*هذه ليست المرة الاولى التي أعبر فيها عن حزني لما آلت إليه الأوضاع في دارفور التي كانت آمنة مستقرة قبل أن تنتشر فيها الصراعات القبلية الفوقية التي غذتها سياسة إغراء القيادات بمغانم السلطة والثروة.
*لن أمل الحديث عن الأيام التي عشتها في "الخير خنقه" بالفاشر أبو زكريا عندما كانت دارفور آمنة مستقرة يعيش أهلها بمختلف مكوناتهم الإثنية في سلام ووئام بلا عصبية قبلية‘ بل احتضنوا الذين وفدوا إليهم من مختلف مناطق السودان ومن خارجه أيضا.
*لم نسمع في أي يوم من الأيام بأن أهل دارفور طالبوا بتقرير المصير بل انحصرت مطالبهم في كفالة حقهم المشروع في المركز والإقليم وتحقيق السلام والعدالة والتنمية المتوازنة مع الاحتفاظ بكيانهم الإقليمي موحداً كما كان قبل التقسيمات الإدارية المسيسة.
إن التقسيم الإداري الذي تم لدارفور الكبرى لم يتم بناء على رغبة أهل دارفور وإن استجاب لتطلعات بعض أبنائها الذين يطمعون في المناصب والمخصصات والامتيازات دون اعتبار لمصالح أهلهم ولا مصالح السودان.
*نقول هذا بمناسبة القرار القاضي بقيام إستفتاء إداري لاهل دارفور في أبريل القادم‘ وهو أمر لم يطالب به أهل دارفور كما أنه ليس من مصلحتهم ولا من مصلحة السودان‘ هذا عدا التكلفة الباهظة التي ستتحملها الدولة حال قيامه بلا مبرر ولا جدوى.
*إننا ندرك انه ليست هناك نية لتقسيم السودان لكننا نخشى أن يفتح هذا الاستفتاء الباب للذين يتربصون بوحدة السودان واستقلاله وأمنه ومستقبله لتعميق الهوة المصطنعة لصالح المزيد من التشظي الإداري.
*بعد كل هذه السنوات من الاستقلال والتجريب السياسي والفشل في إدارة التنوع الخصيب في السودان‘ لابد من الانتقال بالحوار القائم من الدائرة الضيقة الناجمة من غياب الرافضين له في ظل المناخ الحالي إلى دائرة أرحب تستوعبهم بصدق وتجرد للاتفاق على مخرج آمن لمستقبل السودان.
*مرة أخرى نؤكد القول بأنه لا يمكن معالجة مشاكل السودان الحالية عبر الاتفاقيات الثنائية والجزئية وإنما لابد من الخروج من مربع هذه المعالجات التي فشلت في الحفاظ على وحدة السودان وتحقيق السلام الشامل إلى معالجات قومية أرحب للاتفاق على مستقبل السودان الديمقراطي الواحد الذي يسع الجميع.