داعش في السودان- الفوضى الأمنية بوابة التمدد الإرهابي

 


 

 

انتشار تنظيم داعش في السودان يأتي في سياق إقليمي متشابك، حيث أصبحت الجماعات الإرهابية أكثر قدرة على التحرك مستغلة الفوضى الأمنية وضعف المؤسسات الرسمية.
النشاط المتزايد لداعش في المناطق القريبة من السودان، خصوصًا في تشاد وليبيا، يمثل تهديدًا مباشرًا، إذ إن العمليات الإرهابية التي استهدفت قوات الأمن التشادية والأنشطة المتصاعدة لمقاتلي التنظيم في الساحل الإفريقي تشير إلى أن السودان قد يصبح نقطة عبور أو حتى ساحة استقرار جديدة لهذه الجماعات.
الفوضى الأمنية وتحرّكات داعش
السودان يعيش حالة من الانهيار الأمني الناتج عن الحرب الداخلية التي أدت إلى إضعاف المؤسسات العسكرية والاستخباراتية، مما سمح بوجود فراغ أمني تستغله الجماعات المتطرفة.
تفكك بعض الأجهزة الأمنية التي كانت قادرة على جمع المعلومات وتحليلها أتاح لداعش فرصة التحرك بحرية أكبر، خاصة في ظل صراع الأطراف المتنازعة على السلطة وانشغالها بمعاركها الداخلية.
حدود السودان الممتدة وغير المؤمنة بشكل كافٍ توفر بيئة خصبة لتحركات الجماعات الإرهابية- ضعف الرقابة على الحدود يسهل تهريب الأفراد والأسلحة، ما يمنح داعش إمكانية إدخال عناصره إلى الأراضي السودانية دون مقاومة حقيقية.
في غياب أجهزة استخباراتية قادرة على تتبع هذه التحركات، يصبح خطر توطيد التنظيم لوجوده داخل السودان مسألة وقت لا أكثر.
المقاتلون العرب وخبراتهم القتالية
إحدى الإشكاليات الكبرى في هذا السيناريو تتمثل في وجود مقاتلين من داعش من أصول عربية، خصوصًا القادمين من سوريا والعراق.
هؤلاء المقاتلون يمتلكون خبرات قتالية عالية اكتسبوها خلال سنوات القتال في ساحات معقدة مثل الموصل والرقة، وهم قادرون على تنفيذ عمليات نوعية معقدة تتجاوز إمكانيات بعض الجماعات المسلحة المحلية.
هذا العامل يجعل من الفوضى الأمنية في السودان بيئة جاذبة لهم، حيث يمكنهم إعادة تنظيم أنفسهم والانطلاق مجددًا في عمليات إرهابية تهدد المنطقة ككل.
الرؤية المدنية- ضرورة بناء أمن مستدام
القوى المدنية السودانية ترى أن مواجهة هذا التهديد لا يمكن أن تتم فقط عبر الحلول العسكرية التقليدية، إذ إن المشكلة الأساسية تكمن في انهيار الدولة وضعف الحكم المدني الذي أدى إلى غياب الرقابة الأمنية الفعالة.
الحل يكمن في إعادة بناء منظومة أمنية واستخباراتية قادرة على جمع المعلومات وتحليلها، بالتوازي مع جهود إقليمية لملاحقة هذه الشبكات الإرهابية قبل أن تترسخ داخل السودان.
*التحذير الأخير- هل السودان على مشارف معركة إرهابية جديدة؟
حرية تحرك داعش في ظل الفوضى الراهنة في السودان تعيد تكرار سيناريوهات شهدتها دول أخرى، مثل سوريا وليبيا، حيث أدى غياب الدولة إلى تحول هذه البلدان إلى ملاذات آمنة للإرهاب.
إذا لم تتخذ القوى السودانية الفاعلة خطوات جادة لمعالجة الخلل الأمني والسياسي، فقد يجد السودان نفسه في قلب معركة جديدة ضد الإرهاب، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات كارثية ليس فقط على أمنه الداخلي، بل على استقرار المنطقة بأسرها.

zuhair.osman@aol.com

 

آراء