علي أيام الازهري كان السودان به تسع مديريات

 


 

 

علي أيام الازهري كان السودان به تسع مديريات , مدراؤها مع مجلس الوزراء اداروا الدولة في حنكة واقتدار ، كانت كردفان ودارفور مديرية واحدة تحرسها الحامية الغربية وإدارة السجون في المديريتين كانت موحدة ،

وبدأت ( الخرمجة ) الإدارية بوصول الدكتور جعفر محمد علي بخيت الذي درس في بريطانيا اصول الحكم والإدارة وعينته حكومة مايو وزيراً للحكم المحلي وقد سعدت الجامعة البريطانية التي تخرج فيها غاية السعادة بوصول طالب من ( عندهم ) إلي مرتبة الوزير في بلاده.
معروف عن دكتور جعفر أنه كان طموحا وكان نحلة في تحركاته الأكاديمية والعلمية ، إبان عمله بجامعة الخرطوم وبتزامن عجيب هو من شيمة العباقرة ترأس عمادة كلية الاقتصاد وكان المشرف علي شؤون الطلاب وطالبا في كلية القانون !!..
ولكن هذه العبقرية والديناميكية في العمل والتحصيل هل أفادت المواطنين في شيء ؟!
كلا ثم كلا فقد عمد الرجل الي دس أنفه في عمل الضباط الاداريين الذين كانت لهم هيبة وشأن ويقدمون عملا مفيدا يسير معه دولاب الدولة في سهولة ويسر بنظام وقانون وفهم مستنير لا يخضع لأي اهواء أو تبعية ... تصوروا لقد حول د. جعفر الاداريين بكل مايحملوا من فهم حولهم موزعين للمواد التموينية من سكر وارز وعدس ودقيق وكمان من المصائب التي حلت بالإدارة والخدمة المدنية أن الوزير الخطير د. جعفر استحدث نظاما في الترقيات أطلقوا عليه القفز بالزانة بمعني أن الترقية لا يمكن أن تنتظر الخطوات التي كان معمول بها من تتبع وتفحص لأداء الموظف حتي الاقتناع بما يقوم به ومن ثم منحه الترقية التي يستاهلها مع كافة استحقاقاتها وكل هذا العمل يتم في عدالة ونزاهة لينال كل ذي حق حقه بعيداً عن المحسوبية والمجاملة علي حساب الضبط والربط وتجويد العمل ، وقد تندرالكاريكاريست الشهير آنذاك عزالدين عثمان علي حكاية القفز بالزانة هذه فرسم قردا تسلق الي مكان شاهق فخاطبه أحدهم :
( دي عملتها كيف يابخيت ) ؟!
طبعا معاول الهدم للخدمة المدنية بدأتها مايو ( وتمت الناقصة علي يد الإنقاذ ) ( التي لم تترك للخدمة المدنية جنبة ترقد عليها ) !!..
نعود للحامية الغربية يوم كان الجيش ( فاهم شغلو ) بعيدا عن السياسة والتبعية لأي حزب أو أي أيديولوجية إن كانت شرقية الهوي أم غربية المزاج ومن تشاد كان رئيسها التمبل ( باي ) احيانا ( يلعب بديلو ) وتحدثه نفسه بأن يفتعل مشاكل علي الحدود السودانية وكان الرد يأتيه بسرعة البرق من الحامية الغربية وبعد أن يتم ردعه ومطاردة جيشه الي داخل أراضيهم هنا فقط يتصل قائد الحامية بالخرطوم ويرسل تقريره عن الأحداث التي وقعت علي الحدود ويطمئنهم بأنهم قاموا باللازم وان الأمر الآن تحت السيطرة .
معني هذا أن الحدود كانت مؤمنة تماما وان كل قائد حامية موثوق به ويؤدي واجبه في تناغم تام مع القيادة في الخرطوم وان مدير المديرية كان له من العلم والمعرفة والتقيد بالقانون والنظام والتمسك بالنزاهة واهداب الفصيلة مما جعل المديريات تقوم بعملها خير قيام ودولاب العمل فيها يسير في سلاسة ويسر !!..
كان لنا تداول سلمي للسلطة ونعمنا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , ولكن خلف العسكر في نفسنا حسرة وألم وضيق منذ أن استن عبود هذه البدعة السيئة المسماة انقلاب وتبعه رفقاء السلاح من بعده وتركوا ثكناتهم واهملوا الحدود وعطلوا الدستور وتوجهوا بكل همة ونشاط الي تكوين الشركات وجمع المال واوكلوا حراسة البلاد للمليشيات التي تصرفت مثل القط الذي أعطوه مفتاح ( الكرار ) !!..
خلاص فهمتو الحرب اللعينة العبثية المنسية دي ولعت كيف ؟! وفهمتو لماذا إيقاف هذه الحرب صار عصيا مثل دموع ( ابو فراس الحمداني ) ؟!

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

 

 

آراء