سيرة الفلسفة الوضعية (2)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
6 January, 2025
6 January, 2025
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
ما الفلسفة الوضعية؟ What is Positivism?
تمهيد: يشار إلى الفلسفة الوضعية كمصطلح شامل لمجموعة من الأفكار أو لوجهات النظر الفلسفية التي تشمل أو تتداخل مع أفكار ومواقف مثل التجريبية والسلوكية والطبيعية. وباختصار، الفلسفة الوضعية تشمل أي أسلوب يطبق منهجاً علمياً على الشؤون والقضايا الإنسانية ". (28, p.4)
نموذج الفلسفة الوضعية: أن يكون لديك دليل هو أن يكون لديك بعض الضمانات المفاهيمية للاعتقاد أو للفعل، وهي ممارسة تقوم على أساس التعامل مع كل المعتقدات ومع كل الممارسات بدقة، على ضوء الأدلة التي يُزعم أنها تفصل العلم عن باقي الأنشطة الأخرى (Goldenberg, 2006, p.1).
هل يجب أن يكون الهدف من العلم هو تعريف الحقيقة المطلقة؟ أم أن هناك تساؤلات ليس للعلم إجابة لها ولا يستطيع الاجابة عنها؟ يعتقد العلميون الواقعيون أن الغرض من العلم هو اكتشاف الحقيقة، وأنه يجب على المرء أن يعتبر الأفكار العلمية حقيقية أو صحيحة تقريباً أو يفترض أنها كذلك.
وعلى العكس من ذلك، يجادل مناهضو الواقعية العلمية بأن العلم لا يهدف أبداً إلى اكتشاف الحقيقة، ولا يسعى من خلفها ولا يركض وراءها لاهثاً. وبشكل أساسي، يرتبط الوجود أيضاً بما لا يمكن ملاحظته أو مشاهدته، مثل الإلكترونات أو الأكوان الأخرى.
ويعتقد الذرائعيون* ويؤمنون بأن تقييم النظريات العلمية ضروري لمعرفة ما إذا كانت مفيدة وذات قيمة. وفي رأيهم، سواء كانت الأساليب صحيحة أم لا، فهي خارج الموضوع، وذلك لأن العلم يهدف إلى الحصول على تنبؤات والي تمكين التكنولوجيا أو التقنية الفعالة.
ويشير الواقعيون دائماً إلى نجاح النظريات العلمية الحالية كدليل على حقيقة الأساليب الآنية السائدة. ويُظهر المناهضون للواقعية أنه إما العديد من النظريات غير صحيحة في تاريخ العلم، أو الأخلاق المعرفية، أو نجاح فرضية النمذجة الخاطئة، أو انتقادات ما بعد المعاصرة للموضوعية كدليل ضد الواقعية العلمية.
ويسعى مناهضو الواقعية إلى توضيح تقدم وتطور النظريات العلمية دون الإشارة إلى الحقيقة. ويجادل العديد من معارضي الواقعية بأن النظريات العلمية تهدف إلى أن تكون دقيقة فقط فيما يتعلق بالأشياء التي يمكن ملاحظتها، ويمكن مشاهدتها، ويزعمون أن المعيار هو الذي يقيم نجاحها بشكل أساسي.
وقد يُنظر إلى الانتفاضة العلمية في القرن السابع عشر على أنها معلم هام وعلامة بارزة، ومعارضة متزايدة ومتصاعدة للاهوت وللإيمان في الطرق الخارقة للطبيعة. وطوال هذا العصر، وهذا الوقت، وهذا العهد، نشأت التجربة العلمية لتحتل دوراً رائداً في العلوم. وحلت الطريقة (الأساليب) العلمية مكان الاعتقاد بوجوب تصديق بعض المراجع دون دراستها دراسة نقدية تحليلية.
وقد كانت معظم فلسفة العلم خلال نصف القرن الماضي منشغلة بإرباك الصورة الإيجابية للنهج العلمي على أساس قاعدتين. في المرحلة الأولى أو القاعدة الأولي، صرح هانسون (Hanson) (1958) وكون (Kuhn) (1970، 1996) وفييرابند (Feyerabend) (1978) بأن الملاحظة هي وحدة نظرية؛ أي أن معتقداتنا وافتراضاتنا السياقية تؤثر على وجهات نظرنا.
وفي الثانية، ادعى كل من Duhem (1982) وQuine (1960) أن المفاهيم غير محددة بالبيانات. وبعبارة أخرى، لا يتم تحديد اختياراتنا النظرية من خلال الدليل أو الأدلة فقط (Goldenberg، 2006).
وكان ألفريد تاوبر (Alfred Tauber)، الذي أُعتبر عالماً متحمساً ونشطاً ونشيطاً وفيلسوفاً استثنائياً، يتتبع بشكل صريح ماضي فلسفة العلم، ويحاول في النهاية أن يجد العلم داخل السياق الإنساني الذي نشأ منه. وكان يتجنب الجمود الذي حدد كلا الطرفين المتطرفين في "حروب العلوم" آنئذ والحالية، وأعطي تصوراً للعقل الذي يضع الحجة خارج المناقشات اللامتناهية المتعلقة بالموضوعية والحياد.
وقد وضع تاوبر Tauber (2009) أسلوباً لفهم العلم باعتباره ارتباطاً بارزاً بين الحقائق والقيم التي تدير اكتشافها وتطبيقاتها. وتمنح فلسفة العلم هذه رؤى معقولة ولكنها لاحقة بشكل كبير حيث يمكن أن تعمل "الحقيقة" و "الموضوعية" كمثالية للعمل وتساعد كأدوات براغماتية في السياق الاجتماعي الذي تعيش فيه.
لأنه إذا كانت عملية إضفاء الطابع الإنساني على العلم ستصل إلى نقطة النهاية أو الي نقطة نهاية، فإنها بحاجة إلى الكشف ليس فقط عن المعنى الذي تحصل عليه من خلفياتها الاجتماعية والثقافية، ولكن أيضاً عن المعنى الذي يقرضها لها.
ويعتقد ميزس (Mises) (2012) أن الاقتصاديين والعلماء على حد سواء قد أساءوا فهم فكرة الاقتصاد كعلم. وقد ادعى ميزس بأن الاقتصاد علم قائم بذاته لأن الفعل البشري هو النظام الطبيعي للحياة، وأن تصرفات البشر هي التي تتحكم في سلوك الأسواق وفي القرارات المتعلقة برأس المال وبرؤوس الأموال.
ونظراً لأن ميزس (Mises) كان يعتقد أن تأكيد واثبات هذه العلاقات ممكناً بشكل منهجي أو بدراسة منهجية، فقد خلص إلى أن علم الاقتصاد، مع استناده على الفعل البشري، هو بلا شك علم بحد ذاته وليس بأيديولوجيا أو بقانون ميتافيزيقي.
إذن، ما هي الفلسفة الوضعية؟ يذكر ماكنزي وكنيب (Mackenzie and Knipe) (2006) أن الفلسفة الوضعية هي منهج علمي قائم على الفلسفة العقلانية التجريبية التي ظهرت مع أرسطو (Aristotle) وفرانسيس بيكون (Francis Bacon) وجون لوك (John Locke) وأوغست كونت (Auguste Comte) وإيمانويل كانط (Emmanuel Kant).
وإنها تعكس فلسفة حتمية تحدد فيها الأسباب على الأرجح التأثيرات أو النتائج (السبب والنتيجة - علاقة سببية). ويتم تطبيق الفلسفة الوضعية على العالم الاجتماعي كما تطبق على العالم الطبيعي، على افتراض أن العالم الاجتماعي يمكن أن يتم دراسته بنفس الطريقة التي يتم بها دراسة العالم الطبيعي، باعتبار أن هذا وذاك يتشابهان حيث لا اختلاف كبير يذكر بينهما، وأن تفسيرات طبيعة السببية يمكن أن تكون متاحة وموجودة وحاضرة وممكنه هنا كما هي هناك. ويهدف الوضعيين إلى فحص نظرية ما أو شرح تجربة ما من خلال الملاحظة والمشاهدة والمراقبة، ومن خلال القياس للتنبؤ وللتحكم بالقوى التي تحيط بنا".
وقد تم إلباس الفلسفة الوضعية خصائصها المميزة كمعتقد وكحركة فلسفية من قبل الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (Auguste Comte) (1798-1857) كما هو معلوم وكما هو معروف. ولقد أثر "كونت" على جون ستيوارت ميل (John Stuart Mill) في إنجلترا، لكن الوضعية الفرنسية والوضعية الإنجليزية تطورتا بطريقتين مختلفتين، وسارا في مسارين متباينين تماماً.
والجدير بالذكر أن "كونت" لم يقبل التقليد التجريبي البريطاني قط وبتاتاً. وقد قدمت الفلسفة الوضعية أيضاً نمواً للحركات، فعلى سبيل المثال، الإمبريوقراطية (Empiriocriticism)، التي انتقدها الماركسيون (Marxists)، وعلى رأسهم لينين (Lenin) (1947).
ويمكننا أن نملأ الفم بالقول المليان قائلين، "إذا كانت فلسفتك البحثية تعكس مبادئ الفلسفة الوضعية، فإنك ستتبنى، على الأرجح، الموقف الفلسفي لعالم الطبيعة. وحتماً ستفضل "العمل مع واقع اجتماعي يمكن ملاحظته، ويمكن مشاهدته، وأن المنتج النهائي لمثل هكذا بحث يمكن تعميمه، ويكون شبيهاً لتلك التي ينتجها علماء الفيزياء وعلماء الطبيعية".
ويستعرض ويعرض كينكيد (Kincaid) (1998) الفلسفة الوضعية بالطريقة التالية: الفلسفة الوضعية اُخترعت وتُولدت من رحم حركات منعزلة في العلوم الاجتماعية في اعماق القرن التاسع عشر، وفلسفات القرن العشرين الحديثة.
وكانت الأفكار الفلسفية الوضعية الأساسية تأكد على أن الفلسفة يجب أن تكون علمية، وتقول بأن الأفكار الميتافيزيقية ما هي الا ضرباً من ضروب العبث؛ وتؤمن بأن هناك دائماً وجود لطريقة علمية عالمية شاملة وبديهية.
وعلاوة على ذلك، فإن الوظيفة الفلسفية الحاسمة هي دراسة تلك الطريقة أي الطريقة العلمية. وهي طريقة علمية أساسية متشابهة في كل العلوم الطبيعية منها وكذلك الاجتماعية، وأن العديد من العلوم يجب أن تكون قابلة للاختزال في العلوم الفيزيائية، وأن الأجزاء التخيلية للعلم الجيد تحتاج إلى أن تكون قابلة للتكيف في عبارات وفي تفسيرات تتعلق بالملاحظات وبالمشاهدات.
ففي العلوم الاجتماعية وفي فلسفة العلوم الاجتماعية، عززت الفلسفة الوضعية أهمية البيانات الكمية والنظريات المؤطرة بدقة، والنهج الفلسفي للعلوم الاجتماعية والذي يلقي بالضوء على التحليل النظري بدلاً من الممارسة الحقيقية للبحث الاجتماعي.
ولقد وقفت حملات الرفض والانتقادات الحادة السنان في وجه الرأي القائل بأن المنهج العلمي هو بديهي وهو عالمي وهو شامل وشمولي، وأن الفلسفات تحتاج إلى أن تكون قابلة للتكيف مع شروط المراقبة والملاحظة والمشاهدة. ويعتبر هذا الانخفاض أو الاختزال في العلوم الفيزيائية هو السبيل الأوحد لتوحيد العلوم.
ولقد أضعف مثل هذا الرفض (الرفض للمنهج العلمي) الدوافع للفلسفة السلوكية والفردية المنهجية في العلوم الاجتماعية. كما أنهم أوصلوا الكثيرين إلى الاستنتاج، إلى درجة معينة وبشكل غير معقول، بأن أي قيم للعلم الاجتماعي الجيد ليست سوى واحده من مسائل الإقناع الخطابي والأعراف الاجتماعية لا أكثر.
وعلى غرار باحث "الموارد" سابقاً، فقط تلك الظواهر التي يمكن للباحث أن يلاحظها ويشاهدها هي التي ستؤدي إلى إنتاج بيانات موثوقة. وعند وضع استراتيجية بحثية لجمع مثل هذه البيانات، يقوم الباحث على الأرجح باستخدام النظرية السائدة لتطوير الفرضيات. وسيتم اختبار مثل هذه الفرضيات والتأكيد عليها والتأكد منها، كلياً أو جزئياً، أو دحضها، مما يؤدي إلى مزيد من التطوير للنظرية التي يمكن بعد ذلك اختبارها من خلال بحث إضافي آخر.
كيف وصلنا إلى الفلسفة الوضعية؟
نالت الفلسفة الوضعية سماتها المميزة من عمل الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (Auguste Comte). ثم تقدمت عبر مراحل مختلفة تحمل عناويناً متباينة، فعلى سبيل المثال، الإمبريوقراطية (Empiriocriticism) والوضعية المنطقية (Logical Positivism) والتجربة المنطقية (Logical Empiricism)، وفي نهاية المطاف، وكان ذلك في منتصف القرن العشرين، استمرت في الحركة المسماة الفلسفة التحليلية واللغوية.
والفلسفة الوضعية في موقفها الأيديولوجي الأساسي هي بلا تردد دنيوية وعلمانية وهي معادية للاهوتية ورافضة للميتافيزيقية. وهناك نظير وتشابه، كما رآه "كونت"، بين تقدم أنماط التفكير في تاريخ الإنسان كله؛ من جهة، وفي تاريخ تطور الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ من جهة ثانية.
ففي المرحلة اللاهوتية الأولى، تكون أو تُفسر الظواهر الطبيعية بأنها نتيجة قوى خارقة للطبيعة أو قوى إلهية. ولا فرق بين الدين الذي يؤمن أفراده في تعدد الآلهة أو الدين التوحيدي الذي يؤمن فيه المؤمنون باله واحد. وفي كلتا الحالتين، يُعتقد أن القوى أو الوصايا المعجزة تُولد أو تخلق الأحداث المشهودة المنظورة. وقد ألقى "كونت" باللوم على هذه المرحلة باعتبارها مجسماً، أي أنها تستند إلى جميع المقارنات البشرية أيضاً.
أما المرحلة الثانية، والمسماة ميتافيزيقية وهي في عدة حالات، مجرد علم لاهوتي منزوع الشخصية. ويُفترض أن عمليات الطبيعة التي يمكن ملاحظتها تنبثق من قوى غير شخصية. ونوع الإثمار الذي يُفتقر إليه يمكن أن يتم تحقيقه وجنيه فقط في المرحلة الثالثة والأخيرة، وهذه المحطة الأخيرة هي الجانب العلمي أو الوضعي.
ووظيفة العلوم والمعرفة بشكل عام، هي دراسة الوقائع أو الحقائق والنظاميات، كقوانين وتوضيحات للظاهرة أو للظواهر، ولا يمكن أن تتكون إلا في حالات معينة تحت مظلة القواعد العامة. وقد بلغ الجنس البشري مرحلة النضج الكامل ليعرف كيف يفكر؟ ووصل الي هذه المرحلة، مرحلة التفكير وعصر الفكر، فقط بعد أن ترك وراءه التفسيرات الزائفة للمراحل اللاهوتية والميتافيزيقية وتناوب الولاء غير المشروط للمنهج العلمي.
ولمعرفة القيمة الحقيقية للفلسفة الوضعية وطابعها، يجب أن نتحدث من خلال نظرة عامة موجزة للتيار المتنامي للعقل البشري، لأنه لا يمكن معرفة أي تصور الا عبر أو من خلال تاريخه.
ومن خلال تقدم الفهم البشري للدراسة، يظهر الكشف عن اكتشاف قانون أساسي له أساس قوي من الأدلة، سواء في أعمالنا أو في تجربتنا التاريخية. القاعدة هي: - أن كل من مفاهيمنا السائدة، - كل قسم من معرفتنا، - يتحرك على التوالي بثلاثة شروط نظرية مختلفة:
• اللاهوتي، أو الديني؛
• الميتافيزيقي أو المجرد؛
• العلمي، أو الوضعي
ويستخدم العقل البشري بشكل طبيعي في تطوره ثلاثة مناهج للفلسفة وهي: اللاهوت والميتافيزيقا والفلسفة الوضعية. وتختلف شخصية كل منها بشكل جذري عن أخواتها، حتى أنهن متعارضات تماماً،
• علم اللاهوت
• الميتافيزيقا،
• الفلسفة الوضعية
الأولي، علم اللاهوت، هو نقطة انطلاق مهمة للمعرفة البشرية التقليدية، والثالثة، الفلسفة الوضعية، وهي حالتها القوية والنهائية. أما الثانية، الميتافيزيقيا، فهي ليست سوى حالة انتقالية بين هذه وتلك. وفي الفصول المتواليات، سيكون لدينا شرح تفصيلي لهذه المراحل الثلاث.
1. المرحلة اللاهوتية - حيث يشرح الناس ويفسرون في هذه المرحلة جميع الأحداث الطبيعية على أنها عمل وفعل قوى خارقة للطبيعة.
2. المرحلة الميتافيزيقية - في هذه المرحلة، تتعايش الرؤى العلمية مع الدينية لفهم العالم وتفسيره.
3. المرحلة الوضعية - وهي مرحلة التفكير العلمي البحت. فالعلم هنا مستقل تماماً عن الدين.
وفي مراحله الثلاث، وحد "كونت" ما اعتبره سرداً تاريخياً للتقدم مع الفحص والتحليل المنطقي للبناء المتصاعد للعلوم. ومن خلال تنظيم ستة علوم أساسية واحدة تلو الأخرى في شكل هرمي، جعل "كونت" الطريق جاهزة للفلسفات المنطقية الوضعية "لتقليل" أو "اختزال" كل مستوى إلى المستوى الأدنى منه.
لقد وضع في المستوى الابتدائي العلم الذي لا يفترض أبداً أي علوم أخرى -الرياضيات-. ثم أمر بالمستويات التي تتوزع فوقها بطريقة يعتمد عليها كل علم ويستفيد منها، أي يستفيد من العلوم التي تحتها في الميزان أو في المستوي؛ وبالتالي الحساب والهندسة والميكانيكا وعلم الفلك والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا وعلم الاجتماع. ويساهم كل علم عالي المستوى بدوره في المحتوى المعرفي للعلم أو العلوم على المستويات التي تتوزع أدناه، وبالتالي يعزز هذا المحتوى من خلال التخصص الناجح.
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
* يُعد مذهب الذرائعية أو البراغماتية (Pragmatism) سِمة الفلسفة الأميركية، وهو مزيج من الأفكار التجريبية والمثالية والشكية واللاعقلانية والنفعية. ويحدد ذلك المذهب "الفكرة" التي يبني عليها فلسفته بثلاثة شروط أساسية هي، القيمة الفورية وتوافق الفكرة ذاتها مع باقي الأفكار وأن تطمئن لها نفس الإنسان.
* شكل ظاهرة موجه علميًا من التجريبية تسعى إلى اختزال المعرفة إلى وصف للتجربة الخالصة والقضاء على جميع جوانب apriorism والميتافيزيقا والازدواجية
bakoor501@yahoo.com
ما الفلسفة الوضعية؟ What is Positivism?
تمهيد: يشار إلى الفلسفة الوضعية كمصطلح شامل لمجموعة من الأفكار أو لوجهات النظر الفلسفية التي تشمل أو تتداخل مع أفكار ومواقف مثل التجريبية والسلوكية والطبيعية. وباختصار، الفلسفة الوضعية تشمل أي أسلوب يطبق منهجاً علمياً على الشؤون والقضايا الإنسانية ". (28, p.4)
نموذج الفلسفة الوضعية: أن يكون لديك دليل هو أن يكون لديك بعض الضمانات المفاهيمية للاعتقاد أو للفعل، وهي ممارسة تقوم على أساس التعامل مع كل المعتقدات ومع كل الممارسات بدقة، على ضوء الأدلة التي يُزعم أنها تفصل العلم عن باقي الأنشطة الأخرى (Goldenberg, 2006, p.1).
هل يجب أن يكون الهدف من العلم هو تعريف الحقيقة المطلقة؟ أم أن هناك تساؤلات ليس للعلم إجابة لها ولا يستطيع الاجابة عنها؟ يعتقد العلميون الواقعيون أن الغرض من العلم هو اكتشاف الحقيقة، وأنه يجب على المرء أن يعتبر الأفكار العلمية حقيقية أو صحيحة تقريباً أو يفترض أنها كذلك.
وعلى العكس من ذلك، يجادل مناهضو الواقعية العلمية بأن العلم لا يهدف أبداً إلى اكتشاف الحقيقة، ولا يسعى من خلفها ولا يركض وراءها لاهثاً. وبشكل أساسي، يرتبط الوجود أيضاً بما لا يمكن ملاحظته أو مشاهدته، مثل الإلكترونات أو الأكوان الأخرى.
ويعتقد الذرائعيون* ويؤمنون بأن تقييم النظريات العلمية ضروري لمعرفة ما إذا كانت مفيدة وذات قيمة. وفي رأيهم، سواء كانت الأساليب صحيحة أم لا، فهي خارج الموضوع، وذلك لأن العلم يهدف إلى الحصول على تنبؤات والي تمكين التكنولوجيا أو التقنية الفعالة.
ويشير الواقعيون دائماً إلى نجاح النظريات العلمية الحالية كدليل على حقيقة الأساليب الآنية السائدة. ويُظهر المناهضون للواقعية أنه إما العديد من النظريات غير صحيحة في تاريخ العلم، أو الأخلاق المعرفية، أو نجاح فرضية النمذجة الخاطئة، أو انتقادات ما بعد المعاصرة للموضوعية كدليل ضد الواقعية العلمية.
ويسعى مناهضو الواقعية إلى توضيح تقدم وتطور النظريات العلمية دون الإشارة إلى الحقيقة. ويجادل العديد من معارضي الواقعية بأن النظريات العلمية تهدف إلى أن تكون دقيقة فقط فيما يتعلق بالأشياء التي يمكن ملاحظتها، ويمكن مشاهدتها، ويزعمون أن المعيار هو الذي يقيم نجاحها بشكل أساسي.
وقد يُنظر إلى الانتفاضة العلمية في القرن السابع عشر على أنها معلم هام وعلامة بارزة، ومعارضة متزايدة ومتصاعدة للاهوت وللإيمان في الطرق الخارقة للطبيعة. وطوال هذا العصر، وهذا الوقت، وهذا العهد، نشأت التجربة العلمية لتحتل دوراً رائداً في العلوم. وحلت الطريقة (الأساليب) العلمية مكان الاعتقاد بوجوب تصديق بعض المراجع دون دراستها دراسة نقدية تحليلية.
وقد كانت معظم فلسفة العلم خلال نصف القرن الماضي منشغلة بإرباك الصورة الإيجابية للنهج العلمي على أساس قاعدتين. في المرحلة الأولى أو القاعدة الأولي، صرح هانسون (Hanson) (1958) وكون (Kuhn) (1970، 1996) وفييرابند (Feyerabend) (1978) بأن الملاحظة هي وحدة نظرية؛ أي أن معتقداتنا وافتراضاتنا السياقية تؤثر على وجهات نظرنا.
وفي الثانية، ادعى كل من Duhem (1982) وQuine (1960) أن المفاهيم غير محددة بالبيانات. وبعبارة أخرى، لا يتم تحديد اختياراتنا النظرية من خلال الدليل أو الأدلة فقط (Goldenberg، 2006).
وكان ألفريد تاوبر (Alfred Tauber)، الذي أُعتبر عالماً متحمساً ونشطاً ونشيطاً وفيلسوفاً استثنائياً، يتتبع بشكل صريح ماضي فلسفة العلم، ويحاول في النهاية أن يجد العلم داخل السياق الإنساني الذي نشأ منه. وكان يتجنب الجمود الذي حدد كلا الطرفين المتطرفين في "حروب العلوم" آنئذ والحالية، وأعطي تصوراً للعقل الذي يضع الحجة خارج المناقشات اللامتناهية المتعلقة بالموضوعية والحياد.
وقد وضع تاوبر Tauber (2009) أسلوباً لفهم العلم باعتباره ارتباطاً بارزاً بين الحقائق والقيم التي تدير اكتشافها وتطبيقاتها. وتمنح فلسفة العلم هذه رؤى معقولة ولكنها لاحقة بشكل كبير حيث يمكن أن تعمل "الحقيقة" و "الموضوعية" كمثالية للعمل وتساعد كأدوات براغماتية في السياق الاجتماعي الذي تعيش فيه.
لأنه إذا كانت عملية إضفاء الطابع الإنساني على العلم ستصل إلى نقطة النهاية أو الي نقطة نهاية، فإنها بحاجة إلى الكشف ليس فقط عن المعنى الذي تحصل عليه من خلفياتها الاجتماعية والثقافية، ولكن أيضاً عن المعنى الذي يقرضها لها.
ويعتقد ميزس (Mises) (2012) أن الاقتصاديين والعلماء على حد سواء قد أساءوا فهم فكرة الاقتصاد كعلم. وقد ادعى ميزس بأن الاقتصاد علم قائم بذاته لأن الفعل البشري هو النظام الطبيعي للحياة، وأن تصرفات البشر هي التي تتحكم في سلوك الأسواق وفي القرارات المتعلقة برأس المال وبرؤوس الأموال.
ونظراً لأن ميزس (Mises) كان يعتقد أن تأكيد واثبات هذه العلاقات ممكناً بشكل منهجي أو بدراسة منهجية، فقد خلص إلى أن علم الاقتصاد، مع استناده على الفعل البشري، هو بلا شك علم بحد ذاته وليس بأيديولوجيا أو بقانون ميتافيزيقي.
إذن، ما هي الفلسفة الوضعية؟ يذكر ماكنزي وكنيب (Mackenzie and Knipe) (2006) أن الفلسفة الوضعية هي منهج علمي قائم على الفلسفة العقلانية التجريبية التي ظهرت مع أرسطو (Aristotle) وفرانسيس بيكون (Francis Bacon) وجون لوك (John Locke) وأوغست كونت (Auguste Comte) وإيمانويل كانط (Emmanuel Kant).
وإنها تعكس فلسفة حتمية تحدد فيها الأسباب على الأرجح التأثيرات أو النتائج (السبب والنتيجة - علاقة سببية). ويتم تطبيق الفلسفة الوضعية على العالم الاجتماعي كما تطبق على العالم الطبيعي، على افتراض أن العالم الاجتماعي يمكن أن يتم دراسته بنفس الطريقة التي يتم بها دراسة العالم الطبيعي، باعتبار أن هذا وذاك يتشابهان حيث لا اختلاف كبير يذكر بينهما، وأن تفسيرات طبيعة السببية يمكن أن تكون متاحة وموجودة وحاضرة وممكنه هنا كما هي هناك. ويهدف الوضعيين إلى فحص نظرية ما أو شرح تجربة ما من خلال الملاحظة والمشاهدة والمراقبة، ومن خلال القياس للتنبؤ وللتحكم بالقوى التي تحيط بنا".
وقد تم إلباس الفلسفة الوضعية خصائصها المميزة كمعتقد وكحركة فلسفية من قبل الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (Auguste Comte) (1798-1857) كما هو معلوم وكما هو معروف. ولقد أثر "كونت" على جون ستيوارت ميل (John Stuart Mill) في إنجلترا، لكن الوضعية الفرنسية والوضعية الإنجليزية تطورتا بطريقتين مختلفتين، وسارا في مسارين متباينين تماماً.
والجدير بالذكر أن "كونت" لم يقبل التقليد التجريبي البريطاني قط وبتاتاً. وقد قدمت الفلسفة الوضعية أيضاً نمواً للحركات، فعلى سبيل المثال، الإمبريوقراطية (Empiriocriticism)، التي انتقدها الماركسيون (Marxists)، وعلى رأسهم لينين (Lenin) (1947).
ويمكننا أن نملأ الفم بالقول المليان قائلين، "إذا كانت فلسفتك البحثية تعكس مبادئ الفلسفة الوضعية، فإنك ستتبنى، على الأرجح، الموقف الفلسفي لعالم الطبيعة. وحتماً ستفضل "العمل مع واقع اجتماعي يمكن ملاحظته، ويمكن مشاهدته، وأن المنتج النهائي لمثل هكذا بحث يمكن تعميمه، ويكون شبيهاً لتلك التي ينتجها علماء الفيزياء وعلماء الطبيعية".
ويستعرض ويعرض كينكيد (Kincaid) (1998) الفلسفة الوضعية بالطريقة التالية: الفلسفة الوضعية اُخترعت وتُولدت من رحم حركات منعزلة في العلوم الاجتماعية في اعماق القرن التاسع عشر، وفلسفات القرن العشرين الحديثة.
وكانت الأفكار الفلسفية الوضعية الأساسية تأكد على أن الفلسفة يجب أن تكون علمية، وتقول بأن الأفكار الميتافيزيقية ما هي الا ضرباً من ضروب العبث؛ وتؤمن بأن هناك دائماً وجود لطريقة علمية عالمية شاملة وبديهية.
وعلاوة على ذلك، فإن الوظيفة الفلسفية الحاسمة هي دراسة تلك الطريقة أي الطريقة العلمية. وهي طريقة علمية أساسية متشابهة في كل العلوم الطبيعية منها وكذلك الاجتماعية، وأن العديد من العلوم يجب أن تكون قابلة للاختزال في العلوم الفيزيائية، وأن الأجزاء التخيلية للعلم الجيد تحتاج إلى أن تكون قابلة للتكيف في عبارات وفي تفسيرات تتعلق بالملاحظات وبالمشاهدات.
ففي العلوم الاجتماعية وفي فلسفة العلوم الاجتماعية، عززت الفلسفة الوضعية أهمية البيانات الكمية والنظريات المؤطرة بدقة، والنهج الفلسفي للعلوم الاجتماعية والذي يلقي بالضوء على التحليل النظري بدلاً من الممارسة الحقيقية للبحث الاجتماعي.
ولقد وقفت حملات الرفض والانتقادات الحادة السنان في وجه الرأي القائل بأن المنهج العلمي هو بديهي وهو عالمي وهو شامل وشمولي، وأن الفلسفات تحتاج إلى أن تكون قابلة للتكيف مع شروط المراقبة والملاحظة والمشاهدة. ويعتبر هذا الانخفاض أو الاختزال في العلوم الفيزيائية هو السبيل الأوحد لتوحيد العلوم.
ولقد أضعف مثل هذا الرفض (الرفض للمنهج العلمي) الدوافع للفلسفة السلوكية والفردية المنهجية في العلوم الاجتماعية. كما أنهم أوصلوا الكثيرين إلى الاستنتاج، إلى درجة معينة وبشكل غير معقول، بأن أي قيم للعلم الاجتماعي الجيد ليست سوى واحده من مسائل الإقناع الخطابي والأعراف الاجتماعية لا أكثر.
وعلى غرار باحث "الموارد" سابقاً، فقط تلك الظواهر التي يمكن للباحث أن يلاحظها ويشاهدها هي التي ستؤدي إلى إنتاج بيانات موثوقة. وعند وضع استراتيجية بحثية لجمع مثل هذه البيانات، يقوم الباحث على الأرجح باستخدام النظرية السائدة لتطوير الفرضيات. وسيتم اختبار مثل هذه الفرضيات والتأكيد عليها والتأكد منها، كلياً أو جزئياً، أو دحضها، مما يؤدي إلى مزيد من التطوير للنظرية التي يمكن بعد ذلك اختبارها من خلال بحث إضافي آخر.
كيف وصلنا إلى الفلسفة الوضعية؟
نالت الفلسفة الوضعية سماتها المميزة من عمل الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (Auguste Comte). ثم تقدمت عبر مراحل مختلفة تحمل عناويناً متباينة، فعلى سبيل المثال، الإمبريوقراطية (Empiriocriticism) والوضعية المنطقية (Logical Positivism) والتجربة المنطقية (Logical Empiricism)، وفي نهاية المطاف، وكان ذلك في منتصف القرن العشرين، استمرت في الحركة المسماة الفلسفة التحليلية واللغوية.
والفلسفة الوضعية في موقفها الأيديولوجي الأساسي هي بلا تردد دنيوية وعلمانية وهي معادية للاهوتية ورافضة للميتافيزيقية. وهناك نظير وتشابه، كما رآه "كونت"، بين تقدم أنماط التفكير في تاريخ الإنسان كله؛ من جهة، وفي تاريخ تطور الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ من جهة ثانية.
ففي المرحلة اللاهوتية الأولى، تكون أو تُفسر الظواهر الطبيعية بأنها نتيجة قوى خارقة للطبيعة أو قوى إلهية. ولا فرق بين الدين الذي يؤمن أفراده في تعدد الآلهة أو الدين التوحيدي الذي يؤمن فيه المؤمنون باله واحد. وفي كلتا الحالتين، يُعتقد أن القوى أو الوصايا المعجزة تُولد أو تخلق الأحداث المشهودة المنظورة. وقد ألقى "كونت" باللوم على هذه المرحلة باعتبارها مجسماً، أي أنها تستند إلى جميع المقارنات البشرية أيضاً.
أما المرحلة الثانية، والمسماة ميتافيزيقية وهي في عدة حالات، مجرد علم لاهوتي منزوع الشخصية. ويُفترض أن عمليات الطبيعة التي يمكن ملاحظتها تنبثق من قوى غير شخصية. ونوع الإثمار الذي يُفتقر إليه يمكن أن يتم تحقيقه وجنيه فقط في المرحلة الثالثة والأخيرة، وهذه المحطة الأخيرة هي الجانب العلمي أو الوضعي.
ووظيفة العلوم والمعرفة بشكل عام، هي دراسة الوقائع أو الحقائق والنظاميات، كقوانين وتوضيحات للظاهرة أو للظواهر، ولا يمكن أن تتكون إلا في حالات معينة تحت مظلة القواعد العامة. وقد بلغ الجنس البشري مرحلة النضج الكامل ليعرف كيف يفكر؟ ووصل الي هذه المرحلة، مرحلة التفكير وعصر الفكر، فقط بعد أن ترك وراءه التفسيرات الزائفة للمراحل اللاهوتية والميتافيزيقية وتناوب الولاء غير المشروط للمنهج العلمي.
ولمعرفة القيمة الحقيقية للفلسفة الوضعية وطابعها، يجب أن نتحدث من خلال نظرة عامة موجزة للتيار المتنامي للعقل البشري، لأنه لا يمكن معرفة أي تصور الا عبر أو من خلال تاريخه.
ومن خلال تقدم الفهم البشري للدراسة، يظهر الكشف عن اكتشاف قانون أساسي له أساس قوي من الأدلة، سواء في أعمالنا أو في تجربتنا التاريخية. القاعدة هي: - أن كل من مفاهيمنا السائدة، - كل قسم من معرفتنا، - يتحرك على التوالي بثلاثة شروط نظرية مختلفة:
• اللاهوتي، أو الديني؛
• الميتافيزيقي أو المجرد؛
• العلمي، أو الوضعي
ويستخدم العقل البشري بشكل طبيعي في تطوره ثلاثة مناهج للفلسفة وهي: اللاهوت والميتافيزيقا والفلسفة الوضعية. وتختلف شخصية كل منها بشكل جذري عن أخواتها، حتى أنهن متعارضات تماماً،
• علم اللاهوت
• الميتافيزيقا،
• الفلسفة الوضعية
الأولي، علم اللاهوت، هو نقطة انطلاق مهمة للمعرفة البشرية التقليدية، والثالثة، الفلسفة الوضعية، وهي حالتها القوية والنهائية. أما الثانية، الميتافيزيقيا، فهي ليست سوى حالة انتقالية بين هذه وتلك. وفي الفصول المتواليات، سيكون لدينا شرح تفصيلي لهذه المراحل الثلاث.
1. المرحلة اللاهوتية - حيث يشرح الناس ويفسرون في هذه المرحلة جميع الأحداث الطبيعية على أنها عمل وفعل قوى خارقة للطبيعة.
2. المرحلة الميتافيزيقية - في هذه المرحلة، تتعايش الرؤى العلمية مع الدينية لفهم العالم وتفسيره.
3. المرحلة الوضعية - وهي مرحلة التفكير العلمي البحت. فالعلم هنا مستقل تماماً عن الدين.
وفي مراحله الثلاث، وحد "كونت" ما اعتبره سرداً تاريخياً للتقدم مع الفحص والتحليل المنطقي للبناء المتصاعد للعلوم. ومن خلال تنظيم ستة علوم أساسية واحدة تلو الأخرى في شكل هرمي، جعل "كونت" الطريق جاهزة للفلسفات المنطقية الوضعية "لتقليل" أو "اختزال" كل مستوى إلى المستوى الأدنى منه.
لقد وضع في المستوى الابتدائي العلم الذي لا يفترض أبداً أي علوم أخرى -الرياضيات-. ثم أمر بالمستويات التي تتوزع فوقها بطريقة يعتمد عليها كل علم ويستفيد منها، أي يستفيد من العلوم التي تحتها في الميزان أو في المستوي؛ وبالتالي الحساب والهندسة والميكانيكا وعلم الفلك والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا وعلم الاجتماع. ويساهم كل علم عالي المستوى بدوره في المحتوى المعرفي للعلم أو العلوم على المستويات التي تتوزع أدناه، وبالتالي يعزز هذا المحتوى من خلال التخصص الناجح.
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
* يُعد مذهب الذرائعية أو البراغماتية (Pragmatism) سِمة الفلسفة الأميركية، وهو مزيج من الأفكار التجريبية والمثالية والشكية واللاعقلانية والنفعية. ويحدد ذلك المذهب "الفكرة" التي يبني عليها فلسفته بثلاثة شروط أساسية هي، القيمة الفورية وتوافق الفكرة ذاتها مع باقي الأفكار وأن تطمئن لها نفس الإنسان.
* شكل ظاهرة موجه علميًا من التجريبية تسعى إلى اختزال المعرفة إلى وصف للتجربة الخالصة والقضاء على جميع جوانب apriorism والميتافيزيقا والازدواجية
bakoor501@yahoo.com