درس جديد

 


 

صفاء الفحل
20 July, 2023

 

عصب الشارع -
الصحفي البريطاني المتخصص في الشأن الافريقي روبرت رنيوبريت كتب تقريرا رائعا ودرسا بليغا للشعب السوداني نشرته قناة البي بي سي يتحدث فيه عن إنتعاش الاقتصاد المحلي في دول تشاد و النيجر و مالي وافريقيا الوسطي بسبب الحرب الدموية في السودان حيث دخل اليها ما تم نهبه و سرقته من العاصمة الخرطوم، فالمسروقات تعرض محتوياتها في اسواق تلك الدول من سيارات و ذهب و أثاثات منزلية وادوات كهربائية و هواتف وغيرها وباسعار بخسة الأمر الذي جعل اسواق تلك الدول تشهد إنتعاشا ملفتاً ، اما الامر الغريب في كل ذلك أن سلطات تلك الدول تبارك الأمر بطريقة غير مباشرة و هي تعلم جيداً بأن سبب هذا الانتعاش الاقتصادي في اسواقها هو السرقة الغير مشروعة للدولة الجارة السودان وهذا الامر يعرفه العالم أجمع كما أن اهالي تلك الدول التي يعتبر اغلب سكانها من المسلمين يباركون تلك السلوكيات الغير اخلاقية بل و ذهبوا اكثر من هذا اذ يفتخرون بتلك الافعال المشينة و انعكس ذلك اجتماعيا في الزيجات و المعاملات الاسرية اذ يظهر ذلك مدي انعدام تلك الدول للمبادىء و الاخلاقيات الانسانية
ويواصل روبرت بان هذا السلوك الهمجي الاجرامي من دول الجوار كشف عن مستوي انعدام القيم و المعايير الأدبية لسكان تلك الدول علي المستوي الحكومي و الاجتماعي معا و ذلك بأن حكومات تلك الدول وقفت متفرجة و لم تعبر بأي صورة او تشجب تلك التصرفات العصبجية الارهابية رغم أنها جلست في اجتماع بالقاهرة لبحث كيفية إيقاف الحرب ومساعدة المجتمع الدولي لها لإستيعاب الفارين إليها متجاهلة الإشارة لتلك المسروقات
و يعرب روبرت للبي بي سي عن أسفه البالغ بأن دولة السودان دولة جارة لتلك الدول و صديقة لهم اذ توجد بعض التداخلات القبلية مع بعض تلك الدول كدولة تشاد التي ظلت دوما بوابة للشر لعقود من جهة غرب السودان للاراضي السودانية و التي تشكل ارضية للانطلاق و التمرد داخل الارض السودانية وهي الحاضنة و الداعم الحقيقي للحروب في مناطق اقليم دارفور اذ ظلت تتخذها حركات التمرد الدارفورية ملاذاً آمناً تتزود به لخلق الفتن و الحروب داخل الاقليم و خلق نزاعات قبلية ورغم ذلك ظلت ابواب السودان مفتوحة امام سكان تلك الدول ولم تغلف تلك الحدود رغم ان اغلبهم يمتهنون مهنا هامشية ويعملون في التسول
وكشف تقرير القناة بعد لقائه بعض قادات التمرد وافراد من مليشيا الدعم السريع بأن جميعهم ليس لديهم رؤية سياسية للسودان و يفتقرون لأبسط معايير الوعي الإنساني و الأخلاقي و أنهم يحاربون و يحتربون من اجل المال فقط لتحسين اوضاعهم المادية و الاجتماعية و لا يكترثون لأي عقبات أو أضرار أو مآسي تلم بهم او بالاخرين
التقرير ايضا تحدث عن تكوين تلك القوات وكيف ان النظام السابق قام بتكوينها للقتال نيابة عن الجيش السوداني وختم التقرير بان افراد تلك القوات الذين صاروا لايعرفون طريقا للثراء غير النهب والقتل وقطع الطريق قد صاروا قنبلة موقوتة في تلك المناطق وان مايحدث في السودان من المتوقع ان يحدث ايضا في تلك الدول اذا ماتجاهلت حكوماتها دخول المسروقات إليها دون محاسبة
وبالنسبة للسودانيين نأمل ان يكون هذا درسا عميقا آخر من دروس تلك الحرب اللعينة وليته يكون درسا ايضا للسياسيين والعسكريين بوجه الخصوص الذين مازالوا يتصارعون للوصول الي كرسي الحكم مستخدمين في ذلك أقذر الاساليب ولو كان ذلك علي حساب الوطن ومستقبله
وثورة الوعي مستمرة
والقصاص امر حتمي
والرحمة والخلود للشهداء
الجريدة

 

آراء