تتسابق الاحداث بسرعة رهيبة هذه الأيام للتأثير على السياسية في فرنسا والانتخابات الرئاسية القادمة. حيث جرت الانتخابات التمهيدية لتجمع اليمين واليمين الوسط الفرنسي لاختيار مرشح التجمع للانتخابات الرئاسية التي ستقام في نهاية شهر أبريل 2017م، والتي تقدم فيها 7 من المرشحين من بينهم الرئيس السابق ساركوزي و رئيس الوزراء الاسبق الان جوبيه ورئيس الوزراء الاسبق فرانسوا فيون وقد فاز الاخير بالانتخابات التمهيدية ليصبح مرشح التجمع للانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة. كذلك جرت الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية وتقدم 7 مرشحين من ضمنهم رئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس وقد إنتهت بفوز بنوا هامو على فالس. كشفت صحيفة le canard enchainé وتعني "البطة العرجاء" وهي من الصحف المتخصصة في كشف الاسرار في كل الميادين وخاصة في السياسة، كشفت ان المرشح فرنسوا فيون كان قد عين زوجته بنلوب كمساعدة له وتلقت رواتب حوالي 900 الف يورو من خزينة البرلمان الفرنسي، وكذلك عين ولديه قبل إنتهائهم من دراستهم كمستشارين له لبعض الوقت عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي. قامت الشرطة بالتفتيش في مكتب فرانسوا فيون في مجلس الشعب عن المستندات وما تزال التحريات مستمرة دون التدخل من حهات عليا او شخصيات مؤثرة من باب "باركوها ياجماعة"!!! رغم إن تلك الممارسة التي قد تؤدي الى الأبد بالمستقبل السياسي فرانسوا فيون، هي ممارسة قام بها الكثيرون غيره من السياسين وأصحاب المناصب العليا. وقد أكد فرانسوا فيون بأنه لن يتراجع عن الترشح لرئاسة الجمهورية إلا في حالة واحدة إذا تم المساس بشرفه وتم إتهامه بصورة رسمية!!!. يبقى أنه في حالة تراجع فيون ورفض رئيس الوزراء الاسبق المنهزم في الانتخابات التمهيدية للتجمع اليميني واليمين الوسط الان جوبيه التقدم كبديل لفرانسوا فيون، لن يبق حينها مرشح محتمل سوى الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي والذي "قد" يبدى عدم رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية مرة ثالثة حفظا لكرامته خاصة بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية وهزيمته في الانتخابات التمهيدية لتجمع اليمين واليمين الوسط للتقديم مرشح للرئاسة. على كل، هذه الاوضاع غالبا ما تضعف من وضع مرشح تجمع اليمين واليمين الوسط وتعطي فرصة اوسع لمرشح الحزب اليساري او مرشحة حزب اليمين المتطرف مارين لوبن للفوز في الانتخابات الرئاسية!!! في عام 1989م قام البشير بإنقلاب عسكري ثم بعدها بعشرين عاما من الحكم العسكري الديكتاتوري المتسلط قام بأجراء إنتخابات في عام 2010م سميت بإنتخابات "ذات الخجة" نسبة لان صناديق الانتخابات استبدلت أو سحبت اوراق التصويت التي بها ووضعت أوراق جديدة مزورة وفاز البشير بنسبة 68%!!! وفي فبراير 2011م، أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن "الرئيس البشير لن يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة والمقررة بعد أربعة أعوام أي في 2015م". ثم أعلن البشير في مارس 2013م نيته بعدم الترشح لدورة رئاسية جديدة. وأضاف في تصريحات أن "المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطنى - الحزب الحاكم فى السودان - سيعقد مؤتمره في العام 2013م وسينتخب المؤتمر رئيسا للحزب سيكون بالتالى مرشحا للرئاسة عام 2015م". ثم إنقلب الوضع رأساً على عقب فرجع البشير في كلامه وترشح في 2015م و فاز بنسبة 94.5%، وقال في ابريل 2016م لاذاعة البي بي سي "انه سيتخلى عن الحكم بحلول العام 2020م، وانه لن يترشح للرئاسة مرة اخرى ، مشيرا الى انه سيفسح المجال لرئيس جديد بعد هذا التاريخ"!!!. الذي يهمنا هنا ليس المقارنة بين النظامين في البلدين للتقدم للانتخابات الرئاسية فهي مقارنة غير معقولة ولا تقبل ايضا حتى ان تدخل في باب قياس مع الفارق!!! ولكن الذي يهمنا لماذا ليس هناك ممارسة ديمقراطية داخل كل حزب عبر إنتخابات داخلية لتقديم الاصلح والأوفر حظاً للفوز، وكذلك لماذا يظن المرشح في بلادنا على أنه الوحيد الاصلح داخل حزبه وكذلك أنه الاكثر إستحقاقاً بين المواطنين داخل البلاد وخارجها لتولي الحكم رضى من رضى وكره من كره وهو ما يصطلح عليه في اللهجة المحلية "رجالة" . وأخيراً لماذا لا يمكن تحديد الفترة الرئاسية بفترتين غير قابلة للتجديد حسب الدستور وإذا حدث ذلك لاي سبب يعتبر خرق للدستور!!! من الجهة الأخرى، يبقى السؤال، لماذا يتقبل المرشح الفرنسي الهزيمة بصدر رحب ويتراجع إلى الصفوف الخلفية ويترك مكانه للفائز!!! و لماذا عندما يتم اتهام المرشح او شاغل المنصب الحكومي بأقل تهمة يبادر للاستقالة وتتم محاكمته وغالبا ما يصدر الحكم بحقه مع التنفيذ!!! هل هي مسألة شرف وكرامة ورجولة شخصية أم غباء سياسي!!! ثم كذلك الإشارة إلى أن الدولة لا يمكن أن يمتلكها حزب ولكن الحزب او تجمع الاحزاب الفائز هو جهة مكلفة من الشعب بشغل معين لفترة معينة وفق برنامج محدد، دون أن يكون له القدرة على إختراق مؤسسات الدولة أو تسخير إمكانيات الدولة لمصلحة الحزب او التجمع الحاكم!!! نقطة أخيرة ألا وهي أن المواطن العادي في أوربا اذا ما سرق او إحتال قد يتمكن من الإفلات من العقوبة لانه غير مرصود ولا موضوع تحت المجهر، أما السياسي وصاحب المنصب فيكفي اقل إشارة بالفساد توجه إليه من قبل صحيفة ما لتنطلق كل المراصد والاضواء لتسلط عليه الضوء وتحرجه وتقتله سخريتا قبل أن يقدم الى المحاكمة وتثبت جنايته وبعدها ، هل إنعدام العدل وتفشي الظلم هو سبب هلاك بلادنا وتقدم بلادهم قال رسول الله "ص" - قَالَ : " إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا "!! قال ابن تيمية في الفتاوى 28/63 "فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ عَاقِبَةَ الظُّلْمِ وَخِيمَةٌ وَعَاقِبَةُ الْعَدْلِ كَرِيمَةٌ وَلِهَذَا يُرْوَى : " { اللَّهُ يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَا يَنْصُرُ الدَّوْلَةَ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً". إذن على كل مواطن البعد عن الظلم والتسلط وممارسة العدل داخل بيته وفي الشارع وفي العمل وقبول تساؤيه مع كل ابناء بلاده في الحقوق والواجبات وأهمها تمسكه بكرامته وشرفه من أن تمس بإتهام صادق أو كاذب. هذه الممارسة الاخلاقية العدل اذا سرت بين الازواج وبين الاخوان وبين الأصدقاء وبين العمال والموظفين ومرؤسئيهم، يمكنها أن تصبح ثقافة عامة قد تقود في السنوات القادمة لتنشئة أجيال تعشق الحرية والقانون وتناهض الظلم. وقد قيل "إنّ العدل واجب لكل أحد على كل أحدفي كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح بحال". و قيل كذلك "لو كان الاستبداد رجلاً وأراد أن يحتسب بنسبه لقال: أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة وأخي الغدر وأختي المسكنة وعمي الضر وخالي الذل، وابني الفقير وابنتي الحاجة وعشيرتي الجهالة ووطني الخراب". أنشد الشاعر الفيتوري
"أمس قد مَرّ طاغية من هنا نافخاً بُوقه تَحت أَقواسها وانتهى حيثُ مَرّ كان سقف رَصَاصٍ ثقيلاً تهالك فوق المدينة والنّاس كان الدّمامة في الكون والجوع في الأرض والقهر في الناس قد مرّ طاغيةُ من هُنا ذات ليل أَتى فوق دبّابةٍ وتسلَّق مجداً وحاصر شعباً غاص في جسمه ثم هام بعيداً ونصَّب من نفسه للفجيعة رَبَّا ". wadrawda@hotmail.fr