سؤال زج بي في بيت الأشباح

 


 

 

كلام الناس
ضمن سلسلة الملاحقات الأمنية التي ظلت تطالني إبان عملي الصحفي في السودان حبسي في بيت الأشباح الذي كان جوار مبنى سيتي بنك بالخرطوم بسبب سؤال صحفي وجهته لوزير الثقافة والإعلام في منبر الخارجية.
كان المتحدث في منبر الخارجية وزير الثقافة والإعلام في ذلك الوقت الأستاذ عبدالباسط سبدرات الذي قال عنه ربان الإنقاذ الشيخ الدكتور حسن الترابي عليه رحمة الله : جبناه كومبارس فأصبح ممثلاً كبيراً، وقد وجدتها فرصة كي أسأله عن سبب القرار الرئاسي الذي صدر بإغلاق صحيفة السوداني.
بدلاً من أن يجيب سبدرات على سؤالي أصبح يتحدث بطريقة تجريمية عن علاقتي ب"السوداني" وانني أحد كتابها رعم علمه بأنني اعمل في مكتب صحيفة "الخليج"الأماراتية بالخرطوم ووقال إنني اكتب عن المواطن المغلوب على أمره، وأن الحوار مع قرنق لايكفي .
بمجرد إنتهاء منبر الخارجية حذرني مدير وكالة أنباء الشرق الاوسط بالخرطوم من مغبة ما يحتمل أن يحدث لي بعد هذا الهجوم الواضح من الوزير وبحضور منسوبي جهاز الأمن كما هي العادة في مثل هذه المنابر.
قبل أن أذهب لمكتبي بالفيحاء حرصت على الذهاب لمكتب جريدة الخرطوم لملاقاة الأستاذ محمد عبد السيد الذي له سابق تجربة مع جهاز الامن لأخذ نصيحته فنصحني بان أجيب على أسئلتهم دون مراوغة وألا أستجيب للإستفزاز، وتوجهت إلى مكتبي في إنتظارهم.
لم يمض وقت طويل قبل أن يحضر إلى مكتب جريدة الخليج ثلاثة من جهاز الامن وطلبوا مني الذهاب معهم وعندما طلبت منهم منحي فرصة لكي أخطر ناس البيت رفضوا وقالوا لن يستغرق الامر وقتاً كبيراً
وضعوني في البوكس بينهم وبداًوا في إستفزازي بصورة متعمدة مثل قولهم : رفضت تشتغل في الصحف واشتغلت بمكتب الخليج عشان تهاجم الحكومة وتنتقد على كيفك .. ولم أستجب لاستفزازهم.
عندما وصلت للمبنى المعني طلبوا مني الوقوف ووجهي للحائط وأخذوا متعلقاتي وأوراقي الثبوتية ووضعوها في الامانات وبعدها زجوا بي في زنزانة ضيقة لا تتسع إلا لشخص واحد مفروشة ببرش قديم مهترئ وتركوني بعد ان أغلقوا الباب الحديدي بالضبة والمفتاح
لم يحققوا معي إلا بعد أسبوعين من وجودي في هذه الزنزانة وسألوني عن علاقتي بالأستاذ محجوب عرة وماذا أعطاني بعد عودته من المملكة العربية السعوديىة فقلت لهم ألم تعتقلوه مباشرة من المطار، وسألوني عن تاريخي المهني والإجتماعي .. ختموا التحقيق معي بسؤال عن من كان يحضر لي خطبة الإنصار يوم الجمعة فقلت لهم و هل كانت خطبة الجمعة تلقى تحت الأرض ام أنها متاحة في الهواء الطلق، وواجبي المهني يفرض علي متابعة ماجاء بها من تصريحات والسعي لإرساله لل"الخليج"، عندها قالوا لي : الظاهر إنت ماداير تعيد مع أولادك ووعدوني بإطلاق سراحي إذا ذكرت لهم إسم من كان يحضر لي الخطبة.
نعم كان هناك من يتعاون مع مكتب الخليج ويلخص لي ماجاء في خطبة الجمعة لكنني لم أذكر لهم إسمه .. ومع إقتراب العيد جاءني من يخبرني بأن أستعد لمغادرة الزنزانة للبيت.
بعد بعض الإجراءات التقليدية أخذوني في عربة وعصبوا عيناي وأرقدوني في وضع يكون وجهي قصاد المقعد الخلفي وانزلوني قرب الخور القريب من البيت.
للأسف هناك بعض الذين يسعون لإسترداد سلطة هؤلاء المتسلطين الذين فشلوا في تحقيق حتى مشروعهم "الحضاري" وتسببوا في دفع أهل السوان بالجنوب لخيار الإنفصال وأججوا النزاعات في السودان الباقي وفشلوا في حسن إدارة الحكم ودفعوا الجماهير الثائرة للخروج علي حكمهم حتى سقطت سلطتهم مغضوب عليها من كل أهل السودان.

 

 

آراء