رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ (3-3)

 


 

 

هذا شرطنا لقبول انضمام أي من منسوبي (الوطني) للمعارضة

إذا كانت قيادات المعارضة جادة في التغيير فعليها القيام بهذا الأمر

(الاتحادي) اختار مصيره فارق المعارضة وبات شريك أصيل لـ(الوطني)

حلول الأزمة الاقتصادية ساهلة وبمتناول يد الحكومة ولكن


حاور: ماهر أبوجوخ
تصوير: سعيد عباس

في هذه الحلقة الاخيرة يقدم رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي البارز بتحالف قوي الاجماع المعارض ابراهيم الشيخ افاداته حول مخاوف الشعب السوداني من تكرار تجارب التغيير السابق وموقفهم من احتمال التحاق بعض  قيادات ومنسوبي حزب المؤتمر الوطني بالمعارضة والصورة الذهنية المرسومة لدى الشعب السوداني عن قيادات المعارضة والتي لخصتها اللافتة التي كتبها السكرتير السياسي الراحل للحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد والتي قال فيها "حضرنا ولم نجدكم".

الخوف من التغيير

العديد من المراقبين يعتقدون أن الشعب السوداني لا يخشي التغيير ولكنه يخشي من تكرار التجارب السابقة في اكتوبر وابريل خاصة أن ذات الوجوه المسؤلة من ذلك الفشل حاضرة وموجودة على مسرح تحالف قوي الاجماع لاي مدي تتفق مع هذا الرأي وهل تعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي لتأخير التغيير ؟

لا أستطيع ان انفي ترديد البعض لهذه المقولة في ما يطرح آخرون سؤال "من البديل ؟" وهاتين الرؤيتين موجدتين بالساحة السياسية ولكننا نقول على السودانيين عدم الخشية من التغيير ومهما يكن من أمر فأي تغيير هو أفضل من الوضع الحالى وسيكون فيه خير كثير لأهل السودان فإستمرار هذا النظام في الحكم يعني المزيد من الأزمات ومواصلة للحروب الاهلية الموجودة الأن في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وحتى في الشرق وتعمقها وتمددها بشكل أكبر وتجعل سقف المطالب للحركات الحاملة للسلاح ترتفع مثلما حدث في تطور قضية جنوب السودان والتي كانت مطالب محدودة وبحث عن التنمية والعدالة والمساواة والفرص المتساوية في السلطة والثروة وانتهت بتقرير المصير، فكلما تطاول بقاء النظام ارتفعت سقف المطالب ثم نجد وطننا في مفترق طرق.

حدوث التغيير الآن إذا كان لديه قيمة واحدة فهو محافظته على ما بقى من السودان ووحدته ومن المؤكد أن السلاح سيتم وضعه جانباً وحتى الحركات المسلحة لدينا مساعى بغرض ضمها لقوى الاجماع بإعتبارهم رقم لا يمكن تجاوزه  ليعمل الجميع من خلال جبهة واحدة من اجل تحقيق برنامج بديل ديمقراطي وإعلان دستوري موحد، ولذلك فالخوف في تقديري غير مبرر، فصحيح أن النخب السابقة كان لديها اخطائها وتجاوزاتها وعجزها وفشلت في استشراف افق جديد لأهل السودان وظلت تجتر أزماتها وتعيد انتاج مشاكلها والبلاد في دورات الحكم التي تولتها، وهنا لا أريد أن اقول بأنهم "كأل البربون لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً" فنحن ندير معهم حوارات عميقة حول مشاكل البلاد وازماتها لقد بدأوا يتعلمون، فالمؤتمر الشعبي الذي جاء للسلطة عبر الانقلاب أو حزب الأمة الذي حكم مرتين وتردد في التوقيع على اتفاقية سلام في وقتها كانت ستكفينا شر البلاء الذي نعاني منه حالياً.

بالنسبة للاتحادي الديمقراطي (الاصل) فقد مضي للمؤتمر الوطني وهو شريك أصيل له وبدون فك ارتباطه بالمؤتمر الوطني لا اعتقد أنه سيكون لديه دور في التغيير القادم، ويقف مع المؤتمر الوطني في نفس المكان و يحارب الآن من خندق السلطة ومتشبث بسلطة وبرنامج المؤتمر الوطني وهو الان ليس لديه صوت مع المعارضة أو في الإصلاح بخلاف صوت المؤتمر الوطني وهو ارتضي لنفسه هذا الدور والمصير وبالتالي سيكون "انفكا" من المعارضة وتبقى الآخرين الملتزمين ببرنامج البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري وبكل ما برز من قضايا إحترام التعدد والتبشير بدولة المواطنة بوضوح دون لبس أو غموض ووطن متعدد والتي تعتبر في مجملها قضايا تم التواثق حولها ولا يوجد حولها اختلاف.

النقطة الاهم أن الشعب في خاتمة المطاف هو السيد والآمر والناهي ومطالب بأن يقول كلمته وهو نفسه الذي يتسأل "هل ستأتينا نفس الوجوه ؟" فهو الذي سيختار الاصلح عبر صناديق الاقتراع ولذلك عليه أن يقول كلمته ويختار بوعى ولذلك على القوي المستنيرة والحديثة أن تقنع الآخرين بها لا سيما أن المعركة في خاتمة المطاف ستحسم عبر صناديق الاقتراع، فلذلك مهما ارتفعت أصوتها وتحدثت دون قيامها ببناء قواعد حقيقية وتمكنت من الوصول لعامة الشعب وطرحت مشروع السودان الجديد بشكل واضح وعميق وسط المواطنين سنصبح مجرد حركات ضغط وفوران أكثر من كونها حركات بإمكانها قيادة التغيير ما بعد سقوط هذا النظام.

هل التغيير قادم ؟

-بعد تنهد قصير- لا محالة، فالتغيير قادم بل حتمي لأن الازمات استفحلت والنظام يتخبط ويتأكل من داخله وشهدنا ما حدث في المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية والذي قصد المؤتمر الوطني من قيامه تحقيق قدر من التماسك ولكنه بدلاً عن ذلك افضي حسب تصوري لنكسة كبيرة جداً ووضح أن هناك تيار مناوئ للتيار الرئيسي الباطش والفاسد والمستبد وتم الحديث عن الإصلاح بشكل واضح، ولكن في تقديري هذا الأمر ليس كافياً يحب على هذا التيار أن يعبر عن نفسه بشكل اكبر وصولاً مرحلة فرز "عيشته" من المؤتمر الوطني.

المعطيات التي نقرأها جميعاً تشيير إلي ان السودان لا يمكن أن يمضي على هذا المنهج بعد اندلاع الحرب في كل مكان وميزانية بها عجز 10 مليار جنية سوداني –بالفئة الجديدة للجنية، المحرر- تحتوى على تباين في ما بين مجلس الوزراء الذي اجازها وفي طريقها للبرلمان ترتفع اصوات من داخل مجلس الوزراء تنتقدها وتدعو لجعلها لصالح الشعب وواضح انها ميزانية تفتقر للاحساس بالمواطنين وجل هدفها امتصاص دماء الشعب و"طلعت زيت الناس زي ما بيقولوا" ولا يوجد افق لسد هذا العجز إلا بالمزيد من الضرائب والأعباء على المواطنين مع انعدام الموارد الحقيقية والتي تعتبر اكبر المشاكل التي تواجه البلاد جراء اختزال الموارد فقط على الضرائب والجمارك والتي بدورها غير متاحة حتى لأجهزة الضرائب لتوقف العمل التجارى وشح الدولار لإستيراد السلع ولا توجد صناعات تنتج لتدفع ضرائب أو رسوم إنتاج أو جمارك للخام وهي في مجملها إشكالات، ويعتبر خير دليل والمرأة لأزمات هذا النظام هي هذه الميزانية المتعثرة في اورقة البرلمان والتي تعذر اجازتها بشكلها القبيح الحالي.

ويصيبك الاندهاش أيضاً حينما تجد أن الحلول ساهلة وفي متناول اليد والمتمثل في انفاذ اتفاقيات التعاون مع جنوب السودان التي تكفل موارد إضافية من رسوم عبور البترول بجانب مبلغ الثلاثة مليار دولار التي سيدفعها جنوب السودان على مراحل بخلاف التجارة التي يمكن أن تنشأ بعد فتح الحدود، والتي بإمكانها أن تصبح الحل للميزانية الحالية المتعثرة، لأنهم صاروا بلا بصر أو بصيرة باتوا غير قادرين عن وضع يدهم على الحل القابل لتمديد عمر حكمهم إلي حين، ولكن لأن التغيير أصبح حتمي وأمر الله بات نافذ عليهم يتخبطون الآن وهم بلا خيارات كثيرة وفي نفس الوقت أهل السودان هم ايضاً بلا خيارات كثيرة إلا أن يغيروهم ومن يعتقد أن هذا النظام قابل للترقيع أو الإصلاح من داخله من قبل مجموعات مستنيرة كدكتور غازي صلاح الدين أوالعميد ود ابراهيم وغيرهم فهذا بات غير ممكن فقد اتسع الرتق على الراتق، ولذلك فالحل الوحيد المتاح هو أن يمضي هذا النظام إلي سبيله بثورة أو بغيرها فيجب أن يرحل ويقوم بتسليم الأمر لأهل السودان ليقوموا بوضع البلاد في الاتجاه الصحيح وطريق البناء والتعمير ووقف الحرب والفساد والاستبداد واستعادة الحريات والديمقراطية والتوافق على الدستور والتي تعتبر الآن قيم مفقودة ويعجز النظام عن تقديمها وعاجز حتى عن اصلاح نفسه وبات كالفرعون عارى يخبره الناس بأنه عارى وهو مصر على أنه ليس كذلك .. وهذا النظام عبارة عن فرعون يمشي على الأرض.

ترحيب مشروط

هل تتوقع في خضم التطورات الاخيرة وسط صفوف الحزب الحاكم انضمام مجموعات منهم لخياركم الداعى للثورة واسقاط النظام ؟ وإذا افترضنا حدوث هذا الأمر ماذا سيكون موقفكم في تحالف قوى الاجماع الوطني ؟

نحن في تحالف قوي الاجماع الوطني حركة سياسية منفتحة ومستوعبة لكل التيارات السياسية المناهضة للنظام ولذلك فاي مجموعات تخرج لم تكن جزء من الفساد واياديه غير ملطخة بدماء أهل السودان وراغبة في الإصلاح والتغيير ومقره بأن هذا النظام فاسد فلا سبب يمنع رغم أن بعض الأصوات ترفض، ولكن في تقديري الأبواب مفتوحة وليس هناك ما يمنع أو يحول بينا وبين هذه المجموعات، ولو تابعت مسار ثورات الربيع العربي بأنه في أوقات متفاوتة التحقت مجموعات من داخل تلك الأنظمة بالثوار وكانوا خير عون للثوار، والآن في سوريا تجد أن المجموعات الحاملة للسلاح ضد النظام تشهد يومياً التحاق مجموعات من الاستخبارات والجيش والوزراء ولا يتم استنكاف هذا الأمر ورفضه والتمسك بضرورة قتلهم وقبرهم مع النظام، وأعتقد أن لدينا ذهنية منفتحة جداً تستقبل هذه المجموعات وتستوعبها وفي ذات الوقت فإننا بحاجة الآن لمزيد من السواعد والأراء واصحاب العزم والعزائم الذين يريدون التخلص من النظام، ولا يوجد وضع أفضل لأهل السودان من "شهد شاهد من أهلهم" ولذلك اي مجموعات تنسلخ من النظام وتنضم للمعارضة سيكون لديها القول الواضح وحدوث مثل هذا الأمر سيعزز موقع المعارضة ويظهرها بأنها ليست مجموعة تنشد السلطة وانما هناك أزمة حقيقية استدعت خروج مثل تلك المجموعات من السلطة والمؤتمر الوطني وقررت الالتحاق بالمعارضة وباتت تدعو لتبديله.

هذا الوضع لن يكون شاذاً فقد حدث مع حزب المؤتمر الشعبي من قبل فهو الذي اتى بهذا النظام ولكنه الآن معنا بقوى الاجماع ولا تستطيع جهة أن تتدعى بأننا نميز المؤتمر الشعبي أو ننظر له بإعتباره الذي أتى بهذا النظام، وفي النهاية هو أعلن توبته من النظام ووضع يده مع المعارضة وارتضي مواثيقها وعهودها وبرنامجها ويتحدث بصوت عالى بإسقاط النظام "ونحن في المعارضة مأخدنوا بالاحضان" .. والآن إذا أعلن د.غازي صلاح الدين غداً خروجه من النظام وهو طاهر اليد واللسان وغير ملطخ بدماء الإبرياء فسنقوم باستيعابه ولا غضاضة في ذلك.

هل تتكرر لافتة (حضرنا ولم نجدكم) ؟!

الصورة الذهنية الشعبية لقيادات المعارضة ودعوتهم للتغيير تلخصها اليافطة التي كتبها السكرتير السياسي السابق للحزب الشيوعي الراحل محمد ابراهيم نقد "حضرنا ولم نجدكم" إذا حانت لحظة التغيير هل ستكونون في الصفوف الأولي أم سيحضر الشعب السوداني ولن يجدكم ؟ 

في ندوة الأربعاء الأخيرة التي عقدت بدار حزب الأمة القومي التي شهدها السيد الصادق المهدي بعد عودته من لندن والقاهرة طالبت يومها بشكل واضح وسافر بأنه إذا اردنا تغيير حقيقي لابد أن نتقدم الصفوف وايدينا متشابكة مع بعضها البعض "يد الصادق فوق يد الترابي فوق يد السنهوري فوق يد الاتحاديين فوق يد ابراهيم الشيخ فوق يد الخطيب" ومن غير ذلك فاتصور أن أهل السودان سيظلوا حائرين لا يعرفون هل هؤلاء جميعهم على قلب رجل واحد أم لا ؟ لكن في اليوم الذي ستتشابك فيه هذه الأيدى وتخرج للشارع وتتقدم الصفوف أتصور وقتها أنها سيكون بمثابة القول الفصل. ولكن قبل ذلك تظل دعوات الخروج للشارع والميادين والثورة جميعها إذا لم تتوج وتعزز وتوثقت بتشابك كل هذه الأيادي وخرجت كما يقال "صورة وصوت" للشارع لن يأخذ الأمر مسارته الصحيحة والتدافع نفسه لن يتم بالطريقة المنشودة، وهذه الخطوة مطلوبة بإصرار وإلحاح وانا طالبت بها في تلك الندوة وحتى الامام الصادق المهدي أمن عليها وقال انها الخطوة المطلوبة، واليوم – وكان يعني يوم الاحد الماضي، المحرر- سيعقد اجتماع بدار حزب الامة الذي ستحضره قوى الاجماع على مستوي مؤسسة الرئاسة والهيئة العامة لقوي الاجماع أعتقد أن هذا الأمر سيكون محور الحديث وفي تقديري أن هذا الاجتماع سيكون له ما بعده إنشاء الله.

هل تتوقع أن تكون هذه الخطوة قريباً ؟

نحن لا نريد أن نربط خروجنا للشارع بسبب الزيادات أو الخبز أو السكر أو المواد البترولية أو إغتيال طلاب غدراً في جامعة الجزيرة أو اندلاع الحرب هنا وهناك ولكن لكل هذه الأشياء التي امتهنت الوطن واذلته وجلعت صورته قبيحه في كل المجتمع الدولي وتطارد المحكمة الجنائية رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووالي جنوب كردفان وكل رموز النظام ولكل ذلك نعتقد ان هذا الوطن والشعب امتهنت كرامتهم وبالتالي فإننا نريد أن نخرج للشوارع ونثور لاسترداد الوطن المختطف والمنهوب والمسروق والمغتصب وهذه هي قضيتنا وليست القضايا التي يمكن أن تحل غداً أو بعده ونحن نريد أن نقول "كفاية" والتي تعبر عنها "الكرامة".

فالأزمات موجودة والنظام لن يستطيع أن يحلها وبالتالى فإن خروج الشباب يعتبر انطلاقة الثورة الحقيقية التي ستعقبها الهبة الشعبية الكبيرة والتي نتمني أن تتوج بتغيير النظام الذي بات في اضعف حالته ومنهار بالكامل ويتمزق من داخله وخارجه ومشلول تماماً وعاجز عن تقديم اي حلول للبلاد ولذلك لا أري سبباً يبقيه على سدة الحكم وإذا كان يحترم نفسه فعليه أن يرحل، لكن الأخطر من كل هذا بأن الرئيس وبصراحة شديدة لا نعرف ماذا يحدث له وهو نفسه مريض ويعاني وغير موجود في الصورة فهو رمز النظام وهم الآن محترين وهذه إشكالات داخل المؤتمر الوطني بسبب عدم وجود بديل للرئيس والذي انتهت مدته ومريض ومطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية وجميع هذه الأسباب تستوجب تغيير النظام إذ لا يمكن الإصرار والتمسك بحكم البلاد بعد ربع قرن من الزمان .. هذا يكفي وحتى إذا اقمت لأهل السودان الجنة فهذه الفترة تكفي وآن لك أن ترحل وتعطى السودانيين الفرصة والحق بأن يحكموا انفسهم ويتدالوا السلطة لم يعد لديك ما تقدمه للبلاد والعباد سوى المصائب من "جراب الحاوي".

(انتهي)

 

آراء