات قادة حزب الأمة القومي
السادة والسيدات الضيوف الكرام
الأحباب والحبيبات كوادر وشباب حزب الأمة القومي
سلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركات،،،
مباركٌ عليكم هذا الشهر، ومباركةٌ عليكم أُخرياته، ومباركٌ عليكم العيد، جعلنا الله وإياكم من شهوده، ومن عتقاء رمضان، ومِن مَن يمن الله عليهم بألا يجعل في صدورهم غِلا للذين آمنوا.
إننا لنرجو أن تكون لحظة تجمعنا هذه لحظةً فارقة في التاريخ السوداني تؤسس لما بعدها. لقد واجهنا جميعاً ظروفاً بالغة الصعوبة والتعقيد، ناضلنا خلالها كتفاً بكتف، وحملنا أرواحنا على أكفنا ننتظر إما الحرية والديمقراطية لنا ولشعبنا العظيم أو الموت. لم ترهبنا الاعتقالات ولا التعذيب ولا التشريد ولا المطاردة ولا ظروف الإفقار المتعمد ولا الملاحقات ولا التضييق. وخُلاصات تلك المرحلة كلها وما تلاها، كان حضوراً ضارب القوة لحزب الأمة القومي في الحركة الطالبية وفي أوساط الشباب.
ولظروفٍ كثيرة لا مجال لها الآن، إنما تمثل انعكاساتٍ مختلفة لأزمة الوطن في وجوهها كافة، اختار كلٌ منا السير في طريق مختلف بعض الشيء نتيجة تقديرات مختلفة. إننا اليوم لا نريدُ أن نخطئ طرفاً أو نضع اللوم كله على طرفٍ آخر، إنما نود التأكيد وبالصوت العالي على أولوية وأهمية توحدنا ورص صفوفنا علاوةً على نقد تجربتنا كلها نقداً ذاتياً يتسم بالعلمية والموضوعية وفقاً لمنهجٍ مؤسساتي، لأن النقد الذاتي وإعلاء قيم الشفافية والإحاطة بعناصر التقدم والتقهقر هي الخطوات الأولى باتجاه مرحلة جديدة نرجو أن نكون قد شرعنا فيها بالفعل ..باجتماعنا في هذه الأمسية.
هذه المرحلة التي نخطو باتجاهها وبشكلٍ جماعي يُسدل الستار على الخلافات بطريقة علمية، يجب أن تتأسس على حواراتٍ عميقة وشاملة ومستدامة. وإننا لنعلن من هذه المنصة تأسيس منبرٍ فكري وثقافي شبابي بحزب الأمة القومي يضطلع بهذه الحوارات وتعميق الرؤى والأفكار وصولاً إلى رؤية شاملة ومتفق عليها حول المستقبل، كما يضطلع أيضاً بتعميق وتوسعة المشاركة الشبابية في الشأن الفكري والحوار مع الآخر، وبالنظر إلى مستقبل الوطن في أوجهه كلها بطريقة علمية وديمقراطية وتعددية.
إن ما يمر به السودان اليوم بعد انفصال الجنوب والانهيارات المتتابعة للدولة والمجتمع، وما تمر به المنطقة بأسرها من تغييرات عميقة، وما ينتظم العالم كله من تحولات فكرية واقتصادية وسياسية ومعلوماتية وتكنولوجية وعلمية،  يحتم علينا أن نستجيب لداعي التغيير،تغيير أشكالنا ووسائلنا التنظيمية وتغيير لوائحنا الداخلية ودستورنا وتغيير برنامجنا وتغيير خطابنا  ليتسق مع مطلوبات المرحلة المقبلة من أجل تلبية ضرورات حيوية الأجهزة الحزبية وفاعلية العمل السياسي ودور الفكر وتجديد الدماء لكي يتناسب كل ذلك مع تطلعات الأجيال الجديدة في مشاركة أكبر وأكثر فاعلية في صنع القرار وفي العمل السياسي في أرفع مستوياته، وتتسق مع التغييرات المحيطة بنا لنضع حزبنا على سكة المستقبل وليكون بالفعل حزب المستقبل كما كان دائماً هو الحزب الذي يراهن عليه السودانيون لقيادتهم في المنعطفات الكبرى في تاريخ هذا الوطن.
وهذا ما يقودنا مباشرةً إلى الحديث عن اللحظة الوطنية الراهنة شديدة الخطورة. إن قرار حزبنا واضح إما قبول المؤتمر الوطني بالأجندة الوطنية كاملة غير منقوصة ومؤداها تحوّل ديمقراطي حقيقي وشامل، أو مواجهته والعمل علي إسقاطه بالأساليب المشروعة كافة لوضع نهاية لهذا العبث.
ومنذ إعلان هذا الموقف مطلع هذا العام ظل النظام يناور حول الإصلاح تارةً، ويهجم على الحريات العامة تارةً أخرى، ولم يقدم على تنفيذ أي خطوة تبرهن على حسن نواياه باتجاه الإصلاح الشامل والتغيير، كما رفض أهم بنود الأجندة الوطنية، وهي تشكيل حكومة قومية انتقالية تُعنى بمهام فترة انتقال حقيقية، وهذا في عرفنا يعني رفضاً كاملاً للأجندة الوطنية من قِبل النظام.
لقد بدا واضحاً جلياً أن النظام  لم يقرأ التاريخ جيداً، ولا هو قادر على الإصغاء إلى الصوت العميق الهادر القادم من مجرى تاريخ المنطقة الذي يتحوّل ويتشكل هذه الأيام، وهذا كله يرسخ قناعتنا بأن الخطر الكبير على الأمة السودانية واللحمة الوطنية لم يكن انقلاب الإنقاذ نفسه، ولكن الخطر الكارثي الأكبر هو استمراره في السلطة.
نعم بقاء الإنقاذ في السلطة أكثر من هذا يعني بلوغنا الدرك الأسفل من جحيم الحياة على كل مستوياتها. وسيكون تأخرنا عن إسقاط الإنقاذ مذمة تاريخية تحيط بحزب الأمة القومي، وسيصيب الأساس الذي قام عليه الحزب في مقتل. إن تكلفة بقاء الإنقاذ أكثر من ذلك ستكون أعلى من تكلفة أيّ خيارٍ آخر.
وعليه فإننا نري أن نمهل النظام فترة محددة ونهائية وقاطعة للقبول بالأجندة الوطنية كاملة بآلياتها وضماناتها المشددة الكافلة لتحول ديمقراطي شامل بدءً بالحكومة القومية الانتقالية وانتهاءً بالإجماع الوطني حولها والتي تعني تفكيك حكومة ودولة الإنقاذ بالنسبة لنا.
وإن سدر النظام في غيه ولم يستجب لداعي التغيير وحق هذا الشعب في العيش بكرامة ودون وصاية فإن علينا أن نواجه ذلك التعنت بقرارٍ حزبيٍ حاسمٍ واضحٍ وصريح بإسقاط نظام الإنقاذ وإزاحته عن سدة الحكم مسنودين بمشارع الحق وقوة الجماهير وبدافع حتمية انتصار المظلومين وبسيرة ملأى بالفداء والتضحية والوطنية الحقة.
نعم سنواجه الإنقاذ في كل الشوارع في مدن السودان وقراه وأريافه وأحيائه، والنصر سيكون مسألة وقت لا أكثر. وهذا موقفنا المبدئي تجاه شعبنا الكريم.
وإننا على ثقة تامة بقدرتنا، متحدين، على فعل ذلك وعلى المشاركة الفاعلة في صناعة التغيير الشامل بمعانيه كلها التي تؤسس لوطن مختلف ومغاير. هذه الثقة متولدة عن رأسمالنا التاريخي العظيم، ومن رصيدنا الاجتماعي الكبير، ومن إسهاماتنا الفكرية الضخمة، ومن قدراتنا الذاتية الهائلة والاختبارات التي اجتزناها بالإرادة والعزم والفكر.
وإننا لنؤكد لك الحبيب رئيس حزب الأمة القومي في هذا المقام أن الشباب الذين تبعوك إلى بيوت الأشباح والمعتقلات، وكنت إمامهم وأمامهم في التشريد والاعتقال والتعذيب، وكنت إمامهم وأمامهم في سنوات الجمر، وكنت إمامهم وأمامهم في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإمامهم وأمامهم في الأصالة والمعاصرة، وفي المزاج السوداني، وفي إعلاء قيم الحوار كوسيلة مثلى لادارة الاختلاف.  إننا نؤكد لك ..لو كنا خذلناك طيلة فترة النضال لخذلناك الآن.. ولكن هيهات.. فإنّا نشهد لك بأنك كنت باراً بوطنك، مستقيم السيرة سعيد الأثر، لذلك انتخبناك، ولذلك وفاءً للسير المستقيم والأثر الأسعد ومن أجل إحقاق الحق ومن أجل هذا الوطن العظيم وشعبه الكريم قررنا الالتقاء فوق اختلافاتنا وتحت الوطن...والله لو خضت بنا البحر خضناه معك ما تخلف فينا أحد، وما وقف في وجهنا من ملة الاستبداد أحد..والله أكبر ولله الحمد.

 

آراء