د. الترابي وحلوله السحرية! … بقلم: الفاضل حسن عوض الله
19 August, 2009
سطر جديد
fadil awadala [fadilview@yahoo.com]
الدكتور حسن عبد الترابي ظل يشغل الساحة السياسية في السودان لما يقارب النصف قرن من الزمان، إذ بدأ نجمه في الصعود منذ ثورة أكتوبر 1964م حيث كان أستاذاً للقانون بجامعة الخرطوم ورئيساً لجبهة الميثاق الإسلامي، والتي أُريد لها أن تكون إمتداداً طبيعياً لحركة الإخوان المسلمين ولكن الدكتور آثر أن يتمتع تنظيمه بإستقلالية تامة عن الحركة الإخوانية العالمية.
ظل الدكتور يمارس النهج البراغماتي في حساباته وعلاقاته السياسية والأمثلة والشواهد كثيرة إذ إنتقل بحركته الإسلامية من خانة العداء وحمل السلاح في وجه النظام العسكري المايوي إلى التغلغل في داخل أحشاء النظام السياسية والاقتصادية حتى وصل هو وحواريوه إلى مناصب الدولة العليا، كذلك إستطاع تحت ظل النظام المايوي أن يبني صروح إسناد مالي اقتصادي متمثلة في البنوك الإسلامية ومؤسساتها الفرعية مما نقل التنظيم من مرحلة التقشف والتعيش على إشتراكات الأعضاء ومعظمهم من (الأفندية) وصغار التجار والحرفيين إلى الرخاء والرفاه السياسي. في تقديري أن مايو لو لم تناصب الدكتور وتنظيمه العداء منذ بواكير أيامها على ضوء أيدلوجيتها اليسارية لكان الدكتور أول من سارع للتغلغل في صفوفها وإحتوائها. كذلك تتجلى براغماتية الدكتور بوضوح وجلاء حينما لم يكبل تنظيمه (بقداسة الاسم) إذ تنقلت الحركة تحت قيادته بين عدة مسميات.. الأخوان المسلمون.. جبهة الميثاق الإسلامي.. الجبهة القومية الإسلامية.. المؤتمر الوطني.. المؤتمر الشعبي، فالاسم في نظره مجرد زي يتم تفصيله وفق مقتضيات الطقس السياسي.
خلال هذه الرحلة الطويلة في دروب السياسة بما فيها من إنتصارات وإنكسارات، ظل الدكتور في (مسيرته القاصدة) نحو السلطة.. عشقه السرمدي وفردوسه المشتهى، متسلحاً بـ(عدة الشغل) التي أودعها جرابه السياسي، ومن بينها الذكاء السياسي الوقاد والشطارة الزئبقية التي تستعصي أحيانأً على الإمساك، والإنتقال الحاد ما بين الموقف ونقيضه.
أوشكت أن أفقد رهاني على مهارات الدكتور هذه – بغض النظر عن التقويم الأخلاقي لها- وأنا أقرأ تصريحاً له قبل بضعة أيام في صحيفة (الصحافة) جاء فيه على لسانه (أن قضية دارفور تحتاج إلى أقل من شهر لحلها، وهي بيد من يجلس على كرسي السلطة، وإن الأمر لا يحتاج لحضور كل الحركات المسلحة للتفاوض لأنه أمر شكلي).
لا نعلم إن كان هذا التصريح من باب المكايدة السياسية لحواريي الأمس.. أم أن الدكتور يمسك بكافة خيوط الأزمة الدارفورية كلها بما فيها نشوز الحركات المسلحة وتشظيها إلى جانب خيوط الإستراتيجيات الدولية المتشابكة والمعقدة؟!
دعونا نُدخل الدكتور إلى القصر ونجلسه على كرسي السلطة ونبدأ جميعاً (العد) حتى يكتمل الشهر.... يمكن يسويها!