عرمان : السودان تمر رحلته بمطب جوي سياسي قد لا يكفي ربط الاحزمة للخروج من هذا المأزق

 


 

 

على الحكومة ان تطبع علاقاتها داخلياً مع الشعب السوداني مما سيترك اثراً مباشراً للتطبيع خارجياً

  

مؤتمر واشنطون لم يتمكن من حل قضايا العالقة

 

اعادة التفاوض حول اتفاقية السلام مرفوض من الحركة الشعبية

 

 

حوار: مصطفى سري:

 

كشفت  للحركة الشعبية  بزعامة النائب الاول للرئيس السوداني سيلفاكير ميارديت عن ان المنتدى الذي عقده المبعوث الامريكي الى السودان اسكوت غرايشن في واشنطون في الثلاث والعشرين من الشهر الجاري بحضور شريكي الحكم في السودان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الى جانب الضامنين والداعمين الدوليين والاقليميين لاتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب لم يتمكن من حل القضايا العالقة في الاتفاقية والمتعلقة بترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها ،قانون الاستفتاء وحسم نتيجة الاحصاء السكاني ، لكنها اكدت عن ان اتفاقاً تم على استمرار الاجتماعات شهرياً بحضور الولايات المتحدة واطراف اخرى لايجاد حلول لتلك القضايا .

  

وقال نائب الامين العام للحركة لقطاع الشمال ياسر سعيد عرمان في حوار  خلال توقفه لساعات بلندن  ان المنتدى اعطى قوة دفع جديدة لاتفاقية السلام والمسار الثلاثي بدخول واشنطون كعنصر ومشارك لحل القضايا ،مشيراً الى ان القضايا مثار الخلاف تنقسم الى قسمين الاولى تتعلق بالتحول الديموقراطي مثل القوانين والانتخابات والوصول الى حل عاجل وعادل لقضية دارفور والثانية مرتبطة بتنفيذ بنود رئيسية لاتفاقية السلام الشامل مثل الاستفتاء لحق تقرير مصير الجنوب والمشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الازرق .

  

ورفض عرمان اعادة التفاوض حول اتفاقية السلام ، معتبراً ان المؤتمر الوطني يحاول شراء الوقت بصورة مستمرة ، وقال ان ذلك غير مفيد لا للمؤتمر الوطني ولا للسودان وان الوقت المتبقي لممارسة الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان  (540) يوماً ، وتابع ( السودان تمر رحلته بمطب جوي سياسي قد لا يكفي ربط الاحزمة للخروج من هذا المأزق وان المفيد لخلق الثقة بين الاطراف وفتح فرص جديدة لاستقرار السودان ووحدته على اسس جديدة هو تنفيذ الاتفاقيات جميعاً ) ... الى الحوار :

  

* ما هو تقييمكم للمنتدى الذي جرى اخيراً في واشنطون وجمعكم مع شركائكم المؤتمر الوطني وبذلك الحضور الاقليمي والدولي الكبيرين ؟

  

- تقييمنا ان المنتدى يعتبر الاول من نوعه منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير (كانون الثاني ) العام 2005 م ، وقد جمع كل الضامنين والداعمين لاتفاقية السلام من كل انحاء العالم ، بدءاً من الاقليم ودول الايقاد ، الى الدول الافريقية والعربية الى اوربا وامريكا ، تحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية ،وقد سلط الاضواء من جديد على اتفاقية السلام واضاف قوة دفع جديدة للاتفاقية والمسار الثلاثي لحل القضايا العالقة الذي ادخل الولايات المتحدة الامريكية بالاضافة الى طرفي الاتفاقية كعنصر ومشارك لحل القضايا العالقة .

  

وهذا المنتدى اضاف بعداً جديداً باعتبار ان الولايات المتحدة اهم الضامنين الخارجيين لاتفاقية السلام ، ولذلك مبادرة المبعوث الامريكي الى السودان اسكوت غرايشين وادارة الرئيس باراك اوباما حسناً فعلت بالدعوة لهذا المؤتمر ، والمؤتمر ليس حدثاً في حد ذاته بل هو عملية ستستمر لحل القضايا العالقة ، وستتم اجتماعات بحضور الولايات المتحدة كطرف ، والحركة الشعبية ترحب ايضاً بالاطراف الاخرى بدءاً من الايقاد وبقية الضامنيين ،  المؤتمر لم يتمكن من حل القضايا العالقة وستتم اجتماعات شهرية ابتداءاً من يوليو (تموز) المقبل لطرح هذه القضايا والبحث عن حلول لها .

  

*وهل الوقت يكفي للشريكين في حل القضايا العالقة مثل ترسيم الحدود ، قانون الاستفتاء ، والخلاف حول الاحصاء السكاني ؟

  

- كافة القضايا يمكن ان تحل في اضيق زمن اذا توفرت الارادة السياسية بالذات من جانب المؤتمر الوطني ، وهذه القضايا تنقسم الى قسمين ، قضايا تهم التحول الديموقراطي مثل القوانين والانتخابات ، وقضايا مرتبطة ببنود رئيسية في تنفيذ اتفاقية السلام ، مثل الاستفتاء لجنوب السودان وابيي والمشورة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الازرق والحدود وغيرها ، وكلا القضيتان مرتبطتان ببعضهما البعض ، ومعلوم ان تنفيذ اتفاقية السلام والتحول الديموقراطي والوصول الى حل عاجل وعادل لقضية دارفور قضايا مترابطة ومتداخلة ، ولا يجوز اغفال احداهما على حساب الاخرى ، وحل احداهما لا يعفي عن حل القضية الاخرى ، بل ان التقدم في اي من هذه القضايا الثلاث يدفع بدماء جديدة لبقية القضايا ، ولابد من نظرة شاملة ومتكاملة وترك الحلول الجزئية وتناول هذه القضايا بشكل كلي ومتلازم دون اغفال واهمال او تغليب قضية على حساب الاخرى .

  

* هناك من يعتقد ان المنتدى الذي عقد في واشنطون بمثابة اعادة تفاوض حول اتفاقية السلام نفسها ، ما صحة ذلك ؟

  

- اعادة التفاوض غير مقبول ، والحركة الشعبية حركة ذات خبرة ودراية وحنكة ، والوفد الذي ذهب الى واشنطون ضم القيادات المتمرسة في التفاوض من الحركة الشعبية ، ولا يمكن ان يفوت عليها هذه القضية ، هنالك محاولة لشراء الوقت مستمرة من المؤتمر الوطني وهي غير مفيدة لا للمؤتمر الوطني ولا للسودان ، لان الوقت المتبقي هو (540) يوماً على الاستفتاء لحق تقرير المصير لجنوب السودان .

  

السودان تمر رحلته بمطب جوي سياسي قد لا يكفي فيه ربط الاحزمة للخروج من هذا المأزق ، المفيد والذي يخلق الثقة بين الاطراف ويفتح فرص جديدة لاستقرار السودان ووحدته على اسس جديدة هو تنفيذ اتفاقيات السلام جميعاً ، وان لم يتم تنفيذ الاتفاقيات فان السودان هو الخاسر الاول وكذلك جميع الاطراف ، والسودان وشعبه يستحق وضع افضل ومستقبل لا يشبه الماضي والحاضر المرير .

  

* ذكرت تسريبات ان المؤتمر الوطني ذهب الى منتدى واشنطون ليس لقضية تنفيذ الاتفاقية وانما لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة هل انتم مع هذا التطبيع ؟

  

- الحركة الشعبية لتحرير السودان وقياداتها مبدئياً مع الحوار مع الولايات المتحدة الامريكية ومع علاقات حسن الجوار ، مع جميع جيراننا ، واستقرار السودان جزء من الاستقرار الاقليمي والعالمي ، ولذلك نحن اقليمياً مع سياسة حسن الجوار لا سيما مع بلدان مثل تشاد ، وعالمياً نحن مع الحوار بين السودان وكافة المنظمومة الدولية .

  

الولايات المتحدة الامريكية وبعد انتخاب الرئيس اوباما اصبحت هناك نافذة للحوار وتطبيع العلاقات ، ولكن ما هي القضايا التي ادت الى انقطاع العلاقات بيننا وبين امريكا ؟ اذا بحثنا عن هذه القضايا فاننا نجدها مرتكزة حول قضايا الارهاب ، حقوق الانسان ، الحروب وعلى راسها دارفور وما تولد عنها من مأسي انسانية وتنفيذ اتفاقيات السلام ، هذه القضايا داخلية تبدأ بداخل السودان ولذلك اذا اردنا ان نطبع علاقاتنا مع الخارج فالمنطق السليم يقول اننا نحتاج الى تطبيع اولاً بالداخل ، عملياً يعني ذلك احترام الدستور وحقوق الانسان والمضي في تحقيق التحول الديموقراطي وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل والولايات المتحدة احد الضامنين لها وحل عادل وعادل لقضية دارفور وهكذا .

  

لذلك نحن مستعدون لعمل مشترك في حكومة الوحدة الوطنية لان تطبع داخلياً مع الشعب السوداني في كل هذه القضايا مما سيترك اثراً مباشراً للتطبيع الخارجي ، والا من غير ذلك سنضيع فرصة الحوار مع ادارة اوباما مثل ما ضاعت الكثير من الفرص من قبل

 . 

* ما يتردد ان الجنوب سيمضي الى الانفصال لا محالة عند التصويت في الاستفتاء على حق تقرير المصير هل الحركة جاهزة لذلك ؟

  

- طبعاً سياسة الحركة ورؤيتها على مدى (26) عاماً الماضية هي رؤية السودان الجديد المبنية على توحيد السودان على اسس جديدة وطوعية ، وستظل هذه الرؤية هي الخيار الافضل للشعب السوداني ، وهذا يحتاج الى طرح قضايا الاسس الجديدة والقبول بها ، فالوحدة على اسس جديدة لها ثمنها وشروطها وعلى رأسها حقوق المواطنة المتساوية غض النظر عن الدين والثقافة واللون والنوع ، نحن بعيدون من هذا الواقع

. 

وبدلاً من الخوف من انفصال الجنوب علينا العمل من اجل ان نجعل الوحدة على اسس جديدة ممكنة ، والا فالنتوقف عن البكاء تحت خيمة انفصال الجنوب ، فاذا اردنا الوحدة العادلة فالنعمل لها ، والا فان من يزرع الريح يحصد العاصفة ، وفي كل الاحوال جنوب السودان لن يكون جنوب البرازيل ، واذا انفصل ستربطه اطول حدود بين الشمال والجنوب بين اي دولتين في افريقيا ، وهذه الحدود ليست بها موانع طبيعية بل فيها قبائل ومصالح ، وانفصال الجنوب قد لا يعني دولة واحدة ربما يعني دويلات عديدة في كل السودان ، ومن اراد الوحدة العادلة عليه ان يعمل لها والا فاليقبل بالبديل الذي ستخلقه شروط الوحدة الظالمة .

  

وهنا الفت النظر ان اسم الدكتور جون قرنق ورؤيته للسودان الجديد ترددت طوال يوم المؤتمر في واشنطون ، وكان رغم غيابه المر حاضراً وبادئ الالق والبهاء في مؤتمر لم يحضره ، وكل ذلك مرتكز على نفاذ واشعاع افكار حول وحدة السودان علي اسس جديدة ، فقد تحدثت عن الدكتور جون قرنق في المؤتمر وزيرة خارجية جنوب افريقيا ، ووسيط الايقاد الجنرال لازروس سمبيويو والمندوب الكندي واخرين .

  

* لكن هناك حديث منسوب الى رئيس المجلس الوطني (البرلمان) احمد ابراهيم الطاهر قال ان حزبه المؤتمر الوطني سيشدد على ان يصبح قانون الاستفتاء صعباً حتى لا ينفصل الجنوب ، مارايكم في ذلك ؟

  

- انا لم استمع الى حديث الاستاذ احمد ابراهيم الطاهر ، لكن باختصار قانون الاستفتاء لا يحكمه اي قول من الرأس او الكراس ، بل تحكمه اتفاقية السلام والدستور ، والمطلوب هو تنفيذ ما جاء في الاتفاقية والدستور ، والوقت قد اصبح متأخراً جداً ، والاتفاقية الان في نهاياتها ودون الالتزام بالتنفيذ والجدول الزمني ، فاننا لن نجني الا المصائب ، وهذا القانون كان يجب ان يجاز منذ زمن لانه يتبعه عملية كثيرة تحضيراً للاستفتاء .

  

* خروج الدكتور لام اكول من الحركة الشعبية وتشكيله حزباً جديداً بذات الاسم اضاف عليه التغيير الديموقراطي هل سيؤثر عليكم ؟

  

- اذا اردت ان تعرف جوهر شخصية الدكتور لام اكول السياسي عليك ان تعرف حقيقة بسيطة ، ان الدكتور لام اكول خلال (25) عاماً الماضية تنقل في (9) احزاب ، فحينما كان طالباً كان له موقفه الخاص وجريدته الخاصة ، ثم ثانياً اصبح عضواً في حزب (ساك) ، ثم ثالثاً انتقل من (ساك) الى الحركة الشعبية ،ثم للمرة الرابعة انتقل واسس مجموعة الناصر التي انشقت عن الحركة ، وفي المرة الخامسة خرج عن مجموعة الناصر واسس الحركة الشعبية الفصيل المتحد ،وفي المرة السادسة وقع اتفاق فشودة واصبح عضواً قيادياً في قيادة المؤتمر الوطني ، ثم في المرة السابعة  خرج من المؤتمر الوطني الى حزب العدالة والمساواة ، وفي المرة الثامنة عاد الى الحركة الشعبية ومنها في المرة التاسعة انتقل الى حركته الجديدة المسماة الحركة الشعبية للتغيير الديموقراطي .

  ولام اكول بدوي سياسي متنقل دون مبادئ ، والتغيير الديموقراطي الذي يريده هي على طريقة المؤتمر الوطني ، ما يهمنا ان هذا الحزب مدعوم وركائزه مشيدة بشدة على حائط ومبنى المؤتمر الوطني وهذا يكفي .         

 

آراء