على كيفي
عادل الباز
10 January, 2009
10 January, 2009
وصية للقائد سلفاكير!!
elbaaz40@gmail.com
أما حكاية القائد سلفاكير فلقد استعرتها من الملاحظة الذكية التي أشار اليها أستاذنا طلحة جبريل في مقاله المنشور اليوم حين قال: (استعمل بيان البيت الأبيض لفظة "يبحث القائدان" ولم يقل "الرئيس بوش، ونائب الرئيس السوداني"، كما أُشير الى أن سلفا كير هو "نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية" وليس نائب الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير. وهذه أمور ليست عفوية، ولا يمكن لها أن تكون كذلك). وهكذا مادام الرئيس بوش قد أطلق هذا اللقب على نائب رئيسنا فلا أجد ضيرا من مخاطبته به.
توصيتي للقائد سلفا وهو يتوجه لواشنطون من باب النصحية ولست أظن أنه غافل عما سأقول، ولكن علمتني التجربة أن الذكرى تنفع المناضلين، فيتذكرون الدروس والعبر، في تاريخهم ويستعينون بها على معرفة اتجاهات الريح.
على حسب البرنامج المُعد سيقابل القائد سلفا الرئس بوش. بالطبع لابد من تقديم الشكر لبوش على إنجازه التاريخي ـ وأظنه هو الوحيد ـ المتمثل في إسهام إدارته في التوصل لاتفاق سلام تاريخي بين الشمال والجنوب.
بعد شكر الرئيس لابد من أخذ التصاوير التاريخية اللازمة مع القائد بوش، واقترح ان يودعه سلفا بشكل نهائي بأعجل ماتيسر والخروج من البيت الأبيض. ما أقوله للقائد سلفا هو إن بوش ورهطه من المحافظين الجدد طويت صفحات دولتهم الدموية التي شهدنا آخر فصول مأساتها في غزة. ليس لبوش الآن شيئ مفيد يمكن أن يفعله لا لنفسه ولا لأمريكا ولا للجنوب.. فخير للقائد سلفا ألا يهدر وقته وطاقاته مع بوش (فما يهم الناس من نجم على وشك الزماع.. غاب من بعد طلوع وخبأ بعد التماع).
أُوصي القائد سلفاكير أن يبحث عن الفريق الانتقالي المكلف من الرئيس اوباما. ولحسن الحظ فإن في هذا الفريق أصدقاء وأحباء للحركة الشعبية، بل وكانوا مناضلين من أجلها في وقت سابق. أهمهم على الإطلاق سوزان رايس وهي الآن فاعلة في دائرة القرار في واشنطون. وسيتعاظم دورها بعد استلامها لمهامها الجديدة في مجلس الأمن. ستكون السيدة سوزان خير معين للقائد سلفا. لقاء القائد سلفا بفريق اوباما يمكن أن يكون لقاءً تاريخيا فارقا لو أن القائد سلفا ووفده نحجوا في استثماره. من جانبي أدعو القائد سلفا لتبني هذا النص وهو وصيتي له, أرجو أن يجد فيها مايعينه في مخاطبة فريق اوباما الانتقالي الذي هو على أبواب البيت الأبيض. النص
أيها السادة والسيدات
يسعدني أن أخاطبكم في بداية هذا العام الذي تقدم فيه أمريكا نموذجا فريدا للعالم، وتقود الإنسانية لأعتاب عصر جديد، يتجاوز اللون والعرق وحتى الجغرافيا. إنني لسعيد أن أشهد تنصيب الرئيس اوباما، وهو بكل فخر أحد أبناء شعب الجنوب حفيد قبيلة اللو التي تنحدر أصولها من جنوب السودان بلدى.
أيها السيدات والسادة
جئيت إليكم مودعا الرئيس بوش ولأشكره على إسهامه في اتفاق نيفاشا2005. ولكن دعوني أقول, بالفعل وُقع الاتفاق ولكننا نعاني صعوبات عديدة لانفاذ هذا الاتفاق. وأصدقكم أن هناك اختلافات ومشاكل مع شركائنا في الحكم، ولكنني لم آت هنا لشكوتهم. فنحن قادرون على إدارة الصراع معهم، وقد فعلنا واستطعنا تجاوز الكثير والذي استعصى ذهبنا به لمحكمة العدل الدولية، وماتبقى نحن قادرون على استكماله مهما صعب.
هناك نقاط مهمة في أجندتي أرجو أن تستمعوا اليها وتعينونني كأصدقاء لنتجاوزها. أولا: إن وعد السلام لشعب الجنوب للأسف لم يتحقق. لا أظنكم تعتقدون أن مجرد وقف القتال يعني تحقيق السلام! لا.. لا أظن أنكم تفكرون هكذا. ببساطة لأن الشعب الذي لا يجد ما يأكله سرعان ما يحمل بندقيته مرة أخرى ويعود للحرب مجددا. للأسف فإن العالم الذي وعدنا بالدعم والمساندة في اوسلو 2006 سرعان ما تنصل عن وعوده، وتركنا بلاغطاء. نكافح بموارد شحيحة، كل مخلفات الحرب ومستحقات البناء. فتفجرت تحت أقدامنا مشاكل اللاجئين والنازجين، وإعادة ترتيب الجيش وتأهيله ليصبح جيشا نظاميا قادرا على حفظ الأمن واستدامة السلام. الآن تنظرون الى بلادنا في الجنوب يأس كامل. لاتنمية تحققت ولا لاجئين عادوا.. لم يتم إنجاز شيء ذي قيمة. لقد خذلنا العالم والأصدقاء خذلونا. الآن نطلب منكم أن تساعدوننا ليفي العالم بالتزاماته تجاه عملية السلام في السودان بحسب ما قرره في اوسلو. وهذا ما ينفع شعب الجنوب، وهذا ما نتوقعه منكم كأصدقاء لشعب الجنوب.
هناك قضية أخرى وهي بلاشك مؤثرة في الأوضاع السياسية، وعلى استقرار بلادنا ككل. وهي قضية دارفور التي استعصت على الحل. عليكم أن تدعموا الآن المبادرة القطرية، فإذا ما نحجت هذه المبادرة بدعمكم فإن الأوضاع ستتجه أكثر للاستقرار في البلاد، وإذا ما استمرت الحرب فى دارفور أقول لكم بصراحة إن الحديث عن استدامة السلام في الجنوب مجرد وهم لاتعوّلوا عليه كثيرا.
النقطة الثالثة هي ما أسمعه عن تحركات كثيرة تدور حول توقيف الرئيس البشير. ما أود أن اقوله إن توقيف الرئيس البشير ليس هو من أولويات شعب الجنوب الآن بل إن ذلك التحرك قد يلحق بنا أضرارا بالغة ويهدد استقرار البلاد، وخاصة في هذه الآونة التي تشهد بلادنا حربا في دارفور، وسلاما هشا في الجنوب. ولا أعرف كيف سيؤدي توقيف الرئيس البشير للاستقرار!!. تعلمنا من تجربتنا في الجنوب أن السلام هو الأولوية المقدمة على كل فعل، وأن العدالة لايمكن تحقيقها إلا في ظل أوضاع مستقرة. أما أن ينشد العالم عدالة في ظل أوضاع مضطربة فإن ذلك سينتهي بفوضى لا أكثر.
ما أود أن أذكركم به أخيرا هو أن بلادنا مقبلة هذا العام على انتخابات ديمقراطية، يمكن أن تطوي حقبا من الصراعات، وتجفف شلالات من الدماء, وسيكون هذا هديتنا العظمى لبلادنا، ونكون بها حققنا واحدا من أعظم أحلام شعبنا في السودان، وهو إنجاز تحول ديمقراطي على أساس اتفاق السلام الذي وقعناه مع شركائنا في المؤتمر الوطني في نيروبى 2005. عليّ أن أسألكم الآن ماهو دوركم في مساعدة بلادنا لانجاز تحولها الديمقراطي؟. عليكم أن تجيبوا.. أنا في انتظار أفعالكم. لم يعد الكلام والوعود تعني لي شيئا. أنا شاكر لتفضلكم بالاستماع لي كل هذا الوقت الطويل. تذكروا فقط أنا أخاطبكم كأصدقاء قبل أن تكونوا رجال دولة قادمين.) انتهى
إذا استصحب القائد سلفا معه هذه المعاني في رحلته الى واشنطون، فلاشك أنه سيبرز كقائد كبير للسودانيين جمعيا. أما أذا ذهب ليتشسكي على أعتاب البيت الأبيض ويستجدي العون والنصرة على أهله وشركائه، ويغمز لرئيسه مكايدا، ويحرّض على بلاده مستعديا (هذه ليس المحرية فيهو)، ولكن وقتذاك ليس بوسعنا سوى الترحم على روح القائد قرنق الذي كان يرى نفسه في صورة الوطن الكبير، فلم يمارس الألاعيب الصغيرة التي لاتشبه الزعماء الكبار. والله أعلم.
elbaaz40@gmail.com
أما حكاية القائد سلفاكير فلقد استعرتها من الملاحظة الذكية التي أشار اليها أستاذنا طلحة جبريل في مقاله المنشور اليوم حين قال: (استعمل بيان البيت الأبيض لفظة "يبحث القائدان" ولم يقل "الرئيس بوش، ونائب الرئيس السوداني"، كما أُشير الى أن سلفا كير هو "نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية" وليس نائب الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير. وهذه أمور ليست عفوية، ولا يمكن لها أن تكون كذلك). وهكذا مادام الرئيس بوش قد أطلق هذا اللقب على نائب رئيسنا فلا أجد ضيرا من مخاطبته به.
توصيتي للقائد سلفا وهو يتوجه لواشنطون من باب النصحية ولست أظن أنه غافل عما سأقول، ولكن علمتني التجربة أن الذكرى تنفع المناضلين، فيتذكرون الدروس والعبر، في تاريخهم ويستعينون بها على معرفة اتجاهات الريح.
على حسب البرنامج المُعد سيقابل القائد سلفا الرئس بوش. بالطبع لابد من تقديم الشكر لبوش على إنجازه التاريخي ـ وأظنه هو الوحيد ـ المتمثل في إسهام إدارته في التوصل لاتفاق سلام تاريخي بين الشمال والجنوب.
بعد شكر الرئيس لابد من أخذ التصاوير التاريخية اللازمة مع القائد بوش، واقترح ان يودعه سلفا بشكل نهائي بأعجل ماتيسر والخروج من البيت الأبيض. ما أقوله للقائد سلفا هو إن بوش ورهطه من المحافظين الجدد طويت صفحات دولتهم الدموية التي شهدنا آخر فصول مأساتها في غزة. ليس لبوش الآن شيئ مفيد يمكن أن يفعله لا لنفسه ولا لأمريكا ولا للجنوب.. فخير للقائد سلفا ألا يهدر وقته وطاقاته مع بوش (فما يهم الناس من نجم على وشك الزماع.. غاب من بعد طلوع وخبأ بعد التماع).
أُوصي القائد سلفاكير أن يبحث عن الفريق الانتقالي المكلف من الرئيس اوباما. ولحسن الحظ فإن في هذا الفريق أصدقاء وأحباء للحركة الشعبية، بل وكانوا مناضلين من أجلها في وقت سابق. أهمهم على الإطلاق سوزان رايس وهي الآن فاعلة في دائرة القرار في واشنطون. وسيتعاظم دورها بعد استلامها لمهامها الجديدة في مجلس الأمن. ستكون السيدة سوزان خير معين للقائد سلفا. لقاء القائد سلفا بفريق اوباما يمكن أن يكون لقاءً تاريخيا فارقا لو أن القائد سلفا ووفده نحجوا في استثماره. من جانبي أدعو القائد سلفا لتبني هذا النص وهو وصيتي له, أرجو أن يجد فيها مايعينه في مخاطبة فريق اوباما الانتقالي الذي هو على أبواب البيت الأبيض. النص
أيها السادة والسيدات
يسعدني أن أخاطبكم في بداية هذا العام الذي تقدم فيه أمريكا نموذجا فريدا للعالم، وتقود الإنسانية لأعتاب عصر جديد، يتجاوز اللون والعرق وحتى الجغرافيا. إنني لسعيد أن أشهد تنصيب الرئيس اوباما، وهو بكل فخر أحد أبناء شعب الجنوب حفيد قبيلة اللو التي تنحدر أصولها من جنوب السودان بلدى.
أيها السيدات والسادة
جئيت إليكم مودعا الرئيس بوش ولأشكره على إسهامه في اتفاق نيفاشا2005. ولكن دعوني أقول, بالفعل وُقع الاتفاق ولكننا نعاني صعوبات عديدة لانفاذ هذا الاتفاق. وأصدقكم أن هناك اختلافات ومشاكل مع شركائنا في الحكم، ولكنني لم آت هنا لشكوتهم. فنحن قادرون على إدارة الصراع معهم، وقد فعلنا واستطعنا تجاوز الكثير والذي استعصى ذهبنا به لمحكمة العدل الدولية، وماتبقى نحن قادرون على استكماله مهما صعب.
هناك نقاط مهمة في أجندتي أرجو أن تستمعوا اليها وتعينونني كأصدقاء لنتجاوزها. أولا: إن وعد السلام لشعب الجنوب للأسف لم يتحقق. لا أظنكم تعتقدون أن مجرد وقف القتال يعني تحقيق السلام! لا.. لا أظن أنكم تفكرون هكذا. ببساطة لأن الشعب الذي لا يجد ما يأكله سرعان ما يحمل بندقيته مرة أخرى ويعود للحرب مجددا. للأسف فإن العالم الذي وعدنا بالدعم والمساندة في اوسلو 2006 سرعان ما تنصل عن وعوده، وتركنا بلاغطاء. نكافح بموارد شحيحة، كل مخلفات الحرب ومستحقات البناء. فتفجرت تحت أقدامنا مشاكل اللاجئين والنازجين، وإعادة ترتيب الجيش وتأهيله ليصبح جيشا نظاميا قادرا على حفظ الأمن واستدامة السلام. الآن تنظرون الى بلادنا في الجنوب يأس كامل. لاتنمية تحققت ولا لاجئين عادوا.. لم يتم إنجاز شيء ذي قيمة. لقد خذلنا العالم والأصدقاء خذلونا. الآن نطلب منكم أن تساعدوننا ليفي العالم بالتزاماته تجاه عملية السلام في السودان بحسب ما قرره في اوسلو. وهذا ما ينفع شعب الجنوب، وهذا ما نتوقعه منكم كأصدقاء لشعب الجنوب.
هناك قضية أخرى وهي بلاشك مؤثرة في الأوضاع السياسية، وعلى استقرار بلادنا ككل. وهي قضية دارفور التي استعصت على الحل. عليكم أن تدعموا الآن المبادرة القطرية، فإذا ما نحجت هذه المبادرة بدعمكم فإن الأوضاع ستتجه أكثر للاستقرار في البلاد، وإذا ما استمرت الحرب فى دارفور أقول لكم بصراحة إن الحديث عن استدامة السلام في الجنوب مجرد وهم لاتعوّلوا عليه كثيرا.
النقطة الثالثة هي ما أسمعه عن تحركات كثيرة تدور حول توقيف الرئيس البشير. ما أود أن اقوله إن توقيف الرئيس البشير ليس هو من أولويات شعب الجنوب الآن بل إن ذلك التحرك قد يلحق بنا أضرارا بالغة ويهدد استقرار البلاد، وخاصة في هذه الآونة التي تشهد بلادنا حربا في دارفور، وسلاما هشا في الجنوب. ولا أعرف كيف سيؤدي توقيف الرئيس البشير للاستقرار!!. تعلمنا من تجربتنا في الجنوب أن السلام هو الأولوية المقدمة على كل فعل، وأن العدالة لايمكن تحقيقها إلا في ظل أوضاع مستقرة. أما أن ينشد العالم عدالة في ظل أوضاع مضطربة فإن ذلك سينتهي بفوضى لا أكثر.
ما أود أن أذكركم به أخيرا هو أن بلادنا مقبلة هذا العام على انتخابات ديمقراطية، يمكن أن تطوي حقبا من الصراعات، وتجفف شلالات من الدماء, وسيكون هذا هديتنا العظمى لبلادنا، ونكون بها حققنا واحدا من أعظم أحلام شعبنا في السودان، وهو إنجاز تحول ديمقراطي على أساس اتفاق السلام الذي وقعناه مع شركائنا في المؤتمر الوطني في نيروبى 2005. عليّ أن أسألكم الآن ماهو دوركم في مساعدة بلادنا لانجاز تحولها الديمقراطي؟. عليكم أن تجيبوا.. أنا في انتظار أفعالكم. لم يعد الكلام والوعود تعني لي شيئا. أنا شاكر لتفضلكم بالاستماع لي كل هذا الوقت الطويل. تذكروا فقط أنا أخاطبكم كأصدقاء قبل أن تكونوا رجال دولة قادمين.) انتهى
إذا استصحب القائد سلفا معه هذه المعاني في رحلته الى واشنطون، فلاشك أنه سيبرز كقائد كبير للسودانيين جمعيا. أما أذا ذهب ليتشسكي على أعتاب البيت الأبيض ويستجدي العون والنصرة على أهله وشركائه، ويغمز لرئيسه مكايدا، ويحرّض على بلاده مستعديا (هذه ليس المحرية فيهو)، ولكن وقتذاك ليس بوسعنا سوى الترحم على روح القائد قرنق الذي كان يرى نفسه في صورة الوطن الكبير، فلم يمارس الألاعيب الصغيرة التي لاتشبه الزعماء الكبار. والله أعلم.