سوداننا الحبيب في جوته الألماني

 


 

 


كلام الناس

 

*حرصت قبل سنوات على تلبية دعوة القائمين على أمر مهرجان الفيلم الأوروبي الذي نجح في دفع الحراك الثقافي في بلادنا و تعزيز التبادل الثقافي بين السودان وأوروبا ، وما حفزني أكثر أن موضوع المهرجان هذا العام خصص للأفلام والسينما والجماليات في السودان وعرض ذلك اليوم كان بعنوان (سوداننا الحبيب) .

*عندما وصلت المعهد كانت الأبواب قد أغلقت بعد أن ضاقت مساحة العرض بالحضور النوعي الذي كان يغلب فيه الشباب من كل الطيف السوداني (القديم) قبل انفصال الجنوب، وهذه ظاهرة صحية تحمد للإنسان السوداني الذي لم تهزمه الأزمات والاختناقات وكل عوامل الإحباط المحيطة وتمنعه من متابعة مثل هذه المناشط الثقافية.
* استمتع الحضور بمن فيهم من وقفوا على أرجلهم أو من (توهطوا الواطه) طوال فترة العرض، استمتعوا بالسرد والمواقف التاريخية والحوار الذي تخلل العرض الذي جمع بين المادة التسجيلية والتعليقات السياسية والتناول الحي لقضية الهوية عبر استعراض بعض المحطات المهمة في تاريخ السودان منذ الاستقلال وحتى انفصال الجنوب.
*لن أتوقف عند المحطات التاريخية ولا حتى الإفادات السياسية التي تخللت العرض رغم أنها كانت في سياق الحالة السودانية التي تسببت في انفصال الجنوب، لكن لابد من التوقف عند بعض الكلمات الصادقة التي عبر بها فنان السودان الكبير الراحل المقيم محمد وردي عن الهوية السودانية الجامعة عندما قال إن السودان فوق الجميع بكل مكونات الأمة العقدية والسياسية والاثنية والثقافية، وقد استمتعنا بمقاطع من إعماله الفنية الخالدة التي تخللت العرض.
*هناك بالطبع اشراقات أخرى في الخطب الرسمية وإفادات السيدة ربيكا قرنق والإمام الصادق المهدي و والشيخ الدكتورحسن الترابي عليه رحمة الله والقيادي ياسر عرمان لكن ما يهمنا هنا هو رسالة العرض السينمائي التي جسدتها إفادات أسرة مهجنة - إذا صح التعبير - فالسودان في غالبه اسر مهجنة، خاصة افادات الابنة أميرة بطلة العرض وأمها الجنوبية وزوجة الأب الشمالية، للأسف وان قالت لي أميرة عقب انتهاء العرض أنها حكت تجربتها الشخصية بصدق، فقد كانت هناك مبالغة في إظهار كراهية الشماليين للجنوبيين، من خلال ما ذكرته أميرة من سوء معاملة زوجة الأب الشمالية لها رغم ان إفاداتها بذات العرض كانت متسامحة، وكذلك إفادات الأم الجنوبية.
*حكاية (وليد) شقيق أميرة حسب روايتها في العرض انتهز فرصة سفره مع كتائب الدفاع الشعبي للبحث عن أمه الجنوبية من المشاهد المؤثرة التي تذكرنا بأهوال الحرب وآثارها الكارثية إنسانيا واجتماعياً.
*المهم أن (سوداننا الحبيب) الذي أخرجته البريطانية السودانية تغريد سنهوري قد القي حجرا مهما في ساكن المسكوت عنه في التزاوج الأسري الاجتماعي الايجابي الذي ما زال يربط بين أبناء السودان في الشمال والجنوب، فاستحقت منا تغريد التحية والتقدير، كما نحيي الابنة أميرة رمز هذا التزاوج المبدع ونقول إنها ستظل رمزاً للسودان الواحد الذي نسعى لاسترداده إنسانياً واجتماعياً.

 

آراء