رسالة من عالم البرزخ
د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
18 May, 2024
18 May, 2024
بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
في المدينة العتيقة الكبيرة الساحلية
كانت ليلة الشتاء دهماء استثنائية
كنت فيها والكون فى نوم عميق
وعبر المسافات وموجات الأثير
جاءتني "طائرةً" من العدم رسالة
من ثنايا محطات وقصور بابلية
المظروف ابيض عليه الطابع الفريد
"الجَمَّالى القديم نفسه " ساعى البريد
وبقلم "الكوبيا" مكتوباً بإختصار
بخطه المعهود العريض
"عون عاجل"
هكذا واضحاً قد جاء السؤال
رغم التواصل الجد محال
فيا ترى ما يعنى ذلك الخال
ذاك الحبيب فى عالم عنا بعيد
"برزخاً غامضاً" كنهه لا نعرفه
ياترى ماذا بالعون يريد؟
أيريد أن يلقاني هناك
هناك عنده فى دار الخلود ؟
أيعيش وحشة برزخ "ان كانت"
يناشدني الدعاء بالذكر المجيد
أيريد تكرارا اعيده وأزيد
أم ياترى السؤال لكل رحم قريب
أم هو للجار والصاحب البعيد
أم صدقة يرجوها زاداً للطريق
لكن شمس الدين "يعاين" من بعيد
" ضاحكاً يقول"
هذه الرسالة قد جاءت للجميع
أظنه يطلب تكثيف دعاء الصباح
واكثاره عند حلقات الذكر وأوراد المساء
لكي تتفتح عندها أبواب السماء
وملائكة تجيئه مبشرةً بقبول الدعاء
محمد الربيع "خالنا" زين الرجال
لابس "المركوب" والثوب النظيف
كان في دنيانا مواسم أفراح الخريف
كان حلو النغم وكل الجمال كان الربيع
يشجونا بالالحان والأنس الظريف
يبهجنا منجذباً بمدح الرسول
فيطرب كل محب ذو قلب رهيف
يارب أرحمه أسكنه علياء الجنان
لا ننساه وإن بعد الزمن والمكان
محمد عبدك "الانسان" بن الربيع
اجب دعائي له يا كريم يا سميع
ــــــــــــــــــــــــــ
هامش توضيحي : هذه الكلمات ترجمة لرؤية منامية قد عشتها حقيقة ليلة شتاء طالت ساعاتها حسب النظام الكوني وكان السكون فيها من ضوضاء المدن قد خيم مهيبا على الأرض اليابسة المكتظة بأهلها، وحتى البحر العريض تقاصرت أمواجه وهدأت بحلول الظلام ولكن كان ساعتها للأرواح شأن آخر عندما تفارق أجسادها مسافرة في لحظة من لحظات الإنطلاق الأثيري تستغل فيها تلك الظروف في حضرة الموت الأصغر ، تسبح في السماء والفضاء الغير محسوس فتلتقي بمحبين رحلوا إلى السماء أو تجوب عوالم غريبة وإن كانت مدنها وبحارها وشخوصها لم تولد بعد. هكذا كانت حصيلة ليلتي تلك وما أجمل الحسن نفسه عندما يصحبك أنسه اللطيف مع أقارب وأصدقاء كثيرين رحلوا إلى دار الخلود فترتاح نفسك وقد غمرتها السلوى وإن كنت تغط في نوم عميق. ًيبق تفكرنا يدور في حلقة مفرغة عن النوم وما تتخلله من أحلام وعن الروح نفسها تفكرا ودراسة علمية هل هي مجرد كهرباء الجسد تتوقف أم أمر آخر، فنعجز ونقول "ستوب " والقران يجيب "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلأ " الإسراء أية ٨٥، صدق الله العظيم
الجمَّالى" أول طابع" بريد سودانى قيل فد خرج من مكتب بريد بربر المدينة السودانية التاريخية إلى الخرطوم ( رسم فني تصويري وجميل لجمل مسرع راكبا علية ساعي البريد يقال هو الساعي حينها إبراهيم ود الفراش، وأخراج حمولة البريد تتدلي من على ظهر ذلك البعير). كان الطابع يستعمل حتي الثمانينات من القرن الماضي قبل موت البريد السوداني وهجران مكاتبه متميزة العمارة الجميلة
"الكوبيا" نوع من الأقلام التي لا يمكن مسح مادتها إطلاقاً أو إزالتها بل تظهر اكثر وتثبت إذا تبلل بالماء المكتوب وكانت تستعمل في كل مكاتب الحكومة والبريد
و"محمد الربيع" هو خالنا الذى مات بعد عمر حافل بالبهجة والجمال وحسن السيرة ولم يكتب الله له ذرية فلم بجذع أو يتكدر . عمل موظفاً بقسم مكافحة الحشرات حتي عهد نميري. كان جميلا شكلاً ومظهراً حتي في شيخوخته ولصوته نغم حلو يطرب الأسماع وهو يرتل القرآن أو ينشد روائع القصائد من أدب المدائح.
و"شمس الدين" هو ابن خالنا الأستاذ الحسين الطاهر الربيع وقد رحل عنا سريعا وهو في ريعان شبابه قبل أعوام مضت، الرسالة كانت بدون توقيع لكن خط يده المميز كان البصمة الشاهدة على أنه هو!. عليهم جميعاً رحمة الله
القارئ العزيز قيل في حديث منسوباً لأبي هريرة"إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " وفي ظني أن استدامة ذلك التعارف والحب في الله والصفاء بين الأرواح لا يحجبها الموت عن التواصل لأن حب المرء الحقيقي للذين رحلوا عن دنياه حتما لا ينقطع حتى بعد الموت والتواصل معهم بالدعاء والتصدق مطلوب منا فارجو أن لا تنسي عزيري الراحلين من أهلك وأصدقائك فكلهم في حاجة إلي دعائك خاصة نحن اليوم نعيش في عالم نعوذ بالله من تداعيات ظروفه وشروره الجاهلية الغير طبيعية بل إستعمارية فيها تزكم الأنوف روائح الموت الكريهة وصار الدمار طوفان عادي يستهدف الممتلكات والبنية التحتية في البلاد وصار الموت شيئا عاديا ورخيصة فيه روح الإنسان للأسف بثمن طلقة نارية واحدة. فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب سوف لا يجرأ أبدا أن يقتل نفساً بغير حساب وحق معلوم مثبت أو أن يتعدى على الحق وممتلكات الغير أو المصالح العامة. ما يحدث في العالم خاصة السودان وغزة هول تشيب له الولدان شيباً. يا رب ترد للسودان كينونته وحريته وتماسكه وعودة مظفرة لكل نازح ومظلوم . هدر الروح قطعاً حرام وجريمة نكراء .
شكراً حفظكم ورعاكم الله
drabdelmoneim@yahoo.com
في المدينة العتيقة الكبيرة الساحلية
كانت ليلة الشتاء دهماء استثنائية
كنت فيها والكون فى نوم عميق
وعبر المسافات وموجات الأثير
جاءتني "طائرةً" من العدم رسالة
من ثنايا محطات وقصور بابلية
المظروف ابيض عليه الطابع الفريد
"الجَمَّالى القديم نفسه " ساعى البريد
وبقلم "الكوبيا" مكتوباً بإختصار
بخطه المعهود العريض
"عون عاجل"
هكذا واضحاً قد جاء السؤال
رغم التواصل الجد محال
فيا ترى ما يعنى ذلك الخال
ذاك الحبيب فى عالم عنا بعيد
"برزخاً غامضاً" كنهه لا نعرفه
ياترى ماذا بالعون يريد؟
أيريد أن يلقاني هناك
هناك عنده فى دار الخلود ؟
أيعيش وحشة برزخ "ان كانت"
يناشدني الدعاء بالذكر المجيد
أيريد تكرارا اعيده وأزيد
أم ياترى السؤال لكل رحم قريب
أم هو للجار والصاحب البعيد
أم صدقة يرجوها زاداً للطريق
لكن شمس الدين "يعاين" من بعيد
" ضاحكاً يقول"
هذه الرسالة قد جاءت للجميع
أظنه يطلب تكثيف دعاء الصباح
واكثاره عند حلقات الذكر وأوراد المساء
لكي تتفتح عندها أبواب السماء
وملائكة تجيئه مبشرةً بقبول الدعاء
محمد الربيع "خالنا" زين الرجال
لابس "المركوب" والثوب النظيف
كان في دنيانا مواسم أفراح الخريف
كان حلو النغم وكل الجمال كان الربيع
يشجونا بالالحان والأنس الظريف
يبهجنا منجذباً بمدح الرسول
فيطرب كل محب ذو قلب رهيف
يارب أرحمه أسكنه علياء الجنان
لا ننساه وإن بعد الزمن والمكان
محمد عبدك "الانسان" بن الربيع
اجب دعائي له يا كريم يا سميع
ــــــــــــــــــــــــــ
هامش توضيحي : هذه الكلمات ترجمة لرؤية منامية قد عشتها حقيقة ليلة شتاء طالت ساعاتها حسب النظام الكوني وكان السكون فيها من ضوضاء المدن قد خيم مهيبا على الأرض اليابسة المكتظة بأهلها، وحتى البحر العريض تقاصرت أمواجه وهدأت بحلول الظلام ولكن كان ساعتها للأرواح شأن آخر عندما تفارق أجسادها مسافرة في لحظة من لحظات الإنطلاق الأثيري تستغل فيها تلك الظروف في حضرة الموت الأصغر ، تسبح في السماء والفضاء الغير محسوس فتلتقي بمحبين رحلوا إلى السماء أو تجوب عوالم غريبة وإن كانت مدنها وبحارها وشخوصها لم تولد بعد. هكذا كانت حصيلة ليلتي تلك وما أجمل الحسن نفسه عندما يصحبك أنسه اللطيف مع أقارب وأصدقاء كثيرين رحلوا إلى دار الخلود فترتاح نفسك وقد غمرتها السلوى وإن كنت تغط في نوم عميق. ًيبق تفكرنا يدور في حلقة مفرغة عن النوم وما تتخلله من أحلام وعن الروح نفسها تفكرا ودراسة علمية هل هي مجرد كهرباء الجسد تتوقف أم أمر آخر، فنعجز ونقول "ستوب " والقران يجيب "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلأ " الإسراء أية ٨٥، صدق الله العظيم
الجمَّالى" أول طابع" بريد سودانى قيل فد خرج من مكتب بريد بربر المدينة السودانية التاريخية إلى الخرطوم ( رسم فني تصويري وجميل لجمل مسرع راكبا علية ساعي البريد يقال هو الساعي حينها إبراهيم ود الفراش، وأخراج حمولة البريد تتدلي من على ظهر ذلك البعير). كان الطابع يستعمل حتي الثمانينات من القرن الماضي قبل موت البريد السوداني وهجران مكاتبه متميزة العمارة الجميلة
"الكوبيا" نوع من الأقلام التي لا يمكن مسح مادتها إطلاقاً أو إزالتها بل تظهر اكثر وتثبت إذا تبلل بالماء المكتوب وكانت تستعمل في كل مكاتب الحكومة والبريد
و"محمد الربيع" هو خالنا الذى مات بعد عمر حافل بالبهجة والجمال وحسن السيرة ولم يكتب الله له ذرية فلم بجذع أو يتكدر . عمل موظفاً بقسم مكافحة الحشرات حتي عهد نميري. كان جميلا شكلاً ومظهراً حتي في شيخوخته ولصوته نغم حلو يطرب الأسماع وهو يرتل القرآن أو ينشد روائع القصائد من أدب المدائح.
و"شمس الدين" هو ابن خالنا الأستاذ الحسين الطاهر الربيع وقد رحل عنا سريعا وهو في ريعان شبابه قبل أعوام مضت، الرسالة كانت بدون توقيع لكن خط يده المميز كان البصمة الشاهدة على أنه هو!. عليهم جميعاً رحمة الله
القارئ العزيز قيل في حديث منسوباً لأبي هريرة"إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " وفي ظني أن استدامة ذلك التعارف والحب في الله والصفاء بين الأرواح لا يحجبها الموت عن التواصل لأن حب المرء الحقيقي للذين رحلوا عن دنياه حتما لا ينقطع حتى بعد الموت والتواصل معهم بالدعاء والتصدق مطلوب منا فارجو أن لا تنسي عزيري الراحلين من أهلك وأصدقائك فكلهم في حاجة إلي دعائك خاصة نحن اليوم نعيش في عالم نعوذ بالله من تداعيات ظروفه وشروره الجاهلية الغير طبيعية بل إستعمارية فيها تزكم الأنوف روائح الموت الكريهة وصار الدمار طوفان عادي يستهدف الممتلكات والبنية التحتية في البلاد وصار الموت شيئا عاديا ورخيصة فيه روح الإنسان للأسف بثمن طلقة نارية واحدة. فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب سوف لا يجرأ أبدا أن يقتل نفساً بغير حساب وحق معلوم مثبت أو أن يتعدى على الحق وممتلكات الغير أو المصالح العامة. ما يحدث في العالم خاصة السودان وغزة هول تشيب له الولدان شيباً. يا رب ترد للسودان كينونته وحريته وتماسكه وعودة مظفرة لكل نازح ومظلوم . هدر الروح قطعاً حرام وجريمة نكراء .
شكراً حفظكم ورعاكم الله
drabdelmoneim@yahoo.com