أوردت الاخبار ان السيد قطبي المهدي القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم والذي سبق له وأن شغل الوظائف التالية : سفير حكومة البشير بدولة إيران في 1995م، رئيس جهاز المخابرات السوداني في 1997م، وزير التخطيط الاجتماعي 2000م-2001م، المستشار السياسي للبشير في 2001م، وأمين المنظمات بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، قد صرح في برنامج "فوق العادة" بقناة الشروق في 2015/08/31، بأن التوقيع على إتفاقية نيفاشا في عام 2005م كان "غفلة" !!! وأنه كانت له ملاحظات حينها وما زالت تعكس عدم رضاه عن تلك الاتفاقية، وأنه مازال على رائه بأن "ألانقاذ دواء جيد ولكنه فاقد الصلاحية" !!!
هذا الرجل الذي شغل كل تلك المناصب القيادية السابقة ورغم ذلك يؤمن "بالتنزيل" أي تكثير الاموال عن طريق الدجالين ومدعي التعامل مع الجن والشياطين، هو عينة حقيقية من الانقاذيين والاسلاميين ونموذج لكيفية تفكيرهم إن لم نقل إستخفافهم و "إستحقارهم" للشعب السوداني !!! ومن ذلك وصفه لاتفاقية نيفاشا ومالاتها بأنها "غفلة" !!!
ماذا تعني كلمة غفلة هل تعني خطأ او جريمة أو خيانة عظمى أوفعل يعاقب عليه القانون ، ام هي كلمة دينية بمعنى سهو معفو عنه لا يحتاج لتكفير دنيوي ولا يترتب عليه عقاب اخروي!!
هل إيراده لكلمة "غفلة" المقصود منها إعتذار ناعم للشعب السوداني أم هو إستهبال سياسي ، ثم ماهي الوسيلة او الآلية لعلاج تلك الغفلة التي أسهمت وسارعت بإنفصال ثلث السودان شعبا ومساحةً.
في حقيقة الأمر، الرجل لا يهمه الشعب السوداني ولا السودان في شيء، وكل ما يهمه هو تصفية حسابات مع إخوته الاعداء في الحركة الإسلامية، أي الاستاذ علي عثمان طه والفريق صلاح قوش. فنجده يقول عن الاستاذ علي عثمان طه بإعتباره مهندس إتفاقية نيفاشا إنه " كان يسعى من خلف الاتفاقية لمنصب رئيس الجمهورية" !!! يذهب البعض إلى أن السيد قطبي المهدي ناقم على الاستاذ على عثمان منذ سنين دراستهم معا في جامعة الخرطوم !!! ونجده كذلك يقول : إن السيد صلاح قوش كان "يسعى للصعود لمنصب رئيس الجمهورية" !!! .
ماذا تفيد الشعب السوداني هذه التصريحات من أحد قادة الحركة الاسلامية وأحد وزراء البشير السابقين بأن إثنين او أكثر من القياديين كانوا يسعون لمنصب رئيس الجمهورية !!! ثم إذا كان طموح أحد الانقاذيين ليخلف البشير هو تهمة ومسبة تستوجب النقد والفضح، فلماذا هذا النقد الناعم الخجول، هل يخاف قطبي المهدي من غضبة خصمائه الانقاذيين وإنتقامهم منه " أبو القدح بعرف من وين يعضي أخوه" .
أيضا ماذا يعني قوله "الانقاذ دواء جيد ولكنه منتهي الصلاحية" ولمن يوجه كلامه هل لرئيسه البشيرحاثا له على ضرورة تغيير كبار الانقاذيين وخاصة خصمائه السياسين ومن ذلك التهميش الذي لحق بالصف الأول من الانقاذيين أمثال الاستاذ علي عثمان ود. نافع على نافع والفريق صلاح قوش غيرهم !!! ام كلامه موجه للشعب السوداني مطالبا له بتغيير "الدواء" المنتهي الصلاحية أي تغيير الانقاذ، والإتيان بصاحب اقتراح تغيير الدواء الانقاذي كرئيس للجمهورية !!!
أخيراً يعتذر السيد قطبي المهدي في خوف ظاهر على نفسه وروحه، نعم يعتذر لحكام الانقاذ بأن نقده يأتي "من باب الاشفاق على الحزب والحكومة" !!!
سقنا ما سبق للتأكيد بأن ثورة الانقاذ ومنذ مجئها لم تكن دواء بل كانت ولازالت هي الداء بل السم الزعاف الذي سرى في جسد الوطن فأصابه بالشلل التام المؤقت. أعتراف أحد أبناء الانقاذ بعد ربع قرن من الزمان بأن الانقاذ دواء جيد منتهي الصلاحية لا يغير من الأمر شئياً ، لأنه حتى الحمقى يعلمون أن الدواء المنتهي الصلاحية يصبح سم زعاف !!! إذن النتيجة واحدة وهي ان الانقاذ كانت أو أمست سم زعاف !!!
سرى ذلك السم الانقاذي فأصاب كثير من الشعب السوداني بالامراض المؤقوتة والمزمنة، وأول أعراض ذلك السم كانت الانانية والأنا الانقاذية أو التمكين أي الهجوم الضاري لنهب كل خيرات السودان بلا حق أو شرعية، فتمدد الفساد من قمة السلطة الانقاذية الى قدميها، وبيعت كل مشاريع البلاد مثل مشروع الجزيرة ومصانع النسيج والسكر بل بيعت أغلب ثروات السودان من أرض وبترول وذهب وغيره، وشهد وزير الداخلية الاسبق ووزير الدفاع "بالنظر" السابق ووالي الخرطوم الحالي بذلك حين قال "الحتات كلها باعوها" -الاراضي كلها تم بيعها-، نعم باعت حكومة الانقاذ كل ما أمكنها بيعه من السودان بثمن بخس ثم تقاسم أفراد الطغمة الحاكمة الثمن وأقاموا به أحياء حديثة خرجت كنبت شيطاني من باطن الارض فكانت أحياء كافوري و النزهة و سيتي قاردن وغيرها ، وحول الانقاذيون باقي الاموال الى تركيا وماليزيا ودبي. إذن شاع فساد الذمم والسرقة بلا حساب ولاعقاب إلاّ للضعفاء أما المسؤولين الحكوميين فلهم العفو أو التحلل، وأدى كل ذلك لأن يكبر الفساد والتدهور الاخلاقي ككرة الثلج المتدحرجة بلا توقف لإفساد كل مرافق الدولة!!!
لكن تبقى رحمة الله ودعاء الفقراء والضعفاء والمساكين هو الذي سيفتح أبواب الخير والعيشة الهنيئة للشعب السوداني المغلوب على أمره، ويجعل ذلك السحر الانقاذي ينقلب على الساحر فيشتد بأس الانقاذيين بين بعضهم البعض. وقد شهدنا بداية ذلك مع عرابهم الترابي ونحن نشهده اليوم في تهميش كل أصحاب السطوة في فترات الانقاذ الأولى، قيل " الظالم سيف لله ينتقم به ثم ينتقم منه".
كذلك يبقى على العقلاء من أبناء السودان وخاصة الشباب الذين تستعملهم الانقاذ كقوى لتخويف الشعب والتنكيل والبطش به، على اؤليك الشباب ان يعلموا ان الشعب يضم خالاتهم وعماتهم وجاراتهم وإن إذلال الشعب هو إذلال لأؤليك الخالات والعمات والجارات قبل أن يكون إذلال للذين يحاولون قول الحق وإسكات الظلم بكل الوسائل الشرعية المتاحة. " ….كان أجدادكم لا ينحون إلا ركوعاً لله وانتم تسجدون لتقبيل أرجل المنعمين… ".
في الختام أقول إن المساهمة في إصلاح حال السودان واجب على كل سوداني بما يستطيع من فعل إيجابي لنشر الخير أو قصر الشر وسد باب الفساد. كما أوجه كلمة إنصاف للقلة من الاسلاميين الذين قالوا كلمة حق في وجه الباطل بعد أن أدركوا عاشوا وشهدوا إنهيار الدولة السودانية بسبب سياسة النظام الحاكم. متمنيا أن يتوفقوا في إقناع اصحابهم في النظام الحاكم لاطلاق الحريات و فتح باب الحوار الجاد وإيجاد صيغ يتفق عليها مع الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية بحيث تقود المشاورات الى مصالحة وطنية حقيقية تمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من السودان وشعبه وإلاّ فإن إستمرار الانقاذ في غيها وضلالها سيقود الى تمزيق السودان.