رداً على محامٍ ممل !

 


 

 


Diaabilalr@gmail.com
-1-
قبل شهر او يزيد كنت مدعوا لمنتدى دال الثقافي كان موضوع المنتدى عن اوضاع الصحافة السودانية.
حرصت على الحضور رغم المشاغل الليلية المتعلقة بكتابة العمود وتمرير الصفحات الى المطبعة.
المشاركون في الندوة استاذين فاضلين فيصل محمد صالح والعبيد مروح وثالثهم المحامي نبيل أديب.
تحدث فيصل حديث سلس ومرتب ومنطقي وفي صميم الموضوع المطروح اتفقت معه في اغلب ما قال.
تحدث نبيل اديب  باسهاب وتفاصيل لا علاقة لها بالموضوع؛  حديث ممل ورتيب؛ لم احتمل نفسي على المقعد ؛ فكنت اول المغادرين والنادمين على عدم الاستماع للعبيد مروح باعتباره متحدث ثالث.
انا في الدوحة للمشاركة في مؤتمر عن حرية الراي والتعبير في الوطن العربي تنظمه شبكة الجزيرة نبهني زميل لمقال للاستاذ أديب ينتقدني فيه انتقادا لاذعا  ردا على مقال لي علقت من خلاله على بيان الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي الذي قال ان هجومهم على بعض المناطق بجنوب كردفان هو بداية تنفيذ الشق العسكري لنداء السودان.
بعد ساعات من ذلك البيان اصدر ياسر عرمان بيان جديد  لتصحيح وتصويب ما جاء في بيان ارنو الذي مثل ورطة لحلفاء الداخل الموقعين على نداء السودان.

سارعت لقراءة مقال اديب  ولكن بعد سبع دقائق من القراءة انتابتتي ذات حالة منتدى دال ضاقت بي الغرفة هذه المرة.
حديث ممل ومطول ومحشو بالاستشهادات غير ذات الصلة بموضوع التعقيب.
اصدقكم القول لم استطع  قراءة التعقيب  كاملا اخذت اقرا من هنا وهناك الى نهاية المقال.
قلت ربما هذا هو الاسلوب المفضل للاستاذ أديب في المحاماة وهو اسلوب الاقناع عبر الارهاق والاستسلام بعد الملل.
لا يعرف الاستاذ اديب الفرق بين لغة واسلوب الكتابة الصحفية ومذكرات و مرافعات المحاكم.
-2-
نبيل اديب يرى انني اصدرت حكم على الاستاذين فاروق ابوعيسى و امين مكي مدني من خارج المحكمة وبذلك اريد التاثير على القضاء.
حاول نبيل اديب بصورة متعسفة ومراوغة  ان يثبت ان الدول تقبل عقد تحالفات بين احزاب سياسية وفصائل حاملة للسلاح وان الامر  (عادي زي الزبادي)!
ما كتبته تعليقا على بيان الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي هو اعادة وتكرار لراي ظللت اردده منذ سنوات وقبل محاكمة الاستاذين فاروق ومدني.
ظللت اكتب:
لا تبرير لحمل السلاح .
البندقية لا تنتج ديمقراطية، من جاء بالسلاح سيحكم به.
في ذلك لا فرق بين الجبهة الثورية وتنظيم داعش.
وسيلة التغيير والتعبير سترسم وتحدد طريقة الحكم وهذا ما حدث في دولة جنوب السودان الآن.
في دولة الجنوب لم تحكم الحركة الشعبية بل حكم الجيش الشعبي الذي خاض الحرب منذ 1983 إلى تكوين الدولة.


قلت لباقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية قبل الانفصال، الطريقة التي ستوصلكم للحكم في جوبا هي التي سيختارها معارضوكم للاحتجاج عليكم.
وهذا ما حدث.
تبرير حمل السلاح جرثومة لم تغادر الجسد السياسي السوداني المعاصر من ثورة 24 إلى اليوم.
اتفاق احزاب سياسية  مع فصائل مسلحة هو عمل غير سلمي؛ طالما ان الحرب مستمرة الا اذا قررت الفصائل وضع السلاح .

المقدمات ستحدد النهايات والوسائل ستفرض النتائج.
قالها المهاتما غاندي:
(الغاية هي الشجرة، والوسيلة هي البذرة.. إنّ الغاية موجودةٌ في الوسيلة كما أنّ الشجرة موجودةٌ في البذرة).
-3-
كنت أظن أن المحامي أديب أكثر احتراماً من أن ينسب لي ما لم أقله.
حينما علقت على بيان الناطق الرسمي للجيش الشعبي وهو يصف هجومهم على بعض المناطق بجنوب كردفان بأنه بداية تنفيذ الشق العسكري لاتفاق نداء السودان لم يكن ذلك تعليقاً على مجريات محاكمة الأستاذين فاروق أبوعيسى ومدني.
ما فعلت تعليق سياسي على بيان من جهة سياسية فلا علاقة له بمداولات المحكمة.
كان أولى للمحامي أديب أن يتصل هاتفياً بالناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي ويطلب منه الصمت إلى نهاية القضية حتى لا يؤثر على مجرياتها  لا أن يعترض على تعليقي على البيان بمقال طويل وممل ومحشو بمنقولات من قوقل لا علاقة لها بأصل الموضوع !
-4-

لن أقحم نفسي في حشو مقال المحامي أديب فليس لي وقت حتى أنفقه في مناقشة ما لا جدوى منه وإذا كان لا بد من المناقشة فالعم قوقل أولى بالنقاش لا المحامي نبيل أديب!
سأركز على نقاط أساسية جداً:
نقطتي المركزية في الموضوع وظللت أكتب عنها قبل محاكمة أبوعيسى ومدني أنه لا توجد دولة في العالم تسمح لقوى سياسية تعمل وفق القانون أن تعقد اتفاقات سياسية مع فصائل حاملة للسلاح.
في الديمقراطية الثالثة اعتقلت حكومة السيد الصادق المهدي الأساتذة الذين شاركوا في ندوة أمبو مع الحركة الشعبية.. شاركوا في ندوة ولم يوقعوا اتفاقيات تبرر الجمع بين العمل السياسي والعسكري!
-5-


على نقيض ما ذكر المحامي أديب في بريطانيا لم يكن مسموحاً بإجراء أي حوار مع الجيش الجمهوري الإيرلندي دعك من عقد اتفاق معه قبل أن يضع سلاحه وينبذ العنف.
في عام 1993 بعد اجتماع رئيس الوزراء البريطاني والإيرلندي أعلن أنه لن يشارك في مباحثات مستقبل إيرلندا الشمالية إلا الأحزاب التي تنبذ العنف والملتزمة بالمسار الديمقراطي .
بعد ثمانية شهور أعلن الجيش الجمهوري إيقاف إطلاق النار  وفي  1997 التقى جيري آدمز مع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني في أول لقاء بين رئيس وزراء بريطاني وقيادي من الجيش الجمهوري منذ لقاء 1921 بين كولينز ورئيس الوزراء البريطاني دافيد لويد جورج!
-6-
-      
المضحك والمثير للسخرية أن المحامي أديب يفرق بين الجبهة الثورية  والجيش الجمهوري، بأن الأخير لم يسيطر على أراضٍ مثل ما أفلحت الجبهة الثورية في ذلك؛ كأن الشرعية تكتسب بوضع الأيادي على أراضٍ في الدولة عبر العمل العسكري مثل ما حدث  في تجربة داعش في العراق وسوريا!

الغريب جداً بالنسبة لي استشهاد المحامي أديب بحزب ديمقراطية الشعوب في تركيا باعتباره واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني وذا صلة بعبد الله أوجلان!
ألا يعلم المحامي أديب أن الحزب الذي ذكره لم يطرح نفسه في تركيا كحزب كردي بل هو من النابذين لممارسة العنف وخطابه موجه لكل شرائح المجتمع التركي وهو يضم في عضويته أكثر من 10 في المائة من الشواذ والمتحولين جنسياً!
قد تكون له علاقة بأوجلان أو حزب العمال، ولكنه لا يوثق لهذه العلاقة عبر اتفاقيات وبيانات وصور مشتركة وأيادٍ متشابكة تعبيراً عن التضامن والاتحاد!
لم يحدث  انفراج في الأزمة الكردية إلا بعد أن أعلن أوجلان من داخل سجنه التخلي عن الخيار العسكري، وقالها دون مواربة لعضوية حزبه: (ضعوا أسلحتكم واعقدوا مؤتمركم الاستثنائي).
أنا شخصياً كنت سأكون من أوائل المؤيدين لاتفاق نداء السودان إذا فيه سطر واحد ينبذ التغيير عبر العمل العسكري، ولا يبرر له على طريقة المحامي نبيل الملتوية ومملة كذلك!

 

آراء