خليل والشروط المستحيلة!!

 


 

 

 

زفرات حرى

الطيب مصطفى

 

eltayebmstf@yahoo.com

لم يعجبني تهافت الحكومة وفرحها الغامر لمجرد أنها وقعت إتفاقاً إطارياً مع حركة العدل والمساواة لايختلف عن إتفاق مشاكوس الإطاري الذي أمضت الحكومة، وحركة، قرنق بعده ثلاث سنوات «في اللت والعجن» حتى وقعت نيفاشا فمن شأن ذلك أن يعطي إشارة خاطئة لحركة خليل إبراهيم ويجعلها تتعنت عند الدخول في نطاق شيطان التفاصيل، فها هو خليل يشترط وقف التفاوض مع الحركات الأخرى التي تقيم بعضها في نفس الفندق الذي يستضيف حركته التي بالقطع لا تعبر عن كل حاملي السلاح بمن فيهم عبدالواحد محمد نور والتيجاني سيسي اللذين يعبران بدورهما عن جزء ضئيل من قبيلة الفور بأكثر مما يعبر هو أو حركته.. ثم من حق الناس أن يسألوا أين القبائل العربية التي تشكل أكثر من نصف سكان دارفور الكبرى؟! ألا يعنيهم أمر التنمية في دارفور؟! ألم يعانوا كما عانى الآخرون رغم تجاهلهم من أمريكا وصويحباتها!!

 

مهما أفرط الناس في التفاؤل فإن من حقي أن أتفاءل بحذر وأقول إن من ظنوا إن التوقيع مع مناوي سيكون نهاية المطاف لمشكلة دارفور إكتشفوا بعد حين عدم صحة تقديراتهم وأن أصحاب الأجندة الخارجية هم الذين يحددون متى تنتهي أزمة دارفور وأؤمن أن إسرائيل وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وبعض دول الجوار من الممسكين بالقرار لدى الفصائل المسلحة لا يزالون يعملون على تحقيق أجندتهم من خلال أسرى فنادق الخمسة نجوم فهلاّ التفتنا إلى الفيل أو الأفيال بدلاً من ظلالها؟!

 لا أظن أن أذكى كوادر الإنقاذ وأكثرها خبرة وقدرة على التفاوض د. غازي صلاح الدين يحتاج مني إلى تذكير بأكثر من التحذير من الإنبطاح الذي كلفنا ولا يزال كثيراً في نيفاشا وأبوجا وغيرهما.

إن من أمضى أسلحة الحكومة وهى تفاوض خليل هو شرط عدم الاعتراف بالفصائل الأخرى بما فيها عبد الواحد نور أن تطلب منه ضماناً وإثباتاً لصحة إدعائه بأنه يمثل جميع الفصائل المسلحة، وذلك من خلال تعهد منه بأنه سيوقف الحرب في دارفور وسيجبر الفصائل الأخرى على الانخراط تحت لواءه وأنه المسؤول عن خوض المعارك ضد الآخرين وارغامها على التسليم والقاء السلاح.. أما الإذعان لشروطه وركل الحركات الأخرى فإنه لن يكون أكثر من تكرار لقصة مناوي الذي لم يفعل شيئاً غير الجلوس في القصر وحمل سلاح المعارضة من داخله بينما ظلت الحرب مشتعلة في دارفور تنتظر خليلاً وعبد الواحد وغيرهما من الفصائل التي تتوالد كالأرانب كل يوم.

 خليل يتحدث حديثاً غير واقعي حين يدعي أنه يمسك كل دارفور وكل الفصائل الحاملة للسلاح في وقت تقوم فيه حركة عبد الواحد في نفس اليوم الذي طرح فيه شروطه المستحيلة بقطع الطريق ونهب المواطنين في بعض المناطق في جبل مرة!!

كان الله في عون دارفور وشعب دارفور وشعب السودان الذي يتلاعب به تجار الحرب ولورداتها.

 أبو فاطمة والتهديد بالحرب!!

 عجبت أن يصدر عن الشيخ عبدالله أبوفاطمة تصريح يطلب فيه من أنصاره تحسس مقابض سيوفهم إن لم يفز بمنصب والي البحر الأحمر في الانتخابات المقبلة!!

 الشيخ أبو فاطمة الذي أكن له كثيراً من الاحترام رغم أنه لا يزال ينتمي إلى المؤتمر الشعبي ترشح مستقلاً وهذا لعمري قرار حكيم أراد به الرجل أن يخرج من ضيق إنتمائه الحزبي الذي سيكلفه كثيراً إلى سعة الإنتماء العريض لكن أن يدعو أنصاره إلى الخروج على سلطان الدولة وإعمال سيوفهم قتلاً وسفكاً للدماء لمجرد فقدانه للمنصب يعتبر أسوأ وأخطر مما تنادي به حركات دارفور المسلحة التي تزعم أنها تدافع عن حقوق مواطني دارفور وليس من أجل ذواتهم الفانية.

 إننا نعيش من أسف في بلد الإباحية السياسية التي يهدد فيها أي شخص بحمل السلاح ولا يعتبر تهديده جريمة يعاقب عليها القانون لأن قوانيننا قاصرة وعاجزة عن الاستجابة لمتطلبات واقعنا السياسي السيئ.

 أنظروا كيف أحدثت أمريكا رغم استمساكها بالقيم الديمقراطية تغييراً هائلاً في مؤسساتها العدلية وقوانينها ـ وكذلك أوروبا ـ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وإعلانها الحرب على الارهاب وقارنوا بين حالة الأمن في أمريكا والحال عندنا نحن الذين تدور رحى الحرب في أجزاء من بلادنا ويسود الاضطراب السياسي والتدخل الأجنبي ورغم ذلك نظل جامدين وعاجزين عن التحرك لمواجهة تلك التحديات بما يناسبها من قوانين.

 لكن خبروني كيف نعدّل من قوانيننا إذا كانت مؤسساتنا التشريعية مكبلة ومعطلة عن الفعل بسبب وجود عصا الحركة بين تروس عجلة التشريع داخل البرلمان؟!

 كان الله في عون السودان وأزاح وطلق القط من الفار حتى ينعم السودان بالاستقرار ويعيش الشمال والجنوب في أمن وأمان بعيداً عن الضرر والضرار.

 إلى د. معتصم عبدالرحيم مع التحية

الأخ د. معتصم عبدالرحيم خبير تربوي ملم بتفاصيل العملية التعليمية ولا تجلس معه لتناقش أياً من القضايا إلا وتجده محيطاً بما تتحدث عنه إحاطة العارفين بتفاصيله الصغيرة والدقيقة.

 بودي أن أسأل د. معتصم وكيل وزارة التربية والتعليم عن ذلك العبقري الذي ابتدع اسم (مرحلة الأساس) بدلاً عن مرحلة التعليم الإبتدائي أو الأولي؟!

 في كل الدنيا حسب معرفتنا المتواضعة يسمون بداية التعليم النظامي بعد الروضة بالمرحلة الإبتدائية elementary أو Primary إلا في السودان الذي يتحذلق على الدوام ويأتي بالجديد الذي لم تستطعه الأوائل فأنا لم أسمع قط باسم مرحلة تعليم الأساس Basic ولا استسيغ البتة أن يقول لي التلميذ أنه في رابعة أساس لكني أفهم واعتادت أذني وأذن العالم على رابعة ابتدائي أو رابعة أولية.

 نعم إنه التعليم الأولي أو الابتدائي الذي يتلوه الثانوي فما قبل الثاني هو الأول أو البداية أما أن تقول مثلاً مدرسة (الطيب سعيد للأساس) فهذا أمر تنكره الأذن والعين وحتى اللسان أما (الطيب سعيد الابتدائية) أو (الأولية) فهو الأمر الطبيعي والطبيعي جداً.

 ثمة نقطة أخرى وهى أنني أحن ـ على أسس تربوية طبعاً ـ إلى نظام الأربع سنوات الذي يفرق بين التلاميذ على أساس السن والحجم فالفرق هائل بين بنت (فنطوطة) في السادسة وبنت (فتاة) في الرابعة عشر كما أن الفرق بين (وليد) صغير الحجم في السادسة وفتى في الرابعة عشر كبير ولا يستسيغ المرء أن تضمهما مرحلة دراسية واحدة.

 نقطة أخرى ونحن نتداوى قضايا تعليمية وتربوية أذكر أنني ناقشتها مع د. معتصم وهى قضية العشرين مادة التي يرهق بها الطالب في المرحلة الثانوية والتي أحدثت خللاً كبيراً في العملية التعليمية بشكل عام.

 علوم زراعية وتجارية وعسكرية تدرس للفتيات والفتيان هم في غنى عنها في هذه المرحلة وأحوج ما يكونون للوقت والمال المهدر فيها خاصة مع الشكوى المستمرة من الضعف في بعض المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات.

 من أسف فإن هناك خللاً كبيراً أحدثه إدخال تلك المواد التي يثقل بها الطالب وباتت المدارس تتفنن في أساليب التخلص منها وأعلم يقينا أن بعض المدارس الحكومية ناهيك عن الخاصة لا تعمل بالمنهج ولاتدرس تلك المواد فهلاّ ألغيت ضربة لازب بقرار ينهي هذه المهزلة؟!

 

آراء