دستور 2005 مخرج الأزمة السودانية

 


 

 

هناك حوارا دائر داخل السودان بين النخب المختلفة أن يعتمد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان دستور 2005، باعتبار أن الدستور كانت قد أجازته أغلبية القوى السياسية الفاعلة في الساحة السياسية، و التي لها قواعد اجتماعية عريضة، و الرجوع للدستور يتيح للبرهان تعين المحكمة الدستورية و رئيس لها، و وفقا للدستور يصبح رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية. و هذا الدستور سوف يخرج البلاد من أزمتها السياسية، حيث يصبح البرهان قائدا عاما للجيش. و يخرج الجيش من العمل السياسي، و يشرع الرئيس المؤقت ( رئيس المحكمة الدستورية) في تشكيل حكومة تصريف أعباء حتى قيام الانتخابات الرئاسية، و التي لا تتعدى عاما واحدا، و بعد الانتخابات يدعو الرئيس المنتخب القوى التي انتخبته للتباحث حول تشكيل الحكومة.
أن فكرة الرجوع لدستور 2005 هي فكرة سوف تحل مشكلة الصراع السياسي الدائر بين القوى السياسية المختلفة، لأنها تكون ق حسمت قضية الفترة الانتقالية، حيث بعض القوى السياسية تريد أن تكون هي وحدها التي يوكل لها حكم الفترة الانتقالية دو الآخرين، و كل مجموعة عملت لها تحالفات مصنوعة من قوائم لأسماء منظمات مدنية غير موجود على الأرض. أن حسم قضية السلطة سوف تجعل القضايا السودانية يتم الحوار فيها داخل الساحة السودانية بعيدا عن التدخلات الأجنبية و الأجندة الخارجية، كما أنها سوف تعجل بقيام الانتخابات النقابية و الاتحادات المهنية و الفئوية. انتخابات النقابات تعد مخرجا لكي تقدم العناصر المفوضة من قبل قواعدها، بدلا من كل مجموعة تصنع لها قائمة بأسماء منظمات لا وجود لها في الواقع، هي مجرد أسماء تقدمها لدول العالم لكي تساندها. و هؤلاء الذين يقدمون أسماء منظمات زائفة لا اعتقد أنهم مؤمنين بعملية التحول الديمقراطي، هؤلاء يبحثون عن مصالح ذاتية يريدون تحقيقها من خلال استلامهم السلطة، أو دعم الذين يريدونهم في السلطة. فالمصالح الوطنية و القضايا المرتبطة بمصالح الجماهير لا يمكن أن تتحقق بالاعمال الزائفة، الديمقراطية تؤسس على النزاهة و الشفافية.
أن دستور 2005 هو صناعة سودانية خالصة و متفق عليه، صحيح بعد فصل جنوب السودان يحتاج الدستور لبعض التعديلات، و خاصة في قضايا الحريات، و هذه يجب أن تترك لما بعد الانتخابات النيابية التي سوف يحددها رئيس الجمهورية المنتخب. من خلال تجربة الحكم من أغسطس 2019 إلي اليوم أثبتت التجربة أن العديد من القوى السياسية، و خاصة التي تحاول استلاف لسان الجماهير دون تفويض، أنها غير راغبة في الانتخابات، هي تريد أن تشارك في حكم انتقالي طويل الزمن يمتد إلي أكثر من عشر سنوات، حتى تستطيع أن تبني لها قواعد اجتماعية من خلال مؤسسات الدولة، و بالتالي رفعها لشعارات الديمقراطية بمثابة مناورة سياسية. صحيح أن الانتخابات ليس هي الديمقراطية؛ و لكن في الأزمة السودانية تصبح حلا مرحليا، و أيضا هي تجربة مطلوبة لدخول الجماهير في الأجواء الديمقراطية من خلال حملات الانتخابات إذا كانت للرئاسة و البرلمان، و أيضا في النقابات و الاتحادات المطلبية. هذه الفكرة تدعم عملية التحول الديمقراطي، و ترجع الكرة لملعب الجماهير الذي كان قد خطف منها دون وجه حق.
و الأفضل أن تسبق الانتخابات الرئاسية انتخابات لمجالس الأحياء في كل السودان، حتى يكون هناك ممثلين يستطيعوا أن يتحدثوا باسم الجماهير التي انتخبتهم، أن الخروج من ساحة الصراع و المشاكسة إلي الأجواء الانتخابية، هو وحده الذي يدعم عملية التحول الديمقراطي، لأن الانتخابات تتطلب مشاركة أكبر قاعدة اجتماعية في الحملات الانتخابية، و هذا هو الذي يخلق الوعي الديمقراطي وسط الجماهير، حيث تصبح الممارسة تجسد المباديء النظرية على الأرض، و تزيد من تراكم الثقافة الديمقراطية. و الذين يرفضون الانتخابات هؤلاء أكثر الناس عداء للديمقراطية، و هؤلاء وحدهم الذين يستدعون دائما الجيش لحلبة الصراع السياسي. يجب أن يطالب جميع السودانيين بالرجوع لدستور 2005، و تكوين المحكمة الدستورية و تعين رئيس لها، لكي تنتقل البلاد خطوة إلي الأمام بدلا من الصراعات التي لا فائدة منها. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء