صفحات الفيس بوك (الإلحادية)!
*أساطير صغيرة
يحكى أنّ كل من له حساب على الفيس بوك، الذي تداعى له كل الناس وصار (مكان الوقت)؛ سيلاحظ الانتشار الكبير للصفحات الإلحادية أو (اللادينية) التي تدعو بشكل (علني) إلى محاربة (الدين) بانتهاج أساليب وطرائق تختلف من صفحة إلى أخرى، وإن اتفقت أكثر الصفحات في اتباع أسلوب السخرية والتهكم وإخضاع القضايا المثارة إلى مقارنات (ناقدة)، أو مشكلة بحرفية عالية لتوافق منهج الصفحة ودعوتها (الإلحادية)، كما يلاحظ الاعتماد شبه الكلي لأغلب هذه الصفحات على الصور والرسوم والكاريكاتير والكولاج في إيصال (فكرتها) إلى متابعيها المفترضين، وهؤلاء يتباين عددهم من صفحة إلى أخرى، كما بالتأكيد تختلف منطلقات انضمامهم إلى هذه الصفحات مثلما تتباين التعليقات (الكثيفة أحيانا) على المواد المنشورة سواء أكان بالموافقة أو الرفض!
قال الراوي: بعض هذه الصفحات ومن أول نظرة يتضح أن دوافعها الأساسية سياسية آنية، بتركيزها النقد على (أشخاص) ينتمون إلى ما يعرف بالجماعات الإسلامية أو التيارات الجهادية، وجعل هذه الشخصيات مادة تندرية وتهكمية بالاعتماد على الصورة (الكاركاتير) أو على مقولات أطلقها هؤلاء الشيوخ (حقيقة) أو نسبت إليهم، وفي الغالب هي مقولات وأفكار تتناقض مع روح العصر وتدعو للسخرية والتعجب، هذه النوعية من الصفحات الإلحادية – مع إرفاق الملاحظة – قد يفهم توجهها الهجومي للدين في إطار التصفيات السياسية، مما قد يقود أيضا إلى الاقتراب قدرا ما من الجهات التي تقف وراءها "خصوم سياسيون آنيون، جهات مخابرات، الجماعات نفسها!، ونظرية المؤامرة – إسرائل يعني"!
قال الراوي: المجموعة الأخرى من هذه الصفحات يتم تقديمها في قالبين (فكري وعلمي)، الفكري يتناول بالنقد مفاهيم الدين وقضاياه ويناقش اللاهوت والتاريخ والمجتمع (المسلم في حالنا) ويخضع كل ذلك لآليات النقد والتفكير، وهي أساليب (الملحدين) المعروفة على مر العصور في مواجهة قضيتهم الأولى والأخيرة (الدين)، وهذه الصفحات تجتذب عددا كبيرا جدا من (الشباب) ـ فالسن مناسبة جدا لتقبل الأسئلة (النقدية الحارقة) وطرحها ومحاولة الإجابة عنها سواء من (الحائرين) أو (المتشككين) أو (المتدينين) الذين ينافحون عن دينهم! أما (العلمية) فتبدأ نقدها للديني بالانطلاق من جزيرة (دارون) الحيوانية إلى أن تصل إلى مجرة (ستيفن هوكينج) الفيزيائية، ومن يجتمعون حولها خضوعا لـ(الإبهار العلمي) ولغة الأرقام عدد أيضا لا يستهان به يضم بين من يضم أصحاب (الإعجاز العلمي في القرآن) أو التفسير العلمي للقرآن!
ختم الراوي؛ قال: هل تنتج هذه الصفحات حراكا نقديا ودينيا حقيقيا، وهل تعبر عن تغير صادق وسط الشباب وتظهر بروز اتجاهات (إلحادية) حقيقية؟
استدرك الراوي؛ قال: هل لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا في خروج هذه النزعات بهذه الصورة، أم أن مسببات أخرى (واقعية) دفعت بها من داخل المجتمع؟؟
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)
منصور الصُويّم
mansourem@hotmail.com