رشا عوض قولي الحقيقة

 


 

 

تأمُلات
رشا عوض قولي الحقيقة
كمال الهِدَي

. كاتبة الرأي الزميلة رشا عوض من الكاتبات اللاتي كنت أقدر مساهماتهن حقيقة، وأعتبرها كاتبة مصادمة من الطراز الرفيع، قبل أن يضعف هذا التقدير لإعتبارات عديدة تتصل في مجملها بتناولها للشأن العام لكوني لم ألتقيها طوال حياتي، ولم أتعرف عليها سوى من خلال زاويتها المقرؤة.

. وما دعاني للكتابة حول مواقفها اليوم هو استقالتها من تقدم.
فقد طالعت ما خطه يراعها حول هذه الإستقالة ولم أجد سوى كلام عام حول احترامها لتقدم وافتخارها بأنها كانت جزءاً منها طوال الفترة الماضية.

. ولكوني ليس من النوع الذي تقنعه عبارات الثناء والشكر في مثل هذه المواقف، خاصة عندما يتعلق الأمر بكاتب رأي، لم تشبع سطورها فضولي أو تجيب على السؤال الهام: لماذا استقالت رشا عوض من تقدم في هذا الوقت؟!

. رأيي الشخصي هو أن كاتب الرأي تحديداً عندما يتخذ موقفاً محدداً فلابد أن يوضح للقراء ولكافة أبناء الشعب مسببات هذا الموقف، وإلا فيكون هذا الكاتب كمن يهزم فكرة كتابة الرأي نفسها.

. فنحن نكتب لكي نوضح للناس بشفافية تامة، ونقول رأينا حول مختلف القضايا التي تهمنا، وننتقد المسئولين علي تقصيرهم وعدم شفافيتهم.

. فكيف نسمح لأنفسنا - عندما يتعلق الأمر بنا- أن نتصرف كما هؤلاء المسئولين الذين نبذل سنوات من عمرنا في انتقادهم وتسليط الضوء على جوانب قصورهم من أجل أن يرتقوا لمستوى المسئوليات الملقاة على عواتقهم!

. لا يجدر بنا أن نجامل بعضنا ككتاب وإعلاميين، ولا أن نزين أخطاء ومواقف بعضنا المخزية على حساب المصلحة العامة، خاصة في هذا الوقت الصعب والظروف الإستثنائية التي يشهدها بلدنا.

. وفي رأيي الشخصي أن رشا اتخذت موقفين لا يتسقان مع ما ظلت تعبر عنه في مقالاتها.
. الموقف الأول هو قبولها بالعمل كناطق بإسم تقدم قبل أن يُعين الدكتور بكري الجاك في مكانها وهي من كتبت مقالاً في ٢ مارس ٢٠٢٢ تحت عنوان (مبادرة عودة حمدوك) قالت في جزء منه ما يلي : " الدكتور عبد الله حمدوك وجد فرصة تاريخية لم تتح لاحد
قبله في تاريخ السودان تأييد شعبي كاسح من جماهير الثورة، دعم دولي من العيار الثقيل فماذا فعل بكل ذلك؟ الاجابة من وجهة نظري انه بدد هذه الفرصة ولم يستثمرها ابدا في تحقيق اختراق سياسي لصالح أهداف الثورة بل انتهى به المقام الى الاستسلام للانقلاب في 21 نوفمبر 2021! وبعد ان تقدم باستقالته تفادى تماما ان يسجل ادانة صريحة للعسكر ويحملهم
مسؤولية الانقلاب بل فرق دم الازمة بين الجميع! هذه التجربة اثبتت باختصار ان حمدوك ليس قائدا سياسيا لديه القدرة الحقيقية على خوض المعركة
التاريخية التي تفرض نفسها فرضا على السودان، اي معركة تأسيس الدولة السودانية من جديد على اساس ديمقراطي وتنموي لكفالة حقوق المواطنة فعلا لا قولاً. "

. إنتهى المقتطف من مقال رشا القديم والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: كيف قبلت كاتبة الرأي (المصادمة)العمل في تقدم التي كانت تعلم أن رئيسها هو هذا الحمدوك الذي لا يصلح كقائد سياسي! وهو رأي على فكرة أتفق معه منذ لحظة ظهور د. حمدوك الأول كرئيس لحكومة الثورة وهو ما عبرت عنه في مقالات لا تحصى ولا تعد وقتها.

. أما الموقف الثاني الذي لا يتسق مع كتابات رشا عوض هو أن تستقيل الكاتبة )المصادمة) دون أن توضح لمواطني هذا البلد المكلومين السبب الحقيقي الذي دعاها لذلك.

. فحين تكتب في استقالتها عبارات المجاملة والغتغتة تصبح بالنسبة لي (علي الأقل) بلا اختلاف واضح عن أم وضاح، رشان، عائشة، مزمل، ضياء أو أي كاتب كيزاني مضلل، بل أرى موقفها أشد بؤساً من كل هؤلاء بإعتبار أنهم أعداء واضحين للإنسانية ولكل جميل.

. ولا يزال السؤال قائماً: هل إستقالت رشا لأسباب تتعلق بتعيين دكتور الجاك كناطق رسمي لتقدم، لرغبة في أن يكون موقفها (بين بين) ربما تحسباً لما هو قادم، أم لسبب آخر؟!

. وفي كل الأحوال كان يتوجب عليها أن تكون شفافة ككاتبة رأي، وأن تذكر السبب الحقيقي، فكتابة الرأي يفترض أن تستهدف تنوير الناس لا تضليلهم وتغبيش الصورة في أذهانهم.

kamalalhidai@hotmail.com

 

آراء