رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ (2-3)
هؤلاء سيتضرروا إذا استمرت الضغوط الاقتصادية على
حزب الامة يتحفظ على هاتين النقطتين بالإعلان الدستوري
الحديث بأننا علمانيين ما عادت مقبولة لأهل السودان أو لنا كحزب
مشروع وشعار السودان الجديد لم يسقطا بانفصال الجنوب
حاور: ماهر أبوجوخ
تصوير: سعيد عباس
في الحلقة السابقة قدم رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي البارز بتحالف قوي الاجماع المعارض ابراهيم الشيخ افاداته حول القضايا المتصلة بالجدل السياسي والاقتصادي الدائر حوله بسبب جمعه بين (الثروة) و(المعارضة) وووقائع مشاركته في اسواق امدرمان. في هذه الحلقة يقدم افاداته لـ(السوداني) حول العديد من القضايا على رأسها خيارته الاقتصادية في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية عليه وموقفهم من قضايا (العلمانية) ومشروع السودان الجديد وتحفظات حزب الامة القومي على وثيقة الاعلان الدستوري لقوى المعارضة، فإلي مضابط الحلقة الثانية من هذا الحوار.
++
مآلات الضعوط الاقتصادية
استناداً لتلك الوقائع هل تعتقد انهم شرعوا فعلياً في انفاذ تهديداتهم السابقة بأنهم سيحطموك اقتصادياً ؟
والله اكيد، فإذا كانت تأتيك ضريبة بقيمة 59 مليار جنية وهذا مبلغ انا نفسي لا امتلكه وفي النهاية الخيارين اللذين امامك إما أن تدفع أو تبقي في السجن، أما إذا اردت أن تستئأنف فعليك القيام بسداد 25% من المبلغ الذي فرضه عليك الموظفين حتي يكفل لك حق الاستئناف لتوضح أن تلك التقديرات صحيحة أو خاطئة، وهذا الأمر يخلو من العدالة وغير دستوري ولكن هذا قانون الضرائب بأن تدفع 25% من المبلغ المفروض عليك قبل الدخول لأي من مراحل الاستئناف الثلاثة، كما أن تلك التقديرات غير قائمة على بينات أو على نشاط مثلما حدث في تقييم مبلغ الـ59 مليار جنية، وحتي إذا افترضوا نشاط وهمي ومفبرك وأسسوا عليه ضريبة واتضح بعد المراجعة أن ذلك كان أمر مفبرك وزائف وغير حقيقي وبالنسبة لي كان هذا الأمر عبارة عن فضيحة لديوان الضرائب، ورغم أنهم يعزون الامر لورود معلومة لكن تلك المعلومة تستوجب التقصي والاستيثاق على اساس البيانات والمستندات حتي تحدد مقدار النشاط الذي قمت به في مجال العمل بمجال الحديد او استيراده وهي معلومات متاحة وموجودة بكمبيوتر الجمارك وسجلات المصانع، هذا المجال واضح للغاية ولا يوجد فيه مجال للتهرب الضريبي فالكمية التي اشتريتها من السيخ من المصانع أو التي قمت باستيرادها متاحة في كمبيوتر الجمارك ولذلك لا توجد مساحة تهرب كبيرة.
هل تتوقع تصاعد هذه الاجراءت تجاهك وهل لديك أي خطط بديلة للتعامل مع الموقف مستقبلاً ؟
من حسن الحظ أنني كنت في الفترة الاخيرة لدى انشطة بجنوب السودان ولا زلت أعمل هناك بجانب عملى بمجال النقل من إفريقيا ليوغندا وكينيا وجوبا ودبي وانشطتي مستمرة ولذلك لن اتأثر بمدى كبير بما يحدث، ولكن الضرر الذي سيقع سيكون على عاتق مجموعة كبيرة من العاملين في الصناعة أو التجارة أو الأسواق التي أديرها وتسترزق بيوتهم وتفتح من هذه الانشطة. ببساطة كل ما سيحدث حينما تأزم المواقف وتفتعل معارك معي فإن اولئك الاشخاص سيفقدون مواقع عملهم، والدولة نفسها ستفقد موارد توفر لها سواء كانت ضرائب أو جمارك أو عوائد أو قيمة مضافة وغيرها من الاشياء التي نلتزم بسدادها تبلغ مئات الملاين بل المليارات التي تدفع في العام الواحد والتي تذهب للخزينة العامة للدولة. وحينما تجفف ابراهيم الشيخ فإنك تقوم بتجيفيف مشاريعه الاقتصادية التي أنشائها بشكل غير طفيلي وإنما مشاريع حقيقية في الصناعة وذات جدوى اقتصادية ضخمة جداً كأسواق امدرمان الكبرى والذي يحتوى على 432 محل تجارى ومطاعم وهايبرد ماركت على مساحة الفي متر افتتحته مجموعة النفيدي في يوم 12 ديسمبر الجارى والذي تطرح فيه منتجات غذائية بأسعار مخفضة للمواطنين بسعر تكلفة المصانع، وجميع هذه المشاريع ليست انشطة طفيلية من اجل الربح السريع ولكنها ذات قيمة اقتصادية وملتزمة بالناس والبلاد والقيم التي أومن بها والتي استهدى بها عند ممارستى للتجارة استناداً لاخلاقي وقيمي تجاه ابناء بلادي التي تشربتها وترعرت عليها منذ طفولتي.
جدل العلمانية والسودان الجديد
دعنا ننتقل لمحور اخر يختص بشانكم الحزبي حيث يوجه لحزبكم المؤتمر السوداني اتهاماً بأنكم تقدمون خطاباً ورؤى فكرية اضعف مما يطرحه فصيلكم الطلابي مؤتمرالطلاب المستقلين الذين يتحدثون عن دولة علمانية بشكل واضح في ما تتطرحون في الحزب اطروحة الدولة المدنية ؟
نحن نتحدث عن دولة مدنية باعتبار أنك لا تستطيع الآن تناول قضية العلمانية في السودان بشكلها الواضح والصريح والسافر في ظل ما هو موجود في اذهان الناس العامة عن الدولة العلمانية الذين يرفضون حتي كلمة (العلمانية) والتي تم ابتذالها ايضاً بواسطة الإسلاميين والحركة الإسلامية والجماعات الدينية فباتت مرتبطة في ذهنية الشعب السوداني بكل ما هو قبيح وفاجر وفاسق من خمور و"عربدة" وداعرة وهم يرجون لذلك. أنت لا تستطيع أن تنفصم او تنفصل من هذا الواقع وبالتالي لا تستطيع قول هذا الأمر في ظل وجود هذه المعطيات بذهنية أهل السودان.
نحن نعتقد أن الدين مكون أساسي للشعب السوداني ولو أردت القيام بعمل سياسي في السودان لابد أن تعلى من هذه القيمة وتعترف وتهتم بها، ولذلك اقول لك بالنص أن الحديث بأننا علمانيين ما عادت مقبولة لأهل السودان أو لنا كحزب ونحن ننادي بدولة مدنية ليست ضد الدين ولا تقوم بنفيه من الدولة والمجتمع تماماً ونحن نقف على مسافة متساوية مع كل الأديان ونعبر في حركاتنا وفي ادائنا السياسي عن قيم ومعتقدات هذا الشعب باحترام. وهذه هي المسألة برمتها ولذلك لا يمكننك القول بأن هناك تناقض بيننا في الحزب وقطاعنا الطلابي حيال هذه الجزئية، وفي النهاية التعبير الدقيق بأننا نقف على مسافة متساوية من كل الأديان.
تتبنون مشروع السودان الجديد الذي انتهي وآل للزوال والاندثار بانفصال جنوب السودان فهل يمكننا القول بأنه بإنهيار فكرتكم المركزية تلاشي دوركم ؟
حقيقة أن مشروع السودان الجديد الذي طرحته الحركة الشعبية بشكل قوى بحكم آلتها العسكرية وزخمها السياسي وبحكم اتفاقية السلام الشامل وكاريزما قائدها د.جون قرنق بات لديه صدى كبير وأتباع كثر، ونحن منذ تشكلنا كحركة طلابية في مؤتمر الطلاب المستقلين بالجامعات والمعاهد العليا انتبهنا لضرورة وجود سودان جديد نسبة لوعينا المبكر السابق حتى للحركة الشعبية نفسها بوجود صراع بين المركز والهامش جراء وجود مركز قابض على السلطة والثروة وباطش فاسد ومستبد في مقابل هامش محروم ومهمش خارج جغرافيا وتاريخ السودان يتعالى عليه المركز ويفرض عليه ثقافته ويسعي لتذويبه في ما يعرف ببوتقة الانصهار لصالح المركز، ومنذ وقت مبكر قلنا أنه إذا لم يتم الاعتراف بحقوق المجموعات المهمشة في اطراف السودان وحقها الثقافي وتعددها الديني وفي العيش الكريم وفي التنمية وتحدثها بلغتها وتخصيص مساحة مقدرة لها في الإعلام فسيحدث انفجار للغبن الكامن في نفوسهم وهذا ما حدث بالضبط لم نكن نرجم ووقتها بالغيب أو ندعى أمر غير حادث وهذا ما يحدث الان حيث توجد الحركات المسلحة والمعبرة عن الهامش التي تعد هذه هي مطالبها الحقيقية، وبالتالي فإن مشروع السودان الجديد قائم وهو جديد ينهض على هذا القديم وعلى هذا الواقع الفاسد، ولذلك فالمشروع والشعار لا يسقطان، وحتى إذا حدث الآن تغيير ولم يكن مرتكزاً على مشروع السودان الجديد أو يتم الاعترف بالمظالم التاريخية والإقرار بحقوق المهمشين واعادة القسمة العادلة في الثروة والسلطة وتحقيق التوازن الثقافي والديني والاقتصادي إلي الوطن فإنني اتصور أن نعود مجدداً للدائرة الشريرة بحدوث تغيير بثورة ولفشلنا في إدارة هذا التعدد بالشكل الأمثل يقع انقلاب اخر مستفيداً من الأزمات التي تصيب الوضع الديمقراطي ويأتي بدعاوي معالجة العلل والتصحيح ليصبح هو نفسه بلا أدوات أو وعى أو الارادة السياسية التي تمكنه من تصحيح الأوضاع لينتكس وهكذا.
لذلك للحيلولة دون حدوث هذا الأمر كله فأعتقد أن التجربة الاخيرة الحالية للمؤتمر الوطني ملكت الشعب السوداني وعى عميق جداً بطيعبة الأزمة وبالمطلوب لحلها والمتمثل في مشروع السودان الجديد الذي طرحته الحركة الشعبية وطرحناه نحن من قبل وقوي سياسية مستنيرة عديدة ويظل هذا السودان الجديد اشواق كل المهمشين والناشطين والديمقراطيين والأحرار والمحبيين لبلادهم ويريدون لها الخير والنماء.
خلاف مجلس السيادة ومرجعية القوانين
دعني اطرح عليك سؤالاً مباشراً بوصفك قيادياً بارزاً في تحالف قوي الاجماع الوطني المعارض هل تعتقد أن القوي المعارضة مستعدة للقيام بالتغيير ولمرحلة ما بعد التغيير ؟
إرادة القوي السياسية تجلت الآن بشكل واضح في برنامج البديل الديمقراطي والذي قام بتشريح الأزمة في السودان بشكل واضح ووضع الخيارات البديلة للأزمات الموجودة حالياً في البلاد سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو الثقافية أو أزمة الهوية حيث تواصت وتراضت كل القوي السياسية على مشروع البديل الديمقراطي الذي اشتمل على جميع تلك القضايا وهو حد إذا ما تم الالتزام به من قبل الجميع دون نكوص على الاعقاب بعد حدوث التغيير اتصور أننا كلنا متفقيين.
يوجد مشروع الإعلان الدستوري وهو مكمل لبرنامج البديل الديمقراطي والذي حدد هياكل السلطة والأقاليم والصلاحيات وتشكيل المؤسسات وإعادة بناء الخدمة المدنية واسترجاع استقلالية القضاء وسيادة حكم القانون والالتزام بالدستور والحقوق الاساسية للمواطن والحريات، لكن هذا الاعلان الدستوري يعاني حالياً من حالة شد وجذب مع اخوتنا في حزب الأمة ومن قبل مع اخوتنا في المؤتمر الشعبي حيت تمت تجاوز عقبات الشعبي حيال القضايا التي طرحها والأن هم متفقين معنا بنسبة 100% في ما يتصل باعلان الدستوري.
وكل ما تبقي هي نقاط خلافية صغيرة اتصور أن يتم تجاوزها في الاسبوع القادم تماماً من قبل حزب الأمة وجميع الأطراف الآن حريصة على وحدتها وتماسكها للعبور للتغيير المنشود ولتنزيل هذا البرنامج على الأرض تفادياً للاشكاليات التي حدثت في دول الربيع العربي التي لم تمتلك فيها قوى التغيير برنامج أو إعلان دستوري واضح يحكم مسار الفترة الانتقالية ويكفل لنا بعبور مرحلة من مرحلة ونضع فيها السودان في الاتجاه الصحيح.
حتي ييملك الرأي العام الصورة كاملة، فالمتاح حالياً هو حديث عن وجود تحفظات لحزب الامة القومي دون تفاصيل فهل يمكنك أن تلخص لنا تلك التحفظات ؟
يطرح الاعلان الدستوري مجلساً للسيادة مكون من رأس للدولة بجانب 6 اعضاء آخرين ويعتبر حزب الامة أن مجلس السيادة استناداً لتجاربنا التاريخية بعد ثورة اكتوبر 1964م وانتفاضة ابريل 1985م تسبب ابان الفترات الانتقالية تلك في الاقعاد بالدولة وحال دون اتخاذ قرارات جوهرية ومحورية بسبب تشاكس المجموعات نتيجة وقوف جميع اعضائه على مستوي واحد ولذلك فإن اتخاذ القرار من قبله يبدو امر تشوبه صعوبة، واقترح الامة نظام رئاسي بدلاً من مجلس السيادة يرأسه رئيساً للجمهورية ونوابه وفي تقديره أن هذا ادعى لاتخاذ قرارات قوية بجانب امر اخر نتفق معه فيها وهو أن البلاد حالياً في حالة سيولة وإذا لم يوجد نظام مركزي قوى يعبر عنه برئيس فإن الأمر قابل للانفلات، ولذلك فهم يعتقدون –ويقصد حزب الامة، المحرر- أن مجلس السيادة لن يكون قادراً على تجميع هذا الشتات والسيولة في ما يمكن لرئيس جمهورية قوي بصلاحيات واضحة تحقيق هذه الغاية ويحول دون انزلاق السودان للتفتت والتمزق كما حدث في الصومال في مناطق اخرى كثيرة او ما نشاهده حالياً في ليبيا.
الان تم التوافق معهم على هذا الأمر بالاتفاق على مجلس رئاسي مكون من 6 أعضاء يمثلون اقاليم السودان المختلفة من بينهم امرأة بغرض حفظ دورهن وحقوقهن بعدما صرن كيان ورقم لا نستطيع تجاوزهن في المجتمع بحكم دورهن وتأثيرهن حيث سيقوم هؤلاء الاعضاء بإختيار رئيس من بينهم يعتبر رمز الدولة والمعبر عن وحدتها والذي سيمنح صلاحيات محددة في شئون الدفاع أو إعلان حالة الطوارئ أو التمثيل الخارجي وتعيين واستقبال مندوبي السلك الدبلوماسي والسفراء، ويبحث حزب الامة عن مزيد من الصلاحيات للرئيس في ما يتصل بالعلاقات الخارجية والعلاقة بجهاز الامن وغيرها.
عموماً الأمر برمته خاضع للنقاش ويمكنك القول بأننا نمضي صوب مدى بعيد للتواثق والاتفاق حول هذا الجند، كما توجد قضية ثانية اثارها حزب الامة والمتمثلة في طبيعة القوانين هل تكون إسلامية أم مدنية ؟ وأيضاً هذه القضية يمكننا القول بأننا نمضي فيها صوب وفاق.
(نواصل)