ريشي سوناك والدرس الإنجليزي
محمد الربيع
31 October, 2022
31 October, 2022
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومُ - فلا تقنع بما دون النجومِ
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ - كطعم الموت في أمرٍ عظيم
،،،، أبو الطيب المتنبيء ،،،،
✍️بعد الدرس الأمريكي الرائع في الديمقراطية والحكم الرشيد عندما وصل أحد أبناء الأقليات وذوي البشرة السمراء إلي سدة البيت الأبيض بوصول باراك أوباما في العام 2008 والذي أعاد كتابة التاريخ الأمريكي مجسّداً "الحلم الأمريكي" للثائر المسالم مارتن لوثر كنج في أعلي تجلياته! وجعل العالم يعترف بقيم العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص في بلاد العم سام "بين كل المكونات بغض النظر عن الخلفية العرقية" حيث لكلِّ مجتهد نصيب ومن كدّ وجدَ وبإمكان الجميع الصعود إلي أعلي درجات السلم الوظيفي والمهني إذا إستوفي الشروط وإمتلك الأسباب وتوفرت عنده معايير الكفاءة والمهنة،،، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
☀️بالأمس وقف العالم منبهراً يتغني مرة أخري عندما قدّم الإنجليز درساً بليغاً في الديمقراطية والتسامح والتعايش السلمي وإختاروا السياسي الشاب ريشي سوناك (الهندي الأصل - هندوسي الديانة) في أعلي منصب تنفيذي في المملكة المتحدة رئيساً للوزراء خلفاً للمستقيلة ليز تروس!!
السياسي الشاب ريشي سوناك المولود في مدينة ساوثامبتون جنوبي لندن 1980 لأبوين هنديين هاجرا من شرق أفريقيا "كينيا" تخرج في كلية الإقتصاد جامعة أوكسفورد ثم صعد في دنيا الأعمال والسياسة حتي إعتلي المنصب الرفيع ولم يقل أي برلماني إنجليزي بأن سوناك لا يستحق هذا المنصب لأنه ليس إنجليزياً "مؤصلاً" أو لأنه أسود البشرة أويعتقد بالهندوسية عوضاً عن المسيحية!
🔥إن ما فعله الإنجليز هو درسْ بليغ يقدم للعالم وخاصة إلي الدول العربية الإسلامية (الجاهلية) التي تعشعش فيها العنصرية والقبلية والإدعاء الزائف بالنقاء العرقي وأفضلية أقوام علي آخرين علي الرغم من التعاليم الإسلامية التي تقول بأن "لا فضل لعربيّ علي عجميّ ولا أبيض علي أسود إلّا بالتقوي" (وكلكم لآدم وآدم من تراب) وعلي الرغم من التكريم الإلهي لكل بني آدم "ولقد كرمنا بني آدم ……" إلي آخر الآية.
فقبل أسابيع لم يكن أفضل المتفائلين يتوقع وصول هندوسي لرئاسة وزراء المملكة المتحدة (البلد الذي إستعمر الهند لمدي قرون) وحكم نصف العالم ويخضع الآن لحاكم هندي !!!
إنه التحضر ياخ …….
✍️أن الدرس الإنجليزي بالنسبة لنا نحن السودانيين يجعلنا نشعر بالحسرة والكثير من الأسف والمرارة لحال بلادنا التي تمزقها العنصرية وتنحرها الفتن القبلية من الوريد إلي الوريد منذ الإستقلال ! حيث فشلنا كامة وشعب في بناء دولة يسع الجميع ! وبترنا جنوبنا العزيز !! فشلنا في كتابة دستور دائم وتأسيس عقد إجتماعي يجعل التعايش بيننا يقوم علي الإحترام المتبادل والعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص والتبادل السلمي للسلطة دون إحتراب وإقتتال !! فشلنا بأن نجعل من القبائل وسيلة للتعارف بين الناس وأن نضبط العلاقات بينها بالقانون ودولة المؤسسات، بل جعلناها أدوات سياسية قذرة، فشلنا في أن نقيم نظاماً قانونياً راسخاً يعلي من قيمة الإنسان ويحاسب الكبير قبل الصغير والراعي قبل الرعية ،،، نحن الآن في 2022 وما زلنا نقتل بعضنا البعض بإسم القبيلة ونتفاضل علي بعضنا البعض بالأنساب ونتعصب علي القبيلة والعشيرة وكاننا لم ننظر علي وجوهنا في المرآة !! وكما قال دكتور منصور خالد : تجد أحدهم أكثر سواداً من حبة البركة ثم يقول لك أنا عربي! وكما يقول دكتور محمد جلال هاشم : السودان من أفقر الدول لكنها الأكثر إستهلاكاً للكريمات ومستلزمات تفتيح البشرة وهذا دليل الإستلاب والتشبه بأقوامٍ آخرين فضلاً عن عقدة النقص والدونية!! وكلنا مسلمون ونتعبد بالشعائر ثم يخرج عليك داعشي متطرف ويقول لك أنت علماني كافر!!! علينا أن ندرك بأن الدين لا يحتاج إلي حكومة تتبناه ولا إلي صاحب لحية منافقٍ يحرسه لأنه أي "الدين" روح يمشي بين الناس وقد تكفل الله بحفظه … "إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون" صدق الله العظيم.
✍️إذاً الذي نحتاجه هو أن نخرج من ذواتنا الضيقة هذه إلي رحاب الكون الفسيح لندرك جمال الطبيعة وروعة التنوع ونتأمل عظمة الخلق وإبداع الخالق وما التنوع والإختلاف إلا آيات "ومن آياته إختلاف ألسنتكم وألوانكم" ونترك التقوقع في القبيلة والجهة ونمد بصرنا إلي طول البلاد وعرضها ونبعد القبيلة والإدارات الأهلية والطرق الصوفية ومعهم العسكر من (ميدان السياسة) ونتأمل التعايش العرقي والديني الذي قدمه الإنجليز للعالم وخاصة الإسلامو-عروبي حيث نجد بأن الملك مسيحي ورئيس الوزراء هندوسي ووزير الداخلية يهودي وعمدة لندن مسلم ونحن ما زلنا نقول لبعض : أنت حبشي ولا ود عرب؟
او نقول تهكماً وإستغباءً للآخر : أنت هندي!!!
تبّاً لنا جميعاً ياخ.
m_elrabea@yahoo.com
/////////////////////
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ - كطعم الموت في أمرٍ عظيم
،،،، أبو الطيب المتنبيء ،،،،
✍️بعد الدرس الأمريكي الرائع في الديمقراطية والحكم الرشيد عندما وصل أحد أبناء الأقليات وذوي البشرة السمراء إلي سدة البيت الأبيض بوصول باراك أوباما في العام 2008 والذي أعاد كتابة التاريخ الأمريكي مجسّداً "الحلم الأمريكي" للثائر المسالم مارتن لوثر كنج في أعلي تجلياته! وجعل العالم يعترف بقيم العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص في بلاد العم سام "بين كل المكونات بغض النظر عن الخلفية العرقية" حيث لكلِّ مجتهد نصيب ومن كدّ وجدَ وبإمكان الجميع الصعود إلي أعلي درجات السلم الوظيفي والمهني إذا إستوفي الشروط وإمتلك الأسباب وتوفرت عنده معايير الكفاءة والمهنة،،، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
☀️بالأمس وقف العالم منبهراً يتغني مرة أخري عندما قدّم الإنجليز درساً بليغاً في الديمقراطية والتسامح والتعايش السلمي وإختاروا السياسي الشاب ريشي سوناك (الهندي الأصل - هندوسي الديانة) في أعلي منصب تنفيذي في المملكة المتحدة رئيساً للوزراء خلفاً للمستقيلة ليز تروس!!
السياسي الشاب ريشي سوناك المولود في مدينة ساوثامبتون جنوبي لندن 1980 لأبوين هنديين هاجرا من شرق أفريقيا "كينيا" تخرج في كلية الإقتصاد جامعة أوكسفورد ثم صعد في دنيا الأعمال والسياسة حتي إعتلي المنصب الرفيع ولم يقل أي برلماني إنجليزي بأن سوناك لا يستحق هذا المنصب لأنه ليس إنجليزياً "مؤصلاً" أو لأنه أسود البشرة أويعتقد بالهندوسية عوضاً عن المسيحية!
🔥إن ما فعله الإنجليز هو درسْ بليغ يقدم للعالم وخاصة إلي الدول العربية الإسلامية (الجاهلية) التي تعشعش فيها العنصرية والقبلية والإدعاء الزائف بالنقاء العرقي وأفضلية أقوام علي آخرين علي الرغم من التعاليم الإسلامية التي تقول بأن "لا فضل لعربيّ علي عجميّ ولا أبيض علي أسود إلّا بالتقوي" (وكلكم لآدم وآدم من تراب) وعلي الرغم من التكريم الإلهي لكل بني آدم "ولقد كرمنا بني آدم ……" إلي آخر الآية.
فقبل أسابيع لم يكن أفضل المتفائلين يتوقع وصول هندوسي لرئاسة وزراء المملكة المتحدة (البلد الذي إستعمر الهند لمدي قرون) وحكم نصف العالم ويخضع الآن لحاكم هندي !!!
إنه التحضر ياخ …….
✍️أن الدرس الإنجليزي بالنسبة لنا نحن السودانيين يجعلنا نشعر بالحسرة والكثير من الأسف والمرارة لحال بلادنا التي تمزقها العنصرية وتنحرها الفتن القبلية من الوريد إلي الوريد منذ الإستقلال ! حيث فشلنا كامة وشعب في بناء دولة يسع الجميع ! وبترنا جنوبنا العزيز !! فشلنا في كتابة دستور دائم وتأسيس عقد إجتماعي يجعل التعايش بيننا يقوم علي الإحترام المتبادل والعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص والتبادل السلمي للسلطة دون إحتراب وإقتتال !! فشلنا بأن نجعل من القبائل وسيلة للتعارف بين الناس وأن نضبط العلاقات بينها بالقانون ودولة المؤسسات، بل جعلناها أدوات سياسية قذرة، فشلنا في أن نقيم نظاماً قانونياً راسخاً يعلي من قيمة الإنسان ويحاسب الكبير قبل الصغير والراعي قبل الرعية ،،، نحن الآن في 2022 وما زلنا نقتل بعضنا البعض بإسم القبيلة ونتفاضل علي بعضنا البعض بالأنساب ونتعصب علي القبيلة والعشيرة وكاننا لم ننظر علي وجوهنا في المرآة !! وكما قال دكتور منصور خالد : تجد أحدهم أكثر سواداً من حبة البركة ثم يقول لك أنا عربي! وكما يقول دكتور محمد جلال هاشم : السودان من أفقر الدول لكنها الأكثر إستهلاكاً للكريمات ومستلزمات تفتيح البشرة وهذا دليل الإستلاب والتشبه بأقوامٍ آخرين فضلاً عن عقدة النقص والدونية!! وكلنا مسلمون ونتعبد بالشعائر ثم يخرج عليك داعشي متطرف ويقول لك أنت علماني كافر!!! علينا أن ندرك بأن الدين لا يحتاج إلي حكومة تتبناه ولا إلي صاحب لحية منافقٍ يحرسه لأنه أي "الدين" روح يمشي بين الناس وقد تكفل الله بحفظه … "إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون" صدق الله العظيم.
✍️إذاً الذي نحتاجه هو أن نخرج من ذواتنا الضيقة هذه إلي رحاب الكون الفسيح لندرك جمال الطبيعة وروعة التنوع ونتأمل عظمة الخلق وإبداع الخالق وما التنوع والإختلاف إلا آيات "ومن آياته إختلاف ألسنتكم وألوانكم" ونترك التقوقع في القبيلة والجهة ونمد بصرنا إلي طول البلاد وعرضها ونبعد القبيلة والإدارات الأهلية والطرق الصوفية ومعهم العسكر من (ميدان السياسة) ونتأمل التعايش العرقي والديني الذي قدمه الإنجليز للعالم وخاصة الإسلامو-عروبي حيث نجد بأن الملك مسيحي ورئيس الوزراء هندوسي ووزير الداخلية يهودي وعمدة لندن مسلم ونحن ما زلنا نقول لبعض : أنت حبشي ولا ود عرب؟
او نقول تهكماً وإستغباءً للآخر : أنت هندي!!!
تبّاً لنا جميعاً ياخ.
m_elrabea@yahoo.com
/////////////////////