رحلتي إلى الإمارات

 


 

 

منتصف القرن الماضي قررنا فراق ديارنا وموطننا في مدينة كسلا بشرق السودان، وقد كانت هجرة قسرية نتيجة لظروف عمل الوالد حفظه الله، حيث تم إحالته لما يعرف بالصالح العام شأنه شأن كثير من رصفائه السودانيين في الخدمة المدنية والعسكرية وهو ما عرف بقانون الاحالة للصالح العام كأداة قانونية يتم عبرها التخلص من الموظفين أو العمال الذين لا ترضى عنهم سلطة الجبهة الإسلامية (الكيزان) وقد تم إحالة أعداد مهولة من خيرة الموظفين في السلك القضائي والعسكري والخدمة المدنية. لذلك اضطر عدد كبير من المفصولين الهجرة إلى بلاد العالم جميعها فمنهم من اتجه إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا ودول الخليج حيث تعتبر هذه اقل مخاطرة نسبة لقرب المسافة والجوار وخصوصاً الثقافة العربية الإسلامية التي هي أقرب على عدد كبير من السودانيين. فكانت وجهة الوالد هي دول الخليج، حيث عمل بالترجمة والمحاماة حيث كانت الوظائف متوفرة إلى حد كبير والبلاد تشهد طفرة اقتصادية وعمرانية ومنها انتقلنا نحن كأسرة إلى بلاد الخليج العربي وقد حط بنا المقام بدولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة.
درست المرحلة الإعدادية ثلاث سنوات ثم المرحلة الثانوية العامة كذلك. وقد شهدت هذه المرحلة ازدهاراً وانفتاحاً على ثقافات عديدة نتيجة للتنوع الذي تحظى به هذه المدراس من كادر تعليمي وطلبة كذلك ولا أنسى الخدمة الممتازة والرعاية التي حظينا بها في المدارس منها رسوم المدارس والترحيل المجاني والوجبات المدعومة الجيدة وبعد إحراز نسبة عالية انتقلت إلى الدراسة بجامعة الخرطوم كلية الآداب وعدت للوطن مرة أخرى فيما يعرف بحملة الشهادة العربية وفي ذلك الوقت تم خصم 10% من النسبة المئوية العامة بعد معادلة الشهادة إلى الشهادة السودانية الثانوية وكان في ذلك إجحاف في حقنا ولا زلت أذكر أن رصفائي في جميع كليات جامعة الخرطوم بكليات الطب والهندسة والقانون قد تفوقوا على زملائهم من حملة الشهادة السودانية.
كثير من الشعراء توجسوا من الغربة "كفاك ما تمشي للغربة" والغربة إن شاء الله تعقري" ومنهم من حفزها كالإمام الشافعي "تغرب عن الأوطان في طلب العـــلا وسافر ففي الأسفار خمـــس فـــوائد تفـــــريج هـــم واكتساب معـــيشة وعلـم وآداب وصحــبـــة مــاجـــد". ولكنني أرى أن الغربة أضافت لنا الكثير كأسرة مهاجرة رغم الظلم الذي حاق بنا وهجرتنا من الوطن فقد حرص الوالد والوالدة على الاهتمام بتعليمنا لتحفيزنا على أن نكون متفوقين وكانت النتيجة مبشرة حيث درست اختي الكبرى كلية البيطرة والثانية درست كلية علوم المختبرات الطبية ودرس أخي كلية الإدارة في أعرق الجامعات السودانية والآن يعملون في وظائف توائم تخصصاتهم العلمية.

سامر عوض حسين
24 أغسطس 2022

samir.alawad@gmail.com
////////////////////////

 

آراء