على استعداد للاستجابة لرئيس الجمهورية
حسن الجزولي
20 September, 2011
20 September, 2011
فى صحيفة السودانى العدد رقم 2034 بتاريخ 22/8/2011م الموافق 22 رمضان 1432هـ ، "تحدى" السيد رئيس الجمهورية من يثبت تهم الفساد فيما أثير حول سوداتل، وكان سيادته قد أنكر من قبل أيضاً وجود فساد مؤسسي بالدولة و"تحدى" من يثبت هذا، وذلك في معرض دعايته الانتخابية فترة الانتخابات السابقة.
فيما يخص سوداتل فقد التقطت قفاز التحدي بعض الأقلام، وأشارت إلى القضية بتفاصيل مطولة بعدد من المقالات، من جانبي أكتفي بذلك، ولكني أعيد نشر مقال محدد لي، رداً على سيادتة حول "تحديه" الأسبق حول الفساد المؤسسي بالدولة، لنذكر سيادته وأؤلي الأمر (فينا) .. لو تنفع الذكرى!.
..............
تعليق خاص على ما قيل:- رداً على تحديه للأحزاب بإثبات وجود فساد مؤسسي في السودان لا نستجيب لتحدي سيادة رئيس الجمهورية من أبواب (الفتونة) .. ولكننا ندلوا بدلونا كمساهمين وبعشم أن يأخذ القانون مجراه لاسترداد الأموال المنهوبة، ومحاسبة المفسدين في الساعة الخامسة والعشرين!
أشارت صحيفة الانتباهة في عددها الصادر بتاريخ الخميس 11 مارس 2010 إلى أن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية تحدى( جميع الأحزاب أو أي جهة خارجية، أن تثبت وجود فساد مؤسسي في السودان).
في البدء نود أن نشير إلى أن قضايا السودان متشعبة ومتداخلة وتحتاج إلى جهود كافة السودانيين بمختلف قواهم الاجتماعية والسياسية للمشاركة والمساهمة الفعالة من أجل البحث عن أفضل السبل والحلول الناجعة لإنقاذ بلادنا من الذي يحاصر خاصرتها من بلاوي وإحن ومحن، اكتوى بنيرانها كافة أبناء السودان وأصبحت مهدداً حقيقياً لبقاء السودان نفسه!، وبذا كنا نود لو أن سيادة المشير عمر البشير قد إستصحب هذا المعنى بأن يدعو مثلاً – وهو في نهاية (ولايته) – كافة القوى السياسية أن تعينه في الإشارة لمواقع الخلل والسلبيات التي لازمت عمر الفترة الممتدة لأكثر من عشرين عاماً، ويستنفر الجميع في المشاركة بإيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه!، كان هذا هو المأمول والأفضل، بدلاً عن استخدام تعابير سالبة من شاكلة (التحدي) و(المطالعة)!.
نحن هنا لا نستجيب لـ (تحديه) من مواقع (الفتونة) إنما نواصل من مواقع – المسئولية وحقوق المواطنة- مساهماتنا في إنقاذ بلادنا من وهدة ما ينتظرها من مصائر مجهولة إن لم يستبن الناس النصح في الساعة الخامسة والعشرين!، باعتبارنا ضمن الأحزاب التي انشغلت طويلاً – بحكم مهام حزبنا السياسية – بقضايا الجماهير ورد الحقوق لأهلها، وعملت صحيفتنا الميدان بكل ما تيسر لها من أجل وضع القارئ والرأي العام في صورة الحقائق، مساهمة منها في معالجة القصور بالشفافية وإحقاق الحق، وما زلنا نرى أن معالجة قضايا تتعلق بالفساد المؤسسي في السودان هي المدخل السليم لحلول صادقة – ضمن معالجات أخرى تنتظر البت – لكي يأخذ القانون مجراه لاسترداد كافة الأموال المنهوبة ومحاسبة المفسدين الذين مشوا في الأرض فساداً واستحواذاً دون وجه حق، وسيادة المشير رئيس الجمهورية أول العالمين ببواطن الأمور حول هذا الملف تحديداً، وبوجود فساد مؤسسي كبير في كل مفاصل الدولة وسياساتها الاقتصادية والمالية، ولا نحسب أن هذه الحقيقة يمكن أن يختلف حولها اثنان، أو يتناطح بشأنها عنزان، حيث أن ملفات الفساد منذ انقلاب الانقاذ عام 1989 تعد أحد أشهر ملفات التجاوزات في عهد الانقاذ، والتي اعترف بوجود بعضها عدد من أبرز رموز وقادة الانقاذ أنفسهم، فضلاً عن تقارير عديدة لمؤسسات لا نظن أن نظام الانقاذ نفسه يشكك في صدقيتها، ليس آخرهم ديوان المراجع العام! .. وليس آخراً إقرار سيادة المشير رئيس الجمهورية بنفسه، الذي أعلن وأعترف بوجود مثل هذا الفساد المؤسسي والذي سنبرز أهم ملامحه في عدد من الإثباتات، فما الداعي لجرجرة الناس في مغالطات حول المعلوم بالضرورة من فساد الرأسمالية الطفيلية باسم الإسلام إذن؟!.
في السياق دعا الأستاذ محمد إبراهيم نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي ومرشحه لرئاسة الجمهورية خلال كلمته الثانية بالتلفزيون القومي إلى أهمية استرداد كافة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، مطالباً بضرورة تعزيز دور القطاع العام في المجالات الإستراتيجية وإتباع السياسات اللازمة للحفاظ على البيئة ومحاربة الجفاف والتصحر وتنمية الريف والمناطق المهمشة.
وبدءاً فقد عرًفت منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه ” استغلال السلطة للمنفعة الخاصة”، وقد فصل البنك الدولي تعريفه للأنشطة التي يمكن أن تندرج تحت تعريف الفساد بالآتي:- ” إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء أو وسطاء لشركات محلية أو أجنبية، أو أعمال خاصة رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة، للتغلب على منافسين وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية، كما يمكن للفساد أن يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة، وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة”.
وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2008، وهي منظمة معنية بمراقبة ممارسات الفساد والحث على مكافحته وتطويقه، فإن السودان يدخل ضمن أكثر دول العالم فساداً، والتي تضم كل من الصومال، العراق، بورما، هايتي، وأفغانستان أيضاً!.
والآن دعونا نثبت ما نقول بوجود فساد مؤسسي بالسودان بعدد من الإثباتات:-
هاكم الإثبات الأول:
نهب الأموال العامة بكافة المسميات بلغت 12 مليار جنيه (بالجديد) وذلك من جملة 18 مليار جنيه (بالجديد) هي حصيلة الإيرادات الذاتية للدولة لعام 2008، وذلك إعتماداً على تقرير المراجع العام!. وأدناه جدول يوضح تقديراً أولياً لمجموع المال العام (المنهوب) من 1995 إلى العام 2009:-
السنة
المبلغ
مرجع – ملحوظة
2000
4.4 مليار دينار
جملة المال المختلس – المراجع العام
2001
5.9 مليار دينار
جملة المال المختلس – المراجع العام
2002
6 مليار دينار
جملة المال المختلس – المراجع العام
2003
32.2 مليار دينار
جملة المال المختلس – المراجع العام
2004
1.3 مليار دولار
الفرق بين قيمة البترول المصدرة 3.1 مليار دولار و قيمته الظاهرة في الميزانية 1.8
2004
3 مليار دولار
عائدات الاستهلاك المحلي من البترول
2005
1.9 مليار دولار
الفرق بين قيمة البترول المصدرة 4.2 مليار دولار و قيمته الظاهرة في الميزانية 2.3
2005
3 مليار دولار
عائدات الاستهلاك المحلي من البترول
2006
2.962 مليار دولار
عائدات البترول الغير مضمنه في الميزانية
2004
154 مليار دينار
عائدات المزادات الحكوميه – غير مورده في الميزانية
2004
13 مليار دينار
عائدات الخصخصة – مختفية
2004
70 مليار دينار
نهب للمال العام + فساد مالي ولائي
2004
11 مليار دينار
فساد الجهاز المصرفي
2004
9 مليار دينار
تغييب أرباح الدولة
120 مليار دينار
قضية بنك نيما
2009
200 مليار جنيه
اختلاس بنك النيلين – فرعي الخرطوم الرياض و غرب السودان
2008
23 مليار جنيه
مخالفات الجهاز المصرفي
1998
374 مليون دينار
نهب للمال العام –تقرير الاستراتيجي الحكومي
1999
756 مليون دينار
نهب للمال العام- تقرير الاستراتيجي الحكومي
1995-2009
700 مليون دولار
عائدات الذهب
2006-2009
12 مليار دولار
عائدات الاستهلاك المحلي من البترول للأعوام 2006-2009
المجموع
25.162 مليار دولار + 428 مليار دينار +223 مليار جنيه (جديد)
علماً بأن هذا النهب للمال العام شاركت فيه مؤسسات وصفت بـ ( الإسلامية) ويقودها من وُصفوا بأنهم ( إسلاميين)!.
الإثبات الثاني:
ضمن (نبيشة) التيارين المنقسمين ( وطني – شعبي ) لبعضهما البعض، فقد تم كشف أحد أكبر قضايا الفساد في السودان عندما أُثيرت قضية( طريق الإنقاذ الغربي) حيث قدرها السيد أمين بناني بنحو 40 مليار جنيه حسب صحيفة الأيام في 16/ 11/2001م، بينما قدرها السيد رئيس الجمهورية عمر البشير (بنفسه) قائلاً:- ” اللجنة الشعبية السابقة تعهدت بإنشاء القطاع خلال عامين بكلفة 34 مليون دولار، وفي وقت كلف القطاع الآن 27 مليون دولار.. أين ذهبت بقية الأموال” وذلك حسب صحيفة الصحافة 12يوليو 2002م!. (وننبه إلى أن الحديث هنا بالدولار!)
الإثبات الثالث:
يأتي هذه المرة من (حوش الإنقاذ) نفسه! .. حيث كتب الأستاذ الصحفي الهندي عز الدين في صحيفة (الأهرام اليوم) في عموده اليومي بعنوان ( شهادتي لله.. وقد أُعذر من أُنذر ) بتاريخ الخميس، 11 مارس 2010 ما يلي:- ” والفضيحة (المالية) المعروفة لدى أعضاء وقواعد المؤتمر الوطني، والحركة الإسلامية بالثورة وسط، الفضيحة التي وثقتها محاضر التحقيق، وحددتها بمبلغ (مئة مليون جنيه) تكفي وحدها لتأكيد فداحة الفساد السياسي بمحلية كرري!!، لماذا سكت ( المؤتمر الوطني ) بالولاية والمحلية على هذه الفضيحة، لماذا لملمها وغطى أطرافها، وتجاوز عنها، وترك المتهمين على مقاعد قيادة العمل السياسي بالمحلية وقدمهم ليكونوا ( واجهة ) لحزب مشروعه الإسلام ورئيسه (البشير)؟!”.
الإثبات الرابع:-
وهو عبارة عن واقعة شهيرة طبعت جميع السودانيين بالحيرة وهم يضربون كفاً بكف، وذلك في حادثة انهيار جامعة الرباط الشهيرة، والتي وبعد انهيارها ووفاة أحد المواطنين إضافة لتلف معدات تقدر بأثمان عالية نتيجة ذلك، أُجبر الفريق عبد الرحيم محمد حسين لتقديم استقالته من منصبه كوزير للداخلية، وحينها قال البشير قولته الشهيرة التي أشار فيها لاستقالة وزير الداخلية بأنها لا تعدو سوى أن تكون استراحة محارب!، وبالفعل أُعيد (المحارب) وزيراً للدفاع، بعيد فترة بسيطة من تقديمه لاستقالته!.
وهاكم الخامس:-
حول تهم الفساد التي طالت طريق الإنقاذ الغربي، يبدو أن سيادة رئيس الجمهورية قد رضخ لتهديد الدكتور علي الحاج المسؤول السابق عن ملف إنشاء الطريق والذي وجهت له تهماً تتعلق بالفساد بعد المفاصلة، بمقولته الشهيرة (خلوا الطابق مستور) وذلك عندما أعلن رئيس الجمهورية في خطبة أمام حشد من الجماهير بمناسبة افتتاح المرحلة الأولى لطريق الانقاذ الغربي في 20\ يوليو 2002 قائلاً:-” الذين نهبوا أموال اليتامى والمساكين خليناهم لي الله”!.
نعم هذا هو السيد رئيس الجمهورية ومرشح حزبه لرئاسة الجمهورية، الذي (يتحدى) القوى السياسية اليوم بإثبات الفساد المؤسسي في دولة الإنقاذ!. وهذا غيض من فيض.
__________
عن صحيفة الميدان
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]