سخرية على نمط كوارع وضلافين
* نقلت الأنباء أن د. إسماعيل الحاج موسى القيادي بالمؤتمر الوطني، قد سخر ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﻨﻪ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﻭﻭﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺪﻳﺜ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ، ﻭأضاف يقول:ـ " ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺇﻧﺘﻬﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺍﻧﻪ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ، ﻣﺸﻴﺮﺍً ﺇﻟﻰ أﻥ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺇﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ". ﻭﻗﻠﻞ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻗﺎﺋﻼً ” ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺃﺟﻨﺪﺓ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ .”
* حا تكون عندنا مشكلة كبيرة جداً عند التعقيب على أحاديث الدكتور إسماعيل الحاج موسى تحديداً، ليس لأي سبب سوى أنه يمثل عن حق أنموذجاً حياً في إزدواجية المعايير الفكرية من ناحية الانتماء الحزبي. فالدكتور ضمن جيش من بقايا مؤسسة شمولية انتموا بغضهم وغضيضهم إلى الضفة الأخرى من العملة المعدنية، بعد أن إنفض سامر الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يدعي أنه الحزب ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺃﺟﻨﺪﺓ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ، وهو نفس ما يردده اليوم إسماعيل عن حزب المؤتمر الوطني الذي قال عنه أعلاه عندما قلل من دعوات الحزب الشيوعي لتوسيع جبهة المعارضة:ـ " ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺃﺟﻨﺪﺓ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪ".
* فلو أن تصريحه أعلاه قد ورد من عضو صميم داخل حزب المؤتمر الوطني لكنا نتعامل مع التصريح وقائله باعتباره حق أصيل من عضو "أصيل" ينافح عن حزبه ويدافع عنه في مواجهة الخصوم السياسيين، ولكن أن يأتي الحديث من د. إسماعيل "تحديداً"، فسنكون أمام حالة لا تعبر إلا عن توهان ووميوعة فكرية وسياسية وغياب للثبات على المبادئ والمثل والتوجهات مع ضياع كامل لبوصلة الانتماء وتعبير عن اليتم التنظيمي المبكر الذي يرغم صاحبه على البحث عن ملاذ، أي ملاذ يحتمي به في مواجهة ماضي آثم يتمنى لو يتم طمره ونسيانه لأبد الآبدين، إلا أن الدكتور لا ينفك ينبش الماضي الأليم وكأنه لم يستمع لمصطفانا البديع السيد أحمد وهو ينشد قائلاً ولكأن الكلمات صيغت خصيصاً لسيادة الدكتور:ـ
لا تنبش الماضى البعيد الم تكن
يوماً لقلبى واقعاً مجهـــولا
لا تنكأ الجرح القديم فإننى
و دعت ليلاً مظلماً و ثقيلاً
وحملت روحي في فواد نازف
ما زال يحمل نصفه مشلولاً
وخلعت أثواب الحداد أما كفى
إذ صار قلبك فى الهوى ضليلاً؟
* ولكنه الهوى العذري لعصور الديكتاتوريات العسكرية والافتنان بعهود الشمولية البغيضة، أوان سيادة سنوات مايو ذات المذلة والخنوع وقائدها المخلوع، أولئك الذين واللاتي قبرهم شعبنا الجاسر ومرغ أنوفهم في التراب وأودع بهم جميعاً مزبلة التاريخ، وضمنهم دكتور إسماعيل الحاج موسى وصحبه من أشاوس البيروقراطيين الكذبة وعشاق الديكتاتوريات الذين لا يطلون إلا في عهود السواد والرماد عندما يعم الدجى والظلام صباحات الوطن العزيز، فيخرجون كخفايش الليل ليتسيدوا في الشعب حيناً من الدهر حتى تغشاهم الراجفة.
* لسنا في موقع الدفاع عن الحزب الذي يهاجمه أمثال الدكتور إسماعيل الحاج موسى، وليس هو في موقع المؤهل فكرياً لكي يعتلي منابر الهجوم على الحزب ولو بكلمة زائفة لا يقوى عقله نفسه على هضمها دع عنك الاقتناع بها، ولكنا نقدمه للتعريف به للأجيال التي ما عاشت تسيده وصحبه سنوات مايو، والذكرى تنفع الشموليين، حيث أن ذات الحديث والهجوم غير الراكز على الحزب والشعب وقوى المعارضة الحية وسط شعوب السودان، كان قد ردده من قبل طيلة ستة عشر عاماً، ولكنه انزوى عندما خرج الحزب في صباحات الديمقراطية التي صادرتها شمولية توجهات نميري، وانطلق سعيداً مع شعبنا الباسم يتنسم رياح الحريات العامة، وقتها "كضم" د. إسماعيل وانزوى بركن قصي يتجرع مرارات الهزيمة وسوءات العاقبة الوخيمة.
* أما الآن وقد وجد في حزب المؤتمر الوطني ضالته كخيمة أخيرة يستظل بها من هجير اليتم والمسغبة الفكرية وغياب الانتماء، ليقول ما يقول، فها نحن نذكره بخيمته السابقة في الاتحاد الاشتراكي، سئ الذكر الذي لا يأتي ذكره إلا وتتذكر جماهير شعبنا ظلام شهر مايو الحالي ،، وذاك يونيو على الأبواب!
* في مقال له بداية إنقلاب الانقاذ، أشار دكتور إسماعيل الحاج موسى ، إلى أن تجربة التوالي ، ستكون مختلفة عن التجارب الليبرالية الثلاثة، التي عاشها السودان قبل (انقلاب) عبود 1958، وقبل (ثورة) مايو 1969، وقبل (ثورة) الإنقاذ 1989 ،، فردت عليه صحيفة الفجر المعارضة من لندن بتهكم قائلة:- أن تكون نوفمبر (انقلاباً) في عُرف إسماعيل الحاج موسى، أما مايو ويونيو عبارة عن (ثورة)، فإن ذلك قد ذكرنا بقصة الإعرابي، في إحدى حافلات العاصمة، الذي طلب منه أحد الأفندية قائلاً له:- لو سمحت أرفع (كراعك) من (قدمي)، فحدجه الإعرابي بنظرة طويلة، ثم رد عليه بغضب قائلاً:- علي الطلاق ما أرفع حاجة، لو ماوريتني عشان شنو حقاتي (كرعين) وحقاتك (أقدام)!.
ـــــــــــــــــــــ
* عن صحيفة الميدان sudancp.com
helgizuli@gmail.com