دينق ألور الذي لا تنقضي عجائبه!!

 


 

 

زفرات حرى

 

الطيب مصطفى

 

eltayebmstf@yahoo.co.uk

    جاء في الأنباء أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري قابل دينق ألور، الذي يباشر التعبير عن الحركة الشعبية من داخل وزارة الخارجية السودانية، بل والذي علمت من داخل وزارة الخارجية (أقسم بالله العظيم) أنه عندما يجتمع بالدبلوماسيين الأجانب خاصة من الدول الغربية، يقوم بطرد دبلوماسيي وزارة الخارجية ممن يفترض أن يشهدوا تلك الاجتماعات بغرض كتابة المحاضر ومساعدة الوزير عند اللزوم... يطردهم من الاجتماعات حتى لا يعلموا بما يقوله ويحيكه من مؤامرات ويُبرمه من اتفاقيات يكيد بها للحكومة من داخل الوزارة التي يفترض أن يسخرها لخدمة الحكومة، لا النيل منها والفتك بها!! بالطبع لا جديد فيما قلته الآن فالرجل لم يُعيَّن أصلاً إلا لخدمة الحركة الشعبية على حساب حكومته!! التي لا يجمعها مع الحركة التي يمثلها إلا ذلك الزواج القسري الذي جمع بين الشمال والجنوب في يوم بغيض وأسود حقق الشيطان خلاله أكبر إنجازاته خلال القرن العشرين ووحَّد بين السماء والأرض وجمع بين القط والفأر في أبشع زيجة في التاريخ!! كأن الحكومة لم تُلدغ من دينق ألور الذي يُحمد له أنه لم يحضر قمة الدوحة حيث كان مشغولاً بالكيد لحكومته!! في واشنطن التي زارها في صحبة نذير الإثنين الأسود وعدو الشمال والشماليين والإسلام والمسلمين باقان أموم... أقول كأن الحكومة لم تُلدغ من الرجل من قبل فها هي ـ إذا صحت الأنباء ـ تجعله على رأس وفد السودان وليس الحركة الشعبية ـ لحضور مؤتمر دولي سينعقد خلال الأسبوعين القادمين. سيعود دينق ألور كما عاد من لاهاي وباريس حاملاً رسائل ومقترحات وصفها بالجيدة رغم أنها كانت سُماً زُعافاً للحكومة لكنها لم تكن جيدة فحسب وإنما ممتازة بالنسبة للحركة الشعبية !! سيعود دينق ألور بعد أن يقابل كل نظرائه من الوزراء ويقنعهم بوجهة نظر الحركة الشعبية والتي تدعو إلى التعامل مع المحكمة الجنائية بل وإلى تأجيل مثول الرئيس أمام المحكمة لمدة عام حسب رأي الفريق سلفاكير أو مثوله فوراً حسب رأي باقان أموم وإدوارد لينو وبقية أولاد قرنق وكذلك سيهاجم لهم حكومته اللا إنسانية التي طردت المنظمات الأجنبية بالرغم من أنها تضم ملائكة الرحمة!! بالرغم من ذلك يهاجم وكيل الخارجية مطرف صديق الذين يسعون إلى توتير العلاقة بين (الشريكين)!! بربكم من هو الذي يعيش في غيبوبة نحن أم مطرف صديق؟! المواجهة بين أوباما والمتصهين ساركوزي!! كتبت قبل أيام قليلة مقالاً بعنوان: (أوباما والتغيير) تناولت فيه توجهات الرجل وقلت إن إدارة أوباما بشعاراتها الجديدة ستدخل في مواجهة مع الكيان الصهيوني وأوروبا ساركوزي بل مع اللوبي الصهيوني ومراكز القرار والمؤسسات التي ستتأثر بتوجهات الرجل ولم تمض أيام قليلة حتى بدأت المواجهة تعبِّر عن نفسها في تصريحات مدهشة للرئيس ساركوزي ذي الأصول اليهودية والتوجهات الصهيونية فقد قال ساركوزي إن أوباما (ليس في أحسن أحواله عند اتخاذ القرارات) وهو كلام كبير وغريب بكل ما تحمل الكلمة من معنى!! عجيب أمر السياسة في أيامنا هذه... بربكم متى كان الرؤساء الأوربيون أو غيرهم ينتقدون رؤساء سيدتهم أمريكا في أشخاصهم ويشككون في كفاءتهم؟ وهل تُفهم تصريحات ساركوزي على خلفية أن ذلك ينم عن عنصرية بغيضة تتبرم من مجئ رجل (هجين) أو أسود في رئاسة أمريكا بعد قرون من سيادة عرق الأنجلو ساكسون أم أنه ضيق من السياسات الجديدة والروح الإيجابية التي بدرت منه تجاه المسلمين إبان زيارته لتركيا التي اتخذها مفتاحاً للتعبير عن توجهاته نحو المسلمين أم الاثنين معاً؟! أرجِّح الخيار الثالث فساركوزي لم يُخف عداءه للإسلام والمسلمين منذ أن جاء إلى حكم فرنسا فقد ظل الرجل متشدداً في دعمه للكيان الصهيوني وعدائه للمقاومة الإسلامية كما أنه تميز بموقف متشدد في قضية محكمة الجنايات الدولية علاوة على احتضانه لعبد الواحد محمد نور الذي لا أشك في أن وجوده في باريس زاد من سرعة اندفاعه نحو دولة الكيان الصهيوني بما في ذلك زيارته لتل أبيب وفتح مكتب له في اسرائيل وتعبيراته المتهافتة عن نيته فتح سفارة إسرائيلية بل وقنصليات في عدد من المدن السودانية عند حكمه للسودان!! علاوة على ذلك فإن إنقاذ ساركوزي لإدريس ديبي بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من الانهيار وأهم من ذلك كله غضبه ورفضه لمطالبة أوباما بضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كل ذلك يكشف عن خيبة أمل ساركوزي في وجود رجل مثل أوباما في البيت الأبيض الأمريكي. كذلك تصاعدت نبرة حكومة نتنياهو وليبرمان المتطرفة ضد توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة الداعمة لقيام دولة فلسطينية وقد تجلى ذلك التناقض خلال زيارة المبعوث الأمريكي (ميتشل) الذي كان موقفه أقرب إلى الفلسطينيين منه إلى الحكومة الاسرائيلية لأول مرة في التاريخ!! أكاد أجزم أن انتقاد ساركوزي لأوباما في شخصه وتشكيكه في كفاءته يأتي في إطار حملة ضارية سيشتد أوارها ضد أوباما داخل أمريكا وستحشد اسرائيل ومجلس الكنائس العالمي وكل المنظمات اليهودية والصهيونية قوتها وطاقاتها جميعاً للضغط على أوباما وسيوظَّف الإعلام اليهودي كما لم يُوظَّف من قبل وستتحرك القنوات الفضائية لتحيل سنة أوباما الأولى في البيت الأبيض إلى جحيم لا يطاق، وسنشهد بعد قليل استطلاعات الرأي تشير إلى تدني نسبة تأييد أوباما!! لكن هل يستسلم الرجل، أم أنه سيخوض المعركة التي لا أشك في أنه بذكائه وقدراته التي استطاع أن يتخطى بها كثيراً من الصعاب في طريقه إلى البيت الأبيض، ومن المفترض أن يكون مُتحسباً لها، معداً دفاعاته للتصدي لها؟! لعل ما دعاني لكتابة هذه السطور علاوة على التصريحات المستفزة للرئيس ساركوزي التي أتوقع أن يكون لها تأثير سلبي على العلاقات بين واشنطن وباريس هو الخبر الغريب حول زيارة يقوم بها وفد رسمي إلى باريس التي كنت أتوقع أن نمضي باتجاه قطع العلاقات معها.. لكن!! صندوق دعم الوحدة!! جاء في الأنباء أن وزير شؤون حكومة الجنوب لوكا بيونق احتج على أن الحكومة (المركزية) صرفت ٠٠٨ ألف دولار للحركة بدلاً من مليون دولار كان يفترض أن تدفع من صندوق دعم الوحدة!! عجبتُ والله لماذا أصلاً يقوم صندوق لدعم الوحدة إذا كان الشريكان قد قررا بمحض إرادتهما بل بطلب وإصرار من الحركة أن تتاح الفرصة للجنوبيين للاختيار بين الوحدة والانفصال والذي سُمي بحق تقرير المصير؟! بل لماذا يكون هناك صندوق لدعم الوحدة ولا يكون هناك صندوق لدعم الانفصال طالما أنه متاح بموجب الدستور الانتقالي واتفاقية نيفاشا؟! لماذا يُمنح الناخب الحق في اتخاذ القرار ثم يؤثر عليه ليدلي بصوته لصالح الوحدة؟! أليس في ذلك تزوير لإرادة الناخبين؟! لماذا يقام صندوق دعم الوحدة من حر مال الحكومة المركزية ولماذا يُدفع المبلغ للحركة الشعبية؟! أليس الأولى أن تُخصص تلك المبالغ لصالح التنمية في الكثير من المناطق التي يضربها التخلف وتنعدم فيها الخدمات في شتى بقاع السودان الشمالي؟! لماذا تُدفع الأموال للحركة الشعبية التي تهدر مليارات الدولارات من أموال البترول في مستنقع العدم بينما يشكو شعب السودان الجنوبي من الفقر والجوع والفاقة والخوف؟! أغلقوا صندوق دعم الوحدة وكفاية إهدار للأموال في جيوب قادة الحركة الشعبية التي لا تمتلئ مهما كان حجم ما يُهدر فيها من أموال؟! 

 

آراء