عندما تصبح السعادة هماً حكومياً
aloomar@gmail.com
ذروة التشكيل الحكومي الإماراتي الأخير تتمثل في إستحداث منصب وزاري للسعادة . هي السابقة الأولى على الصعيد العالمي. السبق ليس وحده مثار الإهتمام والدهشة في الأوساط الدولية. المصدر الأكثر جاذبية يتجسد في إبتكارحداثي يكمن في منح مفهوم تجريدي بعداً واقعياً يجعل منه بندا على أحندة الحكومة.السعادة لا تندرج ضمن الخدمات التقليدية المرتقبة جماهيرياً من قبل الدولة وآلياتها البروقراطية .هي ليست عبئاً يقع في سياق تكليفات أي من الوزارات أو ضمن برامجها السنوية. مع أن كل خطط الدولة تستهدف رضاء الناس إلا أن أياً من الوزارات ليست مهمومة بوضع كلفة مالية بغية النهوض بذلك الرضا الذي يمكن أن يرقى إلى السعادة.
السعادة في مفهومها العام المتداول هي إحاس شخصي بالإستمتاع أو الإبتهاج والغبطة والصحة والسلامة والطمأنينة.هي في حدها الأدنى شعور فردي بتجربة ذاتية خالية من المعاناة.غير أن التشكيل الوزاري يخرج السعادة من أطرها التقليدية المألوفة الى مدارات جديدة...من التجريد الى الفعل المحسوس،من الشعور الفردي الى حالة المجتمع ، من تجربة عابرة طارئة الى وضع غالب دائم.من أمنية ذا تية إلى غاية رسمية ذات روافع ومسارات حكومية.
استحداث المنصب الوزاري يخرج السعادة من الرغبة الشخصية الضيقة الى الهم المجتمعي المبرمج .هذة الخطوة تكتسب أهميتها من جرأتها في تقريب مسألة فلسفية أعيت عباقرة ومفكرين الى الواقع الحياتي المعيش .من اليسير رصد قائمة مطولة بالرغائب المتخيلة ووسائط بلوغ السعادة . من غير الصعب التصالح على إحصاء العناصر الطاردة والنافية للسسعادة.من الممكن الإجماع على وسائل وحوافز متاحة و مأمولة من شأنها بلورة قدر من الأعباء المعلقة على كاهل ماكينة الدولة البروقراطية.
لا أحد يتصور أن الوزارة الجديدة ستقحم كادرها في مثل تلك التفاصيل. مجرد إستحداث منصب للسعادة في قمة الجهاز الإداري للدولة يكفي لتحريض كل الوزارات والإدارات على الإجتهاد بغية إبراز إهتمامها بترجمة السعادة في سياق مضمون جماعي إجتماعي .لوتنافست كل الإدارات الحكومية من أجل تحقيق قدر من إسعاد –لا أقول رضا- كوادرها ومتعامليها وفق خطط مدروسة في حيز زماني محدد لقطعت الدولة مشواراً بعيداً على شارع السعادة .هنا يبرز دور الوزارة الجديدة في صياغة معايير السعادة المبتغاة من الأجهزة الحكومية .
السعا دة لم تكن خدمة حكومية غيرأن نهوض الوزارات بتوفير الخدمات يحقق حتماً قدراًمن السعادة.هناك وزارات وإدارات مطالبة أكثر من غيرها بنقل مفهوم السعادة المستهدفة حكومياً من أمنيات شخصية الى ثقافة مجتمعية عامة .ربما تتباين الأراء في شأن و مفهوم السعادة ووسائطها غير أن ذلك التباين لا ينفي الإجماع على الرغبة في الظفربها .الإختلاف في النوع لايعني خلافاً على الجنس .مما يعين كذلك على المساهمة في تحقيق الإنجاز ان كل المتواجدين على أرض الدولة يملكون قدراً من الشعور بالسعادة أو لنقل من الرضا . مما لاشك فيه أن الامارات تمثل واجهة عربية جاذبة يقصدها من ضاقت بهم أوطانهم ويجدون فيها قدراً مما دفعهم إليها. الناس على أرض الدولة ينعمون بالطمأنينة و وفرة في مقومات الحياة الهانئة وأشراط الرفاهية المفضية الى السعادة الذاتية.هذه أسس تعين على المضي على الدرب.
تكليف إمرأة بهذا الملف يمنح المنصب ألقاً وصدقية يقربه من الواقع . السعادة أنثى. المرأة ملهمة السعادة ومصدرها في العقلية العربية الجمعية .