عبثية الصراع السياسي في الانتقالية

 


 

 


أن الصراع الدائر الأن بين مكونات الفترة الانتقالية، هو صراع عبثي لن يحقق الأهداف المنوط أن تحققها الفترة الانتقالية ، و تكون معبرا للفترة الديمقراطية كاملة الدسم، الصراع بين " المدنيين و العسكر" و أيضا صراعا مستترا بين " الجبهة الثورية – و قحت" رغم أن قيادات الجبهة الثورية يقولون هم جزءا من قحت، هذه الصراعات لا تسندها أفكار أو رؤي سياسية، بل تتحكم فيها المصالح الحزبية و الشخصية، و المؤجل في الأجندة هو الوطن و المواطن. و دلالة علي ذلك لا "قحت و الجبهة الثورية و الحكومة" لديهم أي برامج مقدمة لحل أزمات البلاد الاقتصادية و الخدمية، هم يعملون بسياسة جدل اليوم باليوم، كما يقول المفكر اللبناني مهدي عامل، أي أن الأحداث تفرض نفسها عليهم تماما و تشل قدراتهم التفكيرية، و هؤلاء غير قادرين علي التحكم في الأحداث و السيطرة عليها، حتى لا تشغلهم عن انجاز برامج و أهداف الفترة الانتقالية.
أن صراع التضاد الدائر في الساحة السياسية بين المكونات المختلفة، قد قلل فرص الحوار بينها، و يقينا أن ذات المشكل سوف ينسحب إلي داخل " مجلس شركاء الفترة الانتقالية" باعتبار أن القوى السياسية عندما تشعر أن الجماهير تنظر لها بأنها مفلسة و لا تستطيع تقديم مبادرات لحلول مشاكلها، سوف تفتعل الخلافات بينها حول قضايا أنصرافية لكي تشغل الجماهير بها، حتى لا تجعل إفلاسها قناعة لدى هذه الجماهير. الإفلاس يعد ظاهرة خطيرة، بسبب ليس هناك برنامجا متوافقا عليه، و كل من القوى السياسية يحاول أن يقدم رؤيته فقط عندما تقع أحداث جديدة، و بالضرورة سوف لن تكون لها أثرا إيجابيا للحل، لأنها رؤى مرتجلة إرتجالا. أن صراع التضاد سوف لا ينتج معرفة جديدة تقود لوعي وسط الجماهير، و لا يستطيع أن يقدم مشروعات تستفيد منها البلاد، و ربما يحقق مقولة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو التي جاءت في حديثه عندما كان يخاطب " احتفال تخريج دفعة درع السلام" حيث قال "هناك بعض القوى راغبة في تمديد الفترة الانتقالية لعشرة سنوات" هذا القول يجد السند؛ عندما تطغي الرغبات الخاصة و الحزبية علي مصالح الوطن، فالمحاصصات التي فرضت ذاتها كأجدنة لدى القوى السياسية؛ توأكد أن القوم غير قادرين علي صياغة مشروع للبناء يلتف حول الجميع، لأن وجود المشروع و آلياته يجعل الجميع يسعى لاختيار العناصر ذات الكفاءة العالية و الخبرة العملية و الإدارية لقيادة المشروع و تنفيذه، لكن غياب المشروع و الرؤى سوف يجعل التركيز منصب علي شخصيات ليس بالضرورة تملك المعطيات المطلوبة كما حدث في حكومة حمدوك الأولى. بل تجئ عبر ترضيات سياسية، و مثل هؤلاء لن يسهموا في حل مشاكل الناس و التركيز علي قضايا التنمية و البناء الوطني، بل جل تفكيرهم سوف ينصب في كيفية مد الفترة الانتقالية، فحميدتي رغم الانتقادات التي وجهت له من قبل البعض لكن حديثه فيه العديد من الحقائق.في هذه الفترة القصيرة بعد سقوط النظام أتضح هناك بعض القيادات تضجر من النقد خاصة إذا طالها و تعتبره مؤامرة من قبل عناصر العهد السابق تستهدفهم، مما يبين ضيق الصدر و إغلاق الأفق الديمقراطي عند البعض.
الآن الكل يترقب إعلان الحكومة الجديدة التي سوف تشارك فيها الأحزاب من خلال قياداتها و أيضا الحركات المسلحة. لكن التساؤلات التي تفرض نفسها: هل الحاضنة السياسية و الحكومة و حتى مجلس السيادة عقدوا جلسة حوار بينهم كرفقاء درب و قيموا أداء الحكومة الأولي، و معرفة لماذا فشلت في تخفيف حدة المعيشة و غلاء الاسعار علي المواطنين؟ و تعرفوا علي ما هي العوائق و التحديات التي واجهت الحكومة و جعلتها لا تحقق تلك الأهداف؟ لماذا طغت الأيديولوجية علي الحوار الفكري الذي يفضي لطرح الحلول عبر تقديم تساؤلات عديدة يشارك المواطن في الإجابة عليها؟ لماذا فشل التناغم بين مكونات الفترة الانتقالية و حلت الاتهامات مكان الحوار الذي يمكن أن يوصل الفرقاء لحل للقضايا؟ لماذا بعض القوى السياسية تحاول فرض رؤيتها علي الآخرين و إلا تهدم المعبد علي رؤس الكل؟
لم تتعود القوى السياسية ان تطرح أسئلة التحدي و تجاوب عليها، و ذلك يعود لغياب الشخص الذي يشتغل بالشغل الذهني، و بعيدا عن حالة الهتاف التي انتظمت الشارع، فالقوى السياسية رغم إن بعضها يحاول أن يقنع الناس إنه يريد توعية الجماهير لكن الأغلبية غير راغبة في ذلك تريدها جماهير طائعة لا حول و لا قوة لها، يجب أن تكون تابعة تنفذ ما تقوله القيادات. هذه هي معضلة السياسة في البلاد. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com

 

آراء