النصيحة التي قدمها مركز (بلبج) الأمريكي لمشائخ دينكا نقوك ذكرتني بنصائح أمريكا للعراق قبل غزو الكويت، إذ قادت تلك النصحية أو إيماءة السفيرة جلاسبي إلى الحرب مباشرة. نصيحة مكتب بلبج إزاء دينكا نقوك لإنفاذها، فلا شيء يمكن أن يتوقع سوى تجدد الحرب في تلك المنطقة، وبيسر يمكن أن تقود لحرب شاملة بين الشمال والجنوب.
يقول الخبر: «إن مكتب محاماة أمريكي يدعى بلبج، نصح الحركة الشعبية ودينكا نقوك بإجراء استباقي لاستفتاء الجنوب، يعلن بمقتضاه تقرير مصير أبيي من قبل المشائخ قبل التاسع من يناير. أي قبل استفتاء الجنوب، بحيث يمكنهم بعد هذه الخطوة أن ينضموا للجنوب، ناقلين كفالتهم بأنفسهم للدولة الجديدة بالجنوب»!! هذه الإفادة غير القانوينة من شأنها نسف استفتاء الجنوب لثلاثة أسباب: الأول أي إجراء أحادي من أي طرف من شأنة نسف اتفاقية نيفاشا، ووقتها ليس من بديل سوى الحرب. الثاني أن القضية في جوهرها ليست قانونية، ولو كان القانون يحسمها لحستمها لاهاي بجهابزة قضاتها. القضية في جوهرها سياسية، وتحتاج لحل سياسي، ولكن سياسة فرض الأمر الواقع نتيجتها وحيدة وهي إشعال الحرب. السبب الأخير أن القضية تتعلق بالأرض والشعب، فكيف يمكن نقل أرض دون شعب أو شعب دون أرض إلى دولة أخرى؟ تحت أي فتوى قانوينة؟ وهل لهذه الخطوة سابقة فى تاريخ الدول؟. نمضي الآن وبهدوء لإجراء استفتاء الجنوب، وقد تراجعت المخاوف وهدأت الأحوال قليلاً، فلماذا الإسراع إلى الحرب؟ لقد ظلت أبيي موجودة في فضاء الدولة السودانية لقرون، فماذا سيجري إذا تأخرت قليلاً قبل الرحيل لدولة أخرى؟. قاتل الله العجلة!!. هل الحركة مستعدة للمجازفة بتقرير مصير الجنوب الذي تبقت له أيام بسبب أنها تحصلت على فتوى لصالح دينكا نقوك.؟. ليس من سبيل لأخذ أبيي بالقوة، كما لا يمكن الاستيلاء عليها بالحيل القانونية. مزيداً من الحوار ومزيداً من الصبر كافيان لحلحة عقدة أبيي. على الحركة ألا تهدر منجزاتها التاريخية بسبب أن مجموعة من أبناء أبيي بقيادتها في عجلة من أمرهم للالتحاق بالدولة الجديدة. سوف لن تكسب الحركة إذا ما اندلعت الحرب، ولن يكسب دينكا نقوك استقراراً، ولن يكسب أحد من الحرب شيئا!!.
حنان النيل تنظر بغضب للسمتقبل
يا ترى من هو العبقري الذي أفتى لحنان النيل بحرمة الموسيقا؟. لقد خسرت حنان النيل نفسها وخسرناها كفنانة. وكثيرون فعلوا مثل فعلها لكنهم لم يسخروا أنفسهم للعداء للفنون. إن موقف الفنانة سابقا حنان النيل من جامعة المستقبل لأمر محير. طارت الصحف اليومين السابقين بخبر الموقف الغريب لحنان النيل من تدريس الموسيقا لطلابها وهي التي استقدمتها الجامعة خصيصا لأداء تلك المهمة، ولكنها رفضت أداءها بفتوى تحريم الموسيقا، ومن ثم طفقت تهيل الاتهامات لجامعة المستقبل (كمبيوتر مان سابقا). فكيف يا ترى تقبل حنان وظيفة في جامعة محترمة ثم ترفض أداء مهامها؟. جامعة المستقبل بكل المقاييس هي في الوطن علامة. ولقد كنت قريباً من تجربتها منذ العام 1991 حين بدأ أستاذنا الدكتور أبوبكر مصطفي يطلق حزمة أفكاره النيرة حول تطوير التعليم التقني بما يواكب العصر، وظل يصعد بالتعليم التقني من خلال تجربته الثرة في كمبيوترمان إلى آفاق رحبة، حتى وصلت لجامعة، حينما أجيز قانونها في البرلمان قبل أسبوعين. استطاعت كمبيوترمان خلال فترتها الوجيزة أن تصنع لنفسها مكانا مرموقاً، ليس في الوسط التعليمي بالسوان، بل أصبحت رمزاً للسودان في العالم. الذين يتابعون تجربة جامعة المستقبل وما استطاعت أن تنجزه في بناء علاقات واسعة مع علماء ظلوا يتوافدون على السودان تحت عنوانها، يدركون أن بناة المستقبل إنما ينطوون على أفكار كبيرة تسهم في بناء الوطن أكثر من التفاتهم لهذه المماحكات الصغيرة.