عندما يتسلط من يدعون أنهم حراس الفضيلة

 


 

 

كلام الناس
ترددت قبل استعراض رواية "الحمام لايطير في بريدة" لانها مستوحاه من وقائع وأحداث في دولة معينة لكنني وجدت أنها تعبر عن حال بعض بلادنا التي يحكمها من يعتبرون أنفسهم حراس الفضيلة في مجتمعات تعاني من انفصام الشخصية المجتمعية بين القيم والأخلاقيات الدينية والسلوك الشخصي للمواطنين.
الرواية تأليف الروائي يوسف المحيميد الذي لاقت اعماله قبولاً واقبالاً من القراء وترجمت بعضها للغات الانجليزية والفرنسية والايطالية، ومن أشهر اعماله "فخاخ الرائحة" و"القارورة" ومجموعة قصصية اخرها"أخي يفتش عن رامبو" من منشورات المركز الثقافي العربي.
الرواية كما أسلفت تتناول أزمة العيش في مجتمع يتسلط عليه حراس الفضيلة الذين يركزون جل جهدهم في ملاحقة الحياة الشخصية ويختارون من الأحكام مايروق لهم دون اعتبار للظروف المجتمعية والاقتصادية التي تتسبب في كثير من الانحرافات والفساد والضلال فيما كان الأجدى معالجة جذرية تهدف لاجتثاث جذوز واسباب هذه المشاكل المجتمعية.
بطل الرواية عاش وسط أسرة غير مستقرة خاصة بعد أن انتقل والده إلى رحاب الله وأمه تزوجت من عمه الذي كرهه البيت واضطره للسكن بعيداً عنهم، وتنتهي حياة أمه بصورة مأساوية على يد دجال ادعى انها مسكونة بالجن وتم ضربها ضرباً مبرحاً حتى فقدت حياتها.
بطل الرواية كان يعيش تحت ضغط إغراء مطلقة تعلقت به ولاحقته حتى أوقعته في شباكها وفي نهاية المطاف أُلقي القبض عليه بتهمة الخلوة غير الشرعية معها وتم التحقيق معهما وأخذ تعهد منهما به انذار بعدم تكرار ذلك السلوك مرة أخرى.
قال بطل الرواية بحسرة : يا إلهي كيف يعيش الانسان في مجتمع متامر يكره ويغش وينم ويسرق ويقتل، هذه هي عيناته التي أمامي، صحيح هناك أصدقاء نبلاء وهناك سائرون صوب قناعات ويقينيات وهناك تائهون مثلي .. أشعر برغبة شديدة بالتقيؤ كلما تذكرت بعض التفاصيل المريعة التي حدثت في حياتي.
في فقرة أخرى يورد الراوي مداخلة صديق لبطل الرواية قال لأحد المشايخ : انت جئت لتنصح هؤلاء العاطين حتى يقلعوا عن شرب المعسل والدخان لكن لم تسأل نفسك ماهي الأسباب التي أوصلتهم لهذه الحالة وهم يعانون من البطالة وقلة الحيلة.
أخيراً هاجر بطل الرواية وفي الطيارة فتح جهاز "الاي باد" الصغير وثبت سماعتين في أذنية واستعرض أغنيات سيلين ديون ثم أطلق صوتها الشجي وتخيلها مع طفل يطلق طائرته الحربية الصغيرة من النافذة:
إممممممم ..إممممممم أنا لي جناحين لأطير بينما طفل صغير يشبهه يدير بسبابته ثلاث ريشات في مقدمة طائرة التحكم من بعد، وحين تصدح ديون بصوتها النقي تقلع الطائرة بهوس مجنون، وفي القطاراستيقظ مفزوعاً بعد أن خفت سرعته، خلع السماعتين من اذنيه ورمى حقيبته على كتفه سريعاً وهبط في المحطة ثم التهمته البلدة الصغيرة دون ان يزيح عبء ذاكرته اللعينة.
///////////////////////////

 

آراء