علمانية عبد الواحد أفضل من مزايدات عرمان!
بالرغم من أنني أعتقد أن التوجه الإسلامي لم يعد خيارا تفرضه السلطة، بل صار خيارا شعبيا جماهيريا "التوجه وليس التطبيق النسبي الزمني" ، ألا أنني أحترم علمانية عبد الواحد والتمس فيها صدقا وفائدة للوطن أكثر من مزايدات عرمان بالمنطقتين في الوقت الذي وجد فيه أن مشروعه العلماني لم يفرض نفسه على طاولة التفاوض وكأنما عرمان يؤدب السودانيين ويؤدب الحكومة والوفد المفاوض و"أحزاب سبعة زائد سبعة" وكل شيء حتى الوساطة، لأنهم لم يمرروا مشروعه عبر طاولة التفاوض أو لم يمنحوا الحركة الشعبية "ميزة دستورية" على سائر الأحزاب وذلك عندما تنال شرعيتها وفق إتفاقية مودعة في الأجسام الدولية بينما تهرع الأحزاب الأخرى بما في ذلك المؤتمر الوطني للمسجل في "شارع البلدية" لتقف صفا لسداد الرسوم لترخيص النزول في الإنتخابات وعقد المؤتمرات و...
وهذه من "النقاط الزرقاء" التي تضمنتها وثيقة أبريل والتي خصصت اللون الأزرق لموقف الحركة الشعبية والأخضر للحكومة السودانية، والأحمر للمتفق عليه بينهما والأسود ... للمسودة الأساسية..!
وفي أحدى النقاط الزرقاء أن تستمر الحركة الشعبية بشرعيتها السابقة وهي شرعية نيفاشا التي تجعل من الحركة الشعبية جسما منصوصا عليه في الدستور باسمه مثله مثل "مسجل الأحزاب" و "المحكمة الدستورية" ... بينما لا يجد هذه الصفة الأمة ولا الإتحادي وهي الأحزاب التي تأسس عليها إستقلال السودان ولا حتى الإصلاح الآن حديث التكوين!
عبد الواحد كان واضحا ... نظام علماني يفصل الدين عن الدولة، نقطة، سطر جديد!
نعم صحيح أيضا المنهج هو المزايدة بالكفاح المسلح ولكن طرح عبد الواحد يستهدف المؤتمر الوطني والفكر الإسلامي ولا يستهدف السودان، هذا أولا..!
وثانيا ... طرح عبد الواحد يمكن طرحه على الشعب السوداني كله ليقبله أو يرفضه لأنه ليس من صلاحيات البشير ولا أي "ود مقنعة" كما قال الأستاذ عمر عبد العاطي المحامي في فترة الديموقراطية الثالثة ... أن يلغي الشريعة بجرة قلم ..!
وحتى تكون الإنتخابات والإستفتاء حول الدستور في أجواء ديموقراطية يطلب عبد الواحد ضمانات سياسية ... ولا يطلب حكم ذاتي للمنطقتين أو دارفور أو ...
والضمانات السياسية من حق عبد الواحد وهي مطلب حضاري ومشروع ولكن محلها طاولة التفاوض .... ولا أعتقد أن المجتمع الدولي سينحاز للسودان في قضية العلمانية، أعتقد أنك يا عبد الواحد ستجد الضمانات الكافية لتأسيس حزب علماني سوداني يحمي الدستور وجوده وتحفظ مصالحه الدوائر الكبرى والقوية في المجتمع الدولي.
دعك من هذه "الهيلامنة الدولية" النخب السودانية بما في ذلك الإسلامية باتت مقتنعة بأن الوجود السلمي للتيار العلماني أقرب للدين والشريعة من إقتسام السلطة مع مشروع السودان الجديد وتهميش كل الأحزاب والكيانات الأخرى ... لم يتبق للإسلاميين إلا طرح عطاء في الصحف لتأسيس حزب علماني وطني سلمي ينافسهم في السلطة وينتزعهم منها بالإنتخابات ..!
أحد كبار الإسلاميين ومن المحسوبين على "الصقور" قبل التغيرات الأخيرة قال لي بالحرف الحركة الإسلامية لا تزدهر إلا في وجود تحدي فكري وسياسي ... وغياب هذا التحدي هو الذي ادى لإستشراء الأمراض الجهوية واللوبيات والشلليات ...!
وها أنا اقولها ... استمرار التوجه الإسلامي في السودان وتجديد طرحه رهين بوجود منافس علماني حقيقي يفند الطرح الإسلامي ويظهر نقائصه وعيوبه على مستوى التنظير والتطبيق ويتواصل مع الجماهير ويقدم لها البديل لتختار هي بكامل الحرية!
عبد الواحد ... فاوض على الضمانات ... الرياح تهب لصالحها ولجنة سبعة زائد سبعة تحتاج إليها أكثر منك ... فاوض قبل أن يصرف المجتمع الدولي النظر عن السودان ويتحالف مع الحكومة الموجود ... انظر للتحول الخليجي والمصري ... وورطة أمريكا في الجنوب وتفهم المتغيرات ..!
............................
makkimag@gmail.com
///////////