سودانيون في بغداد!
10 September, 2009
الفاضل حسن عوض الله
سطر جديد
بغداد عاصمة الرشيد الغراء التي درسنا في جامعاتها في حقبة السبعينات، كانت تحتفي بإقامة نخب متميزة من أبناء السودان في أحيائها العريقة ولياليها المترفة بالشعر والأدب والسياسة. كان هناك عدد مقدر من الطلاب السودانيين الذين إلتحقوا بالمجان بجامعاتها ذات المستوى الأكاديمي الرفيع والعامرة بأحدث وسائط التعليم التقنية، إذ كانت السبعينات وقبل دخول العراق في سلسلة الحروب الخليجية التي بدأت بالحرب الطويلة مع إيران ثم تلتها حرب الكويت.. كانت تلك السبعينات أزهى أخصب سنوات الإذدهار الاقتصادي والعلمي والتنموي الذي شهدته العراق ويكفي أن نقول أن الدينار العراقي كان أعلى سعراً من الدينار الكويتي ويعادل ما يقارب الثلاث دولارات ونصف، بينما اليوم وللأسف الدولار الأمريكي الواحد يعادل بضعة آلاف من الدينارات العراقية!
إلى جانب هذا العدد المقدر من الطلاب السودانيين كان هناك لفيف من الوجوه السودانية المرموقة التي عملت في أرفع الوظائف بمنظمات الأمم المتحدة التي إستقرت رئاساتها في بغداد، رجال خيرون من صفوة أبناء السودان أمثال السيد عمر عديل والسيد محمد داؤود الخليفة حفيد خليفة المهدي ووزير الدفاع الأسبق والبروفيسير سعد عبادي والدكتور صلاح نوح وصديقنا البروفسير قمر الدين قرنبع وغيرهم.
ومن جانب الساسة والصحفيين المخضرمين كان هناك الأعمام حسن الطاهر زروق ومحمد عبد الجواد وعوض برير وأجيال شابة من أهل الصحافة منهم كمال حسن بخيت وصديقنا الشاعر الراحل عثمان خالد (صاحب إلى مسافرة) وآخرين، وكان يغشاها ويعطر أمسياتها كبار فناني السودان أمثال سيد خليفة ومحمد الأمين والفنانين الكبار أبو داؤود وحسن عطية الذين إستقدمهم عمنا عمر عديل عليه رحمة الله لإحياء زواجه الثاني الذي تم في بغداد من سيدة فاضلة هي كريمة عمنا البروفسير مكي شبيكة. كان عمنا عمر عديل يشغل في عهد عبود منصب مندوب السودان بالأمم المتحدة، وعلى ما حكى لي كانت زيجته الأولى من سيدة فرنسية لعله أنجب منها إبناً، ثم إنتقل إلى بغداد ليشغل منصباً رفيعاً وقيادياً بالأمم المتحدة وكان صديقاً مقرباً للرئيس العراقي وقتها أحمد حسن البكر. كذلك عمنا السيد محمد داؤود الخليفة كان في قمة الهرم الصفوي لمديري الأمم المتحدة ببغداد وأذكر جيداً أن منزله في حي المنصور ببغداد كان يجاور منزل الفريق أمين الحافظ الرئيس السوري الأسبق والذي كان بدوره صديقاً أثيراً للسيد محمد داؤود.
أما سوق الشعر العربي الشهير بالمربد والذي لا يقل عراقة وشهرة عن سوق عكاظ فقد كان فرسانه هم شعراء السودان الذين أشعلوا ليالي دجلة والبصرة بشعر كالذهب ومن بينهم شاعرنا الكبير محمد الفيتوري.