على المدنيين في مجلسي الحكم مواصلة اجتماعاتهم دون العسكر والجنجويد … بقلم: عبدالغني بريش فيوف

 


 

 

“السلطة لا تفسد الرجال، إنما الأغبياء، إن وضعوا في السلطة، فإنهم يفسدونها”

― برنارد شو

أعلن مسؤول سوداني يوم الأحد 3/10/2021م فشل الوساطة التي يقودها مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لتقريب شقة الخلاف بين المكونين المدني والعسكري في مجلس السيادة الانتقالي بعد ايام من التوترات بين الطرفين.

وذكر مصدر مسؤول بمجلس الوزراء، أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على تواصل مستمر مع العسكريين لإنهاء الازمة بين المكون المدني والعسكري في مجلس السيادة وتهيئة الوضع لاجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والسيادة في أقرب وقت ممكن.

واشار المسؤول الحكومي، إلى ان بعض العسكريين في مجلس السيادة ابلغوا أعضاء الوساطة بأن “المسافة تباعدت بين بعض أعضاء الشق المدني والعسكريين.

وأضاف المسؤول ذاته: ان بعض العسكريين يقولون ان هناك أعضاء في المكون المدني غير مرحب في مجلس السيادة الانتقالي.

عزيزي القارئ..

بدأت الحكاية بخبر كاذب ورد على لسان عبد الفتاح البرهان وجنجويده محمد حمدان دجالو الملقب ب(حميرتي)، في الأسبوع الماضي، يزعمان فيه بوقوع محاولة انقلابية فاشلة في السودان من أطراف مدنية وعسكرية دون إعطاء تفاصيل حول هذه الأطراف المتورطة في العملية الانقلابية المزعومة.

هذا الخبر الكاذب عن المحاولة الانقلابية، كان في حقيقة الواقع استباقا لانقلاب عسكري حقيقي يفكر فيه البرهان وصحبه محمد دجالو -سيما وبعد أسبوع فقط من اتهام الرجلين للمدنيين بالمحاولة الانقلابية وباختطاف الثورة، تكونت حاضنة سياسية بديلا (لقوى الحرية والتغيير)، تؤيد ما يردده العسكر وجنجويدهم من ان هناك اقصاء سياسي واختطاف للثورة من قبل (الأربعة)، ولا ندري ما المقصود بالأربعة -هل المقصود بها أربعة اشخاص ام أربعة أحزاب؟

وهكذا اذن، مهد عبد الفتاح البرهان لانقلابه، بالهجوم على المدنيين، مطبقاً المثل القائل (الهجوم خير وسيلة للدفاع)..

حسب الوثيقة الدستورية التي الفترة الانتقالية، يفترض ان تؤول رئاسة مجلس السيادة من العسكريين للمدنيين في شهر نوفمبر 2021م، لكن ولان العسكر الذين لم ينتصروا قط في أي من الحروب الخارجية، وجدو أنفسهم في غفلة من الزمن في السلطة التي تعني، مرادفا للتحكم والنفوذ، واليد العليا، وفوق القانون، والزعامة، والتسلط، والمال، والجاه، والامتيازات، وولخ.. يشوشون على المدنيين ويهاجمونهم دون سبب ليستمروا في رئاسة مجلس السيادة الى ما لا نهاية..

بعد المسيرة المليونية يوم 30 سبتمبر المؤيدة (لمدنية الحكم)، والرافضة للتهديدات التي أطلقها البرهان وحميدتاه، رأى العسكر ان الخروج من هذا المأزق السياسي الذي وجدوا أنفسهم فيه، هو الهروب الى الأمام من خلال المزيد من الهجوم على المدنيين، واشتراطهم عبثا بإبعاد عضو مجلس السيادة (المدني) محمد الفكي من عضوية مجلس السيادة حتى تعود الاجتماعات المشتركة للمجلسين.

ان الشروط التي وضعها "العسكر" للعودة الى الاجتماعات المشتركة، شروط غبية تعكس غباء العسكر في مختلف المجالات، ويجب على المدنيين عدم الالتفات اليها، ذلك ان العسكر أصلا ليسوا جزءا من الثورة، بل ان مكانهم هو ساحات القتال والمعارك واستعمال الأسلحة وإطلاق نيرانها.

منذ البداية، كان خطأً عظيما، ان يقبل الثوار باشراك العسكر في السلطة، لان العسكر كانوا جزءا اصيلا من النظام الذي اسقطته ثورة ديسمبر 2018م، فلماذا يكونوا جزءا في حكومة الثورة؟

سقط "البشير"، وبقيت لجنته الأمنية برئاسة رئيس مجلس السيادة الحالي عبد الفتاح البرهان. البرهان مسؤول عن قتل الثوار..

لكن السؤال المطروح: إذا كان قد حكم على "البشير"، واتهم بقتل مئات الالاف في دارفور وغيره.. فلماذا لم يتم الحكم على لجنته الأمنية برئاسة عبد الفتاح البرهان.. أليس هذه اللجنة كانت الأداة التي يقتل بها البشير مواطنيه؟

حان الوقت ان يتجاوز المدنيين في مجلسي الحكم في السودان، العسكر، والبدء في ترتيب أوضاعهم لمرحلة ما بعد العسكر والجنجويد، لان هذا هو مطلب معظم اهل السودان، وكذلك مطلب كل المجتمع الدولي والإقليمي.

العساكر، أصابهم مرض جنون العظمة، وهو مرض ينبعث من منطقة اللاوعي بحيث يكون المريض يعي أو لا يعي وهم ادعاءاته وسوء تصرفاته، فهو يستخدم هذا الأسلوب لغرض ما يندرج في سياق الافتراء أو التضخيم أو تعويض عن عقدة نقص.. وعلى المدنيين اذن، اخراجهم من السلطة واعادتهم الى ثكناتهم العسكرية في اقرب وقت.


bresh2@msn.com

 

آراء