شر البلية ما يضحك!!
30 July, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
ضحكت ملء شدقيَّ عندما قرأت في صحف الأحد الماضي أن جيمس واني إيقا نائب رئيس الحركة الشعبية ورئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان ورئيس اللجنة الإستراتيجية للانتخابات بالحركة الشعبية... أن إيقا سيدشِّن الحملة الانتخابية للحركة بولاية الخرطوم خلال الأيام القليلة القادمة... ما أضحكني هو أن إيقا هذا الذي سيدعو أبناء الشمال للانضمام للحركة هو الذي أعلن قبل أيام قليلة بأن جنوب السودان يعاني مجاعة طاحنة وأن على المجتمع الدولي ودول الجوار أن يتحركوا من أجل إنقاذ المواطنين من المجاعة التي تفتك بجنوب السودان وقد نشرنا تصريحات إيقا حول المجاعة نقلاً عن الصحافة الجنوبية بل أوردنا ما قاله د. رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب ونائب رئيس الحركة والذي كانت عباراته مشذَّبة قليلاً حيث قال إن الجنوب يعاني فجوة غذائية »اسم الدلع للمجاعة« ولست أدري والله سر تلك الجرأة العجيبة التي يتمتع بها هؤلاء وهم يدعون الشماليين لدعم حكم الجوع والفقر والمرض والانخراط في تلك الحركة الشعبية لتذيقهم لباس الجوع والخوف كما فعلت بأبناء جنوب السودان... لست أدري والله كيف يصدِّق هؤلاء القوم أن مواطني شمال السودان يمكن أن ينخدعوا ويصوِّتوا للحركة الشعبية وهي التي أهدرت موارد الجنوب بما في ذلك أموال البترول التي ذهبت هباء منثوراً!!
اقرأوا بالله عليكم ما أشار إليه المدير القطري للبنك الدولي خلال تدشين برنامج التمويل الأصغر في مدينة جوبا يوم الجمعة الماضي الموافق 24\7\2009والذي كشف خلاله أن حوالي تسعين في المائة من السكان في جنوب السودان يعيشون على أقل من دولار واحد يومياً وبالرغم من ذلك يتحدث إيقا عن حملة قطاع الشمال لاستقطاب أصوات الشماليين وكأنَّ »القنابر« تتدلَّى من رؤوس أبناء الشمال أو كأنَّ الانتحار صار خيارًا لهم يرمون من خلاله بأيديهم إلى الهلاك أو كأنَّ الشماليين جَهَلَة لا يدرون ما فعلته الحركة بالجنوب والجنوبيين مما يجعلهم يسلمونها رقابهم لتهوي عليها بساطور القهر والتجويع!!
اقرأوا بربكم ما هرفت به السكرتير الثقافي والإعلامي بقطاع الشمال المدعوة كيجي جرمليلي من أن قطاع الشمال سجل في عضويته ما يقارب 450.000 عضو في ٣١ ولاية!! كيجي هذه لم تقل لنا هل هؤلاء جنوبيون أم شماليون؟! على أن ما ينبغي أن تجيب عنه ويجيب عنه رئيسهاً عرمان هو لماذا ينضم أبناء الشمال للحركة الشعبية؟! هل يفعلون ذلك لأنهم رأوا في الحركة مدافعًا عن حقوقهم؟! إذا كان الأمر كذلك فلماذا تحرص الحركة على الانتقاص من حصة الشمال في جميع مفاوضاتها بما في ذلك نيفاشا التي ظلت خلالها تمثل الجنوب وتسعى لإعلاء حصته على حساب حصة الشمال التي كان من الممكن أن تكون أكبر لولا إصرار الحركة على زيادة حصة الجنوب؟! ماذا فعلت الحركة في لاهاي؟؟ ألم تجتهد لتضم كل منطقة أبيي بل مناطق البترول في هجليج خارج أبيي إلى الجنوب وانتزاعها من الشمال؟؟ ما هي فرصة الشمال والشماليين في قيادة الحركة الشعبية؟! أليس الشماليون هم أغلبية سكان السودان؟! إذًا لماذا تصر الحركة على تهميش الشماليين في قيادتها؟؟ لماذا تدَّعي الحركة أنها قومية وهي تصرُّ على أنها جنوبية حيث يحتل الجنوبيون ـ من الدينكا خاصة ـ كل الوظائف القيادية في الحركة في جنوب السودان بل في شمال السودان؟! لماذا لا يوجد شمالي واحد في حكومة جنوب السودان وكل الحكومات الولائية العشر؟؟ كيف يدخل الشماليون إلى حركة عنصرية يعلمون علم اليقين أن أبواب الاستوزار والقيادة السياسية موصدة أمامهم؟؟ ما الذي يُجبرهم على ذلك وهم يرون أحزاب الشمال مشرعة أمامهم وتفتح لهم أبوابها على مصاريعها؟!
إنني من هذا المقال أدعو جميع أعضاء منبر السلام العادل إلى كشف زيْف الحركة الشعبية للمواطنين حتى لا ينخدعوا بشعاراتها الكاذبة ويكفيهم الاستشهاد بشهادة قيادات الحركة الشعبية عن حالة البؤس والحرمان الذي يعانيه أبناء الجنوب كما يمكنهم ذكر بعض النماذج من أقوال مسؤولي حكومة الجنوب مثل ذلك التصريح الذي نُشر قبل أيام في الصحافة الجنوبية منسوباً إلى وزير الداخلية عن وجود آلاف السجناء في المعتقلات بدون محاكمة منذ عدة سنوات.
إن بيوت الرعب والاقتتال القبلي في جنوب السودان تمثل اعترافاً صريحاً بأن الحركة الشعبية ليست جديرة بأن تحكم قرية صغيرة دعك من أن تحكم السودان جميعه بما فيه الشمال الذي بلغ به الهوان أن تطمع حركة شريعة الغاب في استقطاب أبنائه إلى صفوفها