صحيفة صوت الأمة وزوغان البصيرة السياسية !!
عملاً بتقاليد العمل الصحفي وسنن أعرافه الحميدة قدمنا هذا التعقيب المنشور في نهاية هذا المكتوب إلى أسرة صحيفة "صوت الأمة"، رداً على مانشيت رئيسي لها ورد فيه " الجزولي يدعو الجيش إلى تصحيح مساره باستعادة الثورة من اليسار المتطرف". باعتباره منافياً لروح وجوهر أهداف صحيفة ناطقة باسم حزب عريق وينضوي تحت لواء "قوى الحرية والتغيير " ومن المفترض أن يجاهد مع قواعدها درءاً لأي محاولات من أعداء ثورة الجماهير الذين يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم ـ خاصة في الفترة الأخيرة ـ من أجل الانقضاض على مكتسبات الثورة ووئدها، والجزولي المعني في مانشيت الصحيفة هو محمد علي الجزولي الاسلاموي المتطرف دينياً والذي لبس العمامة الزرقاء يوماً والتحف شعار الدواعش ثم اعتلى منبر المسجد مبايعاً "البغدادي زعيم الدواعش، ثم ما لبث أن تراجع عن ذلك وأنشأ بليل تنظيماً سياسياً أقل تطرفاً في ظاهره، لذر الرماد على الأعين، تحت حماية نظام الانقاذ بالطبع الذي يغض الطرف عن من يواليه ويشايع طروحاته وأفكاره السياسية المغلفة بالدين والتدين الزائف، وكانت الصحيفة المشار إليها قد حاورته دوناً عن جميع قادة التنظيمات والأحزاب الأخرى ليفتي حول الراهن السياسي في أوساط وقواعد ثورة الجماهير، وقد اتصلنا بالأستاذة أمل تبيدي مستشارة التحرير للصحيفة المعنية، موضحين لها أبعاد غرابة المانشيت الذي وجد استهجاناً من دوائر وقطاعات عريضة في أوساط ثوار وكنداكات الثورة، مقترحين المبادرة بالاعتذار من جانب ومن جانب آخر إتاحة الفرصة لنشر التعقيب المرفق عملاً بتقاليد وأعراف العمل الصحفي، مشيرين إلى أننا لا نرغب في "مساجلة" لا نحبذها في الراهن السياسي الحالي وليكفينا ذلك مشقة الرد وانتقاد صحيفة عريقة كصوت الأمة، وقد ردت الأستاذة تبيدي رداً إيجابياً مؤكدة العمل على نشر التعقيب من جانب، ومن الجانب الآخر المبادرة باعتذار للقارئ عن ما ورد بالمانشيت الذي أكدت أنه لا يعبر عن أهداف الصحيفة وحزبها.
وللأسف الشديد وبعد أن بعثنا بالتعقيب، انتظرنا أمر النشر، وطال انتظارنا لمدة أكثر من أسبوعين دون أن تبادر الصحيفة بنشره أو أن نتلقى ما يفيد في الخصوص من الأستاذة مستشارة التحرير، الأمر الذي أُضطررنا حياله اللجوء لنشر تعقيبنا عبر وسائل أخرى.
وفي واقع الأمر كنا وما نزال نؤمل في صحافة حزبية تنحاز جانب الجماهير وتعمل في سبيل خدمة أماني وأحلام وأشواق جماهير شعبنا، وكم عملنا وقدمنا المقترحات للكادر القيادي في حزب الأمة القومي عبر الأستاذ صلاح جلال ومرة مع السيد الامام الحبيب عبر بعض حواراتنا الصحفية معه، وتارة عبر بعض المقالات المتناولة لهذا الأمر، دفعاً لضرورة ترقية العمل الاعلامي للحزب العريق وفي سبيل تذليل كافة الصعاب من أجل إعادة إصدارة صحيفة الحزب لتكن صوناً لصحف المعارضة السياسية، ولمؤاذرتها ـ على قلتها ـ لمواجهة إعلام مكثف وأبواق مؤثرة تابعة للانقاذ وحزبها ومشايعيها، حيث كان ذلك ما قبل سقوط الانقاذ والحركة المتأسلمة وإيداعها مزبلة التاريخ بواسطة شعبنا البطل وقواه السياسية الحية والتي كانت من بينها جماهير حزب الأمة القومي.
إننا ونحن ننتقد بأبلغ العبارات ذلك المانشيت المستفز لمشاعر الثورة والثوار، نربأ بإعلام حزب عريق أن ينحدر خطابه التحريري لهذه الدرجة من "الميوعة الفكرية وزوغان البصر والبصيرة السياسية" وهو الاعلام الذي كان قد ساهم في تطوير تجربة الصحافة الحزبية في فترة من الفترات عندما كانت صحيفته "الأمة " تُحرر من قبل أقلام لشخصيات مؤثرة في قامة كل من الأساتذة سيد احمد الخليفة، صديق بولاد، حسن محجوب الأرباب، إضافة لتجربة صحيفته الأخرى "النيل" برئاسة الأستاذ الأديب قرشي محمد حسن والتي كان قد أصدرها السيد عبد الرحمن المهدي منذ أربعينات القرن الماضي ولعبت مع رصيفتها "الأمة" دوراً ريادياً في كل معارك شعبنا من أجل الانتصار لقضاياه. ويؤسفنا جداً أن تنحدر صحافة حزب عريق لهذا المستوى الذي نرجو له رغم كل ذلك الاستعدال والشوف الصحيح وفرز الكيمان، في هذا المنعطف من عمر البلاد.
وبعد ،، إليكم التعقيب الذي من الواضح تحفظت صحيفة "صوت الأمة" على نشره:ـ
السيد رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة الغراء
تحية الزمالة الصحفية
ورد في أحد أعداد صحيفتكم الغراء رقم "122" بتاريخ يوم الثلاثاء الموافق 7 أبريل 2020 وفي المانشيت الأساسي للعدد ما يلي:ـ " الجزولي يدعو الجيش إلى تصحيح مساره باستعادة الثورة من اليسار المتطرف".
وبما أن هذا المانشيت يخرج عن مضمون وأهداف قيم التحالف والتعاضد التي ارتضاها حزب الأمة الذي تتحدث صحيفتكم الغراء باسمه، كفصيل سياسي أساسي ضمن مكونات قوى الحرية والتغيير، التي وما تزال قائدة للحراك الثوري الذي أدى إلى اجتثاث نظام الانقاذ المتأسلم وإداعه مزبلة التاريخ، وبما أن لهذا الحزب الذي تشكل صحيفتكم لسان حال أقواله وأفعاله، مجاهدات مؤثرة في العمل من أجل تمتين أواصر العلاقات النضالية بين جميع مكونات قيادة مسار ثورة ديسمبر المجيدة وثوارها الأشاوس، الذين لا يرضون بأي خدوش أو رشاش مقصود أم غير مقصود يصيب جسد هذا التحالف السياسي في حدوده الدنيا التي ارتضتها جميع فصائله المكونة له، وبما أن التراشق بالألفاظ والمعاني والتربص باستخدام الكيد السياسي الكريه، ضد أي فصيل سياسي داخل مكون هذا التجمع السياسي إنما يصيب الجميع في مقتل ولا ينجو منه أحد، وفيه تمهيد لسبيل أعداء الثورة وقياداتها للنيل منه وضرب خاصرته في مقتل، وبما أن حزب الأمة نفسه قد حصد خلال مسيرة تاريخه السياسي العريق من خبرات في تجارب العمل الجبهوي والمتطلبات التي تفرضها شروط مثل هذا العمل السياسي، وبما أنه حزب لا يرضى بالخصم من رصيده في علاقاته الثنائية بين فصائل هذا التحالف الجبهوي، وبما أن فصائل قوى الحرية والتغيير التي من بين مكوناتها حزب عريق كالأمة القومي تمر في هذه المرحلة بمنعطف يستهدف وجودها ومكتسباتها بثورتها الوليدة، لكل هذا وذاك فإننا نربأ بصحيفته العريقة "صوت الأمة" أن تنزلق لمثل هذا الشطط درجة أن ترتكب مثل هذا الخطأ التحريري القاتل، كونها تسمح بإدراج مثل هذا المانشيت الصحفي أعلى الصفحة الأولى من إصدارتها ثم يمر ذلك دون رد فعل. حيث أن المانشيت لا يعبر إلا عن صوت القوى السياسية المعادية للحرية والتغيير ولفصائلها مجتمعة، دعك عن استهدافه لفصائل حية تعتبر ضمن الفصائل المجاهدة في الخطوط الأولى دفاعاً عن الثورة وثوارها الأماجد، ولا يعبر إلا عن أصوات ناشزة حتى داخل القوى السياسية المعادية لثورة الجماهير. وبما أن قطاعات عريضة من قراء عدد الصحيفة تعاملوا مع المانشيت باعتباره ضمن "المكايدات السياسية" غير الموفقة في هذه المرحلة.
لكل هذا وذاك نعبر عن عميق حزننا وأسفنا لمثل هذه الصياغات التحريرية من منبر صحفي كان ومن المفترض والمأمول أن يشكل ترياقاً مضاداً لقوى الثورة المضادة، ونعبر بأقوى العبارات عن نقدنا الصارم لمثل هكذا توجه تحريري كان من المأمول بل وينبغي أن يكون توجهاً وخطاً تحريرياً يشكل منصة دفاع في الخطوط الأولى ضمن أهداف تلك الصحف "على قلتها" التي تشد من عضض الثوار وتعزز من عزيمة قياداتهم، في مواجهة تلك الأبواق الصحفية "المتكاثرة" التي تأسست من أموال الشعب السوداني لتعمل من أجل إجهاض أمانيه وأحلامه المشروعة. وكان من المفترض أن يتم تسخير جهد محرريه وخطه التحريري من أجل خدمة الثورة وأهدافها الكبرى.
عليه نرفع إليكم هذا المكتوب للنشر في صحيفتكم الغراء دوناً عن جميع المنابر والصحف الأخرى وكلنا ثقة في أن يجد طريقه للنشر عملاً بأعراف وتقاليد العمل الصحفي في التعقيب والرد. والتي لا نشك في احترامكم لها.
مع فائق الاحترام والتقدير
حسن الجزولي
صحفي وكاتب
hassanelgizuli@yahoo.com