سردية الغرب الزائفة عن روسيا والصين
عبدالله الفكي البشير
28 August, 2022
28 August, 2022
سردية الغرب الزائفة عن روسيا والصين
The West's False Narrative about Russia and China
بقلم البروفيسور جيفري د. ساكس Professor Jeffrey D. Sachs
أستاذ بجامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة. عمل مستشاراً لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة، ويعمل حالياً كمدافع عن أهداف التنمية المستدامة تحت إشراف الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
ترجمة: الدكتور عبد الله الفكي البشير، باحث وكاتب سوداني
يعيش العالم على حافة كارثة نووية، في جزء مقدر منه، بسبب فشل القادة السياسيين الغربيين في أن يكونوا صرحاء بشأن أسباب الصراعات العالمية المتصاعدة. إن السردية الغربية التي لا هوادة فيها بأن الغرب نبيل، بينما روسيا والصين شريرتان، هي سردية ساذجة وخطيرة للغاية. إنها محاولة للتلاعب بالرأي العام، وليست تعاملاً بدبلوماسية حقيقية وملحة للغاية.
تم البناء الأساسي لسردية الغرب في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة. وتنطلق الفكرة الأساسية للولايات المتحدة من أن الصين وروسيا خصمان عنيدان "يحاولان تقويض الأمن والازدهار الأمريكي". هذان البلدان، وفقاً للولايات المتحدة، "مصممان على جعل الاقتصادات أقل حرية وأقل عدالة، وتنمية جيوشهما، والسيطرة على المعلومات والبيانات لقمع مجتمعاتهما وتوسيع نفوذهما".
المفارقة هي أنه منذ عام 1980، دخلت الولايات المتحدة فيما لا يقل عن 15 حربًا بالخارج، منها على سبيل المثال، لا الحصر: أفغانستان والعراق وليبيا وبنما وصربيا وسوريا واليمن، بينما لم تدخل الصين في أي حرب، ولم تدخل روسيا إلا في حرب واحدة (سوريا) خارج الاتحاد السوفيتي السابق. أيضاً لدى الولايات المتحدة قواعد عسكرية في 85 دولة، بينما لدى الصين 3 فقط، وروسيا واحدة في سوريا.
التسويق للخوف المفرط من الصين وروسيا للجمهور الغربي يتم من خلال التلاعب بالحقائق
روَّج الرئيس جو بايدن لهذه السردية، معلنًا أن التحدي الأكبر في عصرنا الحاضر هو التنافس مع الأنظمة الاستبدادية، التي "تسعى إلى تعزيز قوتها، وتصدير وتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم، وتبرير سياساتها وممارساتها القمعية. باعتبارها طريقة أكثر فاعلية لمواجهة تحديات اليوم". إن طبيعة عمل الاستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة لا يعود إلى أي رئيس أمريكي لوحده، وإنما يعود عملها إلى المؤسسة الأمنية للولايات المتحدة، التي تتمتع بالاستقلال الذاتي إلى حد كبير، وتعمل خلف جدار من السرية.
يتم تسويق هذا الخوف المفرط من الصين وروسيا للجمهور الغربي من خلال التلاعب بالحقائق. سبق، قبل جيل، أن باع جورج دبليو بوش الابن للجمهور فكرة أن أكبر تهديد لأمريكا هو الأصولية الإسلامية، دون أن يذكر أن وكالة المخابرات المركزية، مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى، هي التي أنشأت ومولت نشر الجهاديين في أفغانستان وسوريا وأماكن أخرى لخوض حروب أمريكا.
لنأخذ في الاعتبار غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام 1980، والذي تم تصويره في وسائل الإعلام الغربية على أنه عمل غدر غير مبرر، ولم تمر سنوات حتى علمنا أن الغزو السوفيتي سبقته بالفعل عملية وكالة المخابرات المركزية التي كانت تهدف إلى إثارة الغزو السوفيتي! وبنفس القدر كانت المعلومات الخاطئة بشأن بسوريا. فالصحافة الغربية تمتلئ باتهامات متبادلة ضد مساعدة بوتين العسكرية لبشار الأسد ابتداءً من عام 2015، دون الإشارة إلى أن الولايات المتحدة دعمت الإطاحة بالأسد منذ 2011، مع تمويل وكالة المخابرات المركزية لعملية كبيرة (تيمبر سيكامور) للإطاحة بالأسد قبل سنوات من وصول روسيا.
وفي الآونة الأخيرة، سافرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي بتهور إلى تايوان على الرغم من تحذيرات الصين، ولم ينتقد أي من وزراء خارجية دول مجموعة الـ 7 استفزاز بيلوسي، ومع ذلك انتقد وزراء مجموعة الـ 7 بشدة "رد فعل الصين المبالغ فيه" على رحلة بيلوسي.
إن الطريق الحقيقي للأمن الأوروبي والعالمي، في هذه المرحلة، هو الدبلوماسية، وليس التصعيد العسكري
تتمحور السردية الغربية عن حرب أوكرانيا في أنها هجوم غير مبرر من قبل بوتين في سعيه لإعادة بناء الإمبراطورية الروسية. ومع ذلك، فإن التاريخ الحقيقي يبدأ مع الوعد الغربي للرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف بأن الناتو لن يتوسع إلى الشرق، الذي تلته أربع موجات من تضخيم الناتو: في العام 1999، ضم ثلاث دول من وسط أوروبا؛ في عام 2004، ثم انضمت 7 دول أخرى، بما في ذلك دول البحر الأسود ودول البلطيق؛ في العام 2008 مع الالتزام بالتوسع في أوكرانيا وجورجيا؛ وفي العام 2022 ، دعوة أربعة من قادة منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" لاستهداف الصين.
كما لم تذكر وسائل الإعلام الغربية دور الولايات المتحدة في الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2014؛ وفشل حكومتي فرنسا وألمانيا، الضامنين لاتفاقية مينسك الثانية، في الضغط على أوكرانيا لتنفيذ التزاماتها؛ الأسلحة الأمريكية الضخمة التي تم إرسالها إلى أوكرانيا خلال إدارتي ترامب وبايدن في الفترة التي سبقت الحرب؛ ولا رفض الولايات المتحدة التفاوض مع بوتين حول توسيع الناتو لأوكرانيا.
بالطبع، يقول الناتو إن ذلك أمر دفاعي بحت، لذا لا ينبغي أن يكون لدى بوتين ما يخشاه. بمعنى آخر، يجب ألا ينتبه بوتين لعمليات السي آي إيه في أفغانستان وسوريا، أو قصف الناتو لصربيا عام 1999؛ ولا إطاحة الناتو بالقذافي عام 2011؛ واحتلال الناتو لأفغانستان لمدة 15 عاما. ولا "زلة لسان" بايدن التي دعا فيها للإطاحة ببوتين (وهي بالطبع لم تكن زلة لسان على الإطلاق)؛ ولا تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن هدف الحرب الأمريكية في أوكرانيا هو إضعاف روسيا.
لقد حان الوقت أن تدرك الولايات المتحدة بأن المصادر الحقيقية للأمن، هي: التماسك الاجتماعي الداخلي والتعاون المسؤول مع بقية العالم، بدلاً من وهم الهيمنة
في صميم كل هذا، تكمن محاولة الولايات المتحدة للبقاء كالقوة المهيمنة في العالم، من خلال زيادة التحالفات العسكرية حول العالم لاحتواء أو هزيمة الصين وروسيا. إنها فكرة خطيرة، واهية، وقد عفا عليها الزمن. إن عدد سكان الولايات المتحدة يبلغ 4.2٪ فقط من سكان العالم، وإجمالي ناتجها المحلي الآن لا يزيد عن 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (مقاسة بالأسعار الدولية). في الواقع، إن إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول السبع هو الآن أقل من إجمالي الناتج المحلي لمجموعة البريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا)، في حين أن سكان مجموعة السبع لا يمثلون سوى 6 في المائة من العالم مقارنة بنسبة 41 في المائة في دول البريكس.
يجب على القادة الأوروبيين السعي وراء المصدر الحقيقي للأمن الأوروبي ليس عبر الهيمنة الأمريكية، ولكن عبر الترتيبات الأمنية الأوروبية التي تحترم المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول الأوروبية
لا يوجد سوى بلد واحد يُعبر خياله المعلن عن نفسه بأن يكون القوة المهيمنة في العالم، وهو الولايات المتحدة. لقد حان الوقت أن تدرك الولايات المتحدة بأن المصادر الحقيقية للأمن، هي: التماسك الاجتماعي الداخلي والتعاون المسؤول مع بقية العالم، بدلاً من وهم الهيمنة. إن مثل هذه السياسة الخارجية المعتدلة، ستجنب الولايات المتحدة وحلفاءها الحرب مع الصين وروسيا، وتمكن العالم من مواجهة مشاكل بيئته التي لا تعد ولا تحصى، وقضايا الطاقة، والغذاء، والأزمات الاجتماعية.
فوق كل شيء، وفي هذا الوقت الذي يتسم بالخطر الشديد، يجب على القادة الأوروبيين السعي وراء المصدر الحقيقي للأمن الأوروبي: ليس عبر الهيمنة الأمريكية، ولكن عبر الترتيبات الأمنية الأوروبية التي تحترم المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول الأوروبية، بما في ذلك بالتأكيد أوكرانيا، ولكن أيضًا بما في ذلك روسيا، والتي تواصل مقاومة توسع الناتو في البحر الأسود. يجب على أوروبا أن تفكر في حقيقة أن عدم توسيع حلف الناتو وتنفيذ اتفاقيات مينسك الثانية كان من شأنه تجنب هذه الحرب الفظيعة في أوكرانيا. إن الطريق الحقيقي للأمن الأوروبي والعالمي، في هذه المرحلة، هو الدبلوماسية، وليس التصعيد العسكري.
المصدر: نشرة الأخبار الأخرى: "أصوات ضد التيار"
الأخبار الأخرى هي منظمة غير ربحية تم إطلاقها في العام 2008 من أجل توفير المعلومات حول القضايا العالمية لمجموعة من الموظفين المدنيين الدوليين والأكاديميين والناشطين الاجتماعيين، للمزيد أنظر الرابط أدناه:
https://www.other-news.info/the-wests-false-narrative-about-russia-and-china/
abdallaelbashir@gmail.com
The West's False Narrative about Russia and China
بقلم البروفيسور جيفري د. ساكس Professor Jeffrey D. Sachs
أستاذ بجامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة. عمل مستشاراً لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة، ويعمل حالياً كمدافع عن أهداف التنمية المستدامة تحت إشراف الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
ترجمة: الدكتور عبد الله الفكي البشير، باحث وكاتب سوداني
يعيش العالم على حافة كارثة نووية، في جزء مقدر منه، بسبب فشل القادة السياسيين الغربيين في أن يكونوا صرحاء بشأن أسباب الصراعات العالمية المتصاعدة. إن السردية الغربية التي لا هوادة فيها بأن الغرب نبيل، بينما روسيا والصين شريرتان، هي سردية ساذجة وخطيرة للغاية. إنها محاولة للتلاعب بالرأي العام، وليست تعاملاً بدبلوماسية حقيقية وملحة للغاية.
تم البناء الأساسي لسردية الغرب في استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة. وتنطلق الفكرة الأساسية للولايات المتحدة من أن الصين وروسيا خصمان عنيدان "يحاولان تقويض الأمن والازدهار الأمريكي". هذان البلدان، وفقاً للولايات المتحدة، "مصممان على جعل الاقتصادات أقل حرية وأقل عدالة، وتنمية جيوشهما، والسيطرة على المعلومات والبيانات لقمع مجتمعاتهما وتوسيع نفوذهما".
المفارقة هي أنه منذ عام 1980، دخلت الولايات المتحدة فيما لا يقل عن 15 حربًا بالخارج، منها على سبيل المثال، لا الحصر: أفغانستان والعراق وليبيا وبنما وصربيا وسوريا واليمن، بينما لم تدخل الصين في أي حرب، ولم تدخل روسيا إلا في حرب واحدة (سوريا) خارج الاتحاد السوفيتي السابق. أيضاً لدى الولايات المتحدة قواعد عسكرية في 85 دولة، بينما لدى الصين 3 فقط، وروسيا واحدة في سوريا.
التسويق للخوف المفرط من الصين وروسيا للجمهور الغربي يتم من خلال التلاعب بالحقائق
روَّج الرئيس جو بايدن لهذه السردية، معلنًا أن التحدي الأكبر في عصرنا الحاضر هو التنافس مع الأنظمة الاستبدادية، التي "تسعى إلى تعزيز قوتها، وتصدير وتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم، وتبرير سياساتها وممارساتها القمعية. باعتبارها طريقة أكثر فاعلية لمواجهة تحديات اليوم". إن طبيعة عمل الاستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة لا يعود إلى أي رئيس أمريكي لوحده، وإنما يعود عملها إلى المؤسسة الأمنية للولايات المتحدة، التي تتمتع بالاستقلال الذاتي إلى حد كبير، وتعمل خلف جدار من السرية.
يتم تسويق هذا الخوف المفرط من الصين وروسيا للجمهور الغربي من خلال التلاعب بالحقائق. سبق، قبل جيل، أن باع جورج دبليو بوش الابن للجمهور فكرة أن أكبر تهديد لأمريكا هو الأصولية الإسلامية، دون أن يذكر أن وكالة المخابرات المركزية، مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى، هي التي أنشأت ومولت نشر الجهاديين في أفغانستان وسوريا وأماكن أخرى لخوض حروب أمريكا.
لنأخذ في الاعتبار غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام 1980، والذي تم تصويره في وسائل الإعلام الغربية على أنه عمل غدر غير مبرر، ولم تمر سنوات حتى علمنا أن الغزو السوفيتي سبقته بالفعل عملية وكالة المخابرات المركزية التي كانت تهدف إلى إثارة الغزو السوفيتي! وبنفس القدر كانت المعلومات الخاطئة بشأن بسوريا. فالصحافة الغربية تمتلئ باتهامات متبادلة ضد مساعدة بوتين العسكرية لبشار الأسد ابتداءً من عام 2015، دون الإشارة إلى أن الولايات المتحدة دعمت الإطاحة بالأسد منذ 2011، مع تمويل وكالة المخابرات المركزية لعملية كبيرة (تيمبر سيكامور) للإطاحة بالأسد قبل سنوات من وصول روسيا.
وفي الآونة الأخيرة، سافرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي بتهور إلى تايوان على الرغم من تحذيرات الصين، ولم ينتقد أي من وزراء خارجية دول مجموعة الـ 7 استفزاز بيلوسي، ومع ذلك انتقد وزراء مجموعة الـ 7 بشدة "رد فعل الصين المبالغ فيه" على رحلة بيلوسي.
إن الطريق الحقيقي للأمن الأوروبي والعالمي، في هذه المرحلة، هو الدبلوماسية، وليس التصعيد العسكري
تتمحور السردية الغربية عن حرب أوكرانيا في أنها هجوم غير مبرر من قبل بوتين في سعيه لإعادة بناء الإمبراطورية الروسية. ومع ذلك، فإن التاريخ الحقيقي يبدأ مع الوعد الغربي للرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف بأن الناتو لن يتوسع إلى الشرق، الذي تلته أربع موجات من تضخيم الناتو: في العام 1999، ضم ثلاث دول من وسط أوروبا؛ في عام 2004، ثم انضمت 7 دول أخرى، بما في ذلك دول البحر الأسود ودول البلطيق؛ في العام 2008 مع الالتزام بالتوسع في أوكرانيا وجورجيا؛ وفي العام 2022 ، دعوة أربعة من قادة منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" لاستهداف الصين.
كما لم تذكر وسائل الإعلام الغربية دور الولايات المتحدة في الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2014؛ وفشل حكومتي فرنسا وألمانيا، الضامنين لاتفاقية مينسك الثانية، في الضغط على أوكرانيا لتنفيذ التزاماتها؛ الأسلحة الأمريكية الضخمة التي تم إرسالها إلى أوكرانيا خلال إدارتي ترامب وبايدن في الفترة التي سبقت الحرب؛ ولا رفض الولايات المتحدة التفاوض مع بوتين حول توسيع الناتو لأوكرانيا.
بالطبع، يقول الناتو إن ذلك أمر دفاعي بحت، لذا لا ينبغي أن يكون لدى بوتين ما يخشاه. بمعنى آخر، يجب ألا ينتبه بوتين لعمليات السي آي إيه في أفغانستان وسوريا، أو قصف الناتو لصربيا عام 1999؛ ولا إطاحة الناتو بالقذافي عام 2011؛ واحتلال الناتو لأفغانستان لمدة 15 عاما. ولا "زلة لسان" بايدن التي دعا فيها للإطاحة ببوتين (وهي بالطبع لم تكن زلة لسان على الإطلاق)؛ ولا تصريح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن هدف الحرب الأمريكية في أوكرانيا هو إضعاف روسيا.
لقد حان الوقت أن تدرك الولايات المتحدة بأن المصادر الحقيقية للأمن، هي: التماسك الاجتماعي الداخلي والتعاون المسؤول مع بقية العالم، بدلاً من وهم الهيمنة
في صميم كل هذا، تكمن محاولة الولايات المتحدة للبقاء كالقوة المهيمنة في العالم، من خلال زيادة التحالفات العسكرية حول العالم لاحتواء أو هزيمة الصين وروسيا. إنها فكرة خطيرة، واهية، وقد عفا عليها الزمن. إن عدد سكان الولايات المتحدة يبلغ 4.2٪ فقط من سكان العالم، وإجمالي ناتجها المحلي الآن لا يزيد عن 16٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (مقاسة بالأسعار الدولية). في الواقع، إن إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول السبع هو الآن أقل من إجمالي الناتج المحلي لمجموعة البريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا)، في حين أن سكان مجموعة السبع لا يمثلون سوى 6 في المائة من العالم مقارنة بنسبة 41 في المائة في دول البريكس.
يجب على القادة الأوروبيين السعي وراء المصدر الحقيقي للأمن الأوروبي ليس عبر الهيمنة الأمريكية، ولكن عبر الترتيبات الأمنية الأوروبية التي تحترم المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول الأوروبية
لا يوجد سوى بلد واحد يُعبر خياله المعلن عن نفسه بأن يكون القوة المهيمنة في العالم، وهو الولايات المتحدة. لقد حان الوقت أن تدرك الولايات المتحدة بأن المصادر الحقيقية للأمن، هي: التماسك الاجتماعي الداخلي والتعاون المسؤول مع بقية العالم، بدلاً من وهم الهيمنة. إن مثل هذه السياسة الخارجية المعتدلة، ستجنب الولايات المتحدة وحلفاءها الحرب مع الصين وروسيا، وتمكن العالم من مواجهة مشاكل بيئته التي لا تعد ولا تحصى، وقضايا الطاقة، والغذاء، والأزمات الاجتماعية.
فوق كل شيء، وفي هذا الوقت الذي يتسم بالخطر الشديد، يجب على القادة الأوروبيين السعي وراء المصدر الحقيقي للأمن الأوروبي: ليس عبر الهيمنة الأمريكية، ولكن عبر الترتيبات الأمنية الأوروبية التي تحترم المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول الأوروبية، بما في ذلك بالتأكيد أوكرانيا، ولكن أيضًا بما في ذلك روسيا، والتي تواصل مقاومة توسع الناتو في البحر الأسود. يجب على أوروبا أن تفكر في حقيقة أن عدم توسيع حلف الناتو وتنفيذ اتفاقيات مينسك الثانية كان من شأنه تجنب هذه الحرب الفظيعة في أوكرانيا. إن الطريق الحقيقي للأمن الأوروبي والعالمي، في هذه المرحلة، هو الدبلوماسية، وليس التصعيد العسكري.
المصدر: نشرة الأخبار الأخرى: "أصوات ضد التيار"
الأخبار الأخرى هي منظمة غير ربحية تم إطلاقها في العام 2008 من أجل توفير المعلومات حول القضايا العالمية لمجموعة من الموظفين المدنيين الدوليين والأكاديميين والناشطين الاجتماعيين، للمزيد أنظر الرابط أدناه:
https://www.other-news.info/the-wests-false-narrative-about-russia-and-china/
abdallaelbashir@gmail.com