رد على مقال الدكتور أحمد عثمان (المستقبل لا يمكن فصله ميكانيكياً)
حامد بشري
17 October, 2023
17 October, 2023
الحوارية التي دارت بين صديق الزيلعي وأحمد عثمان أسترعت أنتباه الكثيرين من المنشغلين بالشأن العام تداولها بعض القراء في المنابر العامة ووسائل التواصل الأجتماعي . ساهمتُ فيها بمقال عنوانه (تعقيب علي ما ورد حول الأختلاف بين قوي التغيير الجذري وقحت) . الذي دفعني مُجدداً لمواصلة الحوار هو مقال الدكتور أحمد عثمان المعنون ب (المستقبل لا يمكن فصله ميكانيكياً عن الحاضر، وإيقاف الحرب يتم علي أساس خط وبرنامج سياسي) وفيه يجد القارئ ملخصاً لآراء كل منهما (الزيلعي وأحمد عثمان) مما يسهل مهمة التعقيب . الملاحظة الأيجابية هو الطرح الموضوعي للصراع الفكري علي أروقة المنابر بدلاً من تداوله في المجالس الخاصة مما يحفظه كأرشيف للمستقبل ويشجع علي البحث فيما يُطرح من آراء ويثبت آداب إختلاف الرأي ويحفظ الود بين المشاركين . الملاحظة السالبة هو أن صحيفة (الميدان) المحترمة لم تلتزم بقواعد المهنية ولم تنشر الآراء التي تقف معارضةً (للتغيير الجذري) وإن أتت من شخصيات مشهود لها بالمواقف الوطنية الصلبة ناهيك أن بعض هذه الآراء أتت من عضوية حزبية ملتزمة . هذا مسلك يقف نقيض ما كان عليه الحال في نهاية الستينيات وتحديداً في 1969عندما كان الصراع الفكري يُطرح في صحيفتي أخبار الأسبوع والأيام والمجلة الداخلية (الشيوعي) . كانت تُنشر آراء كل من عمر مصطفي المكي وأحمد سليمان ومعاوية أبراهيم والتي كانت علي النقيض من رأي عبدالخالق . والي وقت قريب كانت مجلة (قضايا سودانية) تنشر رأي الشيوعيين ومن يخالفهم . كذلك كانت مجلة (الشيوعي) و (المنظم) الكراسة الداخلية لأعضاء الحزب تنشر معظم الآراء التي تناقش الصراع الفكري والمسائل النظرية . ليس هذا فحسب وأنما قرأت قبل فترة في نعي البروفسير أحمد عبدالمجيد أنه كان شيوعياً نشطاً في إدارة البحوث التي تتبع للحزب الشيوعي ، هذا يعني أن هنالك مجال لنشر الأبحاث والأوراق التي تعارض مفهوم التغيير الجذري ، الأ أن كل هذا لم يجد حظه من طرح الآراء التي أتت مخالفة لرأي بعض عضوية اللجنة المركزية.
في المقال المذكور أعلاه ، ذكر أحمد عثمان : (أن قوي التغيير الجذري ضد من ينادون بأن المهمة الآن تتوقف علي وقف الحرب فقط وتأجيل أي إختلافات لما بعد وقوفها، وهو موقف من يريد الخروج من الحرب بأي ثمن ويبحث عن أي مخلص، من مواقع الخضوع للأزمة لا مواقع الخروج الصحيح منها. وذلك لأن الخروج من الحرب سيتم حتماً وفقاً لخط سياسي وبرنامج سياسي، يجاوب على أسئلة لا تحتمل التأجيل) .
أجد نفسي في عدم إتفاق مع هذا الأستنتاج (الخروج من الحرب سيتم حتماً وفقاً لخط سياسي وبرنامج سياسي، يجاوب على أسئلة لا تحتمل التأجيل) . الخط السياسي لوقف الحرب هو أيقافها والأدوات السليمة لذلك هي النهوض والوحدة الجماهيرية التي تقف متحدة في وجه الأطروحات والأستنتاجات التي تسبق الواقع السياسي . وقف الحرب يعني أرجاع الجيش وأعادة تكوينه من دون أدلجة سياسية ومحاكمة من تسبب في هذه الحرب وبالمقابل حل ومحاسبة قادة الدعم السريع فيما أرتكبوه من جرائم . وهذا ضمنياً يعني أنهاء الأتفاق الأطاري الذي كانا الطرفان (الجيش والدعم السريع) يشكلان ضلعيه وعقبة كؤد في الوصول الي إتفاق يتم بموجبه تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية مما يمهد لإستكمال ثورة ديسمبر. غياب قيادة الجيش السياسية ولجنته الأمنية والدعم السريع عن المشهد السياسي يعني ضمنياً ذوبان الأتفاق الأطاري والذي لا يعني بالضرورة قبول الجذري كبديل . شعار لا للحرب هو السلاح الوحيد في الوقت الحاضر الذي بأمكانه أقتلاع المؤسسة العسكرية الأسلامية التي ضمت فلول الأسلاميين والداعشين وكتائب ظلهم ومليشيات الجنجويد التي خرجت من رحمهم .
ورد في أطروحة الدكتور أحمد عثمان ما يلي :
(والحقيقة أنه مثلما أن الإنتقال برمته يحتاج للتوافق على برنامج حد أدنى يسمح بتحالف القوى المدنية الراغبة في دولة مدنية تؤسس لتحول ديمقراطي، إيقاف الحرب يحتاج لبرنامج حد أدنى يحدد كيفية وقف الحرب والتأسيس للإنتقال المدني، أي أن وقف حل إلى دولة السودانيين المدنية الإنتقالية، التي تؤسس للتحول الديمقراطي. والقول بغير ذلك يعني فصلاً متعسفاً بين التكتيكي "إيقاف الحرب" والإستراتيجي "الإنتقال" ، وتغليب الأول على الثاني، وهذه هي الإنتهازية السياسية في أبهى صورها، التي تقود حتماً إلى تقويض الإستراتيجي ومنع الإنتقال).
صحيح أن وقف الحرب هو عملية أستراتيجية يجب العمل علي تحقيقها وهي تشمل عدة محطات منها فتح ممرات آمنة ، السماح بوصول المساعدات الأنسانية للمتضررين ، إرغام الطرفين المتحاربين علي وقف أطلاق النار ، هدن مختلفة تتراوح فتراتها الزمنية ، الجلوس لطاولة مفاوضات ، ألاتفاق علي الوسطاء الخ . هذا هو التكتيك للوصول لاستراتيجية وقف الحرب . أما برنامج التحول المدني الديمقراطي تتم مناقشته في مرحلة لاحقة . لا يستقيم عقلاً مناقشة برنامج التحول المدني الديمقراطي الذي يتم في مناخ أقلها يجب أن تتوفر فيه الحريات الأساسية والسودانيون ما زالوا لم يدفنوا موتاهم بعد . وفي أحصائيات وردت في وسائل التواصل الأجتماعي لم أـتمكن من التدقيق من صحتها بعد حيث قُدر عدد الضحايا ب 50 الف قتيل وأكثر من 5 مليون سوداني فقدوا المأوي وأصبحوا بين نازحين ولاجئين أضافة الي 20 مليون آخرين مهددين بالجوع . سته أشهر دمرت فيها الحرب 80 بالمائة من البنية الصناعية بالبلاد . خسارة الأقتصاد السوداني تقدر بترليون دولار . ستة أشهر توقفت خلالها ما لايقل عن مائة مستشفى عن العمل ، ٧٠ منها تعرض للنهب والتدمير الكلي او الجزئي. ولا حديث عن التعليم الذي تعطلت الدراسة في 155 جامعة وكلية منها 39 جامعة حكومية، إضافة إلى 116 مؤسسة تعليم عالي خاصة، منها 17 جامعة و65 كلية خاصة بالخرطوم بين أهلية وأجنبية. في هذه الظروف التي تهدد وجود القطر يعتبر الدكتور أحمد عثمان أن مناقشة وقف الحرب أنتهازية سياسية في أبهي صورها . هذا أستنتاج غير واقعي وغير سليم ويدعو بصورة غير مباشرة الي الأستمرار في الحرب الي أن نتفق علي ما هو الأستراتيجي وما هو التكتيكي ؟ هل هذا ما يريده الدكتور أحمد عثمان؟
ذكر الدكتور أحمد عثمان " وحتى تعلن (قحت) بشكل مؤسسي وبوثيقة أو تصريح من الناطق الرسمي بأنها لن تعود للشراكة بأي صورة من الصور (قحت) ليس مطلوب منها نقد الشراكة، بل مغادرة الشراكة، وهو ما لم تفعله حتى الآن فهل المطلوب من الجذريين أن يغادروا هذه المحطة قبل تغادرها الجهة المعنية أم ماذا؟".
أما بخصوص قائمة هذه الطلبات التي تقدم بها الدكتور أحمد عثمان لقبول قحت كمكون في قوي التحالف العريض الذي يدعو لوقف الحرب ، صرح القيادي في حزب الأمة صديق الصادق للشرق الأوسط في 15 أكتوبر 2023 بأن لا شراكة مع العسكريين وأن العسكر لن يكونوا جزءاً من المشهدين السياسي والأقتصادي وقطع بأستحالة قيام شراكة جديدة بين المدنيين والعسكريين في المرحلة المقبلة .
كما ذكرت سابقاً أن لا للحرب تعني نهاية الأطاري . هذا لا يعني أن الجذريين هم المرجعية ما زالت هنالك جهات وحركات مسلحة ترفع شعار التغيير عن طريق العمل المسلح (حركة عبدالواحد محمد نور وحركة عبدالعزيز الحلو) . الجلوس معهم وأقناعهم بضروة مساهمتهم وأشراكهم في جبهة لا للحرب يدعم ويحمي شعارات ثورة ديسمبر العسكر للثكنات والجنجويد ينحل ثم تأتي بعد ذلك مناقشة أطروحاتهم . لا للحرب تعني تشكيل جبهة جديدة تضم كل القوي السياسية مدنية وعسكرية ولجان مقاومة وحركات مسلحة بأستثناء فلول النظام البائد سواء كانت عسكرية أو مدنية ، بهذا وحده وببناء هذه الجبهة يمكن أن ننتصر في تحقيق شعارات وأستكمال ثورة ديسمبر .
ذكر الدكتور أحمد عثمان في معرض رده علي الدكتور صديق الزيلعي بخصوص الجبهة القاعدية التي تنادي بها قوي التغيير الجذري ما يلي :" كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين و غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تأكيد. ... وان تنفتح على المواطنين جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه. يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية .
أذا تغاضينا النظر عن الخطأ غير المقصود (غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب ) والمقصود بها (لا يدعمون) نجدها فقرة متماسكة تعبر عن الروح والمزاج العام المطلوب لتكوين الجبهة العريضة رغم التحفظ حول (تجمع المهنيين غير المختطف) . أما الفقرة التي تليها مباشرة تبدأ : (وخلاصة ما تقدم هي أن الخلاف بين قوى التغيير الجذري و (قحت) خلاف استراتيجي يمنع التحالف بينها، أساسه عدم الإتفاق على العدو، الذي يؤسس لقبول (قحت) شراكات الدم مع اللجنة الأمنية للإنقاذ، وهي غير راغبة في تجاوز ذلك ومستمرة في الدفاع عن الشراكة تحت مسمى العملية السياسية.
هذه الفقرة نسفت ما قبلها وأخرجت قوي الحرية والتغيير من الملة السياسية والأجتماعية ووضعتها في خانة أعداء للوطن علي الرغم من تصريحاتهم التي تؤكد عدم الشراكة بل جعلت من الجهة التي يمثلها الدكتور أحمد عثمان هي الجسم الوحيد المؤهل لأعطاء شهادة البراءة والغفران . لا أري أن هذا الطرح يمكن أن يخرج بالسودان الي بر الأمان .
صحيح أن المعطيات التي تمثلت في قيام ثورة ديسمبر المجيدة لم تكتمل بعد وذلك يرجع لطبيعة توازن القوي الذي كان حاضراً في الساحة السياسية . ليس هذا فحسب ، وأنما زاد الموقف تعقيداً دخول البلاد في حرب غير مسبوقة وخسائر جسيمة سبق أن أشرت اليها بالتفصيل في فقرة سابقة إضافة الي تدمير شامل للمؤسسة العسكرية والبنية التحتية . هذا الواقع السياسي الأجتماعي يتطلب تفكيراً جاداً خارج الصندوق وأولي أوليات هذا التفكير هو الوحدة الشاملة لوقف نزيف الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقية حطام الوطن ولملمة أطرافه والشروع في النهضة لبنائه مع عدم الأغفال في محاسبة من تسبب في هذا الضياع والخراب .
حامد بشري
16 أكتوبر2023
hamedbushra6@gmail.com
في المقال المذكور أعلاه ، ذكر أحمد عثمان : (أن قوي التغيير الجذري ضد من ينادون بأن المهمة الآن تتوقف علي وقف الحرب فقط وتأجيل أي إختلافات لما بعد وقوفها، وهو موقف من يريد الخروج من الحرب بأي ثمن ويبحث عن أي مخلص، من مواقع الخضوع للأزمة لا مواقع الخروج الصحيح منها. وذلك لأن الخروج من الحرب سيتم حتماً وفقاً لخط سياسي وبرنامج سياسي، يجاوب على أسئلة لا تحتمل التأجيل) .
أجد نفسي في عدم إتفاق مع هذا الأستنتاج (الخروج من الحرب سيتم حتماً وفقاً لخط سياسي وبرنامج سياسي، يجاوب على أسئلة لا تحتمل التأجيل) . الخط السياسي لوقف الحرب هو أيقافها والأدوات السليمة لذلك هي النهوض والوحدة الجماهيرية التي تقف متحدة في وجه الأطروحات والأستنتاجات التي تسبق الواقع السياسي . وقف الحرب يعني أرجاع الجيش وأعادة تكوينه من دون أدلجة سياسية ومحاكمة من تسبب في هذه الحرب وبالمقابل حل ومحاسبة قادة الدعم السريع فيما أرتكبوه من جرائم . وهذا ضمنياً يعني أنهاء الأتفاق الأطاري الذي كانا الطرفان (الجيش والدعم السريع) يشكلان ضلعيه وعقبة كؤد في الوصول الي إتفاق يتم بموجبه تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية مما يمهد لإستكمال ثورة ديسمبر. غياب قيادة الجيش السياسية ولجنته الأمنية والدعم السريع عن المشهد السياسي يعني ضمنياً ذوبان الأتفاق الأطاري والذي لا يعني بالضرورة قبول الجذري كبديل . شعار لا للحرب هو السلاح الوحيد في الوقت الحاضر الذي بأمكانه أقتلاع المؤسسة العسكرية الأسلامية التي ضمت فلول الأسلاميين والداعشين وكتائب ظلهم ومليشيات الجنجويد التي خرجت من رحمهم .
ورد في أطروحة الدكتور أحمد عثمان ما يلي :
(والحقيقة أنه مثلما أن الإنتقال برمته يحتاج للتوافق على برنامج حد أدنى يسمح بتحالف القوى المدنية الراغبة في دولة مدنية تؤسس لتحول ديمقراطي، إيقاف الحرب يحتاج لبرنامج حد أدنى يحدد كيفية وقف الحرب والتأسيس للإنتقال المدني، أي أن وقف حل إلى دولة السودانيين المدنية الإنتقالية، التي تؤسس للتحول الديمقراطي. والقول بغير ذلك يعني فصلاً متعسفاً بين التكتيكي "إيقاف الحرب" والإستراتيجي "الإنتقال" ، وتغليب الأول على الثاني، وهذه هي الإنتهازية السياسية في أبهى صورها، التي تقود حتماً إلى تقويض الإستراتيجي ومنع الإنتقال).
صحيح أن وقف الحرب هو عملية أستراتيجية يجب العمل علي تحقيقها وهي تشمل عدة محطات منها فتح ممرات آمنة ، السماح بوصول المساعدات الأنسانية للمتضررين ، إرغام الطرفين المتحاربين علي وقف أطلاق النار ، هدن مختلفة تتراوح فتراتها الزمنية ، الجلوس لطاولة مفاوضات ، ألاتفاق علي الوسطاء الخ . هذا هو التكتيك للوصول لاستراتيجية وقف الحرب . أما برنامج التحول المدني الديمقراطي تتم مناقشته في مرحلة لاحقة . لا يستقيم عقلاً مناقشة برنامج التحول المدني الديمقراطي الذي يتم في مناخ أقلها يجب أن تتوفر فيه الحريات الأساسية والسودانيون ما زالوا لم يدفنوا موتاهم بعد . وفي أحصائيات وردت في وسائل التواصل الأجتماعي لم أـتمكن من التدقيق من صحتها بعد حيث قُدر عدد الضحايا ب 50 الف قتيل وأكثر من 5 مليون سوداني فقدوا المأوي وأصبحوا بين نازحين ولاجئين أضافة الي 20 مليون آخرين مهددين بالجوع . سته أشهر دمرت فيها الحرب 80 بالمائة من البنية الصناعية بالبلاد . خسارة الأقتصاد السوداني تقدر بترليون دولار . ستة أشهر توقفت خلالها ما لايقل عن مائة مستشفى عن العمل ، ٧٠ منها تعرض للنهب والتدمير الكلي او الجزئي. ولا حديث عن التعليم الذي تعطلت الدراسة في 155 جامعة وكلية منها 39 جامعة حكومية، إضافة إلى 116 مؤسسة تعليم عالي خاصة، منها 17 جامعة و65 كلية خاصة بالخرطوم بين أهلية وأجنبية. في هذه الظروف التي تهدد وجود القطر يعتبر الدكتور أحمد عثمان أن مناقشة وقف الحرب أنتهازية سياسية في أبهي صورها . هذا أستنتاج غير واقعي وغير سليم ويدعو بصورة غير مباشرة الي الأستمرار في الحرب الي أن نتفق علي ما هو الأستراتيجي وما هو التكتيكي ؟ هل هذا ما يريده الدكتور أحمد عثمان؟
ذكر الدكتور أحمد عثمان " وحتى تعلن (قحت) بشكل مؤسسي وبوثيقة أو تصريح من الناطق الرسمي بأنها لن تعود للشراكة بأي صورة من الصور (قحت) ليس مطلوب منها نقد الشراكة، بل مغادرة الشراكة، وهو ما لم تفعله حتى الآن فهل المطلوب من الجذريين أن يغادروا هذه المحطة قبل تغادرها الجهة المعنية أم ماذا؟".
أما بخصوص قائمة هذه الطلبات التي تقدم بها الدكتور أحمد عثمان لقبول قحت كمكون في قوي التحالف العريض الذي يدعو لوقف الحرب ، صرح القيادي في حزب الأمة صديق الصادق للشرق الأوسط في 15 أكتوبر 2023 بأن لا شراكة مع العسكريين وأن العسكر لن يكونوا جزءاً من المشهدين السياسي والأقتصادي وقطع بأستحالة قيام شراكة جديدة بين المدنيين والعسكريين في المرحلة المقبلة .
كما ذكرت سابقاً أن لا للحرب تعني نهاية الأطاري . هذا لا يعني أن الجذريين هم المرجعية ما زالت هنالك جهات وحركات مسلحة ترفع شعار التغيير عن طريق العمل المسلح (حركة عبدالواحد محمد نور وحركة عبدالعزيز الحلو) . الجلوس معهم وأقناعهم بضروة مساهمتهم وأشراكهم في جبهة لا للحرب يدعم ويحمي شعارات ثورة ديسمبر العسكر للثكنات والجنجويد ينحل ثم تأتي بعد ذلك مناقشة أطروحاتهم . لا للحرب تعني تشكيل جبهة جديدة تضم كل القوي السياسية مدنية وعسكرية ولجان مقاومة وحركات مسلحة بأستثناء فلول النظام البائد سواء كانت عسكرية أو مدنية ، بهذا وحده وببناء هذه الجبهة يمكن أن ننتصر في تحقيق شعارات وأستكمال ثورة ديسمبر .
ذكر الدكتور أحمد عثمان في معرض رده علي الدكتور صديق الزيلعي بخصوص الجبهة القاعدية التي تنادي بها قوي التغيير الجذري ما يلي :" كل من يقبل بهذا الحد الادنى من غير الاسلاميين و غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب، هو عضو في الجبهة القاعدية العريضة المطلوبة بكل تأكيد. ... وان تنفتح على المواطنين جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية طالما انهم مؤمنين ببرنامج الحد الادنى المذكور أعلاه. يساند اللجان تجمع المهنيين غير المختطف، والنقابات المهنية في فرعياتها الاقليمية ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتدعمها الاحزاب السياسية الوطنية .
أذا تغاضينا النظر عن الخطأ غير المقصود (غيرهم ممن يدعمون طرفي الحرب ) والمقصود بها (لا يدعمون) نجدها فقرة متماسكة تعبر عن الروح والمزاج العام المطلوب لتكوين الجبهة العريضة رغم التحفظ حول (تجمع المهنيين غير المختطف) . أما الفقرة التي تليها مباشرة تبدأ : (وخلاصة ما تقدم هي أن الخلاف بين قوى التغيير الجذري و (قحت) خلاف استراتيجي يمنع التحالف بينها، أساسه عدم الإتفاق على العدو، الذي يؤسس لقبول (قحت) شراكات الدم مع اللجنة الأمنية للإنقاذ، وهي غير راغبة في تجاوز ذلك ومستمرة في الدفاع عن الشراكة تحت مسمى العملية السياسية.
هذه الفقرة نسفت ما قبلها وأخرجت قوي الحرية والتغيير من الملة السياسية والأجتماعية ووضعتها في خانة أعداء للوطن علي الرغم من تصريحاتهم التي تؤكد عدم الشراكة بل جعلت من الجهة التي يمثلها الدكتور أحمد عثمان هي الجسم الوحيد المؤهل لأعطاء شهادة البراءة والغفران . لا أري أن هذا الطرح يمكن أن يخرج بالسودان الي بر الأمان .
صحيح أن المعطيات التي تمثلت في قيام ثورة ديسمبر المجيدة لم تكتمل بعد وذلك يرجع لطبيعة توازن القوي الذي كان حاضراً في الساحة السياسية . ليس هذا فحسب ، وأنما زاد الموقف تعقيداً دخول البلاد في حرب غير مسبوقة وخسائر جسيمة سبق أن أشرت اليها بالتفصيل في فقرة سابقة إضافة الي تدمير شامل للمؤسسة العسكرية والبنية التحتية . هذا الواقع السياسي الأجتماعي يتطلب تفكيراً جاداً خارج الصندوق وأولي أوليات هذا التفكير هو الوحدة الشاملة لوقف نزيف الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقية حطام الوطن ولملمة أطرافه والشروع في النهضة لبنائه مع عدم الأغفال في محاسبة من تسبب في هذا الضياع والخراب .
حامد بشري
16 أكتوبر2023
hamedbushra6@gmail.com