سياسة الإلهاء “الكيزانية” والبواخر العسكرية الروسية

 


 

 

 


انتشرت في الفترة الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي برامج لقاءات تتم عبر الهواء مباشرة "تلفزيون الشارع"، يقدمها بعض الشباب وكل منهم يحمل مايكرفون ومعه فريق تصوير و حماية.
انتبهت لنوعية الاسئلة التي تطرح على المارين؛ وكنت أظن أنها تتناول معاناة الشعب واحلام الشباب واختراعاتهم وبالطبع مباداراتهم في ميدان السلم الاجتماعي وأدوارهم في منظمات العمل المدني وغيرها.

لكني فؤجئت بأن الاسئلة التي تطرح من عينة. "اتصل بوالديك وقل لهم صاحبتي أهلها طردوها وحتجيء تنام معنا"؟؟ أو "لو وجدت ابوك بشاغل بنت حتقول بيه شنو"؟؟؟
انتشرت كذلك ظاهرة المغنيات "القونات" و انتشرت قبلها مقاطع مصورة توضح الاموال التي ترمى للمغنيات "النقطة" " !!!
دون أن يتصدى صحفى للكتابة عن تلك الظواهر. بل على العكس أمسى الاعلام الرسمي والخاص وخاصة الصحف وصحفييها من مرتزقة الأقلام الذين كانوا يتكسبون من نظام "الكيزان" البائد ولكن اصابهم وصول (ق .ح .ت) ببعض القحط أي "قفل عنهم البلف". مشغولين بخطوبة المذيعة أو "كديستها" أو الشماتة على الشعب بسبب الضائقة المعيشية وانقطاع الكهرباء. هؤلاء الاعلاميين الذين كانوا إذا "تظاهروا" برفض التذلل والنفاق يخضعون للرقابة القبلية والمصادرة لصحفهم ويضربوا في وضح النهار ويقبض عليهم ويجرجروا في المحاكم. أما في حالة استمرار مداهنتهم فيصطحبون في السفرات الرئاسية بالطائرة وتغدق عليهم الأموال؛ حتى أن صحفي رياضي في خلال عدة سنوات من المداهنة امتلك المال والشركات والصحف وما زال "يتبجح" دون خجل، وهو يعلم أن من أسسوا الصحافة السودانية وعملوا بها ما يزيد عن نصف قرن ماتوا فقراء ومن أمد الله في عمره مازال فقيرا وشريفاً.

فتسألت هل يمكن ان تكون سياسة الإلهاء هذه من قبيل الصدفة؟؟؟ ولكني وجدت الإجابة في مقال خلاصته أن تلك السياسة مقصودة "حدد الناقد والمفكر “نعوم تشومسكي”، كيف يؤثر الإعلام نفسا على الشعب من خلال بلورة 10 استراتيجيات: وقد استند تشومسكي في كشفه لتلك الاستراتيجيات إلى “وثيقة سريّة للغاية” يعود تاريخها إلى مايو 1979، وتمّ العثور عليها سنة 1986، وتحمل عنوان "الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة "، وهي عبارة عن كتيّب أو دليل للتحكّم في البشر السيطرة على المجتمعات".

كذلك وجدت ان كل كلام "سبهلل" يجد له ترويج وصدى لدى الجمهور عندما يكون "فارغ" المحتوى ولكنه مضحكة؛ وقد سبق للرئيس المخلوع البشير ان خطب في الجنود قائلا "الناس ديل حيدوكم ضهرهم بعد شوية، وقبل كم يوم يا جماعة بهني دا بكرعينكم بس ساكين الدبابات، أول مرة في التاريخ دبابات جارية وناس ساكنها بكرعينهم "!!!
هذا البشير المخلوع سافر في تاريخ25/11/2017م ذليلا مطاطيء الرأس الى موسكو وجلس مرتعدا امام الرئيس بوتين طالبا منه الحماية ضد الامريكان "نحن نطلب من روسيا حمايتنا من الامريكان"!!!
بالطبع إستغل الروس هذه السانحة وتم التوقيع على اتفاقيات كثيرة أهمها بناء قاعدة عسكرية روسية- بالقطاعي- في السودان على ساحل البحر الاحمر. ثم بدأ بعدها "تسلل" الجنود الروس رويدا رويدا الى الأراضي السودانية !!! حتى اكتملت الاتفاقيات و" اعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 17/11/2020م الضوء الاخضر لوزارة الدفاع الروسية لكي توقع نيابة عن روسيا على معاهدة دولية تنشئ روسيا بموجبها قاعدة بحرية لها على الشواطئ السودانية للبحر الاحمر".... ذكر بيان رئيس الوزراء الروسي ان الجانب السوداني قد شارك في وضع بنود الاتفاق"

من ناحية أخرى، احترازا، قفل العسكر باب الحديث عن تكوين مجلس الشعب، وإلا لكان قد قام نائب برلماني بتقديم استفسار عن احتلال الروس للقاعدة العسكرية السودانية ولطالب نائب برلماني آخر بالتحقيق في أسباب وجود بواخر عسكرية أمريكية وروسية في المياه الاقليمية السودانية!!!

إن "عسكر" اخر الزمان فاقدي الوطنية؛ مشغولون برفع دعوى قضائية ضد الشاعر الشاب الدوش و مشغولون بالتنافس حول مواكبهم بعربات الانفنيتي التي تتقدمها سيارة بصافرة سارينا، وتلميع "مراكبهم" من غبار ساحة القصر الجمهوري وصالة كبار الزوار بمطار الخرطوم..
هؤلاء العسكر هم من يضيق على الشعب السوداني اقتصاديا ويشغلونه بكيفية تدبير "قفة الملاح" وحق الدواء ومصاريف المدارس. ويقطعون عنه الكهرباء ويجعلونه يخاف من السيولة الأمنية والتي ماهي إلا استبدال للإرهاب الأمني السابق بإرهاب جديد ظاهره العشوائية، بينما ما هو ألا إعادة تفعيل لأفراد الدفاع الشعبي والامن الشعبي وغيره من المسميات البائدة "ببوهية" جديدة.
ثم يمارسون معه التنفيس حتى لا ينفجر ثائرا ضدهم، بإضحاك الشعب ببرامج فكاهية على وسائل التواصل الاجتماعية والحقيقة أنهم يضحكون عليه بمثل تلك البرنامج الهزلية وغناء "القونات" والمقالات الصحفية الفاضحة وغيرها من "الشمارات"!!!

هؤلاء العسكر يبيعون كرامة وتراب الوطن مقابل ان تتمدد فترتهم الانتقالية ألا ما لا نهاية وهي سياسة من مطبخ الكيزان بقيادة د.نافع علي نافع "سنسلمها لعيسى"!!!

أيها الشعب السوداني لا تجعلهم يستغفلونك ويضعون لك السم والمخدر في سياسات إلهاء منظمة وان كان ظاهرها العشوائية. وعليك بالخروج للمطالبة السلمية بإقالة المجلس العسكري وتأكد بأن أبناءكم من الضباط الاحرار الابرار الذين حوربوا وابعدوا بسبب صدق وطنيتهم ومن صغار الضباط الذين ما زالوا بالخدمة يحتاجون تأييدكم للخروج والتنديد بضباط المجلس العسكري وكل من لف لفهم من الحرامية وعديمي الوطنية.

أنشد الشاعر حميد
"ما الفرق بين ملوك .. كادى الرعية تلوك"
وعسكر وراهو بنوك .. ساوى الغلابا حنوك
طول النهار عوك .. عوك والليل تراب وصكوك
تملا وتفضي تنوك وتملص ضميرا هنوك
***
لابد من يجي يوم ساعاتو ما ها بعاد
يجي من صراع اضداد
من امة حق الموت ما لا قيا وانتو سعاد
قول للدعي المتخوم
يا متفن التفاح .. وشغلك قيافة ونوم
في شعبك الكداح .. وفي أطفال مو لاقى الدوم
يا أرزقي ومرتاح .. ما جابهنو هموم
جاييك زمن كتاح .. جاياك رياح وغيوم
جاياك مطور الصاح .. جاي الصح المعلوم
من كل فج في كفاح ..ومو وحدا الخرطوم"

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء