عالم عباس ينعي الدكتور ججون قرنق

 


 

 

alim.nor@gmail.com
جون قرنق دي مبيور
إلى ربيكا قرنق، وهي تسمو فوق الفاجعة
(1)
بعض الناس يعيشون
 لكي تحيى الأفكار بهم ما عاشوا،
فإذا ماتوا ماتت.
بعض الناس يموتون لتحيى الأفكار
فإن ماتوا عاشت!
(2)
ليس همّك الطريق نفسه،
لكنما بداية الطريق.
ولا الوصول، بل كيفية الوصول!
والطريق ليس غاية،
لكِنْ معالم الطريق!
والنصر،
ليس نصرك الشخصي ،
بل لمن معك.
والنصر يتبعك!
فالمجد لك!!
(3)
المجد ليس في إراقة الدماء،
هكذا تقول، بل
في حقنها وصونها،
وغرس بذرة النماء،
والمبادئ العليا
بتربة النفوس.
تلك التي رعاها السوس!
لذا،
كنت لنا بوصلةً
لسكة السلامة.
وأملاً،
وكوة للضوء، حافظاً
لبعض هذه الكرامة،
تلك التي فقدناها.
وكان همك الدءوب
غسل هذه المرارات التي
احتقنَّاها،
حتى تمكنت،
واستحكمت واعشوشبت،
ثم رعيناها!
وظل همّك التحذير عن مزالق الدروب
تلك التي رأيناها
 تمزق الشرقا،
وتحرق الغربا،
وتغرق الشمال و الجنوب!
وحين جئتنا ببعض فيض "نايريري"
معلماً للصبر،
في حكمة "مانديلا"،
نموذج الأناة و المثابرة،
هطلتَ مثل مطر البُخات،
تغسل الأرض التي
سالت على جبينها الدماء الطاهرة.
هذه الأرض التي
قد أنهكت وانْتُهِكَتْ
أرضنا الصابرة المصابرة،
لتستعيد بعض خصبها
لوطنٍ جديد،
"سوداننا" الحلم الذي صوّرته،
وصنته،
بهمَّةٍ وثَّابةٍ
وبصرٍ حديدْ!
" سوداننا الجديد"!!
(4)
كان لابد لهذا البحر أن ينْشَقَّ
يا موسى،
و للموج، وإن علا وثار.
هاأنت يا صاح، وخلفك المستضعفون
في الأرض، وهؤلاء المؤمنون السحرة،
كلهم خلفك يا موسى
وها هم الحيارى الخائفون
من بطش هامان، ومن ثراء قارون،
من الجند، ومن فرعون،
هاهو المغرور في  إثْرِكَ،
قاب قوسين، وهم يقتربون!
وصاح صائحٌ " إنا لمدركون"!
(كلا!
ربي معي، وأنه يهدين)!
وإذْ ضربْتَ البحر يا موسى
بمطرق السلام،
انبجس البحرُ فصار فرقتين
كل فرقة تلوح كالطود العظيم
وبان في اليمِّ طريقٌ لاحبٌ
من نحو "نيفاشا"،
عبرته لشاطئ "الخرطوم".
(5)
هذه الألواح
لمّا يجف عنها المدادُ بَعْدُ
و الجمهور،
في صمته السامي،
وفي سموِّه المقهور،
ما زال في وقفته بالساحة الخضراء!
تتلو على جموعهم
سفراً من التسامح النبيل!
(6)
هل ما أراه الآن
سِنةً من نوم؟
صعَدْتَ للطور إذَنْ،
على جبال " الأماتونج"!
فلو تريثت قليلاً!
ليت الذي أراه الآن
سِنةً من نوم!
ما بال هؤلاء القوم،
في غيابك العاجل لا يصغون!
ما بالهم،
و أنت قد تركت فيهمُ هارون؟
ما هذه الفوضى؟
وأنت ما تزال بعد، و الصدى
يحمل بشريات صوتك الدافئ
والواثق، في قدومك الميمون،
تنداح في جموع الساحة الخضراء
أملاً، يلوح مخضرّاً،
يسيل دمعة رقراقة من العيون!
(7)
ما بالهم أُلاء، يُهرَعون!
في سَوْرة من الهياج،
في الطغيان يعمهون!
والسامريُّ والشيطان
 ينسجان
من أحابيل الخداع،
يجمعان
من مشاعر القوم الذين استضعِفوا،
حليَّهم،
وزينة من باقيات عزمهم،
ويصنعان
عجلاً مجوَّفاً،
عجلاً له خوار!
وهاهُمُ،
والسامريُّ والشيطانُ،
والمغفلون، والذين استُغْفٍلوا،
والساذجون الطيبون،
خَرُّوا أمام الصنم الخَوّار ساجدين!
وانفلت الزمام!
ومثلما أراد السامريُّ والشيطانْ،
ثارت فتنةٌ عارمة
وغضب مجنون!
موسى على الطور،
وأنت يا هارون
فرداً،
وهؤلاء قومك الذين
استضعفوك يا هارون!
...
...
لا.
ليس هذا ما أردت أن يكون!
إنَّ هذا لا يكون!
إنْ كان مرةً من قبل،
فلن يكون مرة أخرى،
ولن يكون!!!
(8)
كنت وحدك الصادق،
كالنبيِّ،
في زمانٍ عجَّ بالمسيلمات!
رحلْتَ في المجد، رحيلاً رائعاً
عتابنا عليك،
أَنْ رحَلْتَ فجأةً!
عزاؤنا،
أنَّ الطريق واضحٌ أمامنا،
وبيِّن السِماتْ.
وما رسَمْتَ من معالم الطريق
واضحة،
فليس ثَمَّ من رجوع!
نَمْ هانئاً،
ما مات من أيقظ في أمته
إرادة الحياة،
ما مات من بشّر بالسلام
وقادنا إلى طريقه،
ما مات من قد كان وحده،
في ذروة العبوس
بارق ابتسام!
(9)
نَمْ هانئاً،
سنكمل المشوار
فالعيون المبصرات
قد جَلَتْ أبصارها عن العمى!!
  عالم عباس
 2/أغسطس/2005

 

آراء