سيناريوهات التغيير المرتقب في السودان: دعوة السيد الصادق ستقع على آذان صماء. بقلم: محجوب محمد صالح
محجوب محمد صالح
4 October, 2013
4 October, 2013
خاطب السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وإمام طائفة الأنصار لقاءً جماهيرياً حاشداً التأم في دار الحزب لتأبين الشهداء الذين سقطوا خلال الانفجار الشعبي الذي جاء في أعقاب الإجراءات الاقتصادية الأخيرة وما زال يتواصل حتى الآن، وقد حرص السيد الصادق في حديثه أن يخاطب القضية المركزية التي تشغل بال السودانيين اليوم وهي ضرورة إحداث تغيير شامل في نظام الحكم في السودان ليؤسس لحكم ديمقراطي جديد يقوم على أساس المساواة والعدالة وجماعية المشاركة في صنع الحكم الراشد، وهي الدعوة التي يتردد صداها اليوم في كل أنحاء السودان بعد أن اقتنعت الأغلبية العظمى أن أزمة الحكم هي السبب وراء كل التحديات التي تحيط بالسودان اليوم.
السيد الصادق في مخاطبته للاجتماع الحاشد آمن على أن هذا اللقاء يتم وسط الحراك الشعبي المطالب (برحيل نظام الفساد والاستبداد وإقامة نظام الحرية والعدالة الجديد). وقال (واهم من يظن أن الحراك قد انتهى فهو مستمر ما دامت أسبابه الموضوعية قائمة) ثم خلص إلى أن (النظام قد بلغ بسوء أعماله نهايته فهل تكون النهاية على يد مغامرين لا تعرف عواقب أعمالهم أم على يد إدارة وطنية حددت المستقبل ووسائل تحقيقه وبرنامجها) وعلى أساس هذه المقدمة دعا كافة القوى السياسية والاجتماعية لمنافشة مقترح حزبه للوصول إلى (ميثاق وطني يحدد ملامح النظام الجديد بوضوح ويضع خريطة الطريق المؤدية لتحقيقه)، مشيراً إلى أنهم أعدوا مقترحاً مفصلاً للميثاق ويدعون القوى الأخرى لمناقشته وطرح أفكارهم حول ذلك الميثاق.
لقد ظل السيد الصادق المهدي يردد هذه الفكرة ويدعو إلى ضرورة الوصول إلى هذه الغاية عبر توافق مع الحزب الحاكم ضماناً لإحداث تغيير سلمي حفاظاً على أمن السودان، بينما ظلت القوى الأخرى تشكك في إمكانية إحداث تحول عبر توافق مع الحزب الحاكم لأنه بالنسبة لهم يفتقد المصداقية وليس على استعداد للتخلي عن السلطة عبر الحوار وأنه لا بد من إسقاطه قبل تنفيذ مثل ذلك الميثاق، مؤكدين أن القوى السياسية قد وصلت إلى هذه القناعة بسبب سلوك الحزب الحاكم وعدم التزامه بكل الاتفاقيات التي وقعها مع الآخرين وقد كان هذا الدافع وراء الهتافات التي قاطعت خطاب السيد الصادق مطالبة (بإسقاط النظام) لا محاولة التوافق معه.
لا أعتقد أن أي سياسي يمكن أن يعارض أو يرفض فكرة الوصول إلى تسوية سلمية تؤدي إلى تغيير النظام الحالي وإحداث تحول ديمقرطي كامل وكل القوى السياسية الأخرى قد عبرت عن رأيها في أنها تريد للتحول أن يحدث بالوسائل السلمية المدنية بعيداً عن أعمال العنف، ولكن هذه المعادلة التغيير عبر التفاوض لا يمكن أن تتم إلا إذا كان الطرف الثاني -الحكومة- مقتنعة به بسبب ظروف داخلية أو ضغوط لا قبل لها بمجابهتها أو اقتناعها بأن التغيير المنشود سيفرض نفسه حتى لو عارضته ما لم يحدث ذلك فما من حكومة تملك زمام السلطة ولا تحس بأنها محاصرة يمكن أن تقدم طوعاً على تنازل عن تلك السلطة.
مدخل السيد الصادق للتغيير السلمي التفاوضي الأمن ينبغي أن يكون تصعيد الكفاح السلمي والمدني والوصول به إلى ذروته التي قد تكون العصيان المدني الشامل حتى يغير موازين القوة على الأرض بحيث يأتي التغيير نتيجة طبيعية لأزمة وصلت قمتها قبل هذا ليس هناك ما يدفع حاكما أن يتخلى عن سلطته طوعاً!
هذا الحراك الذي نعيشه اليوم ابتدره شباب نشطوا خارج الأحزاب وحز في نفوسهم ظلم تواصل وظروف معيشية ضاغطة وعطالة واسعة وانسداد الأفق أمامهم مع تواصل القهر والتهميش، ولم تكن الأحزاب السياسية في قلب هذا الحراك وأي عمل سياسي منظم يجب أن يجسر هذه الهوة ويوحد القوى التي تنادي بالتغيير ويدرك أن الكفاح السلمي مطلب صعب يحتاج إلى جهد وإلى تنسيق وإلى توعية إذا أراد الناشطون أن يصلوا به إلى ذروته التي تؤدي إلى تغيير موازين القوى، ولذلك يجب أن لا يدب اليأس في نفوسهم حتى يتواصل الجهد التعبوي إذا حدث هذا الحراك بحيث تستطيع المعارضة أن تحقق التغيير إما عن طريق قوتها المدنية السلمية أو عن طريق التفاوض الذي يؤهلها له ميزان القوى الذي مال لصالحها.
قبل أن يحدث تغيير حقيقي في ميزان القوى فإن دعوة السيد الصادق إلى تغيير توافقي ستقع على آذان صماء سواء في جانب المعارضة أو جانب الحكومة، فالحكومة لا تستشعر خطراً يفرض عليها أن تقدم تنازلات والمعارضة ليست لديها القدرة على فرض ذلك الواقع!!
ليكن مدخل السيد الصادق تقوية الكفاح المدني السلمي والإسهام في تنسيق وبلورة نشاطه كمدخل للتغيير القادم، وهذا هو المغزى الكبير للحراك الذي ابتدره الشباب.