صراع الإسلاميين والجيش في السودان: خلفيات المشهد وتوقعات الصدام القادم

 


 

 

زهير عثمان

تصريحات عبد الحي يوسف، القيادي بالحركة الإسلامية السودانية، التي تضمنت هجومًا لاذعًا على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ليست مجرد خطاب عابر، بل تمثل انعكاسًا لصراع عميق ومتعدد الأبعاد بين الإسلاميين والمؤسسة العسكرية. هذا المقال يحلل خلفيات هذا الصراع، أبعاده الإقليمية والدولية، وتوقعات المرحلة المقبلة.
خلفيات الصراع بين الإسلاميين والجيش
أ. العلاقة المعقدة بين الجيش والحركة الإسلامية
منذ انقلاب 1989 الذي أوصل الإسلاميين بقيادة عمر البشير إلى السلطة، ظل الجيش السوداني في علاقة متوترة مع الحركة الإسلامية. على الرغم من التعاون الأولي، تفاقمت الخلافات مع الزمن
تهميش الجيش: الإسلاميون سعوا إلى بناء قوة موازية (الدفاع الشعبي) وتقليص نفوذ الجيش التقليدي.
إقصاء الإسلاميين: بعد سقوط البشير في 2019، سعى الجيش، تحت قيادة البرهان، إلى النأي بنفسه عن الإسلاميين، ما أدى إلى تصعيد الصراع.
ب. تصعيد الإسلاميين ضد البرهان
التصريحات الأخيرة لعبد الحي يوسف تكشف عن استراتيجية الحركة الإسلامية لتقويض شرعية البرهان، واتهامه:
بالكذب وغياب النزاهة الشخصية: محاولة لإضعاف مصداقيته داخليًا وخارجيًا.
بالتطبيع مع إسرائيل: استثمار الحساسيات الشعبية لتشويه صورته.
الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع
أ. موقف القوى الإقليمية
مصر ودول الخليج: تدعم البرهان باعتباره ضمانة لاستقرار السودان، لكنها تعارض عودة الإسلاميين للحكم.
تركيا: تلتزم موقفًا حذرًا تجاه الحرب السودانية، مما يعكس تقييمًا بأن مصالحها في السودان لا تستحق التدخل المباشر كما في ليبيا.
ب. النفوذ الدولي
الولايات المتحدة: ترى في الجيش بقيادة البرهان شريكًا استراتيجيًا، لكنها تنتقد عدم التزامه بالتحول الديمقراطي.
إسرائيل: العلاقة مع البرهان وحميدتي تعكس تقاطع المصالح، لكنها قد تُستخدم لتقويض شرعية أي طرف محليًا.
تداعيات التصعيد على مستقبل السودان
أ. انقسامات داخل الجيش
تصريح عبد الحي بأن الإسلاميين موجودون "داخل مكتب البرهان" يسلط الضوء على احتمالية وجود جناح داخل الجيش متعاطف مع الإسلاميين. هذه الانقسامات قد تؤدي إلى:
محاولة انقلابية داخلية: حيث قد يتحرك جناح إسلامي في الجيش ضد قيادة البرهان.
إضعاف الجيش كمؤسسة: مما يفتح المجال لمزيد من الفوضى الأمنية.
ب. تعميق الأزمة السياسية
تصعيد الإسلاميين ضد البرهان يعقّد أي جهود للوصول إلى تسوية سياسية شاملة، حيث يرفض الإسلاميون إقصاءهم من المشهد، بينما تسعى القوى المدنية والعسكرية لإبعادهم.
. توقعات الصدام القادم
أ. احتمالية انقلاب داخلي
السيناريو الأول: الإسلاميون داخل الجيش قد يحاولون استغلال حالة الضعف السياسي التي يواجهها البرهان لإزاحته.
السيناريو الثاني: قد يشهد الجيش انشقاقات أوسع تؤدي إلى صراع مفتوح بين الفصائل المتنافسة داخله.
ب. تصعيد الحرب السياسية والإعلامية
الإسلاميون سيكثفون جهودهم لتشويه البرهان وتقويض شرعيته داخليًا ودوليًا.
القوى الإقليمية قد تضاعف دعمها للبرهان لإحباط أي تحركات إسلامية.
ج. استمرار العزلة الدولية
الهجوم على البرهان بسبب علاقاته مع إسرائيل واتهامه بفقدان الدعم الدولي يُعقّد مساعيه للحصول على اعتراف أوسع، مما يضعف موقفه السياسي.
. السيناريوهات المحتملة
أ. بقاء الوضع على ما هو عليه
البرهان يواصل التمسك بالسلطة، مع استمرار محاولاته لإضعاف الإسلاميين، دون تحقيق تقدم سياسي واضح.
ب. انقلاب داخلي أو تحرك عسكري
في حال فشل البرهان في إدارة الأزمة الداخلية، قد يشهد السودان تغييرًا مفاجئًا في قيادة الجيش أو حتى انقلابًا جديدًا.
ج. تصعيد الحرب الأهلية
مع تزايد الانقسامات داخل الجيش، قد تتحول المواجهات السياسية إلى صراع مسلح بين الفصائل المتنافسة.

وتصريحات عبد الحي يوسف تمثل نقطة تحول في الصراع بين الجيش والإسلاميين، وتعكس تعقيدات المشهد السوداني الذي يتداخل فيه المحلي بالإقليمي والدولي. ما لم يتمكن السودان من الوصول إلى تسوية شاملة تُراعي مصالح كافة الأطراف، فإن البلاد قد تشهد مزيدًا من التصعيد السياسي والعسكري، مما يهدد وحدتها واستقرارها.

zuhair.osman@aol.com

 

آراء