صحفي شفّاف، لكن بِخاف!!

 


 

عادل الباز
2 April, 2011

 


أوقعني الزملاء الهندي عز الدين وعبد الباقي الظافر في حيْرة من أمري حين قرأتُ دعوتهما أمس الأول للصحفيين ليتمتعوا بالشفافية اللازمة؛ التي صدعوا رؤوس العالمين بها، ويعلنوا عن ثرواتهم وممتلكاتهم!! فوجدت نفسي أمام احتمالين: إما أن أدخل معهما في باب الشفافية هذا، وأعلن عن ما لديّ من ثروات وممتلكات عقارية خارج القُطر وداخله، وأسهم منقولة ومحمولة، وأكشف عن حساباتي في البنوك داخلياً وخارجياً، فأحظى بلقب صحفي شفّاف، أو امتنع عن ذلك (وألبِدْ بس) كما يفعل كل الناشرين والصحفيين، فأكون صحفي (لغّاف)، أو متحرّز لفساد في قادم الأيام!! تلك ورطة كبرى. ولكن المشكلة ليس في الهندي ولا الظافر، ولكن في الجماعة التانين!!.
هبْ أنني قررت أن أستجيب لدعوتهما الشفافة، وأعلنت عن أملاكي خمسة مليارات من الجنيهات السودانية موزعة على خمسة بنوك، ثم أعلنت وثائق امتلاكي لعماراتي الست التي هي في أرقى أحياء العاصمة، ثم أذعت نبأ حياذتي لآلاف الأسهم من شهامة تساوي المليار جنيه داخلياً، وأسهم أخرى في البورصة المصرية، جنباً إلى جنب مع الرئيس حسني مبارك وصحبه أجمعين!! ثم عمدت إلى إعلان ثرواتي المكنوزة بماليزيا التي لا تتعدى الاثنين مليون دولار بأي حال بدون أسعار الفائدة؛ لأني معاذ الله لا آكل الربا الحرام!! ثم نشرت مستندات امتلاكي لأراضٍ شاسعة لا أقل من ألفين فدان في المخططات السكنية؛ الحقيقية منها والوهمية. دخولي في حالة الشفافية أعلاه ستكون نتائجه كارثية كالآتي:
1- ستهبط زوجتي في اليوم التالي بمطار الخرطوم لتقتادني لمستشفى المجانين ليس شكاً في ما لديّ من ثروات فحسب، ولكن لا أحد عاقل بإمكانه كشف ثروات بهذا الحجم، إلا أن يكون راغباً في لفت نظر إحدى الفاتنات اللائي يحببن المال حباً جماً، وقد تدّعي أننا (هرمنا)، فلا قوة جاذبة للجميلات سوى المال؛ وهو وحده من سيجعلي أسير على درب صاحب الانتباهة!!
2-سيكوّن ديوانا الضرائب والزكاة فريقاً مشتركاً لمطاردة أموالي بنك بنك، وسهم سهم، وشبر شبر، وسيزنقوني (جنس زنقة ولا زنقة القذافي). فلن يتركوني إلا أنا يا مولاي كما خلقتني!!
3- سيصطف (الديّانة) وبأيديهم الشيكات الراجعة، ومستندات إدانتي، وقد يقذفون بي للسجن مباشرة بعد إعلان الشفافية هذا، خاصة وأنني عامل فيها (معلّم الله).
4- سيطالبني الصحفيون بحقوقهم ومرتباتهم التي أكلتها مدّعياً أنني لا أملك شيئاً من حطام الدنيا، وقد يطالبون برحيلي من الصحيفة فوراً خاصة أنني والحمد لله لي صحيفة يتكاثر فيها الثوريون والثوريات داخل (الشبكة) وبرة (الشعبي) وداخل (الشيوعي) وبرة (الشعبية)، فأجد نفسي بين ليلة وضحاها ضحية لشفافية الظافر الهندي!!
5- أجزم أن صديقي مصطفى البطل ما إن أدخل من باب الشفافية الذي هو ماركة مسجلة باسمه ... (كم من كوارث فجّرها تحت لافتة الشفافية آخرها فضيحته لجماعة الناه بنت مكناس). المهم أن البطل سيستأجر طائرة خاصة ليطوف بها على مجموعة الدائين الدوليين؛ فيغشى فتحي الضو في شيكاغو، والدكتور عبد الله علي إبراهيم في ميسوري، بعد أن أصبحَ في تمام صحته وعافيته أدامها الله عليه بعد العملية. لابد أنه من هناك سيهبط في عمان حيث يقيم أستاذنا الجليل بدر الدين الهاشمي، ولا شك أنه سيغشى بريدة حيث تقيم منى عبد الفتاح، ولن ينسى بالطبع المرور بالدوحة ليأتي بأستاذنا النور حمد وأمير صديق وعبد الله البشير.. والحمد لله أن فوزي بشرى سيكون غائباً عن هذا المشهد؛ فلا يزال يطارد الثورات البعيدة بتقاريره العجيبة!! المهم أن البطل سيقوم بثورة عالمية ضدي بدعوى أنني خدعتهم!!.
عزيزي القارئ هذا جزء يسير من النتائج المتوقعة التي ستحدث لي حال استجابتي لنداء الظافر- الهندي... فأنا لست مجنوناً حتى أستمع لهذا النداء المدمّر، وسأدع شفافيتهم وراء ظهري، وأصم أذني عن ندائها، وليبلوّها ويشربوا مويتها.
 

 

آراء